التوليد المشترك.. تقنية جديدة تتيح لمحطات الطاقة النووية إنتاج الهيدروجين

يعزّز التقدّم التكنولوجي تطوُّر محطات الطاقة النووية وتنوعها، وبهذا تصبح المحطات المتقدمة منها جزءًا من نظام كهربائي مغاير للنظام الذي اعتمد في أثناء إنشاء المحطات القائمة.

وبدورها، تشهد إمدادات الطاقة وتوزيعها والطلب عليها تطوّرًا مستمرًا، نتيجة استخدام مصادر الطاقة الجديدة والتقنيات المتقدمة، رغم أن غالبية البنى التحتية في أرجاء العالم، تعاني بطئًا شديدًا في استبدالها، ولهذا تؤثّر التطويرات الآجلة في اقتصاد الطاقة، على مدى عقود من الزمن.

ونشرت مجلة "نيوكلير إنجينيرنغ إنترناشيونال" تقريرًا بعنوان "الطاقة النووية والهيدروجين" لمستشاريْ الفعالية التنظيمية لدى شركة "أجيل دايناميكس"، بول لالوفيتش وإد بودمر، لتسليط الضوء على تقنية التوليد المشترك للهيدروجين في المحطات النووية المتقدمة.

توازن العرض والطلب

تكتسب تقنية إنتاج الهيدروجين دعمًا سياسيًا، وتتمتع برؤية عالمية نتيجة تطوّر الاقتصاد، إذ يشير التقرير إلى أن الحفاظ على توازن العرض والطلب أصبح صعبًا، بسبب الاندماج السريع لمصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الأسواق.

ويرى مؤلفا التقرير، بول لالوفيتش وإد بودمر، أن الطلب على الطاقة يختلف خلال اليوم الواحد، إذ ينخفض لوقت قصير في الصباح، ويبلغ ذروته بحلول المساء عندما يعود الموظفون من عملهم إلى منازلهم.

• روساتوم تعلن موعد إنتاج الهيدروجين من محطة"كولسكايا" النووية
• طموحات صينية لغزو أوروبا بمشروعات الطاقة النووية
• بريطانيا تبدأ محادثات تمويل مفاعلات سايزويل النووية

ورغم أن المحطات النووية تعمل بكامل طاقتها، ولا تزال -نظريًا- عاجزة عن تحقيق مرونة تشغيلية عالية، إذ تعتمد المحطات النووية على المرونة التشغيلية لتمكينها من الاستجابة بشكل ديناميكي لتحوّلات الطلب الموسمية أو تغيّرات أسعار السوق كل ساعة.

التطبيقات الواعدة للطاقة النووية

اشتمل برنامج الوكالة الدولية للطاقة الذرية -مؤخّرًا- على المزيد من التطبيقات الواعدة للطاقة النووية، بما في ذلك عمليات التسخين بالحرارة العالية وإنتاج الهيدروجين.

وأعربت وكالة الطاقة النووية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنتدى الدولي لمفاعلات الجيل الرابع، ويوراتوم، عن اهتمامها بتطبيقات الطاقة النووية غير الكهربائية التي تركّز على الجيل التالي المتقدم والمفاعلات النووية العصرية.

يقول مستشار التوليد المشترك للطاقة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إبراهيم خميس، إن محركات التوليد المشترك تهدف إلى تلبية الطلب على السلع غير الكهربائية كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتحسين الاقتصاد وتأمين إمدادات الطاقة للمجمعات الصناعية.

وتعمل محركات التوليد المشترك على المواءمة بين شبكات كهربائية الصغيرة والمتوسطة مع شبكات متاحة كبيرة الحجم واستيعاب التقلبات الموسمية في الطلب على الكهرباء.

التوليد المشترك للهيدروجين والطاقة النووية

يستهلك العالم سنويًا نحو 50 مليون طن من الهيدروجين، وتُسهم أنظمة إنتاج الهيدروجين ومحطات الطاقة النووية في منح الطاقة النووية ميزة اقتصادية أكثر من مصادر الطاقة التقليدية لإنتاج الهيدروجين.

ولا ينطوي توفير الحرارة والكهرباء المطلوبة من محطات الطاقة النووية على إصدار أي انبعاثات كربونية.

ولذلك يمثّل إنتاج الهيدروجين تخزينًا للكهرباء وفصل إنتاج الكهرباء عن الاستهلاك، إضافة إلى إمكان استخدام الهيدروجين المخزن، وقودًا للمولدات القائمة على الاحتراق، أو بيعه لأغراض صناعية أخرى، حسبما نشرته مجلة "نيوكلير إنجينيرنغ إنترناشيونال".

ووفقًا لبحث نشرته مجلة "ساستينبيلتي"، يمكن أن يؤدي تطوير أنظمة تخزين الكهرباء للهيدروجين إلى تقليل انبعاثات توليد الكهرباء، مقارنة بالانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري.

تخزين الكهرباء

يرى الباحثون أن استخدام تخزين الكهرباء للتخفيف من ذروة التوليد، ودمج خلايا الوقود مع الهيدروجين في قطاع النقل، يقلّلان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بشرط أن يكون الناتج الثانوي الوحيد لاحتراق الهيدروجين هو الماء.

ويوضح مؤلفا التقرير، بول لالوفيتش وإد بودمر، أن انبعاثات الكربون الصادرة من دورة حياة خلية وقود الهيدروجين تعتمد على المصدر الأساسي للطاقة والعملية المستخدمة في إنتاج الهيدروجين.

ويضيف المؤلفان أنه رغم التأثيرات البيئية الكبيرة لاستخدام الماء في إنتاج الهيدروجين، يجري توليد الماء ويمكن إعادته إلى المصدر الأصلي عند إعادة اتحاد الهيدروجين مع الأكسجين في خلية وقود لتوليد الكهرباء.

ويؤكد مؤلفا التقرير أنه نظرًا إلى استخدام المعادن السامة، مثل البلاديوم، في الأقطاب الكهربائية والمحفزات في عملية توليد الهيدروجين، ينبغي مراقبة التخلص من خلايا الوقود المستخدمة، من أجل تقليل التأثير الضار على البيئة.

تحديات التوليد المشترك للهيدروجين

مع أن توليد الكهرباء من الطاقة النووية يُعدّ أمرًا ممكنًا ومجديًا اقتصاديًا، يجب أن يخضع أي مفاعل نووي لمجموعة من الضوابط التشغيلية المبنية على فيزياء المفاعلات النووية، إذ تختلف هذه الضوابط عن نظيرتها التكنولوجية لمحطات الكهرباء التقليدية التي تعمل بالفحم أو الغاز.

ويرى مؤلفا التقرير أنه لا يمكن زيادة الإنتاج أو خفضه بسرعة كبيرة دون تحميل قضبان الوقود النووي والمفاعل نفسه، عند تغيّر الأداء المستقر الأدنى لمفاعل نووي خلال دورة تشعيع الوقود.

وبالإضافة إلى ذلك، تمثّل التفاوتات بين أسواق الطاقة النووية والحرارة أبرز تحديات التوليد المشترك للطاقة النووية.

ويشير مؤلفا التقرير إلى ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بالمحطات النووية، التي غُيّر تصميمها، إذ تكون أكثر ملاءمة لإنتاج الهيدروجين، ومنها: الاستقرار، والوقت اللازم للتخطيط، والبناء والمخاطر المالية، وترخيص الوحدات النووية المخصصة.

ويوضح المؤلفان أن هناك فائضًا في الطاقة المتاحة، عند مستويات الكهرباء العالية، ويُعدّ تقليصها غير مواتٍ للمحطة، إذ تتأثر الطاقة الفائضة المتاحة إذا شُغّلت المحطة بمرونة لاستيعاب إدارة الطلب.

فوائد الهيدروجين النووي

تُعدّ الفوائد المحتملة للهيدروجين النووي، التي تميزه وترجّحه على المصادر الأخرى، كبيرة، ويمكن أن تدعم زيادة حصة إنتاج الهيدروجين اقتصاد الطاقة العالمي في المستقبل.

ويؤكّد مؤلفا التقرير أن معالجات الهيدروجين النووي غير مؤكدة من الناحية الفنية، وتتطلّب بحثًا شاملاً وجهدًا إنمائيًا قويًا، كما أن قضايا السلامة وتخزين الهيدروجين وتسليمه تمثّل مجالات مهمة للتنمية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين المزدهر.

ولمعرفة تقييم تكلفة الهيدروجين الأخضر، أي تلك الناتجة عن التحليل الكهربائي للمياه باستخدام كهرباء منخفضة الكربون، يمكن مقارنتها بإنتاج الهيدروجين الأزرق من الميثان مع إصلاح البخار واحتجاز الكربون.