خاصّ – مصر تطرح سندات خضراء بـ مليار دولار في 2021
رغم تداعيات كورونا وانكماش الاقتصاد العالمي
عبدالرحمن صلاح
- مصر تتجه لإتمام الطرح الجديد في النصف الأول من 2021
- تحديد 5 مشروعات لتنفيذها ضمن الطرح الأول
- وزير البيئة السابق: نسبة كبيرة من الانبعاثات مرتبطة بالنقل ثم الصناعة
- خالد فهمي: نحتاج مشروعات مدروسة اقتصاديًا وذات ربحية وجدوى بيئية
تعتزم الحكومة المصرية طرح المزيد من السندات الخضراء المقوّمة بالدولار، خلال الفترة القليلة المقبلة.
يأتي ذلك في ظلّ اتّجاه عالمي إلى مشروعات الطاقة النظيفة، بهدف الحدّ من الانبعاثات ومختلف مصادر التلوّث.
وفي هذا السياق، قالت مصادر حكومية في تصريحات إلى منصة "الطاقة"، إنّه ستُطرَح سندات خضراء بنحو مليار دولار، خلال العام المقبل، لأجل سداد 5 أو 7 سنوات.
وأوضحت المصادر أن هناك اتّجاهًا لإتمام الطرح في النصف الأول من 2021، حال استقرار الأوضاع الخاصّة بتداعيات فيروس كورونا (كوفيد -19)، لكن إن لم تكن الأمور مستقرّة، سيجري التأجيل للنصف الثاني من العام.
السندات الخضراء هي صكّ استدانة يصدر للحصول على أموال مخصّصة لتمويل مشروعات متّصلة بالمناخ أو البيئة، ومن بينها مشروعات الطاقة المتجدّدة، وكفاءة استخدام الطاقة، والإدارة المستدامة للنفايات، والتكيّف مع تغيّر المناخ.
وأضافت المصادر التي رفضت الكشف عن هويّتها، أن نجاح طرح أوّل سندات خضراء في مصر والشرق الأوسط، خلال سبتمبر/أيلول الماضي، شجّع الدولة على المُضي قُدمًا في طرح المزيد من السندات، ضمن خطّة سابقة كانت تشمل طرح سندات بـ 1.9 مليار دولار، للمساعدة في جذب المزيد من المستثمرين الذين يهتمّون بالعوائد البيئيّة والماليّة.
بينما امتنعت وزارتا المالية والتخطيط، عن الردّ على طلبات أرسلتها "الطاقة" للتعليق على الأمر، أو شرح معرفة خطّة الحكومة في هذا الشأن، خلال 2021.
"الطرح من اختصاص وزارة الماليّة، بينما نحن نحدّد المجالات، دون تنفيذ المشروعات".. هكذا ردّت وزارة البيئة المصرية، على طلب "الطاقة" للتعليق.
وأوضحت الوزارة، أنّها حدّدت الـ 5 مشروعات الخاصّة بالطرح الأوّل البالغ 750 مليون دولار أميركي.
وأضافت أن المشروع الأوّل، هو مونوريل -القطار الكهربائي- الذي يمتدّ من العاصمة الإدارية الجديدة إلى مدينة 6 أكتوبر، بما في ذلك الخدمات الاستشارية.
أمّا المشروع الثاني، فهو محطّة تحلية مياه البحر في منطقة الضبعة بمحافظة مطروح، والمشروع الثالث، محطّة معالجة الصرف الصحّي الثلاثية في قرى عرب المدابغ بأسيوط.
والمشروع الرابع، هو معالجة حمأة (مخلّفات) الصرف الصحّي في الإسكندرية، والمشروع الأخير، خاصّ بامتداد مدينة العياط التابعة لمحافظة الجيزة.
في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت مصر نجاح عملية إصدار أوّل سندات خضراء مقوّمة بالدولار، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأجل 5 سنوات بسعر عائد 5.250%.
وحينها قال وزير الماليّة محمد معيط، إن بلاده باعت سندات خضراء بـ 750 مليون دولار، حيث شهد الإصدار "إقبالًا كبيرًا جدًا من المستثمرين"، وتجاوزت طلبات الشراء حجم الإصدار المعلن عنه 500 مليون دولار، بما يعادل ٧.٤ مرّة، وتخطّت الحجم المقبول بما يعادل ٥ مرّات.
وأشار إلى نجاح الطرح دون الحاجة للقيام بجولة ترويجية لمقابلة المستثمرين، نظرًا لظروف منع السفر للخارج، بسبب أزمة فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد -19).
ركائز التمويل الأخضر
يقول الدكتور خالد فهمي وزير البيئة المصري السابق، إن طرح السندات الخضراء "اتّجاه محمود من ضمن ركائز التمويل الأخضر".
وأشار -في تصريحات خاصّة إلى منصة "الطاقة"- إلى أهمية دمج البعد البيئي في السياسات الاقتصادية، وأن يكون القائد في تلك العملية وزارة الماليّة، وهو تغيير كبير في أداء الوزارات المختلفة فيما يتعلّق بالبُعد البيئي.
خالد فهمي ترأّس وفد مصر في فعاليات مؤتمر أطراف اتّفاقية الأمم المتّحدة الإطارية لتغيّر المناخ، التي استضافتها مدينة مراكش المغربية عام 2016 (كوب 22)، كما شارك في النسخة التالية من المؤتمر (كوب 23)، في مدينة بون الألمانيّة.
وتابع فهمي: "لاشكّ أن ذلك علامة على الطريق، لكن يجب أن يكون مدعومًا بمشروعات واضحة المعالم، ولها مؤشّرات محدّدة سلفًا، لنضمن فاعلية السندات، وإمكان سدادها".
وأضاف أن مشروعات الطاقة الجديدة والمتجدّدة من ضمن أكبر المشروعات في هذا الشأن، ثمّ نتّجه إلى وسائل النقل، خاصّةً أن نسبة كبيرة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مرتبطة بالنقل، يليه الصناعة.
وأوضح أن التحوّل من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجدّدة، "جزء كبير من سياستنا في الالتزام باتّفاقية باريس لتغيّر المناخ، ومصر متقدّمة في هذا المجال".
في 28 أكتوبر/تشرين الأوّل المنصرم، أعلنت الحكومة المصرية تخصيص 36.7 مليار جنيه (2.33 مليار دولار أميركي) للاستثمارات العامّة الخضراء، في خطّة العام المالي الجاري.
تُمثّل تلك الاستثمارات نحو 15% من إجمالي الاستثمارات العامّة للدولة، وذلك في سبيل الانتقال إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات.
وبلغ إجمالي عدد المشروعات الخضراء على مستوى الجمهورية، 691، تتركّز في القاهرة والجيزة ودمياط، حيث استحوذت مشروعات النقل على النصيب الأكبر بنسبة 50%، تليها مشروعات الإسكان، ثمّ الكهرباء.
يقول وزير البيئة السابق خالد فهمي، في تصريحاته إلى "الطاقة": إن الحافلات ووسائل النقل تمثّل أكثر من 60% من الانبعاثات، لذا كان التحوّل للحافلات الكهربائية، "وبدأنا تطبيق ذلك بالفعل في محافظة الإسكندرية، إلى جانب خطّة مصر لتحويل السيّارات للعمل بالغاز".
"الاتّجاه العالمي الآن للكهرباء وليس الغاز، إلى جانب السيّارات الهجينة".. هكذا يرى وزير البيئة المصري السابق.
وقال: "يجب أن يكون لدينا مشروعات مدروسة اقتصاديًا، وذات ربحية وجدوى بيئية، وهي مشروعات الاقتصاد الأخضر".
يقول خالد فهمي، اتّفاقية باريس كانت تتضمّن الإعلان عن خطّة في غضون عامين أو ثلاثة، للتحوّل إلى الحياد الكربوني، لكن أزمة (كوفيد -19) عطّلت الكثير من خطط الدول، وقبلها الانكماش الاقتصادي العالمي، الذي أدّى لتعطّل خطط أوروبّية لدعم الدول النامية في هذا الاتّجاه.
وتابع الوزير السابق: "اقتصاديات الطاقة الجديدة والمتجدّدة تحسّنت للغاية، وأصبح إنتاج الكهرباء منها ينافس الفحم".
وقال: "إذا تحدّثنا عن الزمن المطلوب للتحوّل إلى الحياد الكربوني، أرى أنّه سيكون ما بين 5 إلى 10 سنوات، من خلال سياسات متوافق عليها من الحكومة".