المنظمة العالمية للأرصاد تدق ناقوس الخطر: التغير المناخي مستمر لعقود
بعد أن ارتفعت درجات حرارة الأرض 1.2 درجة خلال 2020
حياة حسين
- من 2011 إلى 2020 أحر عقد مُسّجل على الإطلاق
- 2020 كانت من أحر 3 سنوات مُسجلة
- هطول أمطار غزيرة وموجات جفاف وحرائق من ظواهر التردي المناخي
- استمرار زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري
- كوفيد-19 ساهم مع تردي المناخ في تهديد الأمن الغذائي
كشف تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن زيادة حرارة الأرض في 2020 بنحو 1.2 درجة مئوية عن مستواها قبل عصر الثورة الصناعية (1850-1900)، ما جعل العام الماضي بين أحرّ 3 سنوات مسجلة على الإطلاق.
ويوثّق التقرير حالة المناخ العالمي في 2020 من خلال عدة مؤشرات، بما فيها تركيزات غازات الاحتباس الحراري، وزيادة درجات الحرارة في البر والمحيطات، وارتفاع مستوى سطح البحر، وذوبان الجليد وتراجع الأنهار الجليدية، والطقس المتطرف.
وتُعد السنوات الـ6 الأخيرة -منذ عام 2015- أحر السنوات المسجَّلة على الإطلاق، وفقًا للتقرير، كما كان العقد الممتد من عام 2011 إلى عام 2020 أحر عقد مسجَّل على الإطلاق.
اتجاه سلبي مستمر
قال الأمين العام للمنظمة، بيتيري تالاس، إن "الاتجاه السلبي للمناخ سيستمر على مدى العقود المقبلة، بغض النظر عن نجاحنا في التخفيف من حدة تغيّر المناخ، لذلك فمن المهم الاستثمار في التكيف، وأقوى طرق التكيف الاستثمار في خدمات الإنذار المبكر وشبكات مراقبة الطقس".
ورصد التقرير ظواهر الاتجاه السلبي للمناخ في عدة نقاط، أولها استمرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري الرئيسة في الزيادة خلال عامَي 2019 و2020.
وتجاوز المتوسط العالمي للكسور الجزيئية لغاز ثاني أكسيد الكربون 410 أجزاء في المليون، وربما يتخطى 414 جزءاً في المليون مع نهاية العام الجاري، إذا واصل الاتجاه نفسه.
ورغم أن التباطؤ الاقتصادي في 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، قد أدى إلى خفض مؤقت في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإنه لم يكن له أي تأثير ملحوظ في تركيزات الغلاف الجوي، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
حرارة المحيطات
تمتص المحيطات نحو 23% من الانبعاثات السنوية البشرية المنشأ لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما يساعد في التخفيف من آثار تغيّر المناخ.
ومع ذلك، يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع مياه البحر، ما يقلل من درجة الحموضة ويؤدي إلى تحمض المحيطات، وبدوره يخفّض قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
ووفقًا للجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات، استمر تحمض المحيطات وتناقص الأكسجين فيها، ما أضر بالنظم الإيكولوجية والحياة البحرية ومصائد الأسماك.
كما تمتص المحيطات أكثر من 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن الأنشطة البشرية.
ووفقًا لمرفق كوبرنيكوس البحري -التابع للاتحاد الأوروبي- كان معدل ارتفاع درجة حرارة المحيطات خلال العقد الماضي أعلى من المتوسط طويل الأجل.
كما ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر منذ عام 1993، وزاد ارتفاعًا بمعدل أعلى مؤخرًا؛ بسبب ارتفاع ذوبان الصفائح الجليدية -جزئيًا- في غرينلاند وأنتاركتيكا، وفقًا للتقرير.
ذوبان الجليد
قال تقرير المنظمة العالمية للأرصاد إنه منذ منتصف الثمانينات ارتفعت درجات حرارة الهواء السطحي في منطقة القطب الشمالي أسرع من المتوسط العالمي، بمقدار الضعفين على الأقل.
وتوقع التقرير أن تكون لذلك عواقب جسيمة على النظم الإيكولوجية في منطقة القطب الشمالي، فضلًا عن المناخ العالمي؛ بسبب الآثار المتبادلة المتنوعة مثل ذوبان التربة الصقيعية التي تطلق غاز الميثان في الغلاف الجوي.
ورُصدت درجات قياسية من تقلُّص رقعة الجليد البحري في شهرَي يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين.
وأدت درجات الحرارة المرتفعة القياسية في شمال الدائرة القطبية الشمالية في سيبيريا إلى تسارع ذوبان الجليد البحري في بحري سيبيريا الشرقي ولابتيف، اللذين شهدا موجة حرارة بحرية مطولة.
وكان تراجع الجليد البحري في بحر لابتيف -خلال صيف عام 2020- أول تراجع يُرصد في عصر السواتل.
واستمر فقدان كتلة الغطاء الجليدي لغرينلاند، وعلى الرغم من أن توازن الكتلة السطحية كان قريبًا من المتوسط الطويل الأجل، فقد كان فقدان الجليد بسبب انفصال الجبال الجليدية أقرب إلى أعلى مستوى سجلته السواتل على مدى 40 عاماً؛ إذ فُقد نحو 152 غيغاطن من الغطاء الجليدي في غرينلاند بين شهرَي سبتمبر/أيلول 2019 وأغسطس/آب 2020.
أمطار غزيرة وجفاف
هطلت أمطار غزيرة وفيضانات واسعة النطاق على أجزاء كبيرة من أفريقيا وآسيا في عام 2020، ما أدّى إلى تفشي الجراد الصحراوي، إثر الجفاف الشديد على أجزاء عديدة من المناطق الداخلية من أمريكا الجنوبية، مُسببة خسائر زراعية بقيمة 3 مليارات دولار أميركي في البرازيل، وخسائر إضافية في الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي.
وكانت درجات الحرارة في جزء كبير من المنطقة القطبية الشمالية السيبيرية أعلى من المتوسط بأكثر من 3 درجات مئوية، العام الماضي، مع تسجيل درجة حرارة قياسية بلغت 38 درجة مئوية في بلدة فيرخويانسك. ورافقت ذلك حرائق غابات مطولة وواسعة النطاق.
وفي الولايات المتحدة، اندلع أكبر حريق سُجّل على الإطلاق في أواخر الصيف والخريف.
وحطّمت أستراليا -بحسب تقرير المنظمة العالمية للأرصاد- الأرقام القياسية للحرارة في أوائل عام 2020، بما في ذلك أعلى درجة حرارة مرصودة في المناطق الحضرية الأسترالية في غرب سيدني، عندما وصلت في مدينة بنريث إلى 48.9 درجة مئوية.
وقال التقرير إن تلك الظواهر تحالفت مع "كوفيد-19" العام الماضي ضد الأمن الغذائي لعشرات الملايين من سكان الكرة الأرضية.
"كوفيد-19" وأزمة المناخ
أضاف تقرير المنظمة العالمية أن الركود العالمي الحالي الناجم عن جائحة كوفيد-19 -وفقًا لصندوق النقد الدولي- قد يجعل من الصعب وضع السياسات اللازمة للتخفيف من آثار تغير المناخ، ولكنه يتيح فرصًا لوضع الاقتصاد على مسار أكثر اخضرارًا.
ويمكن لسياسات التكيف الرامية إلى تعزيز القدرة على التكيف مع تغيّر المناخ -مثل الاستثمار في البنى التحتية الأساسية المقاومة للكوارث ونظم الإنذار المبكر، وتقاسم المخاطر من خلال الأسواق المالية، وتطوير شبكات السلامة الاجتماعية- أن تحدَّ من أثر الصدمات المتصلة بالطقس وتساعد الاقتصاد على التعافي بشكل أسرع.
اقرأ أيضًا..
- قمة المناخ الافتراضية.. هل تثبت أميركا جدّيتها أمام العالم؟
-
رئيس مؤتمر المناخ: المملكة المتحدة تقود الثورة الصناعية الخضراء