كيف أثّر الوباء في خطة قادة الطاقة 2021؟
عدم اليقين أبرز العوامل المقلقة
أحمد شوقي
- أدّت أزمة كورونا إلى تحرّك عاجل في عملية تحوّل الطاقة
- مخاوف على المدى الطويل بشأن استمرار هبوط الطلب على النفط
- الحدّ من انبعاثات الكربون ضمن أوجه عدم اليقين في 2021 خاصة قبل مؤتمر المناخ
- يبدو أن هذا العام سيكون نقطة تحوّل للهيدروجين على مستوى العالم
لا شك أن وباء كورونا أثّر بشكل كبير في خطة قادة الطاقة والدول حول العالم، حيث أضاف قدرًا كبيرًا من عدم اليقين.
ومع ذلك، أعطى الفيروس -في الوقت نفسه- الدول فرصة لاستغلال التعافي الاقتصادي من كورونا في تمكين التحول للطاقة النظيفة.
وأظهر مسح مراقب قضايا الطاقة العالمية لعام 2021 الصادر مؤخرًا عن مجلس الطاقة العالمي، بين أكثر من 2500 شخصًا من قادة الطاقة في 108 دول، تغيّر جدول أعمال التحول في مجال الطاقة.
وجاءت نتائج هذا المسح اعتمادًا على جمع البيانات خلال الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2020، إضافة إلى نتائج سلسلة من ورش العمل الرقمية التي عُقدت خلال فبراير/شباط 2021.
وبحسب المسح، تغيرت تصوّرات قادة الطاقة للمخاطر والاحتمالات والأولويات بشكل جذري على مدار الـ12 شهرًا الماضية، كما أبدوا تركيزًا متزايدًا على الخطة الاجتماعية المرتبطة بتحوّل أسرع للطاقة.
تداعيات كورونا
كان الاضطراب الاقتصادي الناجم عن كوفيد-19 هو أكبر عامل مسبّب لعدم اليقين، حيث زادت الشكوك بشأن الاتجاهات الاقتصادية بمقدار الثلث مقارنة بالعام السابق، بحسب المسح.
وأدت أزمة كورونا إلى تحرّك عاجل في عملية تحوّل الطاقة، كاشفًا عن الضغوط الموجودة سابقًا، بما في ذلك القضايا الاجتماعية وتغيّر المناخ، إلى جانب انخفاض كبير في الاستثمار المرتبط بالطاقة.
وفي الاستجابة الأولية للوباء، اتخذت شركات الطاقة تدابير مالية، بما في ذلك إلغاء الوظائف، والتخفيضات في النفقات الرأسمالية، والتي كانت حادة بشكل خاص داخل شركات النفط والغاز الكبرى، فضلًا عن خفض النفقات التشغيلية.
وبحلول نهاية عام 2020، كانت هناك دلائل واضحة على أن التعافي الاقتصادي مستمر، لكن وتيرته لا تزال متفاوتة عبر المناطق الجغرافية والاقتصادات.
أوجه عدم اليقين
بحسب المسح، هيمنت الاتجاهات الاقتصادية على أوجه عدم اليقين، بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية ومخاطر الأمن السيبراني.
كما جاءت مخاوف إمدادات الطاقة ضمن خطة القادة العام الجاري، حيث توجد مخاوف على المدى الطويل بشأن استمرار هبوط الطلب على الخام، وكيف يمكن أن يتغير الاستهلاك بعد جائحة كورونا، خاصة من قبل الدول المنتجة.
وأصبح الحد من انبعاثات الكربون أيضًا ضمن أوجه عدم اليقين هذا العام، خاصة قبل مؤتمر المناخ المزمع عقده في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مع استمرار الدول في استخدام الأصول الهيدروكربونية الحالية خلال محاولتها تحقيق أهداف خفض الانبعاثات.
وبالنسبة للدول المنتجة، يمكن استخدام تقنيات الحدّ من الكربون مثل التقاط الكربون وتخزينه واستخدامه، لتمكين الاستخدام طويل الأجل للمحطات الحالية العاملة بالغاز الطبيعي والفحم.
ومع ذلك، يُعدّ التنفيذ البطيء حتى الآن في استخدام تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، عقبة أمام تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
ويرجع هذا إلى حدّ كبير للتكلفة الضخمة لتنفيذ وتشغيل هذه التقنية، إضافة إلى التحديات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتخزين الآمن لثاني أكسيد الكربون في باطن الأرض.
وتمثّل مخاطر العام الحالي تحولًا كبيرًا مقارنة مع مسح عام 2020، عندما تركزت أوجه عدم اليقين حول مخاطر الاقتصاد الكلي المرتبطة بتسعير السلع المتقلبة، فضلًا عن القضايا الجيوسياسية المرتبطة بالعلاقات التجارية المتوترة بين الولايات المتحدة والصين، وإحراز تقدّم في خطة الرقمنة، وقضايا المناخ.
أولويات قادة الطاقة
في حين إن أوجه عدم اليقين الكبيرة والمحددة في مسح هذا العام تأثّرت بشدة من تداعيات الوباء،كانت الطاقة المتجددة أولوية طويلة الأمد لدى قادة الطاقة.
وتعدّ كفاءة الطاقة أولوية أخرى على المدى الطويل، كما يوجد لدى العديد من الدول تطلعات سياسية طويلة الأجل لأنظمة الطاقة لديها، لتكون أكثر كفاءة، مع ربط هذه الجهود أيضًا بخططها الخاصة باقتصادات أقلّ كثافة للكربون.
ويُسلّط قادة الطاقة أيضًا الضوء على الأنماط الديموغرافية بوصفها أولوية عمل، على الرغم من أن هذا الأمر يختلف بشكل واضح بين الدول.
وفي الدول النامية مع ارتفاع عدد سكان الحضر والشباب، هناك حاجة ملحّة للنظر في كيفية تلبية الطلب المتزايد، في المقابل، يتوقع عدد من البلدان المتقدمة التي تشهد شيخوخة سكانية تفاقم الطلب الثابت أو المتناقص.
وكانت القدرة على تحمّل التكاليف مصدر قلق اقتصادي طويل الأمد، لا سيما بالنسبة للبلدان النامية، وفقًا للمسح.
فرصة للتحوّل
أدت زيادة إصابات كورونا وإعادة فرض القيود المرتبطة بها مجددًا إلى استمرار الضغط على الاقتصاد العالمي في عام 2021.
وهذا بدوره سيؤثر في تحوّل الطاقة، من خلال محدودية توافر رأس المال واستمرار انخفاض ثقة المستثمرين.
ومع ذلك، فإن الفرصة حاليًا تكمن في استغلال التعافي بعد الجائحة لمعالجة الاختلالات المجتمعية التي كشفها الوباء، وتمكين تحوّل أكثر شمولاً للطاقة النظيفة، وفقًا للمسح.
وفي جميع المناطق، يبدو أن هناك رغبة قوية في استخدام التعافي من الوباء أداة تمكين لتحوّل أفضل للطاقة، والذي سيُسهم في زيادة الوصول إلى الكهرباء، كما يشير المسح.
وفي السنوات الأخيرة، كان يُنظر إلى الهيدروجين على أنه وقود محتمل للمستقبل، لكنه لم يكن جاهزًا تمامًا للتنفيذ الاقتصادي.
ويبدو أن هذا العام سيكون نقطة تحوّل للهيدروجين، حيث يكتسب القبول بجزء واقعي محتمل من نظام الطاقة، حسب المسح.
ويأتي هذا التحوّل الرئيس نظرًا لقدرة الهيدروجين على إزالة الكربون من تلك القطاعات والاستخدامات التي يصعب تحويلها للاعتماد على الكهرباء بشكل خاص.
وأمام ذلك، تختلف وجهات النظر بشكل كبير بين الدول حول دور وإمكانات الهيدروجين، إذ ترى بعض الدول الغنية بأصول الهيدروكربونات أن الهيدروجين فرصة لمواصلة استخدام أصولها الحالية جنبًا إلى جنب مع تقنيات الحدّ من الانبعاثات نحو اقتصاد دائري للكربون.
في حين إن الدول النامية تبدو أقلّ اهتمامًا، إذ تركّز حاليًا على استكشاف كيفية استخدام الهيدروجين في أنظمة الطاقة الخاصة بها.
وبالنسبة لتلك البلدان التي لديها أهداف الحياد الكربوني، فإنها تنظر إلى الهيدروجين على أنه عامل تمكين رئيس، والذي بدوره يدفع العديد من الدول إلى البدء في تطوير معايير الهيدروجين المحلية.
اقرأ أيضًا..
- الكهرباء النظيفة.. الأرخص والأكثر فاعلية لإزالة الكربون عالميًا (تقرير)
- 15 تريليون دولار استثمارات مطلوبة لدفع التحول نحو الهيدروجي