تتوافر لدى ليبيا إمكانات ضخمة لاستغلال الطاقة المتجددة، لكنها حتى الآن تعتمد على إنتاج النفط الخام الذي يتسبّب في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن عمليات إنتاجه وتكريره، وتؤدي إلى تلوّث الهواء المحيط وتغيّر المناخ.
كما تعتمد في إنتاج الكهرباء على الوقود الأحفوري -مثل الديزل وزيت الوقود والنفط الخام والغاز الطبيعي- الذي يؤدي أيضًا إلى انبعاثات كثيرة من ثاني أكسيد الكربون.
وتتوافر في ليبيا موارد متعددة ومواد أولية يمكن استغلالها، ومن أهم تلك الموارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية.
وسنحاول في هذا المقال الإجابة عن التساؤل الذي يفرض نفسه: ما فرص ليبيا الممكنة للاستفادة من الطاقات المتجددة؟
أولًا: تقع ليبيا في منطقة الحزام الشمسي التي تتمتع بشدة الإشعاع الشمسي وتُعدّ الأعلى عالميًا، إذ يُقدر متوسطه الكلي على الأفقي في ليبيا بنحو 2500 كيلوواط/ساعة/متر مربع سنويًا.
ثانيًا: تتميّز الدولة بطول ساعات سطوع شمسي عالية تزيد على 3 آلاف و500 ساعة سنويًا، يكون أغلب التركيز عليها في مناطق الجنوب الشرقي والغربي من البلاد.
ثالثًا: بالنسبة إلى طاقة الرياح فإن المواقع التي تتمتع بتيارات رياح تكون على طول الساحل الليبي من طبرق شرقًا إلى طرابلس غربًا.
رابعًا: يُستفاد من هذه المصادر باستخدام التقنيات المتاحة في العالم من تركيب ألواح شمسية كهروضوئية أو حرارية تركيزية، واستخدام توربينات الرياح لإنتاج الطاقة.
معوقات تنفيذ هذه الخطط
أولًا: تستهدف ليبيا -بحلول عام 2030- التعاقد على إنشاء محطات شمسية في مناطق الجنوب وفي مدينة غدامس ومنطقة الجغبوب، ومزارع رياح لإنتاج الطاقة لبعض المواقع التي تُدرس.
ولم يُنجز أي مشروع حتى هذه الخطة، وعلى سبيل المثال مزرعة الرياح المتعاقد عليها في مدينة درنة لإنتاج الكهرباء، جرى استيراد معداتها ولم تُركّب حتى يومنا هذا، وغيرها من المشروعات التي لم تُنفذ حتى الآن.
ثانيًا: أغلب التقنيات التي دخلت إلى البلاد عبارة عن منظومات شمسية منزلية منفصلة عن الشبكة، إذ أدخلها القطاع الخاص أو بعض مشروعات الإنارة للشوارع عن طريق الأمم المتحدة، مثل مشروع الأمم المتحدة الإنمائي الذي أسهم في إدخال بعض التقنيات للاستفادة من الطاقة الشمسية في إنارة بعض الأحياء، ومن خلال الاستخدام الأنسب لهذه المصادر يُوفّر جزء كبير من الطلب على الكهرباء لتحقيق التنمية المستدامة.
ثالثًا: الحاجة إلى استثمارات ضخمة لاستغلال المواد الأولية من الرمال، وغيرها المستخدمة في إنتاج الألواح الشمسية.
رابعًا: ضعف الاستقرار السياسي في البلاد وعدم استمرار الحكومات لوضع خطط للطاقة بعيدة المدى.
دور المؤسسة الوطنية للنفط
تُعدّ الطاقات المتجددة ملفًا مهمًا على طاولة رئيس مؤسسة النفط الليبية المهندس مصطفى صنع الله، بالإضافة إلى أن ليبيا أحد أطراف اتفاقية باريس للمناخ، ما يؤكّد أنه يمكن لها أن تكون ذات مكانة دولية مهمة في استخدام الطاقات المتجددة، وذلك على النحو الآتي:
أولًا: تحاول مؤسسة النفط الاستفادة من الطاقة عن طريق استخدام نبات الجيتروفا في الصحراء الليبية، ما يعزّز من جهود الدولة في التحوّل إلى الصناعة ودعم قطاع الزراعة وتوليد الكهرباء، وستتمكّن الأمم المتحدة من أداء دورها في تحقيق الاستقرار وخلق فرص عمل ومنع تدفق الهجرة عن طريق توطين برامجها المعدة لذلك.
ثانيًا: عملت المؤسسة على تجهيز معهد الطاقة في منطقة أجخرة بمعامل لتمكين قدرات محلية، إلى جانب السعي لتوليد الكهرباء من الشمس، ولتحويل المياه المصاحبة للنفط ومنع الاحتباس الحراري والحفاظ على البيئة.
ثالثًا: مبادرة شركاء مؤسسة النفط إيني الإيطالية بدأت منذ أيام في المسح المبدئي لمشروع الطاقة الشمسية في منطقة ربيانية، ونجح ذلك المسح الذي يُعدّ مصدر طاقة مستدامًا، إلى جانب أكبر المشروعات الواقعية التي نفّذتها مؤسسة النفط، وهي ألواح الطاقة الشمسية في مدن الجبل الغربي لعدد مستشفيين عموميين.
رابعًا: الدراسات البيئية من مؤسسة النفط وشركاتها متعددة، ويُعمل على تطبيقها داخل مواقع عمليات شركاتها، وتدريب البلديات الواقعة في نطاقها على أسس الحد من أي تأثيرات بيئية محتملة.
خامسًا: مشروعات مهمة مثل مشروع استخلاص غاز الطهي من شعلة حقل الشرارة سوف تخفّض الانبعاثات، وتحقّق وفرة اقتصادية في الغاز إلى مناطق الجنوب، وكذلك مشروعات التوقف عن حرق الغاز واستغلالها ما زالت تتعرّض لعائق الدعم المالي من الحكومات.
سادسًا: تدرس مؤسسة النفط مع ريبسول الإسبانية سبل استغلال الطاقة الشمسية في الجنوب الغربي.
سابعًا: مقترح المؤسسة الوطنية للنفط ومساعيها مع الشركة العامة للكهرباء لتزويد المدن والمناطق البعيدة عن محطات الكهرباء بالطاقة الشمسية.
ثامنًا: تنفيذ هذه المشروعات سوف يخفّض الأعباء على الشبكة العامة للكهرباء، وقد تلجأ منشآت النفط -أيضًا- إلى استغلال الطاقة الشمسية لحل مشكلات الكهرباء في بعض الحقول النفطية.
تاسعًا: استقرار البيئة المحيطة اقتصاديًا وسياسيًا حول مناطق العمليات سوف يمكّن الشركاء الأجانب من تنفيذ برامجهم للتنمية والوعود المقدمة، خصوصًا بعد تقدّم شركاء ذي مستوي عال مثل شركة توتال نحو ليبيا بقوة.
ما زالت بعض البرامج في انتظار التمويل لتنفيذها، وهي خطط طموحة تبشّر بتعدّد مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، إلا أن ضعف التمويل يعوق العمليات الإنتاجية وكذلك التطويرية وأي مشروعات أخرى مثل الطاقة النظيفة أيضًا.
اقرأ أيضًا..
- مقال - مستقبل غامض ينتظر مصفاة الشركة الليبية الإماراتية
- تعاون مرتقب بين ليبيا والجزائر لاستغلال الصحراء في توليد الطاقة الشمسية
- "الليبية للنفط" تبحث مع توتال زيادة الإنتاج وصيانة خطوط نقل الخام
لابد من الاهتمام الجدي من جانب الدولة...لتمويل هذه المشاريع ..وحتى تقلل الاعتماد على الطاقة الكهربائية التقليدية...
مقال جيد بالتوفيق لكاتبه/ الأستاذ .على الفارسي