النفط الفنزويلي.. ورقة تفاوض جديدة بين بايدن ومادورو
توقّعات بحصد الرئيس الفنزويلّي مكاسب بالجملة
محمد زقدان
من رئيس فاقد للشرعية إلى بيضة قبان (رمانة ميزان) محتملة.. هكذا انقلب وضع الرئيس الفنزويلّي نيكولاس مادورو، على ما يبدو، خلال أشهر قليلة تفصل بين مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب للإطاحة بالزعيم اليساري، والأنباء المتواترة عن استعداد فريق جو بايدن للتفاوض مع كاراكاس من خلال ورقة "النفط الفنزويلي".
وينظر مستشارو بايدن إلى أزمة فنزويلا بوصفها أكبر تحدٍّ سياسي سيواجه الرئيس المنتخب، في نصف الكرة الغربي، لذا فهم يسعون عبر التفاوض لإنهاء ما يصفونه بأسوأ أزمة سياسية واقتصادية في هذا الجزء من العالم.
ومن ثمّ سيجني مادورو -الذي فشلت كلّ محاولات الإطاحة به- مكاسب بالجملة على الأصعدة السياسية والاقتصادية كافّةً.
إضافة إلى ذلك، تعطي خطّة بايدن البالغة 2 تريليون دولار لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لمادورو -الذي تمتلك بلاده أكبر احتياطي مؤكّد للنفط في العالم- دورًا لموازنة (بيضة قبان) أسعار النفط المقرّر ارتفاعها بسبب قيود الإدارة الجديدة على النفط الصخري.
النفط الفنزويلي بيضة قبان محتملة
في أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، رجّح تقرير أوردته شركة موتيلال أوسوال الهندية للخدمات المالية، أن رئاسة بايدن للولايات المتحدة ستكون بمثابة انتصار كبير للشرق الأوسط، حيث ستستعيد بلاده حصّتها في سوق النفط.
ووفق التقرير، فإن خطّة بايدن التي ستقيّد إنتاج النفط الصخري، يمكن أن تكون بمثابة دعم لأسعار النفط الخام.
وأوضح التقرير أن أسعار النفط الخام قد ترتفع إلى مستويات تتراوح بين 45 و55 دولارًا، في الأشهر المقبلة، في ظلّ انخفاض الإنتاج الأميركي الذي يسمح بتعافي الطلب تدريجيًا.
لكن في مقابل هذا الطرح المتفائل، ثمّة رأي يقول ،إنه حتّى مع خفض الإنتاج الأميركي للنفط الصخري، فإن الأسعار لن تزيد إذا رفعت واشنطن عقوباتها المفروضة على فنزويلا أو إيران، وحينها تعود الدولتان، أو إحداهما، مصدرًا مهمًّا للنفط و"بيضة قبان" للإدارة الأميركية.
ومن شأن ذلك الضغط على الأسعار، وفرض تعديل في الإنتاج لـ 3 منتجين كبار للنفط، يمكن أن يؤدّي إلى ضغط إضافي على الأسعار، ويعيد من التخمة إلى مستويات 35 دولارًا للبرميل.
مكاسب بالجملة لمادورو
في وقت سابق هذا الأسبوع، أفادت وكالة بلومبرغ، بأن بايدن يستعدّ للتفاوض مع مادورو ونظامه، في محاولة لإنهاء أسوأ أزمة واقتصادية في النصف الغربي من الكرة الأرضية.
ونقلت الوكالة عن 3 مصادر على دراية بالمسألة قولها، إن إدارة بايدن تعتزم الضغط فقط على فنزويلا من أجل إجراء انتخابات نزيهة، لتخفيف العقوبات المفروضة على النظام هناك.
وتوقّعت الوكالة أن يلعب داعمو مادورو الأجانب -بما في ذلك روسيا والصين وإيران- دورًا في المفاوضات، فضلًا عن كوبا الحريصة على تحسين العلاقات مع واشنطن.
ووصف مستشارو بايدن، أزمة فنزويلا بأنها أكبر تحدٍّ سياسي سيواجه الرئيس المنتخب في نصف الكرة الغربي.
وفي السنوات الـ5 الأخيرة، شهدت فنزويلا فرار أكثر من 5 ملايين شخص، هربًا من اضطرابات اقتصادية متواصلة يتخلّلها عنف من قبل عصابات.
كما تعاني البلاد من انقطاع التيّار الكهربي، ونقص على نطاق واسع للغذاء، وعداء من الحكومة اليسارية للمعارضة.
رسوم اقتصادية
في وقت سابق، أشار مادورو إلى اهتمامه بتحسين العلاقات عندما يتولّى بايدن منصبه، معربًا عن رغبته في أن تخفّف الإدارة الجديدة العقوبات التي دمّرت عائدات النفط في البلاد.
ومن المتوقّع انكماش الاقتصاد الفنزويلي بمقدار الثلث، هذا العام، وفقًا لشركة (ecoanalítica) -ومقرّها كاراكاس-.
على الصعيد المحلّي، سوف يفي بايدن بتعهّده بشأن وضع الحماية المؤقّتة، الذي سيسمح للفنزويلّيين الفارّين إلى أميركا بالبقاء هناك.
واحدة من أكثر القضايا الشائكة بالنسبة لبايدن هي كيفية التعامل مع مطالبة زعيم المعارضة خوان غوايدو بالرئاسة.
اعترفت الولايات المتحدة وأكثر من 50 دولة، بغوايدو كزعيم مؤقت، في أوائل عام 2019، عندما نصَّب غوايدو الذي كان حينها رئيسا للبرلمان -تسيطر عليه المعارضة- نفسه رئيسًا مؤقّتًا، وأدّى قسمًا رمزيًا لحين اجراء انتخابات جديدة.
وعلى خلفية ذلك، أعلن مادورو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، واتّهمها بتدبير محاولة انقلاب.
وعلى الرغم من إشرافه على التدهور الشديد للدولة الغنية بالنفط منذ خلافته للرئيس الراحل هوجو تشافيز، عام 2013، والجهود التي بُذلت على مدار سنوات لإجباره على التنحي، لا يزال مادورو يتولّى زمام الأمور بتحدٍّ.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، سيطر أنصاره على البرلمان بعد مقاطعة المعارضة، وكانت كندا وكولومبيا والبرازيل وأميركا من بين الرافضين لنتائج البرلمان.
خسائر المعارضة
من الناحية النظرية، سيخسر غوايدو مقعده رئيسًا للبرلمان، في 5 من يناير/كانون الثاني، وسيتولّى بايدن منصبه في واشنطن، بعد أسبوعين فقط.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الركود الاقتصادي بفنزويلا يعود إلى حملة ترمب التي استهدفت الإطاحة بحكومة مادورو.
وأدان لافروف العقوبات الأميركية على فنزويلا، مردفًا: "إدارة دونالد ترمب شجّعت على التمرّد ضدّ حكومة مادورو الشرعية".
وأردف: "الركود الاقتصادي في فنزويلا يعود إلى حملة استُخدمت فيها القوّة للإطاحة بالحكومة الشرعية".
اقرأ أيضًا..
- قبل انتهاء مهلة ترمب.. صادرات فنزويلا النفطية الأعلى منذ 5 أشهر
- النفط الفنزويلي.. كاراكاس تلجأ لاستثمارّات “سرّية” للتحايل على الحصار الأميركي