مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا يهدد الحياد الكربوني
يتسبب في إطلاق 34.3 مليون طن من الكربون في الغلاف الجوي سنويًا
دينا قدري
- من المتوقع أن يصل خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا إلى قرار الاستثمار النهائي، بحلول نهاية شهر مارس/آذار 2021
- انخفضت قيمة احتياطيات النفط في أوغندا بالفعل بنسبة 70% تقريبًا منذ عام 2013
- الحكومة التنزانية ستحصل على 240 مليون دولار فقط من المشروع بعد بنائه
- المشروع يخاطر بدفع شرق أفريقيا إلى المزيد من الديون غير المستدامة
- منطقة شرق أفريقيا تحتاج إلى التركيز على الانتقال العادل إلى الطاقة المتجددة
- سينتج عن المشروع تهجير مادي للمجتمعات المحلية وتلويث موارد المياه
- المستقبل يحتاج إلى مصارف ملتزمة بسياسة استبعاد الوقود الأحفوري
- المشروع سيخلق عددًا من فرص العمل، ولكن المجتمعات المحلية لا تستفيد منها على نحو كبير
من المتوقع أن يصل خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا إلى قرار الاستثمار النهائي بنهاية شهر مارس/آذار الجاري، في خطوة من شأنها أن تتسبب في إطلاق 34.3 مليون طن من الكربون في الغلاف الجوي سنويًا.
يأتي ذلك في وقت يهدف فيه العالم بأسره إلى البقاء ضمن الدرجة المُوصى بها عند 1.5 درجة مئوية، والالتزام بمبادئ اتفاقية باريس للمناخ.
أرباح غير مجدية
من المفترض أن يمتد خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا بطول 1445 كيلومترًا، لينقل النفط الخام من أوغندا إلى ميناء تانغا التنزاني، ما يجعله بمثابة أطول خطوط أنابيب النفط الخام الثقيل المعالج حراريًا في العالم.
يُوصف خط الأنابيب بأنه المشروع الذي سيفتح مستقبل شرق أفريقيا من خلال نقل نفط أوغندا إلى بقية العالم، حيث من المفترض أن يؤدي إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر لكلا البلدين بأكثر من 60% خلال مرحلة البناء.
على العكس من ذلك، انخفضت قيمة احتياطيات النفط في أوغندا بنسبة 70% تقريبًا منذ عام 2013.
ومن المتوقع أن تنخفض هذه القيمة أكثر مع انتقال العالم إلى اقتصاد منخفض الكربون، بحسب ما نقلته منصة "إي إس أي أفريكا".
وقدّر تقييم الأثر البيئي والاجتماعي في تنزانيا، أن الحكومة ستحصل على 240 مليون دولار فقط من المشروع بعد بنائه، ما يعادل حفنة قليلة من الأموال مقارنةً بالآثار البيئية والاجتماعية التي يتعيّن عليها مواجهتها.
ديون متوقعة
من المتوقع أن يرتفع الدين العام إلى 54.1% بحلول عام 2023 في أوغندا، ومن ثم فإن مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا يخاطر بدفع شرق أفريقيا إلى المزيد من الديون غير المستدامة، على أمل جني أرباح ضئيلة، حيث إن الكيانات الوحيدة المستفادة هي شركات النفط الأجنبية مثل توتال.
ولا ينبغي لأيّ حكومة أن تتحمّل مثل هذه المخاطر الاقتصادية الرهيبة، وأن تدفع حياة مواطنيها الذين يكافحون بالفعل إلى فقر أعمق.
لا تحتاج منطقة شرق أفريقيا إلى النفط أو أيّ نوع من أنواع الوقود الأحفوري لفتح آفاق مستقبلها، خاصةً عندما تكون هناك مصادر بديلة للطاقة قابلة للحياة وبأسعار معقولة ونظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي مصادر متجددة ولديها آفاق أفضل عندما يتعلق الأمر بفرص العمل طويلة الأجل.
ولكن، تحتاج شرق أفريقيا إلى التركيز على الانتقال العادل إلى الطاقة المتجددة التي تضمن الانتشار الواسع لملايين الوظائف النظيفة.
أضرار المشروع
سينتج عن المشروع تهجير مادي للمجتمعات المحلية من أراضي أجدادهم وأراضيهم الجماعية، ومن المتوقع أن يؤثّر برنامج خط الأنابيب بشكل مباشر على ما يقرب من 14 ألف أسرة في تنزانيا وأوغندا، ما يؤدي إلى فقدان الدخل وسبل العيش.
علاوة على ذلك، فإن خط الأنابيب يهدّد بتلويث موارد المياه التي يعتمد عليها أكثر من 40 مليون شخص في 9 دول، في انتهاك غير مقبول لحقوق الإنسان.
بعيدًا عن تدمير حياة الناس، سيمزق خط الأنابيب بعض أهمّ البيئات في العالم، التي تُعدّ موطنًا للأنواع المهددة بالانقراض، ما يدفعها إلى الانقراض أكثر من أيّ وقت مضى.
بنك ستاندرد يتحمّل المسؤولية
يعدّ بنك ستاندرد في جنوب أفريقيا وشركة سوميتومو ميتسوي المصرفية اليابانية والبنك الصناعي والتجاري الصيني، من بين المستشارين الماليين الرئيسيين الذين يعتزمون توفير 3.5 مليار دولار أميركي لتمويل المشروع.
في بيان ضمن تحقيق أجرته صحيفة "ديلي مونيتور" الأوغندية، زعم بنك ستاندرد أنه أوقف دعمه المالي للمشروع في انتظار تقييم الأثر البيئي والاجتماعي المستقل.
ومع ذلك، فإن هذا الإجراء يُعدّ اعتياديًا، حيث يبدو أن بنك ستاندرد يُلقي الضوء على عملية التحقق الخاصة به، دون أدنى اهتمام بدعوة العديد من منظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية لسحب دعمه لمثل هذا المشروع واسع الضرر.
من خلال لعب دور استشاري ودون التزام واضح بسحب دعمه المالي من مشروع خطوط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا، سيغذّي بنك ستاندرد تحويل مليارات الدولارات من الخزائن العامّة إلى جيوب عدد من مؤيّدي الوقود الأحفوري.
يتحمّل المصرف مسؤولية رعاية الناس والأرض ضمن قيادة مسار جديد لأفريقيا من خلال تحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة التي ستضمن الوصول إلى طاقة أرخص وأنظف في جميع أنحاء أفريقيا، مع خلق فرص عمل لملايين الشباب في جميع أنحاء القارّة.
في الوقت الذي احتجّ فيه الملايين من مقدّمي الالتماسات ضد خطوط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا، يتعيّن على بنك ستاندرد أن يسير على خطى بنك باركليز وكريديه سويس، اللذين التزما علنًا بعدم تمويل مشروع خط أنابيب النفط الخام لشرق أفريقيا الكارثي.
فالمستقبل يحتاج إلى مصارف ملتزمة بسياسة استبعاد الوقود الأحفوري وخطة استثمار تفتح مستقبل أفريقيا باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100%.
فرص عمل ولكن..
زعم مؤيّدو خط الأنابيب أن المشروع سيخلق فرص عمل قصيرة الأجل للمهنيين ذوي المهارات العالية وشبه المهرة، بالإضافة إلى العمّال العرضيين، على مدار فترة تتراوح من 2-3 سنوات.
تشير التقديرات إلى خلق 10 آلاف فرصة عمل خلال مرحلة البناء، ما يعزّز دخل الأسر على طول خط الأنابيب.
ومع ذلك، ما شهدناه في أوغندا وتنزانيا ودول شرق أفريقيا الأخرى، عادةً ما يُخَصَّص عدد قليل جدًا من الوظائف للمجتمع المحلي، ما يجعلهم أكثر ضعفًا وحرمانًا من حقوقهم.
اقرأ أيضًا..
- ضغوط على المصارف العالمية لوقف تمويل مشروع أنابيب النفط في شرق أفريقيا
- نزاع قانوني يعرقل مشروع خطّ أنابيب شرق أفريقيا للنفط
- عكس الاتجاه.. زيادة في تمويل المصارف لمشروعات الوقود الأحفوري خلال 2020