حريق "عين النار".. هل يقف التغير المناخي وراء المشهد المرعب في خليج المكسيك؟
ربط حريق بيمكس المكسيكية بأزمة المناخ لا يستند إلى دليل علمي
نوار صبح
- الحريق غير ناجم عن ارتفاع درجات حرارة الماء أو الهواء
- إسناد حريق خليج المكسيك إلى كارثة ناجمة عن التغير المناخي لم يكن صحيحًا
- عدد الحرائق انخفض بمقدار الربع على مستوى العالم منذ عام 1998
- السبب الرئيس للحرائق الشديدة في ولاية كاليفورنيا يعود إلى سوء إدارة الغابات
تُعدّ حادثة "عين النار"، التي وقعت في خليج المكسيك نتيجة تسرّب الغاز من خطوط أنابيب تحت الماء، على مسافة 150 مترًا من منصة الحفر "كو-مالوب"، أحدث الأمثلة عن سوء تأويل وتعليل المحللين ونشطاء البيئة، الذين نسبوه إلى أزمة التغيّر المناخي، رغم أنه مشكلة تقنية.
في هذا السياق، تناول الصحفي والكاتب الأميركي مايكل شيلنبرغر ظاهرة التأويل غير العلمي للحوادث الطبيعية تلك في مقال بعنوان: "الابتعاد عن الطبيعة يبرّر وصف الحريق خارقًا للطبيعة"، وفنّد فيه التعليلات غير العلمية لحوادث مختلفة.
أشار مايكل شيلنبرغر إلى تصريح حاكم ولاية كاليفورنيا الأميركية، غافين نيوسوم، الذي غرّد على تويتر بعد انتشار مقطع فيديو مثير لحريق شركة النفط الحكومية في المكسيك "بيمكس"، الأسبوع الماضي، قائلًا: إن المحيط يحترق فعلًا، وليس بالإمكان تحمّل أزمة التغير المناخي.
وأفاد العديد من المسؤولين والعلماء والصحفيين بأن الحريق يمثّل دليلًا إضافيًا على التغيّر المناخي الكارثي.
حريق خط أنابيب غاز بيمكس
أوضح مايكل شيلنبرغر أن الحريق غير ناجم عن ارتفاع درجات حرارة الماء أو الهواء، وإنما وقع نتيجة تمزّق خط الأنابيب، الذي يُعدّ مألوفًا في قطاع نقل الغاز الطبيعي، دون أن يترك أثرًا ملحوظًا على البيئة.
وبيّن أن العديد ممن تداولوا ونشروا مقطع فيديو الحريق ألمحوا إلى الحوادث غير المتعمّدة في قطاع إنتاج النفط والغاز، التي تقع نتيجة سوء التشغيل والتنظيم، لا التغير المناخي.
وأكد في مقاله -الذي نشره عبر مدونته الخاصة- أن إسناد حريق خليج المكسيك إلى كارثة ناجمة عن التغير المناخي لم يكن صحيحًا.
ونتيجة إخماد الحريق بعد أقل من 6 ساعات من إغلاق العمال صمامات ربط الأنابيب، لم يلقَ اهتمامًا واسعًا مثلما حصل عند تسرب النفط، لا الغاز، من منصة ديب ووتر هورايزون، في عام 2010، الذي دام لمدة شهر وتسبّب في وفاة 11 شخصًا.
ووفقًا لتقرير صدر -مؤخرًا- عن مكتب مساءلة الحكومة الأميركية، لا تزال الجهة الحكومية الأميركية المشرفة على 14484 كيلومترًا من أنابيب النفط والغاز في خليج المكسيك تفتقر إلى "الرقابة القوية"، رغم مرور أكثر من عقد على التسرب النفطي في منصة ديب ووتر هورايزون.
عدد المتضررين من الكوارث الطبيعية
يستشهد مايكل شيلنبرغر بتقرير لوكالة الفضاء الأميركية ناسا، للإشارة إلى أن عدد الحرائق انخفض بمقدار الربع على مستوى العالم منذ عام 1998، مبيّنًا أن السبب الرئيس للحرائق الشديدة في ولاية كاليفورنيا يعود إلى سوء إدارة الغابات، لا إلى ارتفاع درجات الحرارة.
- "عين نار" وسط البحر بسبب تسرب في أحد خطوط أنابيب بيمكس المكسيكية
- وزيرة الطاقة الأميركية تحمّل التغير المناخي مسؤولية كارثة مبنى فلوريدا
وقال مايكل شيلنبرغر إن الوفيات والتكاليف المترتبة على الأعاصير والفيضانات انخفضت انخفاضًا ملموسًا، على مدى العقود القليلة الماضية، لأن الدول اعتمدت معايير إسكان جيدة وأنشأت أنظمة للتحكم في الفيضانات وأنظمة تحذير من الأعاصير.
تدابير السلامة في قطاع النفط والغاز
أوضح شيلنبرغر أن صناعة النفط والغاز أصبحت أكثر نظافة وأمانًا، كما حصل في أنشطة التكسير والحفر البحري، دون أن ينفي وقوع الانفجارات والتسربات.
وأشار إلى أن عدد الحوادث الخطيرة لخطوط الأنابيب لكل وحدة إنتاج قد انخفض بأكثر من النصف، خلال العقد الماضي.
وبيّن أن الاستجابة إلى حوادث التسرب أصبحت أفضل، مبيّنًا أن حادثة ديب ووتر هورايزون قتلت 2% فقط من عدد الطيور، رغم أن كمية النفط المتسرب في عام 2021، تُعدّ أكثر بـ10 أضعاف مما تسرّب من حادث منصة إكسونفالديز في ألاسكا، في عام 1989.
وكشف أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي، من خلال التكسير والحفر البحري، تمثّل سببًا رئيسًا لانخفاض انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة بنسبة 22% منذ عام 2000، كما انخفضت انبعاثات أوروبا بنسبة مماثلة منذ عام 1990، وفقًا لما نشرته منصة "سبستاك".
واعتبر أن تعليل الجمهور بأن الحرائق ناتجة عن ارتفاع حرارة الغابات والمياه لا ينمّ فقط عن جهل بطريقة عمل قطاعيْ النفط والغاز والغابات، ولكنه يعكس -أيضًا- الجهل بكيفية عمل الطبيعة نفسها.
تفنيد أكاذيب حرائق الغابات
أشار مايكل شيلنبرغر إلى مقال مطوّل نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ أكد المقال أن التغيّر المناخي يقف وراء احتراق الكثير من الأخشاب الحمراء القديمة، وأشجار السيكويا "الماموث"، وأشجار جوشوا، ما يعرّضها إلى خطر الانقراض.
وكشف مقال نيويورك تايمز أن تحوّل لون الأشجار إلى الأسود يعني أنها ماتت، وكان ذلك خشية أن يشك القراء في أن تغير المناخ قد يتسبّب في انقراض الخشب الأحمر.
وأوضح شيلنبرغر أن جميع المتنزهين في غابات الخشب الأحمر في ولاية كاليفورنيا يستدلّون من خلال قراءة العلامات الموجودة على الطريق أن الغابات القديمة تحتاج إلى النار لإنبات البذور وحرق الحطام الخشبي على أرض الغابة.
وأضاف أن حراس المتنزهات وزائريها يعرفون أن اللحاء الأسود على أشجار الخشب الأحمر القديمة هو دليل على صحة الغابة وتعافيها.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه صحيفة نيويورك تايمز، في مقالها، موت عدد لا يُحصى من أشجار الخشب الأحمر القديمة، ومئات من أشجار السيكويا العملاقة وأكثر من مليون شجرة جوشوا.
وبيّن شيلنبرغر أن المقال اعتمد فقط على اقتباسات من العلماء وتكهنات الكاتب جون برانش.
التكسير الهيدروليكي
أورد مايكل شيلنبرغر مثالًا إضافيًا حول التهويل الذي يتجلّى في وسائل الإعلام بشأن طفرة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.
وأشار إلى مقطع دعائي لفيلم "غازلاند"، الذي أطلقه مخرج الأفلام الوثائقية، جوش فوكس، في ربيع عام 2010، إذ أقنع الناس بأن التكسير الهيدروليكي للصخر الزيتي يسمّم مياههم ويسبب أمراضًا عصبية وآفات في الدماغ.
وبناء على ذلك، نشرت صحيفة نيويورك تايمز وغيرها من وسائل الإعلام الوطنية القصة، ووصفت التكسير بالغاز الطبيعي بأنه تهديد كبير للبيئة الطبيعية للولايات المتحدة، ما ساعد على نشوء حركة شعبية مناهضة لهذه الممارسة.
وأوضح شيلنبرغر إلى أن السبب الرئيس وراء هذه التأويلات والإسنادات الخاطئة يعود إلى أشخاص نشؤوا هم وآباؤهم، ومعظم من يعرفهم، في المدن وعملوا لأجيال في مباني المكاتب، وليس في المزارع أو في الغابات أو في منصات النفط.