لخفض انبعاثات الكربون ..هل تضطرّ أيرلندا إلى التخلّص من أبقارها أم تلجأ للطاقة النووية؟
دبلن باتت مستعدّة لكلّ البدائل
حياة حسين
بينما وعد التحالف الحاكم في أيرلندا في أثناء حملات انتخابية، أُجريت في يناير/كانون الثاني الماضي، بعدم التخلّص من قطعان الأبقار في البلاد، تعاني دبلن صراعًا بين التوسّع في توفير الغذاء، وتنفيذ التزامات بيئية تخفض انبعاثات الكربون.
بدائل الطاقة
يقول موقع "أيريش إيكزامينر"، اليوم الأحد، إن أيرلندا –في ظلّ هذا الصراع- باتت مستعدّة لتقبّل أنواع جديدة من الطاقة، تمكّنها من الحفاظ على ثروتها الحيوانية، وتحقيق التزاماتها البيئية في الوقت ذاته، مثل الطاقة النووية.
ويرى الموقع أن زعيم حزب الخضر، إيمون رايان، المعارض الأكبر للطاقة النووية في البلاد –فيما يبدو- بات لديه تقبّل لهذا النوع من الطاقة.
ويضيف "من السهل جدًّا ترك العنان لخيالنا حول مستقبل الطاقة في البلاد، في ظلّ تغيّر الاحتياجات وتطوّر التكنولوجيا والنموّ السكّاني، لكن ما يحتاجه عدم انهيار المناخ الكثير لدرجة قد تصل إلى التخلّص من الأبقار".
المراعي تمثّل 80% من الأرض
تضمّ أيرلندا أكثر من 140 ألف مزرعة عائلية للأبقار، حيث تُخصّص أكثر من 80% من المساحة الزراعية في البلاد للمراعي، والتبن والأعشاب، وتنتج أكثر من نصف مليون طن من لحوم البقر سنويًا، ويُقدَّر الاكتفاء الذاتي من هذا النوع من اللحوم، بأكثر من 600%.
وتشير دراسات إلى أن انبعاثات غازيّة تنجم عن تربية الحيوانات، مثل تربية الأبقار التي تُنتج غاز الميثان في أثناء عملية الهضم، إضافة إلى وجود مؤشّرات إلى أن نسبة انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، الناجمة عن نشاطات متعلّقة بتربية الحيوانات، كتسميد الحقول ونقل الأعلاف، حسب "يورو نيوز"، في ديسمبر/كانون الأوّل الماضي.
وتقترح خطّة العمل المناخي الأيرلندية، لعام 2019، خفض إجمالي الانبعاثات بنسبة تزيد عن 3% إلى 45 مليون طن، بحلول عام 2030.
ويؤيّد حزب الخضر –وهو جزء من التحالف الحاكم حاليًا- خطّة المناخ التي تصل تكلفتها إلى 40 مليار يورو (49.3 مليار دولار).
حزب الخضر
قال بحث بعنوان "هل هدف حزب الخضر الجديد لخفض الانبعاثات ممكن التنفيذ؟ وماذا سيعني ذلك بالنسبة لنظام الطاقة؟" قام به مركز ماريري للطاقة والمناخ والبحرية التابع لكلّية كورك الجامعية، في أبريل/نيسان الماضي، إن حزب الخضر يرى ضرورة لتحقيق المستهدفات المناخية.
وأضاف أن تطلّعات الحزب إلى خفض الانبعاثات بنسبة 7% تتطلّب "تغييرات تحوّلية" تؤثّر في كلّ جانب من جوانب حياة الناس.
وحسب محلّلي البحث، فإن "خفض الانبعاثات بنسبة 7% من شأنه أن يؤدّي إلى نصف الانبعاثات الإجمالية في غضون 10 سنوات، ولكنّه قد يشكّل تحدّيًا هائلًا".
ومع ذلك يرى الباحثون أن خفض الانبعاثات بهذه النسبة، والاعتماد على الطاقة الجديدة، سيوفّر نحو 6 مليارات يورو (7.4 مليار دولار) سنويًا، قيمة استيراد الوقود، كما إنه يضمن أمن الطاقة في البلاد.
60 مليون طن من الغازات
يقول البحث -المنشور في آر تي إي- إن أيرلندا تنتج 60 مليون طن من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري سنويًا، منها 40 مليون طن تأتي من توليد الكهرباء والحرارة والنقل، و20 مليون طن من الزراعة.
ويؤكّد البحث على أنه ما لم يحصل التصدّي للانبعاثات الزراعية، فسيتعيّن توفير الانبعاثات من أماكن أخرى، مقترحًا تدابير خفض الانبعاثات مماثلة لتلك المقترحة في خطّة العمل المتعلّقة بالمناخ.
وتشمل هذه التدابير وقف حرق الفحم ، ووضع برامج غير مسبوقة لتحديث كفاءة استخدام الطاقة، وإلغاء استخدام النفط في نظم التدفئة واستخدام المضخّات الحرارية، والتحوّل في الصناعة من استخدام النفط إلى مصادر الطاقة المتجدّدة والغاز الطبيعي.
ويقول أحد المشاركين في إجراء البحث، إن هدف أيرلندا المتمثّل في الحصول على 70% من الطاقة الكهربائية المتجدّدة، بحلول عام 2030، يستند إلى أسس قوية، لأن البلاد تتمتّع بقطاع قوي من طاقة الرياح على مستوى عالمي.
غير أن الكاتب بول دين، قال في مقال منشور بالموقع ذاته، في أغسطس/آب قبل الماضي، إن اعتماد أيرلندا على الطاقة الجديدة المُنتجة من الشمس والرياح فقط غير آمن.
وأضاف: "التحدّي في توليد الطاقة المدفوعة بالطقس هو كيفية التعامل مع الأوقات عندما يكون هناك القليل من الرياح أو القليل من أشعّة الشمس. خيارات مثل البطاريات، مثل سور تيسلا للطاقة عظيمة في تخزين كمّيات صغيرة من الكهرباء، ولكن الأرقام المطلوبة للبلد بأكمله مذهلة. ويلزم نحو 14 مليون وحدة لتخزين الكهرباء المطلوبة في أيرلندا ليوم واحد فقط".
حظر الطاقة النووية
رغم أن أيرلندا تحظر الطاقة النووية، إلّا أن الكاتب يرى إن هذا الأمر يحتاج إعادة تفكير، حيث من الممكن أن تكون عنصرًا مكمّلًا لمصادر الطاقة الخالية من الكربون.
ويدرك الكاتب تحدّي وجود الطاقة النووية في البلاد، ويقول: "في حين يشير أنصار الطاقة النووية إلى السلامة الجوهرية لهذا الجيل الجديد من المفاعلات الأصغر حجمًا، فإن الحصول على الدعم الشعبي اللازم لشراء هذه التكنولوجيا سوف يشكّل تحدّيًا كبيرًا، ويجب أن تكون سياسة الطاقة مقبولة اجتماعيًا ومدعومة سياسيًا".
ويضيف: "كثيرًا ما يرتبط القبول الاجتماعي للتكنولوجيات الجديدة بالثقة في المؤسّسات والحكم. وطبقًا للدراسات الدولية، فإن أيرلندا تسجّل مستويات منخفضة من الثقة في المؤسّسات، كما إن سجلّها الدولي ضعيف في تسليم مشروعات البُنية الأساسية الضخمة (خطوط الأنابيب، والمستشفيات، وأبراج الأسلاك العامّة). وفي أيرلندا تحتاج أيّ تكنولوجيا نووية إلى دعم شعبي قوي".
اقرأ أيضًا: