العقوبات الأميركية على فنزويلا.. عجز الديزل يتسبب في تراجع الإنتاج الزراعي
ومبادرة من القطاع الخاص لحلّ مشكلات إمدادات الوقود
آية إبراهيم
تسبّبت العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا بتراجع كبير في الإنتاج الزراعي، لعدم توفر الوقود اللازم لعمل المعدّات الزراعية، وهو ما دفع غرفة الأعمال الفنزويلية إلى تقديم مقترحات من أجل الترويج لمصافي تكرير القطاع الخاص لحلّ مشكلات إمدادات الوقود.
قالت غرفة الزراعة الفنزويلية، إن تفاقم عجز الديزل في البلاد كان له "تأثير مدمّر" في إنتاج الذرة والأرز والذرة الرفيعة وغيرها من الحبوب والبذور الزيتية.
وأوضح عضو مجلس إدارة الغرفة الزراعية، رامون بولوتين، أن القطاع الزراعي يتلقّى أقلّ من 20% من إمدادات الديزل اللازمة لتشغيل معدات الحصاد والشاحنات، التي تنقل الحبوب إلى مراكز المعالجة الصناعية الزراعية ومراكز السوق، وفقًا لما أوردته وكالة آرغوس ميديا المتخصصة بشؤون الطاقة.
العقوبات الأميركية على فنزويلا
كان الديزل متاحًا على نطاق واسع، حتى وقت قريب في فنزويلا، مقارنةً بالبنزين الذي يصعب العثور عليه، بسبب استثناء من العقوبات الأميركية، سمح للشركات غير الأميركية بمبادلة النفط الخام الفنزويلي بالديزل مع شركة بتروليوس دي فنزويلا "بي دي في"، قبل أن تلغي الإدارة الأميركية السابقة الاستثناء، نهاية العام الماضي.
حتى قبل وقف المقايضات، كانت الحكومة الفنزويلية تعطي الأولوية لتوزيع الديزل في المناطق الحضرية، وتوليد الطاقة الحرارية على حساب النشاط الزراعي.
وتؤكد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، أن العقوبات الأميركية خلقت العديد من المصاعب من خلال إعاقة صادرات النفط وواردات المنتجات النفطية، وقطع الغيار لمصافي التكرير التابعة لشركة النفط الحكومية.
نقص الديزل
قال رئيس الغرفة الزراعية الفنزويلية، أكويلز هوبكنز: "إن عام 2020 كان عامًا مأساويًا للإنتاج الزراعي المتدهور في فنزويلا ، لكن نقص الوقود، هذا العام، زاد من تعقيد الوضع الذي يواجهه المزارعون".
وتنتج شركة النفط الفنزويلية البنزين والديزل بشكل لا يكفي متطلبات السوق، كما إن إمدادها من الديزل يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، قد يؤدي إلى إتلاف بعض المعدّات التي تعمل على درجة منخفضة من الكبريت.
معدل الطلب
قال أحد مسؤولي وزارة النفط لـ"آرغوس ميديا"، إن حاجة فنزويلا تُقدَّر بما لا يقلّ عن 110 ألف برميل يوميًا من البنزين و100 ألف برميل يوميًا من الديزل، للحفاظ على الحدّ الأدنى من الكميات المطلوبة للاقتصاد، للعمل بدرجة معقولة من الحياة الطبيعية.
فشل توقعات زيادة الإنتاج الزراعي
في دورة الحصاد الأخيرة من مايو/أيار إلى نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، أنتجت فنزويلا 480 ألف طن من الذرة البيضاء والصفراء معًا، أي نحو 12% من الطلب الوطني التقديري، لكن المحصول تجاوز توقعات (فيديجرو) البالغة 350 ألف طن، ما أثار الآمال بين بعض المنتجين بتحقيق مزيد من النمو، في عام 2021.
استندت التوقعات إلى تأكيدات الحكومة و"بي دي في"، بأن الشركة ستتقدم في إصلاح مصافيها، لكن أنشطة الإصلاح المستمرة لشركة تنتج فقط نحو 50 ألف برميل يوميًا من البنزين، و40 ألف برميل يوميًا من الديزل، ليست مجدية.
وقالت الغرفة الزراعية، إن نقص الديزل هو التحدّي الرئيس الذي يواجه المزارعين، إلّا إن المشكلات الهيكلية الأخرى تشمل عدم استقرار إمدادات الكهرباء، ونقص البذور عالية الجودة.
الترويج لمصافي القطاع الخاص
من جانبها، تقوم غرفة الأعمال الفنزويلية، بالترويج لمصافي التكرير المعيارية للقطاع الخاص، لتجديد إمدادات الوقود.
وتمثّل المبادرة التي طرحتها غرفة النفط الفنزويلية "سي بي في"، إحدى المقترحات التي قدّمتها غرفة الأعمال الفنزويلية، هذا الأسبوع، بجزء من التقارب المبدئي مع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
صيغت الوثيقة، التي تحمل عنوان "مقترحات اللجنة الخاصة للحوار الوطني والمصالحة"، بعد اجتماع كبار مسؤولي الغرفة، مع رئيس الجمعية الوطنية خورخي رودريغيز، الشهر الماضي، لاستكشاف سبل إنعاش الاقتصاد الفنزويلي القائم على النفط.
تدهور أوضاع الشركة الحكومية
تنتج شركة النفط الحكومية في فنزويلا نحو 50 ألف برميل يوميًا من البنزين، و40 ألف برميل يوميًا من الديزل، وهو ما يقلّ كثيرًا عن الطلب.
وتمتلك الشركة 1.3 مليون برميل يوميًا من طاقة التكرير في فنزويلا، لكن معظمها تعطّل بعد سنوات من الصيانة المهملة، ونقص قطع الغيار وضعف العمالة، وانهيار الخدمات الصناعية والعقوبات الأميركية.
وكانت الشركة الحكومية تحصل على معظم واردات منتجاتها من الولايات المتحدة، قبل فرض العقوبات النفطية، في يناير/كانون الثاني 2019.
مقترحات التكرير
قال أحد مسؤولي غرفة النفط الفنزويلية في اقتراح التكرير، سيجري إنشاء مصافي تكرير صغيرة مموّلة ومشغّلة من القطاع الخاص، بالقرب من حقول النفط في شرق وغرب فنزويلا، مع الاستفادة من خطوط الأنابيب ومرافق التخزين القائمة في ولاية زوليا الغربية، كما يمكن نشر الوحدات بالقرب من الحقول حول بحيرة ماراكايبو.
ومن المقرر أن تدعم الوحدات المعيارية التي تصل سعتها إلى 25 ألف برميل يوميًا، خطة إمداد وقود منظمة موجهة لحلّ المشكلات الحالية لإنتاج البنزين والديزل، بسبب الإخفاقات في المجمّعات الصناعية، التي تعمل تحت احتكار شركة النفط الحكومية.
وأضاف مسؤول غرفة النفط الفنزويلية، أنه ستكون هناك حاجة إلى 6 مصافٍ صغيرة على الأقلّ، بتكلفة متوقعة تبلغ نحو 200 مليون دولار لكل مصفاة، لا يشمل ذلك عمليات التفتيش للتأكد من أن خطوط الأنابيب والبُنية التحتية الأخرى متوسطة التدفق في حالة تشغيل آمنة.
تطبيق مبادرة مصافي النفط
تتطلب المبادرة تفويضًا صريحًا من الرئيس الفنزويلي مادورو، وتعاونًا من وزارة النفط وشركة النفط الحكومية، لتوفير بيانات مفصلة عن مدى توافر وحالة البُنية التحتية القائمة في المنبع والوسط، والتي يمكن نقلها إلى السيطرة الخارجية.
وتطالب كل من غرفة الأعمال ونقابة النفط، بامتيازات تشغيل طويلة الأجل، تتضمن السلطة القانونية لتنقية الوقود وتخزينه وتوزيعه وتسويقه، ضمن أُطُر واضحة، تضمن الحقّ في التعاقد بحرّية مع موظفين مؤهلين لتشغيل المشروعات.
ومن المرجح أن المبادرة ستكون صعبة التنفيذ على عدّة مستويات، في ظل سيطرة الدولة على صناعة النفط، والعقوبات الأميركية على شركة النفط الحكومية، فضلًا عن المشكلات التشغيلية العديدة التي تعوق عمليات تكرير النفط في البلاد.
اقرأ أيضًا..
- إيران تمد فنزويلا بالوقود وتواصل تحدّيها للعقوبات الأميركية
- صفقة مبادلة.. فنزويلا تشحن وقود الطائرات إلى إيران مقابل البنزين