روسيا.. لماذا تتخلف عن اللحاق بالركب في مجال الطاقة النظيفة؟
تغير المناخ بالمرتبة الأخيرة للأولويات
أحمد شوقي
لا تزال روسيا متخلفة عن الركب العالمي لمكافحة التغيّر المناخي، حيث تظل مصادر الطاقة المتجددة تلعب دورًا ضئيلًا في مستقبل الطاقة داخل أكثر الدول تسببًا في انبعاثات ضارة.
ووقّعت روسيا جميع معاهدات الأمم المتحدة للمناخ، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، لكنها لم تُعلن حتى الآن رؤية واضحة تهدف لمستقبل أكثر اخضرارًا.
وتحتلّ موسكو في الوقت الحالي الترتيب الأخير في دول مجموعة الـ20، التي أعلنت سياسات التحوّل للطاقة المتجددة.
الموقف الحالي
مع المخاوف المتمثلة في أن إدخال تغييرات على إنتاج الهيدروكربون ينطوي على مخاطر سياسية، فإن روسيا ترفض فكرة التحوّل الكامل إلى الطاقة النظيفة، ما دفعها للابتعاد عن المحادثات المتعلقة بتغيّر المناخ.
وفي الحقيقة، تُعدّ روسيا من الدول التي يُمثّل ابتعادها عن الوقود الأحفوري أهمية كبيرة في الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ، نظرًا لكونها أكبر مصدر للمواد الملوثة للبيئة في العالم.
وتتنافس روسيا مع السعودية على المرتبة الأولى في تصدير النفط، لكنها كذلك مُصدّر رئيس للغاز، فضلًا عن احتلالها المرتبة الثالثة في مبيعات الفحم.
ورغم كل ذلك، لا تبذل موسكو سوى جهود محدودة من أجل الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما تخاطر بأن تصبح ملاذ الكربون في العالم، حسب تصريحات سابقة لمستشار الرئاسة للمناخ، رسلان إيدلجيريف.
أسباب التأخر
تحاول روسيا الحفاظ على النظام الحالي دون تغيير، حيث تسيطر الحكومة على الشركات العالمية في مجال الطاقة وعلى عوائدها، إذ تعتمد مناطق بأكملها على الفحم أو النفط في الوظائف والبنية التحتية الاجتماعية، لذلك من الصعب أن يحدث التغيير سريعًا.
وفي حقيقة الأمر، شكّلت عوائد النفط والغاز ما يزيد قليلاً عن ربع إجمالي موازنة روسيا في العام الماضي، بانخفاض عن متوسط يزيد عن 40% في العقد السابق، لكن هذا لا يمثّل انعكاسًا للتحوّل الأخضر، بقدر ما يتعلق بضعف أسعار النفط.
ومع ذلك، فإن الفشل في إدارة التحوّل الأخضر قد يؤدي إلى مخاطر سياسية واقتصادية داخل روسيا وخارجها.
وفي الوقت الذي يتسارع فيه العالم نحو الطاقة النظيفة، تراهن روسيا على استمرار الطلب على الوقود الأحفوري من جانب الأسواق الناشئة، وما تعدّه موسكو ميزة تنافسية للاستفادة من الاحتياطات الضخمة من النفط والغاز.
ويقول مدير الصندوق الوطني لأمن الطاقة كونستانتين سيمونوف -وهي شركة استشارية في موسكو-: "لا يمكن لروسيا أن تكون مُصدّرة للطاقة النظيفة، فهذا المسار غير متاح لنا، لا يمكننا حتى مبادلة إنتاج الوقود الأحفوري بإنتاج الطاقة المتجددة، لأننا لا نملك أيّ تقنية خاصة بنا".
خطط غير مكتملة
أعطت إستراتيجية الطاقة الروسية حتى عام 2035 -التي نُشرت العام الماضي- الأولوية لبيع الهيدروكربونات، خاصة الغاز، في حين تضع المناخ في المرتبة الأخيرة.
وفي الواقع، تبذل روسيا جهودًا ضئيلة للتحوّل إلى الطاقة النظيفة، إذ تبالغ في تقدير دور الغاز الطبيعي -الذي يحتوي على انبعاثات كربونية ضارة أقلّ من النفط أو الفحم- بصفة وقود، للانتقال بعيدًا عن صناعة الوقود الأحفوري.
وهناك الكثير من الوعود الخضراء، بما في ذلك الطاقة المتجددة، حيث تمتلك موسكو القدرة على أن تصبح منتجًا رئيسًا للهيدروجين الأزرق، إذا دُمِجَت أكبر احتياطيات الغاز في العالم مع الاستثمار في تكنولوجيا احتجاز الكربون.
وبالفعل، يوجد لدى موسكو قدرات كبيرة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية منخفضة الكربون.
ويُقدّر كبير المحللين في مركز سكولكوفو للطاقة، يوري ميلنيكوف، أن الإمكانات التقنية لطاقة الرياح وحدها في روسيا يمكنها إضافة ما يصل إلى 17 ألف تيراواط/ساعة.
اقرأ أيضًا..
- نيجيريا تكتفي بمشاهدة السباق العالمي نحو الهيدروجين
- الحياد الكربوني.. شركات الطاقة العالمية تتحول لإنتاج الهيدروجين