بلاك روك واستثمارات الفحم.. أكبر شركة لإدارة الأصول تمارس التمويه الأخضر
ثغرتان وراء الاحتفاط بـ 85 مليار دولار في القطاع الأكثر تلويثًا للبيئة
ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي
لماذا تحتفظ "بلاك روك" باستثمارات تبلغ قيمتها 85 مليار دولار في شركات الفحم حتّى اليوم؟.. يحتلّ هذا السؤال مكانًا ضمن صدارة اهتمام مراقبي قطاع الطاقة والناشطين بمجال حماية البيئة في الولايات المتحدة الأميركية، على خلفية تعهّد أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، خلال يناير/كانون الثاني من العام الماضي (2020)، ببيع معظم أسهمها في شركات الوقود الأحفوري.
أشاد الناشطون في مجال حماية البيئة، آنذاك، بتعهّد الشركة، وعدّوه انتصارًا، وأعربت الجماعات البيئية عن أملها في أن تقتفي شركات إدارة الأصول الأخرى أثر بلاك روك، التي كانت تدير أصولًا بقيمة 7.8 تريليون دولار، بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي.
لكن الواقع أن "بلاك روك" هي التي لم تفِ بتعهّدها، ما عزّز التساؤل بشأن الدوافع وراء ذلك، خاصّةً أن إنتاج الفحم يُنظر إليه على نطاق واسع بصفته أحد أكثر مصادر الطاقة تلويثًا للبيئة، وتسعى الهيئة الحكومية الدولية -المعنية بتغيّر المناخ- إلى القضاء عليه، بحلول عام 2050، وصولًا إلى خفض ارتفاع درجة حرارة الأرض، الناتجة عن الاحتباس الحراري، بأكثر من 1.5 درجة مئوية.
وترتبط الإجابة بـ "ثغرتين" في سياسة إدارة "بلاك روك" للأصول، مكّنت كلّ منهما المستثمرين من تجاوز تعهّد الخروج الكامل من قطاع الفحم، وفقًا لما أوردته صحيفة الغارديان.
شرط ربع الإيرادات
تتمثّل الثغرة الأولى في سماح سياسة إدارة "بلاك روك" للمستثمرين بالاحتفاظ بأسهم الشركات التي تحقّق أقلّ من 25% من إيرادات بيع الفحم، ما مكّنها من الاحتفاظ بأسهم وسندات بعض أكبر شركات القطاع في العالم، مثل المجموعة الهندية "أداني" والشركتين البريطانيتين "بي إتش بي" و"جلينكور"، فضلًا عن شركة الطاقة الألمانية "آر دبليو إي"، وفقًا لبحث أجرته كلّ من "ريكليم فاينانس" و"إرجيفالد"، وكلاهما مؤسَسة تعمل بمثابة جماعةِ ضغطٍ مناصرةٍ للبيئة.
ودعا معدّو البحث الرئيس التنفيذي لـ بلاك روك "لاري فينك" إلى تخلٍّ "كامل" عن استثمارات الفحم، بما في ذلك أسهم شركتي "سوميتومو" اليابانية و"كيبكو" الكورية، التي تبلغ قيمتها 24 مليار دولار.
تقول "لارا كوفيلير"، الناشطة في "ريكليم فاينانس": "بعد مرور عام، من الصعب رؤية التزام (لاري فينك) بالاستدامة على أنه أيّ شيء آخر غير التمويه الأخضر".
ويُقصد بالتمويه الأخضر، ترويج شركة ما لنفسها بوصفها ملتزمة بمعايير البيئة والاستدامة، دون تحقيق ذلك على أرض الواقع.
وأضافت "كوفيلير": "إذا كان (لاري فينك) يريد حقًا أن تكون (بلاك روك) رائدة في مجال المناخ، بدلاً من أن تكون منبوذة، فعليه أن يبدأ بمواءمة الكلمات الخضراء مع الأعمال الخضراء، وتوجيه القوّة الماليّة الهائلة لشركته نحو مستقبل مستدام".
وشدّدت الناشطة البيئية على أن العام الذي شهدت فيه الأرض أعلى درجات الحرارة على الإطلاق (2020) يعني أن الحدّ الأدنى المقبول من "بلاك روك" هو الخروج من استثمارات إنتاج الفحم "دفعة واحدة، وإلى الأبد".
وتقول "بلاك روك"، إنها جرّدت جميع الشركات التي تحقّق أرباحًا بنسبة أعلى من ربع إيرادات بيع الفحم، من إستراتيجيات استثمارها، كما قدّمت للعملاء خيار استبعاد الفحم من منتجات مؤشّرها الاستثماري.
قبول العملاء للتصفية
هنا تبرز الثغرة الثانية في سياسة "بلاك روك" لإدارة الأصول، فعندما لا يقبل العملاء خيار استبعاد الفحم، تجادل الشركة بأنها غير قادرة على تصفية استثماراتها في القطاع.
وفي السياق، قال متحدّث باسم الشركة، إن قناعة الإدارة هي أن "المخاطر التي تهدّد المناخ تهدّد الاستثمار أيضًا"، مؤكّدًا على مطالبة جميع الشركات بالكشف عن كيفية توافق نموذج أعمالها مع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وعند عدم تحقيقها تقدّمًا كافيًا بهذا الصدد، تتّخذ "بلاك روك" إجراءات، من شأنها استخدام قوّتها التصويتية بصفة مستحوذ على نسب وازنة بأسهم هذه الشركات.
وكانت "بلاك روك" قد صوّتت، العام الماضي، ضدّ العديد من مديري شركات الطاقة، لأسباب تتعلّق بالمناخ، أهمّها عدم الكشف عن بيانات الانبعاثات الكربونية.
اقرأ أيضًا..
-
واردات الفحم الهندية تنخفض 17%.. وتوقّعات بمزيد من التراجع
-
صادرات كولومبيا من الفحم تتراجع لأدنى مستوى منذ 12 عامًا
-
أزمة كهرباء تعيشها الصناعة الصينية بسبب منع الفحم الأسترالي