السعودية تعلن عن مبادرتين لمكافحة التغير المناخي والتصحّر
قالت المملكة العربية السعودية، إن ولي العهد أعلن عن مبادرتين لمكافحة التغير المناخي والتصحر وحماية البيئة، وذلك لخفض الانبعاثات الكربونية وزراعة مليارات الأشجار داخل المملكة وفي منطقة الشرق الأوسط خلال العقود القادمة.
وقال الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء: إن "مبادرة السعودية الخضراء"، و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" اللتين سيجري إطلاقهما قريبًا، سترسمان توجّه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعهما في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية.
وأضاف ولي العهد: "إنه بصفتنا منتجًا عالميًا رائدًا للنفط، ندرك تمامًا نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وإنه مثل ما تمثّل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة".
تحديات بيئية
أوضح ولي العهد أن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكّل تهديدًا اقتصاديًّا للمنطقة (حيث يُقدَّر أن 13 مليار دولار تستنزف من العواصف الرملية في المنطقة كل سنة)، كما إن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري يقدّر أنه قلّص متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف سنة.
وقال: "سنعمل من خلال مبادرة السعودية الخضراء على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية".
10 مليارات شجرة
بيّن الأمير أن ذلك سيتضمن عددًا من المبادرات الطموحة، من أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.
ويعني ذلك زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفًا، تمثّل مساهمة المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحدّ من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1% من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة. وفقًا لما أعلنه ولي العهد.
كما سيجري العمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة أراضيها التي تُقدَّر بـ 600 ألف كيلو متر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17% من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية.
السعودية الخضراء
قال ولي العهد، إن مبادرة السعودية الخضراء ستعمل كذلك على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من المساهمات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94%.
وأوضح أن المملكة مصممة على إحداث تأثير عالمي دائم، وانطلاقًا من دورها الريادي ستبدأ العمل على مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع الأشقاء في دول الشرق الأوسط لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط.
وبيّن أن البرنامج يهدف لزراعة 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وهو ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل (ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع).
ولفت إلى أن هذا المشروع سيعمل على استعادة مساحة تعادل (200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، مما يمثّل 5% من الهدف العالمي لزراعة 1 تريليون شجرة ويحقق تخفيض بنسبة 2.5%) من معدلات الكربون العالمية.
الطاقة النظيفة
أوضح ولي العهد أن حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لا تتجاوز اليوم 7%، وأن التقنيات التي تُستخدم في إنتاج النفط في المنطقة ليست ذات كفاءة، وستعمل السعودية مع هذه الدول على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات، مما سيسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%.
وأضاف أن هذه الجهود المشتركة ستحقق تخفيضًا في الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10% من المساهمات العالمية.
وقال، إن هاتين المبادرتين تأتيان تعزيزًا للجهود البيئية القائمة في المملكة خلال السنوات السابقة، وفق رؤية 2030، نظير رغبة المملكة الجادّة بمواجهة ما عانته من تحديات بيئية تمثّلت في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحّر، وضمن جهودها لتعزيز الصحة العامّة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها.
وأوضح أن المملكة "قامت بإعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي في عام 2019، ورفع نسبة تغطية المحميات الطبيعية من 4% إلى ما يزيد على 14% وزيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة 40% خلال الأربع سنوات الماضية، كما تمكّنت المملكة من الوصول لأفضل مستوى الانبعاثات الكربونية للدول المنتجة للنفط، وغيرها من المبادرات التي بدأت على أرض الواقع، وحققت نتائج إيجابية ملموسة في الوضع البيئي العامّ".
حماية كوكب الأرض
كما أشار ولي العهد أن هاتين المبادرتين تأتيان كذلك انطلاقًا من دور المملكة الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، واستكمالًا لجهودها لحماية كوكب الأرض خلال فترة ترؤسها مؤتمر مجموعة العشرين العام الماضي، الذي نتج عنه إصدار إعلان خاص حول البيئة وتبنّي مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة بالبيئة، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحدّ من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية.
واختتم ولي العهد حديثه قائلًا: "أنا فخور بالإعلان عن مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وهذه مجرد البداية. تحتاج المملكة والمنطقة والعالم أجمع إلى المضي قدمًا وبخطى متسارعة في مكافحة التغيّر المناخي. وبالنظر إلى الوضع الراهن، لم يكن بدء هذه الرحلة نحو مستقبل أكثر خضرة أمرًا سهلاً. ولكن تماشيًا مع رؤيتنا التطويرية الشاملة، فإننا لا نتجنّب الخيارات الصعبة، نرفض الاختيار المضلل بين الحفاظ على الاقتصاد أو حماية البيئة، نؤمن أن العمل لمكافحة التغير المناخي يعزز القدرة التنافسية، ويطلق شرارة الابتكار، ويخلق الملايين من الوظائف".
وأضاف قائلًا: "يطالب اليوم الجيل الصاعد في المملكة وفي العالم، بمستقبل نظيف وأكثر استدامةً، ونحن مدينون لهم بتقديم ذلك، وبهذا الصدد ستعمل المملكة مع كلّ شركائها الدوليين من منظمات ودول لتطوير هاتين المبادرتين وما يندرج ضمنهما من مبادرات والجداول الزمنية لتحقيقهما".
وبيّن أنه سيُعلَن عن تفاصيل مبادرة السعودية الخضراء خلال الأشهر القليلة القادمة، و سيجريالعمل على إطلاق تجمّع إقليمي بحضور الشركاء الدوليين لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في الربع الثاني من العام المقبل.
اقرأ أيضًا..
- مشروع سعودي لإحلال الطاقة الشمسية والغاز بدلًا من النفط (فيديو)
- رئيس نيوم: المدينة ستكون رائدة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر
- ولي العهد السعودي: سنواصل دعم استقرار إمدادات الطاقة