صنّاع الطاقة الأميركية يرسمون خريطة إمدادات الكهرباء لمستقبل خال من الكربون
في إطار خطة التحوّل إلى الطاقة النظيفة
نوار صبح
دعا المشاركون في المنتدى السنوي الـ17 لمنتدى صناعة الطاقة الذي أقامته جمعية الطاقة الأميركية إلى إعادة النظر في شبكات الكهرباء، في ضوء الخطط والإستراتيجيات المعلنة لخفض الانبعاثات الكربونية.
وشبّه المشاركون الجهود اللازمة لتطوير التحوّل نحو الطاقة البديلة، لا سيما في القطاعات الصناعية التي يصعب فيها التخلص من الكربون بـ"الانطلاقة الكبرى".
رحلة التحول إلى الطاقة النظيفة
قال رئيس معهد إديسون للكهرباء، توم كون، إن انبعاثات الكربون ربما تنخفض، لكن رحلة التحوّل إلى الطاقة النظيفة لم تنته بعد، مضيفًا أن شركات الكهرباء المملوكة للمستثمرين في الولايات المتحدة ملتزمة بخفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2030، ونسبة 80% بحلول 2050.
وأضاف: "يجب تحقيق هذه التخفيضات مع ضمان موثوقية إمدادات الكهرباء بأسعار معقولة، وهو ما يتطلب خليطًا من كل التقنيات المتاحة".
وأشار إلى أن تقنيات الحياد الكربوني تتضمن الطاقة الشمسية والنووية، وكذلك طاقة الرياح والتخزين وكفاءة الطاقة، فالجمع بينها سيساعد في الوصول إلى الغاية المأمولة.
وأكد أن الحاجة إلى الغاز الطبيعي ستستمر خلال هذه الرحلة، لكن التقنيات الجديدة بما في ذلك احتجاز الكربون وتخزينه، والمحطات النووية الجديدة، ضرورية للوصول إلى نسبة 20% الأخيرة.
وأضاف أنه ثمّة حاجة إلى إجراء من كلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لإصدار تشريع للطاقة النظيفة، موضحًا أن المعهد الأوروبي للطاقة يشيد بقرارات إدارة بايدن بالعودة إلى اتفاقية باريس.
الطاقة النووية الأميركية
تمثّل الطاقة النووية 20% من إجمالي الكهرباء المولدة في الولايات المتحدة، ونصف إنتاجها الخالي من الكربون، فضلًا عن كونها أكبر مصدر للطاقة الخالية من الكربون، كما تقول رئيسة معهد الطاقة النووية الأميركي ومديرته التنفيذية، ماريا كورسك.
وأضافت أن الابتكار النووي حاصل في جميع أنحاء البلاد، مستشهدة بمشروع فوغتل الإنشائي في ولاية جورجيا، الذي يُتوقع انطلاقه في وقت لاحق من العام الجاري، وكذلك المشاريع الرائدة القائمة الآن، قائلةً: "ستجعل هذه المشاريع الطاقة النووية أكثر كفاءة وتنوعًا وبأسعار معقولة".
وقالت، خلال العام الماضي، أصبحت الموثوقية الفريدة للطاقة النووية بين جميع مصادر الطاقة الخالية من الكربون أكثر وضوحًا، حيث حافظ عمّال القطاع على إنارة الأضواء في المستشفيات والمنازل خلال الوباء العالمي."
التحديات العالمية
تشير رئيسة معهد الطاقة النووية الأميركي إلى أن الطاقة النووية كانت ضرورية للصمود في أثناء الاستجابة للتحديات الحالية، حيث تحظى الطاقة النووية بدعم من الحزبين، نظرًا لخصائصها، ويقدّر صانعو السياسة الكهرباء الخالية من الكربون التي تولِّدها الطاقة النووية.
وسلّطت كورسنيك الضوء على جوائز وزارة الطاقة الأميركية لتمكين الشركات من تكوين عروض إرشادية، حيث تواصل تقنيات المفاعلات المتقدمة الخاصة بوزارة الدفاع خططها الخاصة بمفاعلها الصغير، واتفاقيات تنظيم وتيسير ترخيص التقنيات الجديدة، مشيرة إلى أن الشركات المبتكرة تستثمر التقنيات النووية المتقدمة في هذه الصناعة، التي ستوفر زيادة القدرة على تحمّل التكاليف وتعدّد الاستخدامات.
وأوضحت أن السنوات الأربع المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للصناعة النووية ودورها في تحقيق الأهداف المناخية، مشيرة إلى ضرورة الحفاظ على المصادر الحالية الخالية من الكربون من أجل بناء نظام طاقة خالٍ من الكربون.
وأشارت إلى إنّ هناك 8 مفاعلات ووحدات أميركية، تولّد مجتمعةً أكثر من 60 مليون ميغاواط/ساعة من الكهرباء الخالية من الكربون، وهي مهددة، هذا العام، بالإغلاق.
الانطلاقة الكبرى
قال رئيس لمعهد أبحاث الطاقة الكهربائية ومديره التنفيذي، أرشد منصور، يجب أن تتّحد جميع جوانب صناعة الطاقة الأميركية لتسريع وتيرة إزالة الكربون في قطاعات الاقتصاد.
وأوضح أنه، على مدار 15 عامًا، أصبح قطاع الكهرباء أنظف بنسبة 33%، لكن تخلُّص الاقتصاد من انبعاثات الكربون تقدَّم بشكل بطيء للغاية، خلال الفترة نفسها.
وأضاف: "إذا توافر لنا مسار التسارع نفسه، فسوف يستغرق الأمر 75 عامًا لتحقيق الحياد الكربوني، لذلك نريد تسريع الخطوات".
بدائل الكهرباء في قطاعات الصناعة
وأشار منصور إلى أن الحياد الكربوني من قطاع الكهرباء أمر أساس، حتى يتسنّى إزالته من قطاعات الاقتصاد الأخرى، لكن التحدي يكمن في تحقيق التخلص من انبعاثات الكربون مع الحفاظ على إمدادات الكهرباء في متناول الأسرة العادية، قائلًا: "لن يكون الأمر سهلًا.. نحن بحاجة للتأكد من أن أكبر مصدر للطاقة خالٍ من الكربون".
وأشار إلى أن العالم على أعتاب التحوّل إلى السيارات الكهربائية، لذلك يتعين إعادة تصوّر الشبكة الكهربائية لضمان جاهزيتها ومرونتها لدعم ذلك، حيث من المتوقع أن تكون 6 من كل 10 سيارات، تعمل بالطاقة الكهربائية بحلول 2030".
وأوضح أن التحوّل للكهرباء النظيفة ليس حلًا عمليًا من أجل التخلص من الكربون، خاصة في قطاعات الاقتصاد التي يصعب خفض نسبة الكربون فيها، بما في ذلك صناعات مثل الإسمنت والصلب والكيماويات والشحن البحري والطيران، مشيرًا إلى أنه يجب أن تكون صناعة الطاقة قادرة على تقديم مجموعات أخرى من الجزيئات، مثل: الهيدروجين والأمونيا السائلة والوقود الاصطناعي بصفة ناقلات للطاقة النظيفة، قبل انتهاء العقد الحالي.
مبادرة الموارد منخفضة الكربون
في العام الماضي، أطلق معهد أبحاث الطاقة الكهربائية الأميركي، بالتعاون مع معهد تكنولوجيا الغاز الأميركي، مبادرة الموارد منخفضة الكربون، للاستفادة من مجموعة من الموارد في جميع مجالات صناعة الطاقة لتسريع تطوير ونشر التقنيات الهادفة إلى تحقيق ذلك.
وقال: "يمكن لمفاعل نووي متقدم عالي الحرارة أن يُنتج الهيدروجين، فعليًا، بطريقة أرخص عندما لا تكون هناك حاجة للكهرباء، لأن لدينا رياحًا وشمسًا بوفرة".
وذكر أن فرصة إنتاج الهيدروجين بطريقة أفضل، وبتكلفة أقلّ، يعدّ أحد أنماط الابتكار التي تدرسها مبادرة الموارد منخفضة الكربون.
وأضاف: "هذا هو العقد الذي يجب أن نفي بالتزاماتنا فيه، قبل انتهائه.. يجب أن يكون لدينا مجموعات أخرى من الجزيئات، ناقلات الطاقة النظيفة، حيث نتطلع إلى المستقبل، كلما كانت لدينا خيارات متعددة للوصول إلى الحياد الكربوني".
اقرأ أيضًا..
- الطاقة النووية تبحث عن دور في خطة بايدن لتحوّل الطاقة
- بايدن والبيئة.. هل تنقذ الألواح الشمسية متضرري السياسات الأميركية الجديدة؟