النفايات في أفريقيا.. ثروة غير مستغلة تهدد حياة السكان والنُظُم البيئية (تقرير)
توقعات بتضاعفها 3 مرات بحلول 2050
نوار صبح
- 13 دولة أفريقية فقط لديها سياسة وطنية لتنظيم وإدارة نفايات المعدات
- النفايات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد تطلق غازات مثل الإيثلين والميثان
- المنتجات البلاستيكية مصنوعة من الوقود الأحفوري الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون
- 34 من أصل 54 دولة أفريقية أصدرت قوانين تحظر استخدام الأكياس البلاستيكية
- السنغال تخلّف 200 ألف طن من النفايات البلاستيكية سنويًا
- انضمت 8 شركات خاصة إلى تحالف لإعادة تدوير البلاستيك في مصر
تنتشر أكوام القمامة والنفايات في أفريقيا على اختلاف خطورتها وأشكالها بمعظم بلدان القارة السمراء، حيث يجري التخلص من المخلفات البلاستيكية، والمنزلية، والطبية، والإلكترونية، والصناعية، والعضوية -غالبَا- دونما رقابة؛ ما يتسبب في تفشي الأمراض والأوبئة وتلوُّت التربة والمياه.
ورغم وجود مكبّات نفايات مطوّرة في بلدان أفريقية، مثل: النيجر، والكونغو، ومالي، وبوركينافاسو، وموزمبيق؛ إلّا أنها تطفح بالقمامة.
ويرى محللون أنه نتيجة تَوالي إغلاق معامل تدوير النفايات الآسيوية، تتطلب معالجة تلك النفايات -السائلة أو الصلبة- في أفريقيا، إدارة مستدامة ومتكاملة لتجنيب بلدان القارّة مخاطر حقيقية تهدد سلامة السكان والبيئة، حسب تقرير نشره موقع "أفريكا 21".
النفايات البلاستيكية في أفريقيا
كشفت دراسة نشرتها مجلة "بلوس وان" العلمية، في عام 2018، أن النفايات البلاستيكية -خصوصًا ذات الاستخدام الواحد- تطلق غازات مثل الإيثلين والميثان، وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وتمثل أكثر المواد الضارة بالبيئة.
وأشارت منظمة السلام الأخضر الدولية، غير الحكومية، إلى أن 99% من المنتجات البلاستيكية مصنوعة من الوقود الأحفوري، الذي يُصْدر غاز ثاني أكسيد الكربون، وأن النفايات البلاستيكية المستخدمة لمرّة واحدة تتناثر في شوارع البلدان الأفريقية.
وتطغى مظاهر التلوث بالنفايات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد -كالعبوات والقوارير والأكياس- على شتى المناطق الحضرية الأفريقية، رغم أن 34 من أصل 54 دولة أفريقية أصدرت قوانين حظرت بموجبها استخدام تلك الأكياس البلاستيكية.
وفي سياق تجارة النفايات غير المشروعة المزدهرة في أفريقيا، حاولت شركة "هاباغ-لويد" الألمانية، إحضار 25 طنًا من النفايات البلاستيكية إلى السنغال قبل أسابيع قليلة، رغم أن السنغال تخلّف 200 ألف طن من النفايات البلاستيكية سنويًا.
- تقرير أممي: خفض انبعاثات الميثان ورقة رابحة للحد من التغير المناخي
- الجزائر تدرس إنتاج الكهرباء من النفايات.. وخطة مميزة للطاقة المتجددة
- هل تتحول النفايات إلى مصدر لوقود الطائرات في المستقبل؟.. دراسة تفجر مفاجأة
ومن جملة الحلول التي يطرحها علماء البيئة لإدارة النفايات البلاستيكية في أفريقيا -التي تلوث المياه والأنهار والمحيطات- تطوير أساليب إعادة التدوير، وبناء مشروعات عديدة في القارة لذلك الغرض، مثل: مشروع "ريفليكس إن جي"، لجمع وتدوير النفايات بمدينة لاغوس، في نيجيريا.
إدارة النفايات البلاستيكية في أفريقيا
تشهد جمهورية بنين تجربة متميزة حيث تُحوَّل النفايات البلاستيكية إلى مواد بناء أرخص وأخف وزناً وملائمة للبيئة مثل الطوب والبلاط، ومن المرتقب بناء مصنع لفرز النفايات البلاستيكية وتحويلها في بلدة "سيميه-إكبودجي"، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
ومع انتشار إعادة تدوير النفايات البلاستيكية في بعض البلدان الأفريقية، انضمت 8 شركات خاصة إلى تحالف لإعادة تدوير البلاستيك، في مصر، حيث تهدف إلى تطوير الاقتصاد الدوّار في قطاع النفايات البلاستيكية، حسب تقرير نشره موقع "أفريكا 21".
وانضمت شركة "نستله مصر"، التابعة لشركة "نستله" السويسرية، إلى التحالف، إذ أطلقت مبادرة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، لإنشاء منصة رقمية لتتبّع أنشطة إعادة التدوير في مصر، وتريد "نستله" أن تجعل 100% من عبواتها البلاستيكية قابلة لإعادة التدوير أو إعادة الاستخدام بحلول عام 2025.
من ناحيتها، أطلقت شركة "بيبسيكو إيجبت" منصة "إعادة التدوير من أجل المستقبل"، للمساعدة في تحسين إعادة التدوير في مصر.
- 8 محافظات مصرية تبدأ تحويل المخلّفات لطاقة
- يوم البيئة العالمي.. دعوات أممية لإصلاح مساحة أكبر من أميركا للعيش الآمن
ومنذ نحو 9 سنوات، تقوم شركة "أفريكا غلوبال ريسايكلينغ" التابعة لشركة "فرانكو-توغوليزإيدم دي ألميدا"، بإعادة تدوير أكثر من 40 مادة مختلفة من نفايات العاصمة لومي.
النفايات الإلكترونية
جدير بالذكر أن 13 دولة -فقط- من أصل 43 دولة أفريقية، شملها استطلاع موقع "أفريكا 21"، لديها سياسة وطنية لتنظيم وإدارة نفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية (دبليو إي إي إي)، ومع ذلك أنتجت بلدان القارة الأفريقية نحو 2.9 مليون طن من تلك النفايات في عام 2019.
ويفيد تقرير الأمم المتحدة "غلوبال إي-وايست مونيتور"، لعام 2020، أن النفايات الإلكترونية تمثل الآفة البيئية الثانية بعد النفايات البلاستيكية.
وفي إطار الجهود الرامية إلى إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في أفريقيا، ستستثمر الشركة الزامبية التابعة لمجموعة الاتصالات الهندية، "إيرتل"،خبرة شركة الإلكترونيات السويدية إريكسون، في جمع النفايات الإلكترونية وإعادة تدويرها بتقنية مستدامة.
وأطلقت حكومة غانا البرنامج الأفريقي لإدارة الصحة البيئية والتلوث (إيه إي إتش بي إم بي)، في نهاية مايو/أيار 2021، لمكافحة تلوث الزئبق والنفايات الإلكترونية، وسيبدأ تشغيل مركز لجمع النفايات الإلكترونية وفرزها في غانا في يونيو/حزيران 2021.
استغلال طاقة النفايات العضوية
يستفاد من النفايات العضوية في تحويلها إلى كهرباء وإلى أسمدة، حيث ستقوم شركة "بيوثيرميكا تكنواوجيز" الكندية، بتنفيذ مشروع مصنع "كلوتو" لتحويل نفايات الغاز الحيوي إلى كهرباء، في منطقة بلاتو وفي جمهورية توغو، بقيمة 25 مليون و462 ألف دولار، حسب تقرير نشره موقع "أفريكا 21".
وتستثمر جنوب أفريقيا النفايات البلاستيكية لتوليد الكهرباء باستخدام تقنية الانحلال الحراري، إذ يهدف مشروع شركة "كيبوإنرجي"، بالشراكة مع شركة " إندستريال غرين سوليوشنز"، إلى توليد أكثر من 50 ميغاواط من الكهرباء التي ستباع للصناعيين.
وبهذا تتعزز استقلالية الصناعيين عن شركة "إيسكوم" الجنوب أفريقية المملوكة للدولة، وتحدّ من مديونيتهم لها.
وتنفذ شركة "إنرجي سوليوشن سيستمز" لصالح مجلس مدينة باماكو، عاصمة جمهورية مالي، مشروع لتحويل تحويل النفايات الصلبة إلى كهرباء بقدرة توليد أولية 40 ميغاواط من الكهرباء في شبكة الشركة المملوكة للدولة "إنرجي دو مالي" (إي دي إم).
وتنتج مدينة باماكو في مالي نحو 17 ألف طن من النفايات البلاستيكية سنويًا، من إجمالي النفايات في أفريقيا.
وستقوم شركة "ماك ديفيد غرين سوليوشنز"، الأميركية، بحرق النفايات لتوليد الكهرباء في منطقة داوا، أكرا الكبرى، عاصمة جمهورية غانا، وتمول المشروع شركة "جوسيونغ غروب"، شريكة الحكومة الغانية، بقيمة 70 مليون دولار.
دور التكنولوجيا في إدارة النفايات الصلبة
يستخدم رواد الأعمال الشباب بتطوير أنواع مختلفة من التطبيقات، ففي تونس، يتيح حل "حومتي"، الذي أطلقه تطبيق "كي بي إنوفايشن 2" التواصل مباشرة مع جميع السكان في البلاد والإبلاغ عن جداول جمع النفايات.
وفي مصر، أطلقت مجموعة من الطلاب تطبيق "فاترينا" يهدف إلى الحد من الهدر في قطاع الأزياء المحلي والتحول تدريجيًا إلى "الموضة" المستدامة" من خلال إعادة تصميم ملابس العملاء، وبيع الملابس المستعملة والتبرعات.
وأطلقت مؤسسة "إغنيديهوي"، في جمهورية بنين، ابتكارًا، في أبريل/ نيسان 2021، بعنوان "إكولو 4 ديف" لتحسين الإدارة المسؤولة للنفايات المنزلية والإلكترونية.
حماية الموارد المائية
رغم التقدم الذي تحققه بعض البلدان الأفريقية في حماية البيئة، يبقى التغيير الجذري في عقليات السكان والصناعات، التي تعد أكبر مصادر التلوث، أمرًا بالغ الأهمية.
وتتسبب مياه الصرف الصحي في التلوث الصناعي في أفريقيا، فقد أوقفت السلطات المحلية في موزمبيق شركتي تعدين الذهب جيم ريسورسز" و"كلين تيك ماينينغ"، في منطقة مانيكا؛ بسبب الأضرار البيئية الناجمة عن إلقاء كميات كبيرة من الحمأة الملوثة في نهر روفوي.
وتتدفق مياه النهر إلى خزان سد شيكامبا، الذي يوفر الماء والكهرباء لمقاطعة مانيكا.
وتُعد شركة شل مسؤولة -أيضًا- عن التلوث في أفريقيا، بما في ذلك في قرى: غوي وإيكوت أدا أودو وأروما، في دلتا النيجر، جنوب غرب نيجيريا.
وبعد الانسكاب النفطي الذي ضرب ولاية ريفر، يتعين على الشركة النيجيرية التابعة لشركة شل، دفع ما نحو 400 مليون دولار كتعويض لمجتمع إيجاما-إيبوبو، الضحية الرئيسية للكارثة البيئية.