التلاعب في محطات الوقود يخرج عن سيطرة السلطات البرازيلية
الأعمال غير المشروعة تقدر بـ 4.15 مليار دولار
آية إبراهيم
تشهد محطات الوقود في البرازيل العديد من الأعمال غير المشروعة، بما في ذلك التلاعب والغش، وهي أعمال تدر دخلا كبيرًا لعصابات المافيا التي تخرج عن سيطرة السلطات.
ويعمل الكثير من أصحاب الأعمال غير المشروعة تحت اسم شركات كبرى -مثل بتروبراس ديستريبويدورا "بي آر" التابعة لعملاق النفط البرازيلي بتروبراس- وتعد أكبر موزع ومسوق لمشتقات النفط والوقود الحيوي في البرازيل وأمريكا اللاتينية، وتوجد محطاتها التي تصل إلى 34 ألف في غالبية المدن الكبرى والنجوع على حد سواء.
وقال متحدث باسم شركة "بي آر" في تصريحات صحفية، إن الشركة طردت المئات من أصحاب الامتياز المستقلين من شبكتها بسبب "مخالفات" مزعومة، بما في ذلك التهرب الضريبي للوقود والتحايل على العملاء بالبنزين المغشوش.
ولا تأتي جهود بي آر لتطهير شبكة البيع بالتجزئة الخاصة بها من المحتالين المزعومين بشكل كافٍ، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
الخضوع للمحاكمة
قالت بتروبراس ديستريبويدورا: إنها جردت اسمها من 730 منفذًا، أي ما يقرب من 10% من شبكتها البرازيلية في ذلك الوقت، لكن مجرمين آخرين مشتبه بهم يواصلون تشغيل محطات بي آر.
وعلى سبيل المثال: تم توجيه الاتهام إلى أحد أصحاب الامتياز الرئيسيين في ولاية ريو دي جانيرو من قبل المدعين العامين 12 مرة على الأقل، بارتكاب جرائم متعلقة بالوقود على مدار الأعوام الـ15 الماضية.
ويخضع حاليًا للمحاكمة بسبب مشاركته المزعومة في عصابة تهريب وقود، وفقًا لوثائق المحكمة، ولكن لم تتم إدانته في أي من القضايا التي نظرت فيها.
وضع "بي آر" ليس فريدًا، فقد تسلل المحتالون إلى أكبر 4 سلاسل للبنزين في البرازيل، حيث يسيطرون على مئات المحطات، إن لم يكن الآلاف من المحطات، وفقًا لمسؤولي الصناعة وإنفاذ القانون.
السلطات تفقد السيطرة
أوضح تقرير وكالة رويترز أن المحتالين يبيعون البنزين المسروق ومضخات الحفارات للعملاء على مرمى البصر، بالمبلغ الكامل الذي دفعوه.
وتكثر الجرائم -أيضًا- حيث يستخدم بعض رواد الأعمال مراكزهم لغسل الأموال لعصابات مثل فيرست كابيتال كوماند -أكبر جماعة إجرامية منظمة في أمريكا الجنوبية، وكذلك عصابة "الميليشيات"- وهي مؤسسات إجرامية عنيفة مكونة جزئيًا من رجال شرطة متقاعدين.
المكاسب غير المشروعة
في جنوب البرازيل، يواجه مالك محطة محاكمة بتهمة قتل رئيس هيئة مراقبة الصناعة التي كانت تحقق في الاحتيال المشتبه به في عمليات رجل الأعمال عام 2017.
وتبلغ المكاسب غير المشروعة في المضخات البرازيلية 23 مليار ريال (4.15 مليار دولار أميركي) سنويًا، وفقًا لتقديرات شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من معهد كومبستيفيل ليغال (آي سي إل)، وهي مجموعة صناعية تأسست العام الماضي لمكافحة الاحتيال.
وألقى الرئيس البرازيلي غايير بولسونارو باللوم على مالكي محطات الوقود متجردي الضمير، في خداع الخزينة وخداع سائقي السيارات وسط الغضب الشعبي من الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود.
وقال بولسونارو خلال بث مباشر على العديد من منصات التواصل الاجتماعي في فبراير/شباط: "إنه عمل بقيمة المليارات".
محاولات الموزعين للمقاومة
أقر أكبر موزعي الوقود في البرازيل من حيث الحصة السوقية -بي آر وأيبريناغا ورايزن وألي- بمواجهة الجهات المسؤولة السيئة في منافذ البيع بالتجزئة، وكلها مملوكة لأصحاب الامتياز المستقلين، حيث تمثل الشركات الـ4 نحو نصف محطات الوقود في البرازيل.
وقال الموزعون إنهم يعملون بجد لمحاسبة المحتالين، ويقدمون معلومات حول سوء السلوك المزعوم للشرطة، والمدعين العامين والمنظمين.
وأوضحت بيانات صادرة عن هيئة تنظيم النفط في البرازيل، أن هذه الشركات ترتبط ببعض أكبر الأسماء في صناعة النفط مثل رايزن كومبيستيفس إس إيه -مشروع مشترك بين رويال داتش شل ومنتج الإيثانول المحلي كوزان إس إيه- التي تشرف على ما يقرب من 5 آلاف محطة وقود تحمل علامة شل التجارية في البرازيل.
تأخر العقاب
قال مسؤولون في الصناعة، إن الدعاوى القضائية التي تهدف إلى تجريد المخالفين المزعومين من امتيازاتهم قد تستغرق سنوات لشق طريقها عبر نظام المحاكم في البرازيل، كما أن عمليات التطهير الدورية يمكن أن تتطور إلى حد العنف، حيث يجد المحتالون طرقًا للسيطرة على المحطات الأخرى؛ ما يجعل وضع صناعة الوقود سيء للغاية.
كما لا توجد وكالة حكومية تتعقب عدد محطات الوقود المرتبطة بالمجرمين المدانين أو المشتبه بهم في البرازيل، وأظهرت سجلات المحكمة أن ولاية ريو دي جانيرو بؤرة لهذا النشاط غير المشروع طبقًا للسلطات.
وهناك 20 من أصحاب المحطات وُجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم متعلقة بالوقود منذ عام 2015 بشكل جماعي، يمتلكون 101 محطة وقود، أي نحو 4% من جميع منافذ بيع الوقود بالتجزئة في ولاية ريو.
وكان معظم المالكين مرتبطين بجماعات إجرامية منظمة، وفقًا للمدعين العامين ووثائق المحكمة التي قدموها في قضايا جنائية مختلفة.
القانون البرازيلي
ينص القانون البرازيلي على أن محطات الوقود بالتجزئة لا يمكن أن تكون مملوكة لمنتجي النفط أو الموزعين، وبدلاً من ذلك، يجب أن تكون مملوكة لأطراف ثالثة مستقلة -عادةً أفراد- يتمتعون بحرية شراء وبيع المحطات فيما بينهم.
في حين أن اتفاقيات الامتياز عادةً ما تمنح الموزعين الحق في الموافقة على هذه المعاملات، إلا أن مثل هذه المبيعات تخلق مع ذلك بابًا خلفيًا يمكن من خلاله للجهات الفاعلة الشراء في سلاسل معروفة جيدًا من خلال التعامل مباشرة مع مالكي المحطات.
وفي بعض الحالات، على الرغم من الشروط التعاقدية التي تحظر ذلك، يمكن تغيير الملكية دون الحصول على موافقة الشركة.
اقرأ أيضًا..
- البرازيل تستجيب لضغوط النقابات وتوقف ضريبة الديزل
- أسهم بتروبراس تقود بورصة البرازيل لتسجيل أكبر خسارة خلال عام