الحديد والصلب المصرية.. أزمات الطاقة تقضي على شركة عمرها 67 عامًا
واحدة من أقدم الشركات في المنطقة
حياة حسين
- زيادة أسعار الكهرباء والغاز رفعت تكلفة الإنتاج خلال السنوات الأخيرة
- خسائر الشركة في الربع الأول من 2021/2020 بلغت 17.6 مليون دولار
- قرار التصفية يتسبب في تشريد 7500 عامل
تتّجه شركة الحديد والصلب المصرية -أقدم شركات المنطقة، بعمر يصل إلى 67 عامًا- إلى التصفية النهائية، بسبب أزمات الطاقة، التي دفعت إلى تراكم الخسائر والمديونيات، على مدار السنوات الماضية.
قالت مصادر مختلفة من الشركة -التي تتبع وزارة قطاع الأعمال العامّ-، إن المساهمين وافقوا في اجتماع الجمعية العامّة غير العادية، أمس الإثنين، على التصفية.
ووافقت الجمعية -حسب مصادر من الشركة لوسائل إعلام محلّية- على تقسيم الشركة إلى شركتين، الأولى الحديد والصلب (تقرّرت تصفيتها)، والثانية للمناجم والمحاجر.
خسائر الحديد والصلب
تكبّدت الشركة خسائر، خلال الربع الأوّل من العام المالي 2021/2020 (يوليو/تموز-سبتمبر/أيلول 2020)، بلغت 274.48 مليون جنيه (17.6 مليون دولار)، مقابل خسائر بلغت 367.8 مليون جنيه (23.6 مليون دولار) في الفترة نفسها من 2019.
وبلغت خسائر الشركة، العام المالي الماضي، 982.83 مليون جنيه (62.74 مليون دولار)، مقابل خسائر 1.52 مليار جنيه (97 مليون دولار)، العام المالي السابق له.
قالت الشركة في بيان للبورصة المصرية -المدرجة بها-، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن خسائرها المُرحَّلة بلغت 8.2 مليار جنيه (523.4 مليون دولار أميركي).
وأضافت في البيان حينها، "مع عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الشركة في إيجاد حلول عملية تساعد على إفاقتها من عثرتها".
3 أسباب وراء أزمة الشركة
يرصد عضو مجلس إدارة الشركة القابضة المعدنية السابق -التي تتبعها الحديد والصلب-، عمارة إبراهيم، 3 أسباب وراء الخسائر والمديونيات المتراكمة.
وأوضح في تصريحات إلى منصّة الطاقة"، اليوم الثلاثاء، أن السبب الأوّل هو قدم الماكينات، والثاني انخفاض نسبة الخام في محاجر الواحات المصرية التي تعتمد عليها الشركة، وتراجع نسبة الخام من 53%-57% إلى 47%-50%.
وأضاف أن السبب الثالث والأهمّ، هو زيادة أسعار مصادر الطاقة التي تحتاجها الشركة في عملياتها الإنتاجية، خلال السنوات الأخيرة.
وتحتاج الشركة إلى 3 أنواع من مصادر الطاقة، وهي فحم الكوك والغاز والكهرباء.
زيادة سعر فحم الكوك
أوضح "إبراهيم" أنه مع زيادة سعر فحم الكوك، ارتفع استهلاك كلّ طن بسبب قِدم الماكينات، مضيفًا أن طن الحديد كان يستهلك نحو نصف كيلو غرام من الفحم، قبل عدّة سنوات، زادت إلى نحو 100 كيلو غرام.
ويُستخدم فحم الكوك في تسخين الأفران، وتحصل الحديد والصلب عليه من شركة فحم الكوك التابعة لوزارة قطاع الأعمال العامّ.
كما يدخل الفحم في مرحلة إنتاج ما يُعرف باللبيد، حيث يُخلط الخام مع بعض الموادّ، منها الفحم، حتّى تتمّ تنقيته من الشوائب، ويتحوّل للحديد الزهر في الأفران.
يقول عمارة إبراهيم، إنه بعد تصفية الحديد والصلب، ستُعقد جمعية عامّة غير عادية قريبًا لشركة فحم الكوك، لتصفيتها، متابعًا: "لن يكون لها ضرورة بعد تصفية الحديد والصلب".
وأسهمت زيادة أسعار الكهرباء والغاز، خلال السنوات الأخيرة، في رفع تكلفة الإنتاج أيضًا، حسب تصريحات إبراهيم.
وتابع: "كانت الشركة تحصل على الغاز بسعر 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، حتّى فترة قريبة، ومنذ بدء تنفيذ قرار إلغاء دعم الطاقة في مصر، حتّى خفّضتها الحكومة لمصانع الصلب إلى 4 دولارات، مؤخّرًا".
إلغاء دعم الطاقة في مصر
كانت مصر قد بدأت خفضًا تدريجيًا لدعم الطاقة، قبل 5 سنوات، تمهيدًا لتحرير السعر، وبيعها في السوق المحلّية بالسعر العالمي.
ويُستخدم الغاز في عمل المكوّرات وتشكيلات الحديد، وفقًا لـ"عمارة إبراهيم"، الذي يرى أنه نتيجةً لما سبق، زادت تكلفة مكوّن الطاقة في العملية الإنتاجية إلى 130% من إجمالي التكلفة، ما أدّى إلى تراكم الخسائر.
وقرّرت البورصة المصرية وقف التعامل على أسهم الشركة، حتّى ترسل بيان إفصاح عن قرارات الجمعية غير العادية، لكن، حتّى إغلاق الجلسة الساعة 2.30 ظهرًا بتوقيت القاهرة، لم يحدث ذلك، في إجراء غير معتاد بالبورصة.
يوم حزين
شركة الحديد والصلب في مصر، ليست مجرّد مشروع إنتاجي خاسر، لكنّها مرتبطة بوجدان فئة عريضة من الشعب المصري، خاصّةً الأجيال الأكبر سنًّا.
وقد عبّر عن ذلك الاتحاد العامّ لنقابات عمّال مصر، في بيان، اليوم الثلاثاء، قائلًا: إن "الاتحاد يعرب عن حزنه بسبب قرار غلق شركة عملاقة، وتشريد عمّالها البالغ عددهم 7500، والقضاء على شركة وطنية عملاقة لها تاريخ وطني".
يقول نائب رئيس الاتحاد، خالد الفقي، في تصريحات صحفية، اليوم، إن هذا القرار يأتي في إطار مناخ عامّ تصنعه الحكومة الحاليّة لتصفية القطاع العامّ، "وإذا كان قد تعرّض لخسائر، فنتيجة سوء الإدارة وعجز الحكومة عن التطوير واستغلال الموارد والمقوّمات، والنهوض بالصناعة الوطنية".
وأوضح أنه عندما قرّر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، عام 1956، تأسيس "الحديد والصلب"، تحوّلت إلى قلعة صناعية على مساحة 3 آلاف فدّان، ودورها كان رئيسًا في بناء السدّ العالي.
وتابع: "في ذكرى الاحتفال بثورة يوليو/تمّوز، في السنة السادسة عام 1958، افتتح عبدالناصر الشركة الوليدة لتبدأ الإنتاج في العام نفسه، باستخدام فرنين عاليين صُنعا في ألمانيا".
اقرأ أيضًا..