بالهيدروجين النظيف.. "توتال" و"إيسار أويل" ينضمّان لسباق الحياد الكربوني
استثمارات جديدة وبناء تحالفات من كبرى الشركات العالمية
ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي
بدأت العديد من الشركات العالمية اتّخاذ خطوات فعّالة من أجل تحقيق الحياد الكربوني، خاصّةً في قطاع النفط، من خلال التحوّل نحو إنتاج الهيدروجين النظيف.
وخطت اثنتان من كبرى شركات النفط في أوروبا، خطوة مهمّة نحو بناء منشآت جديدة في إطار خطط إنتاج الهيدروجين (الأزرق والأخضر) بهدف خفض الانبعاثات.
الشركتان هما "توتال" في فرنسا و"إيسار أويل" في المملكة المتحدة، وكلتاهما أعلنتا الانضمام لموجة من الاستثمارات الموجّهة من قطاع النفط إلى قطاع الهيدروجين، وفقًا لما أوردته وكالة "أرغوس ميديا" المعنية بشؤون الطاقة.
شراكات واعدة
في هذا السياق، أعلنت توتال أنها ستعقد شراكة مع رائدة الطاقة الفرنسية "إنجي"، بهدف تطوير أكبر موقع لإنتاج الهيدروجين المتجدّد (الأخضر) في فرنسا بمصفاة الوقود الحيوي "لا ميدي" قرب مارسيليا.
الهيدروجين الأخضر عبارة عن وقود خالٍ من الكربون، مصدر إنتاجه الماء، وتشهد عمليات إنتاجه فصل جزيئات الهيدروجين عن جزئيات الأكسجين بالماء عبر كهرباء تُوَلَّد بمصادر طاقة متجدّدة.
وأوضحت توتال، أن جهاز التحليل الكهربائي في "لا ميدي" تبلغ قدرته 40 ميغاواط، ويعمل من خلال مزارع للطاقة الشمسية، تصل سعتها الإجمالية إلى أكثر من 100 ميغاواط.
ومن المتوقّع أن يصل إنتاج المحطة إلى 5 أطنان يوميًا من الهيدروجين الأخضر، وهو قدر كافٍ لتلبية احتياجات المصفاة اللازمة لإنتاج الوقود الحيوي.
والوقود الحيوي هو أحد مصادر الطاقة المتجدّدة، ويُستمَدّ من الكائنات الحية، مثل: النباتات والحيوانات، ويعدّ من مصادر الطاقة النظيفة غير الملوّثة للبيئة، ويُستخلص من الذرة وفول الصويا وبذور القطن والسمسم ومخلّفات قصب السكر، وكذلك من روث الحيوانات ومياه الصرف الصحّي وقشر الأرز والخشب والقشّ وفضلات الطعام ونفايات المنازل.
مشروع ماسيليا
من شأن المشروع الذي يُطلق عليه "ماسيليا" -وهو الاسم القديم لمدينة مارسيليا- خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 15 ألف طن/سنويًا.
ويستهدف المشروع تحسين إدارة الإنتاج المتقطّع للكهرباء المولّدة من الخلايا الشمسية، وتلبية حاجة مصفاة الوقود الحيوي إلى إمدادات غير منقطعة للهيدروجين من خلال استغلال مجموعة عوامل تتمثّل في: توفّر مخزون واسع النطاق للهيدروجين، وحسن إدارة الوقت الفعلي لإنتاج الطاقة الشمسية، وتحقيق التكامل بين العديد من مزارع هذه الطاقة.
وتعتزم "توتال" و"إنجي" بدء أعمال إنشاء المشروع، عام 2022، وتخططان لإطلاق الإنتاج الأوّل من الهيدروجين (الأخضر)، بحلول عام 2024.
والمشروع قيد إجراءات الدعم المالي والتراخيص العامّة حاليًا، وتقدّمت "توتال" و"إنجي" بطلبات للحصول على تمويل له من فرنسا والاتحاد الأوروبي.
ويرى رئيس قسم الغاز والطاقة المتجدّدة في توتال "فيليب سوكيه" أن مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر يعدّ -إلى جانب الخبرة في مجال الطاقة الشمسية- خطوة أخرى نحو التزام الشركة الفرنسية بالوصول إلى الحياد الكربوني، بحلول عام 2050.
مصفاة ستانلو
في سياق متّصل، أعلنت "إيسار أويل"، اليوم الأربعاء، انضمامها لمشروع مشترك مع شركة "بروغريسيف إنرجي"، لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون بمصفاة "ستانلو" في المملكة المتحدة، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 204 آلاف برميل/يوميًا.
وتسهم "بروغريسيف إنرجي" في تطوير قطاع الهيدروجين، وتعمل على مشروع يدعم تكنولوجيا احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) في شمال غربي إنجلترا.
ومن المقرّر أن يعمل مشروع "إيسار أويل" على تحويل الغاز الطبيعي من المصفاة إلى هيدروجين منخفض الكربون (الهيدروجين الأزرق)، عكس عمل مشروع توتال، الذي ينتج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجدّدة.
كما يعمل "إيسار أويل" على خلق منظومة اقتصادية قائمة على وقود الهيدروجين في شمال غربي إنجلترا وشمال شرقي ويلز.
ولما كان إنتاج الهيدروجين الأزرق يعتمد على تقنيات احتجاز غازات الاحتباس الحراري، فقد اتّجهت "إيسار أويل" لتخزين ثاني أكسيد الكربون في خزّانات بحريّة بخليج ليفربول.
وأعلنت الشركة أن أوّل مركز لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون في المملكة المتحدة، سينتج 3 تيراواط/ساعة من الهيدروجين سنويًا، بدءًا من عام 2025.
مشروع جديد للهيدروجين
تخطط توتال لزيادة إنتاجها من الهيدروجين النظيف بمشروع آخر، من شأنه رفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية للشركة إلى أكثر من 9 تيراواط/ساعة سنويًا، وهو ما يكافئ احتياجات الطلب على التدفئة في ليفربول.
ويُقدَّر إجمالي الاستثمار الذي تضخّه الشركة الفرنسية في مشروعي إنتاج الهيدروجين النظيف بـ 750 مليون جنيه إسترليني (1.03 مليار دولار).
ومن المرجّح أن توسّع "توتال" مشروعها "لا ميدي"، عبر إنشاء مزارع إضافية للطاقة الشمسية، إذ يتمتّع جهاز التحليل الكهربائي، المقرّر تركيبه هناك، بسعة إنتاجية تصل إلى 15 طن يوميًا من الهيدروجين الأخضر.
وتميل سياسات الدعم في الاتحاد الأوروبي إلى تفضيل الهيدروجين الأخضر، مستهدفةً تحقيق نسبة 14% من وقود وسائل النقل المختلفة من مصادر الطاقة المتجدّدة، بحلول عام 2030.
كما يستهدف الاتحاد تركيب أجهزة تحليل كهربائي للهيدروجين الأخضر بإجمالي طاقة إنتاجية يبلغ 40 غيغاواط، بحلول العام ذاته.
اقرأ أيضًا..