مع التعافي من كورونا.. قفزة في الطلب العالمي على الكهرباء والفحم
إنتاج الكهرباء عبر الفحم قد يقفز 5% هذا العام
سالي إسماعيل
مع إعادة فتح العديد من دول العالم جراء عمليات الإغلاق المرتبطة بوباء كورونا، فإن النمو الاقتصادي العالمي آخذ في التعافي، وهو ما قد يصاحبه زيادة في استهلاك الكهرباء عالميًا، وكذلك قفزة باستخدام الفحم في الدول النامية.
ومن المتوقع أن يصل الطلب العالمي على الفحم هذا العام إلى مستوى قياسي، في تطوّر يُرجّح أن يعوق جهود الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة الضارة بالبيئة.
ورغم انكماش الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 3.5% العام الماضي، على خلفية تداعيات وباء كورونا، فإن استخدام الكهرباء تراجع بنسبة تقلّ عن 1%.
وعلى النقيض، انخفض الطلب العالمي على البنزين العام الماضي بنحو 13% تقريبًا، فيما بلغت نسبة تراجع استهلاك النفط عمومًا 9% -وهي وتيرة الهبوط الأكبر تاريخيًا-، على حين تراجع استخدام الفحم بنحو 4%، والغاز الطبيعي بنسبة 2%.
وكان الانخفاض في استخدام الكهرباء هو الهبوط الأقلّ عبر المكونات الرئيسة من الطلب النهائي على الطاقة، بحسب ما ذكره كبير الاقتصاديين في "بي بي"، سبنسر دالي، وفق المراجعة الإحصائية السنوية الصادرة مؤخرًا عن الشركة البريطانية.
ومجددًا، يعني هذا الانخفاض الطفيف أن الكهرباء هي أكثر أشكال الطاقة أهمية في العالم، بحسب تقرير نشرته صحيفة (ذا هل) الأميركية.
تسارع الطلب
عند إلقاء نظرة على الدول التي تشهد أسرع وتيرة نمو للطلب على الكهرباء، وبالتبعية الوقود الذي تستخدمه هذه البلدان لتوليد الكهرباء التي تحتاجها، يتضح أن تحقيق انخفاض حادّ في الانبعاثات الضارة بالبيئة سيكون صعبًا، وربما يصبح من المستحيل تحقيق كذلك.
وبالنظر إلى الإحصاءات تاريخيًا، فإن تراجع إنتاج الكهرباء عالميًا عام 2020 كان الهبوط السنوي الثاني فقط منذ عام 1985.
ووفقًا لبيانات بي بي، انخفض توليد الكهرباء بنحو 0.9% العام الماضي (عام وباء كورونا)، وهو ما كان أكبر من التراجع البالغ (-0.5%) والمسجل عام 2009، ليكون العام الآخر الذي شهد تراجعًا في الطلب على الكهرباء منذ بدء رصد السجلات عام 1985.
ومنذ عام 1985، كان توليد الكهرباء عالميًا ينمو بنحو 500 تيراواط/ساعة كل عام.
وبالنظر إلى الطلب على الكهرباء في الدول النامية، فإنه آخذ في الارتفاع؛ إذ قفز استخدام الكهرباء في المدة من عام 2009 وحتى عام 2019 بنحو 12% في العراق، و11% تقريبًا في فيتنام، وبنسبة 9% في بنغلاديش.
وخلال المدة نفسها، نما توليد الكهرباء في الصين بنحو 7% في المتوسط سنويًا، وهو ما يعني أن إنتاج البلاد سيتضاعف في غضون السنوات الـ10 المقبلة حال استمرار هذا المعدل من النمو السنوي.
وفي عام 2020 وحده، نما إنتاج الصين للكهرباء بنحو 3.4%، وهي أكبر وتيرة زيادة من حيث النسبة المئوية في آسيا.
ومن شأن هذه الزيادة في إنتاج الكهرباء أن تفسّر سبب أن الصين كانت واحدة من بين دولتين فقط شهدتا زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العام الماضي (الدولة الأخرى كانت إيران).
وفي المجمل، شهدت انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة على الصعيد العالمي هبوطًا بنحو 6.3% أو ما يعادل 2.1 غيغاطن، مسجلة أدنى مستوى منذ عام 2011، طبقًا لما ذكرته شركة بي بي.
الفحم وقود لتوليد الكهرباء
تعتمد الصين وغيرها من الدول الآسيوية بشدّة على الفحم في توليد الكهرباء، ما يعني أن هذه البلدان تسير في الاتجاه المعاكس للابتعاد عن مصادر الوقود الأحفوري، لما لها من أضرار بيئية.
وبينما تراجع توليد الكهرباء عبر الفحم في الولايات المتحدة بنحو 20% العام الماضي، فإن إنتاجها في الصين من خلال المصدر نفسه وفي المدة نفسها زاد بنسبة 1%.
كما ارتفع توليد الكهرباء عبر استخدام الفحم بما يقارب 19% في ماليزيا، وبنسبة 7% تقريبًا في فيتنام، وبنحو 3% في إندونيسيا.
وفي واقع الأمر، تُشكّل الصين أكثر من نصف استخدام الفحم عالميًا.
وعلى الجانب الآخر، ارتفع توليد الكهرباء في الصين وغيرها من البلدان عبر مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح العام الماضي، وفقًا لتقرير بي بي.
وفي عام 2020، أنتجت الصين نحو 727 تيراواط/ساعة من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكن التوليد عبر حرق الفحم بلغ 4918 تيراواط/ساعة، العام الماضي.
ماذا عن المستقبل؟
تتوقع وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير -الصادر عن يوليو/تموز- نمو الطلب العالمي على الكهرباء بما يقارب 5% هذا العام، وبنحو 4% عام 2022، بعد انخفاض 1% العام الماضي.
وبحسب تقرير الوكالة -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- فإن أغلب الزيادة في الطلب على الكهرباء ستكون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خاصةً الصين التي تُعدّ أكبر مستهلك للكهرباء عالميًا.
وتتوقع الوكالة الدولية استمرار نموّ توليد الكهرباء عبر مصادر الطاقة النظيفة، على حين تستبعد قدرة هذه المصادر بمواكبة الزيادة في الطلب عالميًا.
وبحسب تقديرات وكالة الطاقة، فمن المتوقع أن تغطي الكهرباء المولدة عبر مصادر الوقود الأحفوري نحو 45% من الطلب الإضافي عام 2021، ونحو 40% العام المقبل.
ومن المرجح أن يرتفع إنتاج الكهرباء باستخدام الفحم وقودًا بنحو 5% هذا العام، ليتجاوز مستويات ما قبل الوباء، وأن ينمو بنسبة 3% أخرى عام 2022، ليصل لأعلى مستوى على الإطلاق، بعد انخفاض 4.6% العام الماضي، وفقًا لتوقعات الوكالة الدولية.
وتأتي هذه الزيادة المتوقعة في الاعتماد على الفحم وقودًا لمحطات توليد الكهرباء عالميًا مع أسعار الغاز الطبيعي الآخذة في الزيادة.
وجاءت هذه الإحصاءات من شركة بي بي، والتوقعات من وكالة الطاقة الدولية، لتُبيّن أن البلدان في جميع أنحاء العالم تسعى لتوليد الكهرباء التي يحتاجها شعوبها بأسعار يمكنهم تحمّلها، نقلاً عن صحيفة (ذا هل).
وتتعارض هذه الحقائق مع رغبات الوقف الفوري لتوليد الكهرباء بالفحم لتفادي تغيّر المناخ وأزمة كارثية وشيكة الحدوث.
اقرأ أيضًا..
- 5 توقعات بشأن الطلب العالمي على الكهرباء خلال عامين (تقرير)
- وباء كورونا.. قطاع الطاقة خلال 2020 الأسوأ في 7 عقود؟