الأمونيا الزرقاء تلعب دورًا محوريًا في التحول نحو الطاقة النظيفة
تمثّل مواد وسيطة لتعزيز الاقتصاد منخفض الكربون
نوار صبح
- يتنامى دور الهيدروجين في تحقيق هدف خفض الانبعاثات على المدى الطويل
- للأمونيا دور كبير في التحول إلى وقود مستقبلي لقطاعي توليد الكهرباء والشحن البحري
- تعتزم روسيا واليابان إجراء دراسة مشتركة لإمكان نقل الأمونيا الزرقاء المنتجة في سيبيريا لاستخدامها في محطات توليد الكهرباء
- تقترب مستويات إنتاج الأمونيا حاليًا من نحو 200 مليون طن سنويًا
- في سبتمبر/أيلول 2020 أرسلت أول شحنة من الأمونيا الزرقاء في العالم من السعودية إلى اليابان
كشفت توقعات الغاز العالمية لعام 2050 -الصادرة عن منتدى الدول المصدّرة للغاز "جي إي سي إف"- أن الطلب على الغاز الطبيعي سيزداد بنسبة 50% من 3950 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 5920 مليار متر مكعب بحلول عام 2050.
وبدوره، يتنامى دور الهيدروجين في تحقيق هدف خفض الانبعاثات على المدى الطويل، إذ يُمثّل الهيدروجين وقودًا أساسيًا لإزالة الكربون بشكل مستدام عالميًا، حسبما ذكر موقع إي إس آي أفريكا.
وفي هذا الإطار، ظهرت أهمية الأمونيا الزرقاء بوصفها مواد وسيطة لتعزيز اقتصاد منخفض الكربون، ويمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في انتقال الطاقة النظيفة.
وبالمقابل، ينظر منتجو الغاز إلى الغاز الطبيعي بصفته ناقلًا لانتقال الطاقة، لذلك سيكون الغاز الطبيعي جزءًا لا يتجزأ من إمدادات الطاقة العالمية للسنوات التالية.
الهيدروجين والحياد الكربوني
يقول كبير محللي تنبؤات الطاقة - قسم اقتصاديات الطاقة والتنبؤ في الأمانة العامة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، الدكتور حسين مقدم، إن الدول الأعضاء في المنتدى تتمتع بوضع جيد لدعم إمدادات مستدامة من الأمونيا الزرقاء.
ويسعى المنتدى -في عام 2021- لتطوير سيناريو الهيدروجين، بالإضافة إلى سيناريو الحياد الكربوني لاجتذاب مشروعات شركات الطاقة الكبرى لإزالة الكربون في عملية تحوّل الطاقة، مثل الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء وتطبيق التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
ويضيف الدكتور مقدم أن الأمونيا تُعدّ حاليًا واحدة من أكبر المساهمين في اقتصاد ترينيداد وتوباغو، ولديها إمكان التحول إلى وقود مستقبلي لقطاعي توليد الكهرباء والشحن البحري.
وتتميز ترينيداد وتوباغو بامتلاكها 11 مصنعًا للأمونيا بسعة إجمالية تبلغ 5.2 مليون طن متري سنويًا، ما يضعها في مكانة مرموقة بوصفها واحدة من أكبر مصدري الأمونيا في العالم.
وتعتزم روسيا واليابان -إضافة إلى ذلك- إجراء دراسة مشتركة لإمكان نقل الأمونيا الزرقاء المنتجة في سيبيريا الروسية، لاستخدامها في محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم في اليابان.
وسيُحتجز ثاني أكسيد الكربون المتولّد من عملية الإنتاج وحقنه في حقول النفط في شرق سيبيريا لتحسين استخراج النفط.
تصنيف الأمونيا
تُصنَّف الأمونيا على أنها "زرقاء" عندما تُنتج من المواد الأولية للغاز الطبيعي ويُحتجز ثاني أكسيد الكربون المنطلق بواسطة تقنيات "حجز الكربون وتخزينه" أو "حجز الكربون وتخزينه واستخدامه".
كما يمكن تصنيف الأمونيا على أنها "خضراء"، عندما تُشتق من الهيدروجين الكهربائي التي تنتجها الموارد المتجددة.
وأتاح النمو المستمر في إنتاج الغاز وتدفق الغاز الطبيعي المسال، في الماضي القريب، لمنتجي الغاز والصناعات توسيع إنتاج الأمونيا الزرقاء؛ وبهذا يتماشى النمو في إنتاج الأمونيا وانخفاض كثافة الكربون مع الأهداف العالمية للاستغناء عن الوقود الكربوني.
وفقًا لجمعية طاقة الأمونيا، تقترب مستويات إنتاج الأمونيا حاليًا من نحو 200 مليون طن سنويًا، إذ يُتداول نحو 10% منها في السوق العالمية.
ويمثّل الوقود الأحفوري مَصْدرًا لما يقرب من 98% من المواد الأولية للإنتاج العالمي للأمونيا، وتستخدم 72% منها الغاز الطبيعي مادة وسيطة، حسبما ذكر موقع إي إس آي أفريكا.
مزايا الأمونيا
لا تتطلب الأمونيا التبريد لدرجات حرارة قصوى، بالمقارنة مع الهيدروجين، وتتميز -أيضًا- بكثافة طاقة أعلى من الهيدروجين السائل، ما يجعلها أكثر كفاءة في النقل والتخزين.
وبخلاف ذلك يتمثّل التحدي الكبير الذي يواجه الهيدروجين في التكلفة العالية لأنظمة التخزين ومتطلبات النقاء والنقل.
وتبيّن المزايا أن الأمونيا يمكن أن تكون خيارًا تنافسيًا بوصفها حلًا لإزالة الكربون من الصناعة كثيفة الاستخدام للطاقة، لا سيما في قطاعي توليد الكهرباء والنقل.
وأدّت التطورات الحديثة في تقنيات محركات التوربينات إلى زيادة استخدام الأمونيا؛ إما بشكل مباشر للاحتراق وإما بشكل غير مباشر عن طريق إعادة تشكيلها مرة أخرى إلى النيتروجين والهيدروجين كمادة وسيطة صناعية.
وتتمتع الأمونيا -حاليًا- بأنها مطلوبة على نطاق واسع، بصفتها أساس إنتاج الأسمدة، إضافة إلى توفير البنية التحتية المتطورة ومرافق إنتاج الأمونيا على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، ما يجعل إنتاجها أكثر جدوى.
تحديات استخدام الأمونيا الزرقاء
تواجه الأمونيا تحديات معينة أهمها سُميتها وقابليتها للتآكل، بسبب إنتاج أكسيد النيتروجين، وقابلية الاشتعال، والاحتراق في المحرك والتوربين التقليديين، وهي درجة حرارة الاشتعال العالية وسرعة اللهب المنخفضة.
ويُعدّ إنتاج الأمونيا الخضراء على المستوى التجاري -في الوقت الحالي- مكلفًا، نظرًا إلى التكاليف الرأسمالية لمصنع المحلل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين.
دور الأمونيا الزرقاء في إزالة الكربون
برز مؤخرًا دور الأمونيا الزرقاء بوصفها أحد أنواع الوقود البديلة، لدعم إزالة الكربون في صناعة الشحن، وقد اضطرت صناعة الشحن إلى الحد من محتوى الكبريت في الوقود البحري، بدءًا من يناير/كانون الثاني 2020.
وحدّدت المنظمة البحرية الدولية "آي إم أو" هدفًا لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40% بحلول عام 2030، وما يصل إلى 70% بحلول عام 2050، مقارنة بمستويات عام 2008، والتخلص نهائيًا من جميع الانبعاثات الضارة.
ولُوحظت زيادة قوية في الطلب على أنواع الوقود البديلة، من أجل تلبية طموحات المنظمة البحرية الدولية بشأن الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وعلى الرغم من أن الغاز الطبيعي المسال يبدو اليوم واحدًا من أفضل الخيارات لتحقيق أهداف المنظمة البحرية الدولية، فإن الأمونيا الزرقاء تمثّل أحدًا من الحلول الرئيسة في صناعة الشحن نحو أهداف إزالة الكربون التي حدّدتها المنظمة البحرية الدولية في القطاع البحري.
ومن المتوقع أن تلعب الأمونيا دورًا مهمًا في إزالة الكربون من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، ولهذا تسعى اليابان لزيادة استخدام الأمونيا لتحقيق الحياد الكربوني في عام 2050.
وفي سبتمبر/أيلول 2020، أرسلت أول شحنة من الأمونيا الزرقاء في العالم من المملكة العربية السعودية إلى اليابان، إذ استُخدمت لتوليد الكهرباء، لإتاحة الفرصة لمنتجي النفط والغاز بلعب دور في تحوّل الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- الأمونيا.. هل هي وقود مستقل أم ناقل للهيدروجين؟
- صفقة جديدة لـ أرامكو في سوق الهيدروجين والأمونيا
- الأمونيا والهيدروجين.. تعاون جديد يجمع بين الإمارات واليابان