المكسيك تتحدّى مبادرات الطاقة النظيفة وتعود للاعتماد على الفحم
الرئيس يخطط لشراء مليوني طن فحم حراري من صغار المنتجين
دينا قدري
- المكسيك كانت دولة رائدة في مجال المناخ. والآن، تعود إلى الوقود الأحفوري
- المؤسسات الحكومية مسؤولة وحدها عن ضخ النفط وتوليد الكهرباء
- خطط لشراء ما يقرب من مليوني طن من الفحم الحراري من صغار المنتجين
- الطاقة النظيفة "سوفسطائية" لإعطاء الأولوية للقطاع الخاص على المؤسسات العامة
- المكسيك شككت مرارًا وتكرارًا في إمكانية الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة
- مشروعات الطاقة المتجددة أثقلت شبكة الكهرباء وأدت إلى انقطاع التيار لفترات طويلة
تعمل المكسيك حاليًا على العودة إلى الفحم والوقود الأحفوري، في تحدٍّ واضح لمبادرات الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات في مختلف دول العالم، لمواجهة أزمة تغيّر المناخ.
فقد كشف الرئيس المكسيكي أندريس أوبرادور، عن خطط لشراء ما يقرب من مليوني طن من الفحم الحراري من صغار المنتجين، بحسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.
كما يخطط لإعادة تنشيط محطتين تعملان بالفحم على حدود تكساس، بعد توقّفهما، حيث لعب تصدّر الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة دورًا بارزًا بمزيج الطاقة في البلاد.
تعزيز الشركات الحكومية وإبعاد القطاع الخاص
عزّز أوبرادور رؤيته لسيادة الطاقة، حيث تقوم الهيئات التي تديرها الدولة -شركة النفط بيمكس وسي إف إي للكهرباء- بضخّ النفط وتوليد الكهرباء.
وجرى إبعاد المؤسسات الخاصة -التي استثمرت بكثافة في الطاقة النظيفة- إلى دور ثانوي في رؤية الرئيس المكسيكي، في حين إن الالتزامات المتعلقة بالانبعاثات والمناخ هي فكرة لاحقة بالنسبة إليه.
حتى مع انتشار جائحة فيروس كورونا في المكسيك، واصل أوبرادور ضخّ التمويل إلى شركة بيمكس الحكومية للنفط، ولم يبطئ بناء مصفاة ضخمة تبلغ تكلفتها 8 مليارات دولار أميركي.
يقول الرئيس المكسيكي: "سنقوم بإنقاذ شركتي بيمكس وسي إف إي"، داعيًا إلى القومية ومُدينًا أسلافه لفتح قطاع الطاقة أمام المستثمرين من القطاع الخاص والأجانب.
الطاقة النظيفة سوفسطائية
أظهر أوبرادور حماسة ملحوظة للفحم، الذي يولّد نحو 9.5% من الكهرباء في المكسيك.
ففي أكتوبر/تشرين الأول، سافر الرئيس إلى مناطق تعدين الفحم في ولاية كواويلا، للإعلان عن إعادة تنشيط المصانع التي تعمل بالفحم التابعة لشركة سي إف إي الوطنية للكهرباء.
ووصف الرئيس المكسيكي الطاقة النظيفة بأنها "سوفسطائية"، لإعطاء الأولوية للقطاع الخاص على المؤسسات العامّة.
كان التعدين قد توقّف تقريبًا، في عام 2019، عندما توقّفت شركة سي إف إي للكهرباء عن الشراء وسط خطط للانتقال إلى مصدر طاقة أنظف، وفقد نحو 10 آلاف عامل منجم وظائفهم.
التناقض مع السياسات العالمية
تقف سياسات أوبرادور في تناقض صارخ مع سياسات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي أعلنت أن أزمة المناخ تشكّل تهديدًا وجوديًا، وكشفت عن موجة من السياسات لفصل الاقتصاد الأميركي عن الوقود الأحفوري.
يقول مدير منظمة "مبادرة المكسيك للمناخ" البيئية، أدريان فرنانديز بريمونتز: "بدلًا من التفكير في الانتقال من الفحم والوقود الأحفوري، فإنه يفكّر في استخدام المزيد من الفحم والنفط".
وأضاف: "لا توجد دولة أخرى في مجموعة الـ20 لديها سياسات طاقة غير طبيعية أو رجعية مثل هذه الحكومة.. لن يدفعنا ذلك نحو أهدافنا المناخية".
صعوبة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة
تتجاهل خطة الاستثمار الحالية الخاصة بشركة سي إف إي للكهرباء، مشروعات الطاقة النظيفة تمامًا، كما إن مشروع قانون إصلاح صناعة الكهرباء الذي أُرسل مؤخرًا إلى الكونغرس، من شأنه أن يجبر الشركة على شراء الطاقة من منشآتها الخاصة، بما في ذلك محطات الفحم، قبل مصادر الطاقة المتجددة.
قال الرئيس أوبرادور، إن حكومته ستجدد المنشآت الكهرومائية التابعة لشركة سيء إف إي للكهرباء، مما سيسمح للمكسيك بالوفاء بالتزاماتها المناخية لتوليد 35% من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة.
ولكن، لإثبات حجّتها لإعطاء الأولوية للوقود الأحفوري وإعادة إنشاء صناعة الكهرباء التي تديرها الدولة، فقد شكّكت الحكومة المكسيكية مرارًا وتكرارًا في إمكان الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة -بحجة أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا يمكن الاعتماد عليهما، زاعمةً أنه جرى إعطاؤهما الأفضلية على مشروعات الطاقة الكهرومائية لشركة سي إف إي للكهرباء.
وبعد انقطاع التيار الكهربائي، في شهر ديسمبر/كانون الأول، عن 10.3 مليون عميل، ألقت شركة سي إف إي باللوم جزئيًا على الطاقة المتجددة التي أثقلت شبكة الكهرباء، ما أدّى إلى انقطاع التيار بعد الظهر على مستويات قياسية.
تأثير نشأة الرئيس المكسيكي على سياساته
في الماضي، كانت المكسيك دولة رائدة في مجال المناخ، وكانت أوّل دولة نامية تقدّم خطة العمل المناخي الخاصة بها قبل اتفاقية باريس، لكن مثل هذه الطموحات يجري التعامل معها الآن بقلّة اهتمام من قبل الحكومة.
نظرة لوبيز أوبرادور للوقود الأحفوري والشركات التي تديرها الدولة تنبع من نشأته في ولاية تاباسكو الغنية بالنفط، في وقت كان يُنظر فيه إلى شركة النفط بيمكس على أنها وسيلة للتنمية الوطنية، واستُبعِدَت الشركات الخاصة والأجانب من قطاع الطاقة منذ مصادرة الملكية في عام 1938.
ولكن افتتاح الصناعة، في عام 2013، شجّع على تدفّق استثمارات جديدة -معظمها في مصادر الطاقة المتجددة- كما قدّمت المكسيك مزادات للطاقة النظيفة، حدّدت أسعارًا قياسية لكيفية قيام المطورين المنخفضين بالمزايدة لوضع مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.
هذه المزايدات توقّفت بعد أن تولى لوبيز أوبرادور السلطة، في ديسمبر/كانون الأول 2018.
ووصف مدير الأبحاث في المركز المكسيكي لقانون البيئة، أنيد فيلاسكو، سياسة الحكومية الجديدة، قائلًا: "سأضع عقبات في طريق القطاع الخاص، الذي استثمر أكثر في الطاقة المتجددة، وسأضع معظم جهودي -وما لا يقلّ عن 80% من الميزانية- في الوقود الأحفوري".
اقرأ أيضًا..
- المكسيك تعتزم إلغاء عقود شراء الكهرباء من الشركات الخاصة
- مشروع قانون كهرباء في المكسيك يثير الجدل
- وكالة الطاقة الدولية تناشد قادة العالم التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر