منوعاتالتقاريرتقارير منوعةرئيسيةسلايدر الرئيسية

المعادن النادرة.. صراع أميركي صيني رغم أضرارها البيئية واستهلاك الطاقة

وواشنطن تحذر من الهيمنة الصينية على تلك السوق

حياة حسين

اقرأ في هذا المقال

  • المعادن النادرة ليست نادرة ولكن المشكلة في تنقيتها
  • الصين تهيمن على 80% من إنتاج المعادن النادرة و35% من الاحتياطي العالمي
  • البرازيل هيمنت مع الهند على الإنتاج حتى 1948 ثم أخذت الصين مكانهما
  • دراسة لمنظمة الصحة العالمية ترى ان المعادن النادرة تزيد فرص إصابة الأطفال بالسرطان
  • الاتجاه إلى الطاقة الخضراء يحتاج إلى زيادة إنتاج المعادن النادرة عدة أضعاف حتى 2050
  • تطوير مناجم المعادن النادرة قد يحتاج فترة لا تقل عن 10 سنوات وقد تصل إلى 20 سنة
  • تطوير المناجم يحتاج إلى استثمارات هائلة

لم يسمع كثير منا عن مصطلح المعادن النادرة إلا في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، عندما هدّدت الصين بقطع صادراتها من تلك المعادن عن واشنطن.

وربما لا يعرف كثير أن الحروب على المياه بين دول العالم قد بدأت، محققةً توقعات الخبراء الإستراتيجيين في وقت سابق، وقد يكون رقم 17 -الذي يشير إلى عدد المعادن النادرة على الكرة الأرضية- هو مركز الحروب في المستقبل.

تحذيرات متكررة

تُعدُّ التحذيرات المتكررة من وزارة الدفاع الأميركية من هيمنة الصين على سوق المعادن النادرة العالمية خير دليل على الصراع العالمي حول هذه المعادن.

ويبدو أن صعوبة استخلاص المعادن النادرة، وتعقيد عمليات إعادة تدويرها -في وقت يتجه فيه العالم إلى زيادة استهلاكه في ظل التغيّر المناحي والتحوّل إلى الطاقة الخضراء- سيكونان من التحديات الأخرى التي تقابل العالم في المستقبل القريب.

والمعادن النادرة تمثّل جزءًا رئيسًا من صناعات عديدة تقود الدول إلى الثورة الصناعية الرابعة، فهي ضرورية للصناعات الإلكترونية مثل الهواتف الذكية ومعدات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، وأيضًا الطائرات المقاتلة.

وتضم مجموعة المعادن 17 عنصرًا، وهي: "الغادولينيوم، واللانثانوم، والسيريوم، والبروميثيوم، والإربيوم، والديسبروسيوم، والأوروبيوم، والهولميوم، واللوتيتيوم، والنيوديميوم، والبراسيوديميوم، والسماريوم، والسكانديوم، والتربيوم، والثوليوم، والإيتربيوم، والإيتريوم".

والمعادن النادرة ليست نادرة مثل اسمها في حقيقة الأمر، كما يقول العالم في مختبر لورانس ليفرمور الوطني الأميركي في قسم العلوم النووية والكيميائية، غوثيير ديبلوند.

ويضيف أنه "يُنتج عالميًا نحو 250 ألف طن من المعادن النادرة، وإذا قارنا تلك الكميات بمعدن نادر بالفعل -مثل الذهب- فستعادل عدة أضعاف للكميات المُنتجة من المعدن الأصفر".

ويرى ديبلوند أن اسم المعادن النادرة "غير معبِّر إطلاقًا.. ربما تأتي الندرة من أن تلك المعادن الـ17 متشابهة جدًا؛ ما يعني أن فصلها وتنقيتها شديدا الصعوبة"، وفقًا لما نشره موقع "ماركت بليس".

الإنتاج العالمي

كانت البرازيل من المنتجين الأوائل لهذه المعادن حتى عام 1948، سيطرت مع الهند على سوقها، إلا أن الوضع تبدّل، وباتت الصين أكبر منتج للمعادن النادرة.

وتستحوذ الصين على 80% من سوقها حاليًا، وتتوزع النسبة الباقية بين الولايات المتحدة والبرازيل والهند وفيتنام وأستراليا وروسيا وماينمار، وأيضًا إندونيسيا، وفقًا لموقع "داون تو إيرث".

وحذّرت أكبر صحيفة صينية، الأربعاء الماضي، الولايات المتحدة من قطع صادرات البلاد من المعادن الأرضية النادرة، وهو بمثابة إجراء مضاد في المعركة التجارية المتصاعدة.

وقالت الصحيفة: "ننصح أميركا بعدم التقليل من قدرة الجانب الصيني على حماية حقوقه ومصالحه التنموية.. لا تقل إننا لم نحذرك!".

وكان آخر استخدام لعبارة "لا تقل إننا لم نحذرك" في الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني، وهي صحيفة الشعب اليومية في عام 1962 قبل الحرب الحدودية بين الصين والهند، وقبل حرب عام 1979 بين الصين وفيتنام.

أضرار المعادن النادرة

يسبّب استخراج المعادن النادرة وتعدينها أضرارًا بيئية، وتستخدم كميات هائلة من الطاقة، وتضخ انبعاثات الكربون في الهواء والسموم في التربة، فضلًا عن أن عددًا منها -مثل الباريوم والكادميوم- يسببان أضرارًا صحية للإنسان.

وكشف مسح -أجرته جامعة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية- عن آثار المخلفات الإلكترونية على صحة الأطفال، إذ تزيد فرص الإصابة بالسرطان وتوقف النمو والحروق الكيميائية.

إلا أن العالم يشهد حاليًا مبادرات من دول عديدة لتبني تكنولوجيا الطاقة المتجددة بسبب الطموحات البيئية.

وتُعدّ إعادة تدوير مخلفات المعدات التي تستخدم المعادن النادرة حلًا جيدًا، لكنه صعب التحقق، لأن هذه المواد يصعب تدويرها.

ودعا خبراء إلى ضرورة التعامل مع استخدام هذه المعادن، التي تشكّل جزءًا مهمًا من ثورة الطاقة المتجددة، بتدابير دقيقة وأنظف إذا كان العالم يتجه إلى حياة أكثر اخضرارًا وصديقة للبيئة.

مشروعات الطاقة المتجددة

يحتاج تطوير قطاع الطاقة إلى كميات كافية من معادن الأرض النادرة، خاصة النيوديميوم والتيربيوم والإنديوم والديسبروسيوم والبراسيوديميوم، وتُستخدم هذه المواد في إنتاج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.

ولكي يفي العالم بمتطلبات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المستهدفة في اتفاقية باريس للمناخ، يحتاج إلى زيادة توافر هذه المعادن بمقدار 12 ضعفًا بحلول عام 2050، وفقًا لدراسة حديثة عن الطلب على الكهرباء المتجددة في هولندا.

ونوهت الدراسة بأن متطلبات هولندا في الطاقة المتجددة فقط تحتاج إلى تلك الزيادة في المعادن النادرة، وإذا كان العالم يسير بوتيرة أمستردام نفسها، سيحتاج إلى نسبة النمو نفسها خلال المدة ذاتها.

كما أن النمو المتوقع الذي تستهدفه الدراسة يخص المعادن النادرة المطلوبة لقطاع الطاقة فقط، لكنّ هناك قطاعات أخرى ستتزايد متطلباتها من المعادن النادرة، مثل الأجهزة الإلكترونية والطائرات المقاتلة، حسبما أكدت الدراسة.

الدفاع الأميركي

الصراع الأميركي- الصيني -الذي كان واضحًا في أثناء حقبة الرئيس ترمب- لعبت فيه المعادن النادرة دورًا رئيسًا في التهديدات بين الطرفين، إذ إن استحواذ الصين على النسبة الأكبر من هذه المعادن لا يهدد قطاع الطاقة المتجددة فحسب، ولكن كل الصناعات الأخرى المعتمدة على تلك المعادن، بوصفها جزءًا رئيسًا من مكوناتها.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية ردّت على التهديد الصيني بمنع معادنها عن أكبر اقتصاد عالمي، بتقرير قدمته إلى الكونغرس، طالب واشنطن بمضاعفة جهودها لتقليل اعتمادها على بكين في هذا الشأن.

ويعكس موقف وزارة الدفاع الأميركية الخطر الذي تستشعره واشنطن من هيمنة الصين على سوق المعادن النادرة، وسط مناخ سياسي عالمي غير مستقر.

وعلى الرغم من وجود نقط ضوء بالنسبة إلى أميركا والدول الأوروبية المرتعدة من هيمنة الصين، حول وجود وفرة تلك المعادن في أراضيها، فإن الوقت الطويل الذي يستغرقه تطوير منجم للمعادن النادرة بين 10 و20 سنة.

كما قد تكون الاستثمارات الرأسمالية الهائلة عائقًا لتسرب هذا الضوء في نهاية النفق لتلك الدول.

الاحتياطي العالمي

وفقًا لمسح جيولوجي أميركي، فإن 35% من احتياطي العالم من المعادن النادرة موجود في التربة الصينية، إذ أنتجت بكين 120 ألف طن متري في 2018، وهو ما يعادل 70% من الإنتاج العالمي.

وأنتجت واشنطن 15 ألف طن متري فقط من المعادن النادرة في المدة ذاتها، ولدى الصين 44 مليون طن متري من الاحتياطيات الكلية مقابل 1.4 مليون طن متري فقط في أميركا.

وفي عام 2018 نوّهت وزارة الدفاع الأميركية -في تقرير- بالهيمنة الصينية عن المعادن النادرة، وسلّطت الضوء على "الخطر المتوقع من تفاعل سياسات الصين الاقتصادية العدوانية بقيادة إستراتيجياتها الصناعية مع فجوات صناعة الدفاع الأميركية".

وكان ترمب قد أصدر الأمر التنفيذي رقم 13817، الذي يوجّه الحكومة إلى تبني إستراتيجية للمواد المهمة، ونتيجة لذلك، قدّمت وزارة الدفاع منحًا بقيمة عشرات الملايين من الدولارات، للمساعدة في جلب القدرة على المعالجة إلى الولايات المتحدة.

وفي العام الماضي، أمر الكونغرس وزارة الدفاع بعدم الاعتماد على أي مصدر صيني في سلسلة إمداد الدفاع الوطني للمغناطيسات الأرضية النادرة.

ومؤخرًا تسعى أميركا على المستويين الحكومي والقطاع الخاص لتطوير تكنولوجيا فصل المعادن النادرة.

وأعادت شركة "أم ماتريالز" تشغيل المنجم الوحيد للمعادن النادرة في الولايات المتحدة في كاليفورنيا عام 2017، بعد إفلاس المالك السابق، وهو شركة "مولي كورب" قبل ذلك بعدة سنوات.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، جيمس ليتينسكي: "إن المنجم يمكنه تغطية جميع احتياجات الأرض النادرة للجيش الأميركي، وهم يطورون مصنع معالجة لتنقية أهم العناصر الأرضية النادرة المطلوبة للسيارات الكهربائية.. المطلب العسكري هو رقم واحد، لكنّ الطلب الأكبر سيكون لتوفير الكهرباء الخضراء التي تحمي المناخ".

اقرأ أيضا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق