لأول مرة منذ 8 سنوات.. ارتفاع حصة الفحم بمزيج الطاقة في ألمانيا
مع نضوب مخزون الغاز وانخفاض إنتاج طاقة الرياح
آية إبراهيم
مع تراجع واردات أوروبا من الغاز الطبيعي، وارتفاع الطلب على الكهرباء، لجأت بعض دول القارة العجوز إلى الفحم لتأمين احتياجاتها من الطاقة.
وأشار محللون إلى ارتفاع حصة الفحم في مزيج الطاقة الألماني لأول مرة منذ 8 سنوات، وسط ارتفاع أسعار الغاز وتوقعات انخفاض إنتاج طاقة الرياح، حسبما ذكر موقع مونتيل.
كما قفز معدل استخدام الفحم في القارة الأوروبية بنسبة من 10% إلى 15% هذا العام، بعد أن أدّى فصل الشتاء الأكثر برودة والأطول من المعتاد إلى نضوب مواقع تخزين الغاز.
ارتفاع استهلاك الفحم
أظهرت بيانات صادرة عن معهد فراونهوفر "أي إس إي" أن مصانع الفحم الصلب الألمانية أسهمت بنسبة 8.1% في مزيج الطاقة في البلاد حتى الآن خلال العام الجاري، ارتفاعًا من 7.4% في عام 2020.
وطبقًا لبيانات فراونهوفر لنظم الطاقة الشمسية، فإنه في حال استمرار الفحم في هذا الاتجاه فستكون هذه أول زيادة للوقود الأحفوري منذ عام 2013 في مزيج الطاقة في ألمانيا، التي تخطّط لوقف توليد الكهرباء من الفحم بحلول عام 2038.
وقال محللون إنه في الوقت الذي يسد فيه الفحم فجوة الغاز، ترتفع أسعار الفحم أيضًا.
كما أظهرت البيانات أن حصة الرياح تراجعت إلى 25% حتى الآن هذا العام، انخفاضًا من 27% العام الماضي.
نقص الغاز
واجهت أوروبا درجات حرارة متجمدة في وقت سابق من هذا العام، ما أدّى إلى زيادة الطلب على التدفئة، وأُرسلت شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا بدلاً من ذلك.
كما أرسلت روسيا كميات أقل من الغاز إلى القارة عبر أوكرانيا قبل بدء خط نورد ستريم- 2 في ألمانيا، وهو ما يعني أن التخزين الأوروبي -حاليًا- أقل بنسبة 25% من متوسط السنوات الـ5 الماضية.
وقال محلل إنرجي أسبكتس، تريفور سيكورسكي: "الأمر كله يتعلّق بعدم وجود ما يكفي من الغاز، وهذا يعني المزيد من توليد الكهرباء بالفحم، إلى جانب الحاجة إلى التوليد الحراري".
وأشار إلى أن مرافق تخزين الغاز الحالية عند أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات، ما يعني وجود كمية أقل من الغاز المتاح في السوق لتوليد الكهرباء.
وأظهرت بيانات غاز إنفراستراكتشر يورب، أن الشتاء الأكثر برودة من المعتاد استنفد مرافق التخزين الألمانية بنسبة 37% من السعة، مقارنة بمتوسط 5 سنوات لمنتصف يونيو/حزيران الذي يبلغ نحو 63%.
العقود الآجلة
في سوق الغاز، الأكثر سيولة في أوروبا، جرى تداول آخر عقد قياسي عند 28.14 يورو/ميغاواط في الساعة، بارتفاع 49% منذ بداية العام حتى الآن، في العقود الآجلة.
وأشار محلل شركة تحليل الغاز جانيكسو، يواخيم إندرس، إلى أن الطلب القوي على الغاز الطبيعي المسال في آسيا كان السبب وراء تحوّل الشحنات بعيدًا عن أوروبا، تاركًا حصة أكبر من الطلب لتُغطّى بالفحم.
ويجري تداول العقود الآجلة -حاليًا- بالقرب من أعلى مستوى لها لهذا الوقت من العام.
وقال إن معيار الغاز الطبيعي المسال الآسيوي للعقد Q3 يُتداول حاليًا بقيمة 3.60 يورو أعلى من عقد TTF المعني.
وفي سوق الفحم الأوروبي معيار API 2 ارتفعت العقود الآجلة إلى أعلى مستوى في 9 سنوات يوم الجمعة، مسجلة 114.50 دولارًا/طن، ارتفاعًا من 104 دولارات/طن.
وأظهرت بيانات التبادل أن ارتفاع تكاليف المدخلات للطاقة دفعت الأسعار الفورية الألمانية إلى مستويات قياسية.
توقعات باستمرار نقص الغاز
قال محلل ألماني: "مع بقاء توقعات الغاز والفحم ضيقة وسط طلب آسيوي قوي والحاجة إلى اللحاق بمستويات التخزين المنخفضة في أوروبا، قد يستمر هذا الاتجاه خلال الصيف".
وأضاف: "يمكن أن يكون هذا لمحة عن مزيج الطاقة الخضراء بنسبة 100% في المستقبل، عندما تحتاج محطات الطاقة الاحتياطية المكلفة إلى سد فجوات ناتج الرياح المنخفض".
تراجع طاقة الرياح
أظهرت بيانات من معهد فراونهوفر "أي إس إي"، أن إنتاج طاقة الرياح الألمانية بلغ 57 تيراواط/ساعة حتى الوقت الحالي من هذا العام، انخفاضًا من 74 تيراواط/ساعة خلال النصف الأول من عام 2020.
ومع توقّعات استمرار ارتفاع أسعار الغاز والفحم على الأقل خلال الصيف، وانخفاض طاقة الرياح للأسابيع المقبلة، يجب أن تظلّ المستويات الموضعية مرتفعة في المدة المقبلة.
ومن المتوقّع أن تتجه طاقة الرياح الألمانية في ألمانيا إلى ما دون المستوى الطبيعي حتى 25 يوليو/تموز على الأقل، حسبما أظهرت البيانات الصادرة عن شركة مونتيل للطاقة.
وفي الأسبوع المقبل، من المفترض أن تتجه المستويات 2.9 غيغاواط أقل من المعتاد، ثم إلى 2.3 غيغاواط في الأسبوع التالي.
وكان آخر توقّع للإنتاج عند 1.2 غيغاواط و1.4 غيغاواط للأسابيع التي تبدأ في 12 يوليو/تموز و19 يوليو/تموز على التوالي.
انبعاثات الفحم
في الوقت الذي أصبح فيه تخزين الغاز منخفضًا للغاية الآن اضطرت أوروبا إلى التحوّل إلى الفحم، التي مثّلت نكسة لأوروبا قبل محادثات المناخ في غلاسكو في وقت لاحق من هذا العام.
ودائمًا كانت أوروبا في طليعة المعركة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ تمتلك القارة أكبر سوق للكربون في العالم، وتفرض رسومًا على شركات مثل المرافق ومنتجي الصلب وصناع الأسمنت مقابل تلويث البيئة.
وفشل قادة أكبر اقتصادات العالم في تحديد موعد نهائي لإنهاء حرق الفحم في اجتماع مجموعة السبع، الذي عُقد بداية الشهر الجاري، في كورنوال في المملكة المتحدة.
وقالت مجموعة الدول السبع إن الفحم هو أكبر سبب منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في بيانها الختامي، كما وعدت بالتوسّع السريع في التقنيات والسياسات التي تزيد من تسريع الانتقال بعيدًا عن الفحم.
اقرأ أيضًا..
- مجموعة السبع توافق على إيقاف تمويل مشروعات الفحم بنهاية 2021
- ألمانيا تُنهي عصر استخدام الفحم
- تجارة الفحم وراء 10% من انبعاثات قطاع الطاقة العالمي