مقال - هل الطريق ممهدة أمام صناعة التحول الأخضر؟
مع توقع نمو الطلب على المعادن 6 أضعاف بحلول عام 2040
إيمان عبدالله
- الجهود الرامية لتحقيق الحياد الكربوني تزيد الطلب على تقنيات الطاقة النظيفة 6 أضعاف
- الطلب على الليثيوم سيتضاعف 40 مرة بحلول عام 2040
- سوق معادن الأرض النادرة ستزداد بمقدار 5 أضعاف بحلول عام 2030م
- المخاطر الجيوسياسية على الطاقة ستزداد حدّة مع التحول إلى الطاقة النظيفة
يمرّ قطاع التعدين بتحوّل عميق، يأتي ذلك نتيجة للاستجابة السريعة لمشهد التحول الأخضر العالمي، إذ يتطلب التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة تأمين سلاسل إمداد موثوقة لمتطلبات إنشاء البنية التحتية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
أسهم الدفع العالمي للتحول إلى ما يُعرف بصناعات الطاقة النظيفة لإنتاج طاقة منخفضة الكربون بطلب مدخلات جديدة من المواد الخام المطلوبة كالليثيوم والكوبالت في هذا النوع من الصناعات مثل معادن الأرض، التي من المتوقع أن تواجه تحديات في جانب الإمداد في السنوات القادمة.
الإمدادات المتوقعة من المناجم القائمة والمشروعات قيد الإنشاء ستلبّي فقط نصف متطلبات الليثيوم والكوبالت المتوقعة و80% من احتياجات النحاس بحلول عام 2030م، حسبما ذكرت وكالة الطاقة الدولية.
التحول الأخضر والطلب على المعادن
يدخل عدد من المعادن بشكل كثيف التركيز في تصنيع تقنيات ما يُعرف بالطاقة النظيفة، مثل: الألمنيوم والنحاس والنيكل التي تُستخدم كثيرًا في صناعات الطاقة الشمسية، إضافة إلى استخدام معادن الأرض النادرة في تقنيات هذه الصناعات.
وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية، سيرتفع الطلب العالمي على الليثيوم والكوبالت اللازم لتخزين البطاريات، بنسبة 488% و460% على التوالي بحلول عام 2050م، وبالمثل، يجري استخدام الألمنيوم في معظم تقنيات توليد الكهرباء والتخزين.
ولتحقيق درجتين مئويتين، تشير التقديرات إلى أن هدف المناخ العالمي يتطلب نحو 6 ملايين طن من الألومنيوم سنويًا بحلول عام 2050م.
على سبيل المثال، يُستخدم النيوديوم في توليد الكهرباء من طاقة الرياح، ويدخل في تصنيع الأجهزة الإلكترونية وصناعة السيارة الكهربائية.
وتشير التوقعات إلى أن سوق معادن الأرض النادرة ستزداد بمقدار 5 أضعاف بحلول عام 2030م، مع نقص في الإمداد يبلغ 48 ألف طن من النيوديوم.
المعادن والسيارات الكهربائية
ترى وكالة الطاقة الدولية، إن الطلب على المعادن للاستخدام في المركبات الكهربائية وتخزين البطاريات من المقرر أن يقفز 30 مرة على الأقلّ بحلول عام 2040م، وأن يقفز الطلب على الليثيوم بأكثر من 40 مرة في سيناريو الحالة الأساسية لوكالة الطاقة الدولية بحلول عام 2040م، بينما من المقرر أن يزيد استهلاك الجرافيت والكوبالت والنيكل بنحو 20-25 مرة.
ومن المتوقع أن تصبح المتطلبات المعدنية ملحّة جدًا نتيجة للدفع العالمي نحو خيارات للطاقة منخفضة لانبعاثات الكربون، إذ تتطلب السيارة الكهربائية المتوسطة 6 أضعاف كمية المعادن الموجودة في السيارة التقليدية، وفقًا لتقارير وكالة الطاقة الدولية، بما في ذلك مواد مثل النيكل والكوبالت والليثيوم التي لا تحتاجها السيارة التي تعمل بالبنزين عادةً.
في غضون ذلك، تحتاج محطة الرياح البرية إلى 9 أضعاف الموارد المعدنية التي تحتاجها محطة تعمل بالغاز، ويقدّر البنك الدولي أن الطلب على المعادن قد يزيد 10 أضعاف بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن يؤدي نمو السيارات الكهربائية -الذي قالت الوكالة، إنه قد يصل إلى ما بين 145 و230 مليونًا على مستوى العالم بحلول عام 2030- إلى جانب تخزين البطاريات، إلى زيادة الطلب على الليثيوم أكثر من 40 مرة بحلول عام 2040م، في حين إن الطلب على مكونات البطاريات الأخرى، بما في ذلك الكوبالت والنيكل، يمكن أن تزيد 20-25 مرة خلال الفترة نفسها.
ومن المتوقع أن يزيد الطلب على النحاس بأكثر من الضعف، مع قيام الدول بتوسيع شبكات الكهرباء الخاصة بها وتركيب المزيد من خطوط نقل الكهرباء، بينما بالنسبة للعناصر الأرضية النادرة، يمكن أن ينمو بمعدل 3 إلى 7 أضعاف مقارنة بالمستويات الحالية.
تقنيات التحول الأخضر
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن المخاطر الجيوسياسية على الطاقة ستزداد حدّة مع التحول إلى الطاقة النظيفة وزيادة الحاجة إلى معادن مثل الكوبالت والليثيوم والنيكل، حيث يتركز وجود المواد الخام أيضًا في أجزاء نائية يتعذر الوصول إليها من العالم، مما يضيف تحدّيات إضافية لعمّال المناجم لتحديد مصادر الطاقة الفعالة من حيث التكلفة، أو توجد في مناطق جغرافية معينة، حيث تسيطر الصين على 50-70% من سلاسل قيمة الليثيوم والكوبالت، بالإضافة إلى ما يقرب من 90% من معادن الأرض النادرة.
المخاطر الجيوسياسية على الطاقة ستزداد حدّة مع التحول إلى الطاقة النظيفة
يحمل مثل هذا الاعتماد الكبير على بلد واحد للحصول على مورد حاسم، مخاطر كامنة، في هذه الحالة، يجري تكثيف المخاطر من خلال سيطرة الصين على الإمدادات العالمية من المواد الخام الضرورية للتصنيع الأخضر.
استخدمت الصين قيود التصدير على هذه المواد الحيوية في السابق وسيلة ضغط في صراعاتها السياسية، على سبيل المثال في عام 2010م مع اليابان، وفي عام 2020م، اقترحت الحكومة الصينية تشريعًا جديدًا من شأنه أن يسمح للحكومة بالحدّ من صادرات المواد الإستراتيجية على أساس الأمن القومي.
وفي دول أخرى، أيضًا، وُضعت سياسات تقييدية للتصدير، على سبيل المثال، حظرت إندونيسيا تصدير النيكل في عام 2020م، ووضعت الكونغو سياسة تعدين جديدة في عام 2018 زادت قيمة الجباية على الكوبالت بنحو 3 مرات - مما أدّى بدوره إلى زيادة السعر للمستخدم النهائي.
يمكن أن تؤثّر اضطرابات سلسلة التوريد في هذه المواد أيضًا على جدوى الإنتاج الصناعي، لا سيما في معدّات النقل الكهربائي والتخزين الكهربائي - من البطاريات والرقائق الإلكترونية والمغناطيس، لذلك تسعى عدد من الحكومات نحو تحفيز الشركات في القطاع الخاص، سواء بالإعانات أو الإعفاءات الضريبية لإنشاء مصانع تصنيع البطاريات وإعادة تدويرها.
والجدير بالذكر أنه غالبًا ما تؤثّر الاضطرابات في الإمدادات الدولية في الصناعة المحلية، على سبيل المثال، في يناير/كانون الثاني 2021م، ذكرت تقارير إعلامية أن مصنّعي السيارات في الصين واليابان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيضطرون إلى خفض إنتاج السيارات الكهربائية بسبب نقص الرقائق الإلكترونية.
لذلك، من أجل الحفاظ على أمن الطاقة، ستحتاج الحكومات للعمل على تطوير سلاسل إمداد قوية للمكوّنات المطلوبة لصناعات تقنيات الطاقة الخضراء.
* إيمان عبدالله - باحثة وكاتبة متخصصة في شؤون الطاقة
اقرأ أيضًا..
- مقال - بيانات التلوّث العالمية تكشف تعصّب الأوروبيين ضدّ النفط
- مجلس الطاقة العالمي يشيد بدور السعودية في التحول الأخضر والاقتصاد الدائري
- مقال - دور بعض المعادن في خفض تكلفة مشروعات الهيدروجين الأخضر
- المعادن النادرة.. صراع أميركي صيني رغم أضرارها البيئية واستهلاك الطاقة
- نقص المعادن يقوض الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ
هل نظام محطات الطاقة الشمسية العائمة والبطاريات السائلة سيساعد في التحول الي النظام الاخضر
مع تحياتي
م.صبري مرزوق
استشاري كهرباء وطاقة شمسية