التقاريرتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

"الطاقة" ترصد تجربة منزل يتحدّى انقطاعات الكهرباء في كاليفورنيا

حرائق الغابات والأعاصير تقطع التيّار عن مئات الآلاف من المنازل

حازم العمدة

اقرأ في هذا المقال

  • الشركات تضطر لقطع الكهرباء لأيام وربما أكثر من أسبوع لمواجهة موسم الحرائق
  • كاتب وناقد سينمائي يلجأ إلى نظام طاقة شمسية وبطارية تخزين لتحقيق مرونة إمدادات الطاقة
  • الكهرباء لم تنقطع عن منزل كريستوفر طوال موسم الحرائق

"ركّبتُ نظام طاقة شمسية وبطّارية تخزين بمنزلي، في محاولة لمواجهة انقطاعات الكهرباء في كاليفورنيا لأيّام، وربّما يتجاوز الأمر أسبوعًا كاملًا".

بهذه الكلمات التي لا تخلو من الإشارة إلى بعض المنغّصات والتحدّيات، يلخّص الكاتب والناقد السينمائي، كريستوفر نول، المقيم في ولاية كاليفورنيا تجربته مع أزمة الكهرباء التي أصبحت حديث الشارع، لاسيّما في موسم حرائق الغابات التي تغرق مختلف أرجاء الولايات في ظلام دامس، مع اضطرار الشركات إلى قطع متعمّد للتيّار، لمواجهة الكارثة.

انقطاعات الكهرباء في كاليفورنيا

يقول كريستوفر نول، إن القيود والصداع المرتبط بهذه التجربة كانت أكبر ممّا توقّعت، لكن راحة البال لا تُقدّر بثمن.. شعورك بأن حالة الشلل التي يشهدها المنزل جراء الانقطاعات المتكرّرة والمطوّلة للكهرباء قد تبخّرت، كفيل بالحكم على التجربة بالنجاح، رغم أنّها لا تخلو من الصعوبات والسلبيات".

واستطرد متحدّثًا عن تجربته: "ليس هذا فحسب، بل تجعلني على المستوى الشخصي أساهم ولو بشكل بسيط في مواجهة أزمة التغيّر المناخي، والانتقال إلى مستقبل أخضر".

في الوقت الذي يكافحون فيه جائحة فيروس كورونا المستجدّ -كباقي شعوب الكرة الأرضية- وجد مواطنو ولاية كاليفورنيا أنفسهم أمام أزمة أخرى، هذا العام، وهي موسم حرائق الغابات.

انقطاعات متعمّدة

عندما أعلنت شركة "بي جي آند إي" المسؤولة عن إمداد ثلثي كاليفورنيا بالكهرباء، لأوّل مرّة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عن تنفيذ قطع متعمّد للتيّار في المناطق التي تغطّيها لمواجهة حرائق الغابات، تحدّثت زوجة كريستوفر نول إليه بجدّية وصرامة، قائلة: "إذا كان الأمر كذلك، فلنرحل".

لم يمض وقت طويل، حتّى نفّذت الشركة الإجراء- والكلام لنول- فقد ظلّ منزلنا دون كهرباء لمدّة أربعة أيّام، ومع ذلك، كنّا محظوظين. عانى آخرون في جميع أنحاء الولاية الأمرّين مع انقطاع الكهرباء لأكثر من أسبوع، وتأثُّر نحو 3 ملايين شخص في النهاية.

الاكتفاء الذاتي هو الحلّ لمواجهة الانقطاعات المتكرّرة والمطوّلة

بالطبع، ليست كاليفورنيا المكان الوحيد الذي يعاني أزمة كهرباء، حيث تضرب العواصف والأعاصير القطاع الحيوي في الشمال الشرقي بانتظام، وترك إعصار كاترينا، عام 2005، الكثير من العملاء دون كهرباء لأسابيع.

وبالرغم من أن شركة "بي جي آند إي" وعدت بانقطاعات أقلّ زمنًا ونطاقًا، فإن التيّار الكهربائي انقطع عن نحو 87 ألف شخص، في سبتمبر/أيلول، و100 ألف، في أكتوبر/تشرين الأوّل.

ليس هذا فحسب، بل قالت الشركة، إن الانقطاعات ستكون شائعة في أشهر الخريف، لمدّة 10 سنوات، على الأقلّ.

وإذا كانت شركات الطاقة مُجبرة على مثل هذا الإجراء لاحتواء الكوارث والأزمات، فلماذا لا يأتي الحلّ من المستهلكين؟

هكذا تساءل نول الذي رأى أن الحلّ الواضح والعملي هو التفكير في الألواح الشمسية، انخفضت الأسعار، وارتفعت الكفاءة، ومن المنطقي من الناحية الماليّة التفكير في الطاقة الشمسية، حتّى لو لم تكن الولاية تشهد حرائق باستمرار.

اكتشف كريستوفر نول سريعًا أن الألواح الشمسية وحدها لن تحلّ الأزمة، فمن المفارقات أنّها لا تعمل إذا كانت شبكة الشركة متوقّفة.

عندما تغلق الشركة الخطوط، يتوقّف تدفّق التيّار خلال الشبكة لأسباب تتعلّق بالسلامة، أحد أهمّ مزايا الطاقة الشمسية المنزلية هو أنّه يمكنك بيع المزيد من الكهرباء مرّة أخرى إلى الشبكة، وإذا كانت المنازل التي تعمل بالطاقة الشمسية ترسل الكهرباء الزائدة عن حاجتها مرّة أخرى للشبكة عبر أسلاك النقل -بيعها للشركة-، فإن المشكلة ستبدو جليّة.

بطّاريات التخزين

لاحتواء هذه المشكلة، لجأ نول إلى حلّ بديل، وهو تثبيت بطّارية، بحيث يقوم النظام الشمسي المنزلي بشحن بطّارية في المرآب الخاصّ به، ومن ثمّ يستطيع سحب التيّار مباشرة من البطّارية حال توقّف شبكة الكهرباء التابعة للشركة عن العمل.

ويمكن أن تواصل الألواح الشمسية إعادة شحنها في أثناء استخدامها، ليس هذا فحسب، لكن البطّاريات تحلّ واحدة من أكبر مشكلات الطاقة الشمسية من خلال منحك القدرة على إنتاج الطاقة الخاصّة بك في الليل.

بدلًا من الاضطرار إلى السحب من الشبكة عندما يحلّ الظلام، يمكنك سحب الكهرباء من البطّارية، حتّى تطلع الشمس في اليوم التالي، ومن هنا يتحقّق مصطلح "مرونة الطاقة" بحيث لا تعتمد كهرباء المنازل على الشبكة.

قبل أن يعرف ذلك، كان نول وزوجته يتحدّثان عن جدوى الاستثمار في نظام الطاقة الشمسية مع البطّارية الاحتياطية. لن يتمكّن فقط هو وأسرته من تجنّب أيّام انقطاع التيار الكهربائي بسهولة أكبر، بل سنخفض فواتير الكهرباء لبقيّة العام.

أسعار الكهرباء

تزيد أسعار الكهرباء في أوقات الذروة، وفي المساء مع غياب الشمس، لكن مع وجود نظام طاقة شمسية فاعل في المنازل، تتجنّب الأسر دفع فواتير باهظة، فضلًا عن قدرتها على بيع الطاقة الزائدة عن حاجتها إلى شركة الكهرباء مرّة أخرى.

وسرعان ما تحدّث الكاتب الصحفي والناقد السينمائي "نول" إلى المصرف الذي يتعامل معه حول حدّ ائتمان لإنجاز التجربة، وهذه هي المرّة الأولى في مسيرته المهنية التي يحصل فيها على قرض من أجل كتابة مقال مقال قائم على تجربة واقعية.

التجربة توفّر 60% من قيمة فاتورة الكهرباء والتخلّص من كابوس الظلام لا يُقدّر بمال

تعدّ الألواح الشمسية رخيصة بشكل مدهش، حيث ينتج اللوح الواحد ما يصل إلى 320 واط، ويكلّف نحو 250 دولارًا فقط، وقد ثبّت نول 20 لوحًا، يمكن أن تنتج نظريًا 6.4 كيلوواط، في أيّ وقت.

12 ألف دولار

في يوم صيفي طويل ومشمس، كان نول يتوقّع أن يرى ما بين 30 و35 كيلوواط/ساعة من الطاقة المنتَجة، أمّا الطاقة المتبقّية فتذهب أوّلًا لإعادة شحن البطّارية، أو تعود إلى الشبكة، لكن البطّاريات غالية الثمن، حيث تتراوح تكلفة البطّارية وجهاز عاكس بين 10 آلاف و12 ألف دولار لإنتاج ما يتراوح بين 5.5 و13.4 كيلوواط في الساعة، وهنا تزيد التكلفة.

وهنا يلفت نول النظر إلى تحدٍّ آخر يتعلّق بالإطار الزمني. فقد وقّع عقد تركيب نظام الطاقة الشمسية في منزله، نهاية ديسمبر/كانون الأوّل، وانتهت عملية التركيب والفحص، بحلول أبريل/نيسان.

وبسبب كابوس البيروقراطية والشلل الذي أحدثه فيروس كورونا، لم يتسلّم نول التصريح النهائي للمشاركة في "قياس الطاقة الصافية"- القدرة الرسمية على بيع الطاقة الزائدة إلى الشبكة - حتّى نهاية سبتمبر/أيلول.

بيد أن الخبر السارّ هو أن أجهزته كانت تعمل بكفاءة، على الأقلّ في فصل الصيف، عندما كان إنتاج الطاقة الشمسية في أعلى مستوياته.

وبالرغم من أنّه لم يتمكّن بعد من إعادة بيع الطاقة الزائدة لشركة "بي جي آند إي"، فإن هذا هذا الأمر ليس سوى جزء بسيط من اقتصاديات الطاقة النظيفة، حيث تقدّم السلطات عددًا من الحوافز لتشجيع عملية انتقال الطاقة.

نوعان من الحوافز

للتشجيع على السير في هذا الاتّجاه، هناك نوعان من الحوافز الرئيسة، الأوّل، هو إعفاءات ضريبية على الاستثمار في هذا المجال، وبينما كان يشتمل في السابق على نظام معقّد من الحوافز، فقد جرى إصلاحه مؤخّرًا.. ما عليك إلّا أن تقوم بتركيب نظام الطاقة الشمسية -مع بطّارية أو دونها- وستنال خصمًا على ضرائب الدخل في العام المقبل.

العام الماضي، كانت الحوافز تُقدَّر بنحو 30% من إجمالي تكلفة التركيب، هذه السنة بلغت 26%، وسوف تنخفض العام المقبل ​​إلى 22%.

حوافز من السلطات والشركات لتشجيع إنتاج الكهرباء منزليًا وشراء الطاقة الزائدة من العملاء لتعزيز الشبكات

بعد ذلك ستنقرض الحوافز تمامًا، ما لم يتّخذ الكونغرس إجراءات تحول دون ذلك. إنّه ائتمان بسيط - نموذج واحد تقدّمه مع إقرارك الضريبي - لكنّنا لن نرى هذه القيمة حتّى عام 2021.

ويتمثّل النوع الثاني من الحوافز في الخصومات التي يقدّمها ما يُعرف ببرنامج حوافز التوليد الذاتي للكهرباء في كاليفورنيا.

تدير شركة "بي جي آند إي" هذا البرنامج المصمّم بالفعل لتشجيع تخزين الطاقة بدلاً من الإنتاج البسيط، وهو ما يعني الاستعانة ببطّارية في أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية.

الأساس المنطقي وراء هذا البرنامج أن هناك الكثير من الطاقة الشمسية في كاليفورنيا، حيث لا يمكن للولاية استخدامها كلها.

وفي الأيّام المشمسة بشكل خاصّ، يتعيّن على الشركة في الواقع أن تدفع للولايات الأخرى لأخذ الطاقة الزائدة وتخفيف الأحمال عن الشبكة.

تفاصيل انقطاعات الكهرباء في كاليفورنيا وذروة الطلب

عندما تغيب الشمس يتغيّر الوضع بشكل كبير، حيث يتعيّن مواجهة ذروة الطلب بمحطّات الطاقة التي تعمل بالغاز، وهذا هو السبب في أن معظم خطط الأسعار تفرض على المواطن رسومًا أكبر مقابل استخدام الكهرباء في المساء.

ومن ثمّ، فإن المحصّلة النهائية، هي أن شركة "بي جي آند إي" ستدعم بطّاريتك لتجنّب تكاليف إنتاج الطاقة في ساعات الذروة. وتبلغ قيمة الخصم حاليًا 250 دولارًا لكلّ كيلوواط/ساعة طاقة مخزّنة.

وخلال مرحلة البحث عن أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، تلقّى نول تحليلًا تفصيليًا وشخصيًا يشير إلى أن متوسّط ​​فاتورة الكهرباء الخاصّة به سينخفض ​​من 223 دولارًا إلى 22 دولارًا في الشهر.

وبالرغم من أن فاتورته، لشهر مايو/آيار 2020، كانت 86 دولارًا فقط (بانخفاض 54%مقارنةً بالعام السابق)، وكانت فاتورته لشهر أكتوبر/تشرين الأوّل 2020 (التي كانت أوّل من اشتمل على قياس صافي الطاقة) 78 دولارًا (بانخفاض 60% )، كانت بعض فواتيره خلال الأشهر الأكثر سخونة أعلى ممّا كانت عليه عام 2019.

تحدّيات التجربة وانقطاعات الكهرباء في كاليفورنيا

دفعت جائحة كورونا الكثيرين إلى العمل والدراسة من المنازل، وهو ما زاد بالفعل من استهلاك الطاقة الكهربائية.

ومع ذلك، لا تخلو تجربة نول- أو نظام الطاقة الشمسية المنزلي، إن صحّ التعبير- من بعض السلبيات والعيوب، حيث لا يمكن تشغيل المنزل كلّه بالبطّارية.

سيتعيّن عليك اختيار الدوائر التي يمكن لبطّاريتك توفير الطاقة لها، في ظلّ انقطاع التيّار الكهربائي من الشركة، فهناك سقف للتيّار المسحوب، وهو 23 أمبير، وثلّاجة نول -على سبيل المثال- تسحب وحدها 5 أمبير.

ويتطرّق نول إلى مشكلة أخرى لا تقلّ أهمّية، ففي الصيف، حيث سطوع الشمس، يعاد شحن البطّارية عادةً قبل الظهر، لكن بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني، يكون هناك القليل من أشعّة الشمس، بحيث تستغرق البطّارية معظم ساعات النهار لإعادة الشحن، وفي الأيّام الملبّدة بالغيوم غالبًا، لا يعاد الشحن بالكامل على الإطلاق.

مقارنةً بنحو 35 كيلوواط في الساعة أنتجتها في 25 يونيو/حزيران، ينتج نول في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، 11 كيلوواط في الساعة فقط يوميًا. وهذا يعني اعتمادًا أكبر على الشبكة، وبالطبع تكاليف طاقة أعلى.

المستهلك قادر على أخذ زمام المبادرة في حلّ الأزمة وتعزيز الجهود الفردية لمواجهة التغيّر المناخي

اتّساخ الألواح الشمسية مشكلة أخرى يواجهها نول، فقد أسقطت جميع حرائق كاليفورنيا طنًا من الرماد على الألواح الخاصّة به، ما قلّل إنتاجها بشكل ملحوظ.

حاول الكاتب تنظيفها بقدر المستطاع، ولكن قيل له إن التنظيف الاحترافي موصى به مرّة واحدة سنويًا، بسعر نحو 200 دولار، وهو ما يقلّل من هامش التوفير في تكلفة الكهرباء.

تتطلّب البطّاريات مراوح تبريد عند إعادة شحن النظام. في منتصف يوم مشمس، يكون الصوت مساويًا لتشغيل محرّك صغير.. أثناء التخطيط الأصلي كان هناك نقاش كبير حول مكان وضع النظام، لكنّه لم يضع في الحسبان أبدًا مشكلة الضوضاء.

لحسن الحظّ، انتهى الأمر بالنظام في المرآب -وهو أمر شائع- ، لذلك لا يمثّل الصوت مشكلة في معظم الأوقات.

تقييم التجربة

منذ تركيب نظام الطاقة الشمسية المنزلية، يسأل الكثيرون نول عمّا إذا كان سعيدًا به، الجواب دائمًا: نعم، وإن كان بتردّد شديد.

يقول نول: "لكي أكون صريحًا، لم تتحقّق المدّخرات والتوفير بالنسبة التي كنت أتوقّعها.. ولكن راحة البال التي يحقّقها سحب التيّار الكهربائي من بطّارية التخزين لا تُقدَّر بمال.. من المريح نفسيًا لي التأكّد من أنّني سأتمكّن من مواصلة العمل، وأن طعامنا لن يفسد عند حدوث انقطاع الكهرباء. يعمل النظام أيضًا على تحسين قيمة منزلنا بشكل كبير إذا قرّرنا البيع".

ويضيف نول: "القواعد والقيود التي فرضها فيروس كورونا المستجدّ جعلت حسابات المكسب والخسارة مختلفة، فمن المهمّ أن نجعل منزلنا أكثر اكتفاءً ذاتيًا من الطاقة الكهربائية".

وتابع قائلًا: "خلال فترات انقطاع العام الماضي، كانت عائلتي تتّجه إلى سان فرانسيسكو، حيث لم ينقطع التيّار الكهربائي مطلقًا، لتستمتع بالذهاب إلى ستاربكس أو الجلوس في مكتبة، وتناول العشاء، وربّما تشاهد فيلمًا قبل العودة إلى منزلنا الغارق في الظلام. لا شيء من هذا ممكن حقًا هذه الأيّام، وإذا بقينا في المنزل لفترة طويلة، فإن الاستثمار في شريان الحياة الكهربائي الجديد لدينا سيكون أكثر إقناعًا".

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق