بريطانيا تحتاج 43.4 مليار دولار سنويًا لتحقيق الحياد الكربوني
لندن توفّر 5.2 مليار دولار فقط سنويًا
ترجمة: محمد فرج
تنعقد قمّة غلاسكو لتغيّر المناخ، العام المقبل، برئاسة بريطانيا، حيث ينظر إليها العديد من القادة على أنّها اختبار حاسم للحدّ من الاحترار العالمي، ومع ذلك يشعر الخبراء بالقلق إزاء ما يعدّونه عدم استعداد لندن، خاصّةً مع استمرار وباء كورونا (كوفيد - 19)، الذي وضع أعباء ماليّة ضخمة على الحكومات.
وتستثمر حكومة بوريس جونسون 12% فقط من الأموال اللازمة لمواجهة حالة الطوارئ المناخية، والتهديد المتزايد للطبيعة، وفقًا لتقرير جديد من شأنه أن يثير مخاوف دولية جديدة بشأن التزام بريطانيا بجدول الأعمال الأخضر.
5.2 مليار دولار سنويًا للاقتصاد الأخضر
بحسب التقرير الصادر من معهد أبحاث السياسات العامّة "آي بي بي آر"، قبل خطاب مهمّ متوقّع عن البيئة من قبل جونسون، فإن بريطانيا بحاجة إلى تخصيص 33 مليار جنيه إسترليني (43.4 مليار دولار أميركي)، كلّ عام، من البرلمان، للقضايا الخضراء، وحتّى الآن، جرى التعهّد فقط بنحو 4 مليارات جنيه إسترليني (5.2 مليار دولار أميركي) سنويًا.
ويأتي التقرير في الوقت الذي يواجه فيه جونسون ضغوطًا عالمية متزايدة للتحرّك، أبرزها من الرئيس الأميركي المقبل جو بايدن، الملتزم بالقضايا الخضراء، لاسيّما أن دونالد ترمب أخرج الولايات المتّحدة من اتّفاق باريس، بشأن تغيّر المناخ، لكن بايدن وعد بالانضمام مرّة أخرى إلى الاتّحاد، في 20 كانون الثاني/يناير، وهو اليوم الذي يتولّى فيه السلطة.
وقال كبير الاقتصاديّين في "آي بي بي آر"، كارستن جونغ: "حتّى الآن، لم يتوفّر سوى قرابة عُشر الأموال اللازمة لثورة الاستثمار النظيف، ويمكن أن يؤدّي رفع مستوى الاستثمار، واتّباع خطّة العمل المكوّنة من 10 نقاط إلى خلق ما يصل إلى 1.6 مليون فرصة عمل وتوفير الفرص الاقتصادية لكلّ ركن من أركان البلاد، مع خفض الانبعاثات واستعادة الطبيعة ومعالجة عدم المساواة.
فرص الالتزام بخطط تغيّر المناخ
حذّرت لجنة تغيّر المناخ التابعة للحكومة مؤخّرًا من أن بريطانيا ليست على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها المؤقّتة للانبعاثات لميزانيتي الكربون الرابعة والخامسة للفترتين "2023-2027" و"2028-2032"، وحدّدت بعض المجالات الحاسمة للعمل.
ومن بين هذه التدابير، فرض حظر، عام 2035، على مبيعات السيّارات الجديدة من البنزين والديزل والهجين، وزيادة الاستثمارات الإستراتيجية في تطوير احتجاز الكربون وتخزينه للصناعات، مثل الصلب، وزيادة الاستثمار في بدائل خالية من الكربون للتدفئة المركزية للغاز.
حذّر المحلّلون من أن هدف بريطانيا الصافي المتمثّل في الحياد الكربوني، لن يبدو ذا مصداقية، ما يقوّض سلطتها بصفة مضيفة لمؤتمر الأطراف السادس والعشرين.
ووعد جونسون بالاهتمام بالاقتصاد الأخضر، وتحقيق انتعاشة ضمن خطّة العمل التي تنفّذها الحكومة، في مرحلة ما بعد كورونا (كوفيد- 19)، مع تعهّدات بتعزيز استثمارات الرياح البحريّة بشكل كبير.
لكن، في سبتمبر/أيلول الماضي، تبيّن أن محادثات المناخ بين الاتّحاد الأوروبّي والصين -التي كان لها فضل المساعدة بتحقيق انفراجة في بكين- حضرها سياسيون كبار من مختلف أنحاء أوروبّا، ولكن ليس من بينهم بريطانيا.
وقد دعت المفوّضية الأوروبّية إلى رفع هدف خفض الانبعاثات، لعام 2030، من 40% إلى 55%، مقارنةً بمستويات عام 1990، وأعلنت الصين أيضًا أنّها ستحدّد هدفًا للمرّة الأولى، لتحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى مسار أكثر اخضرارًا، وقد رفعت هذه التحرّكات مجتمعة توقّعات كبيرة لقمّة المناخ في غلاسكو.
خطّة خفض الانبعاثات
قال علماء المناخ: "إذا جرى سنها خطّة خفض الانبعاثات، فإن الهدف الجديد للصين وحدها من شأنه أن يقلّل من مستويات الاحترار العالمي بنسبة 0.3 درجة مئوية، وعلى النقيض من ذلك، لم تعلن المملكة المتّحدة بعد عن أيّ هدف جديد، لعام 2030، ولكن هناك توقّعات بأن جونسون قد يفعل ذلك قريبًا".
جدير بالذكر أن جونسون سيعلن، هذا الأسبوع، تفاصيل خطّته ذات النقاط الـ 10، حيث تتضمّن تنفيذ مشروعات رياح بحريّة، والحفاظ على الغابات، وتوسيعها لخفض ثاني أكسيد الكربون، ومساعدة الحياة البرّية.
ومن المتوقّع أيضًا أن يشير إلى مزيد من الدعم لاقتصاد الهيدروجين، ليحلّ محلّ الوقود الأحفوري في تصنيع الصلب والكيماويات، وتخزين الكربون والتكنولوجيات، لالتقاط الانبعاثات الصناعية.
ومن المرجّح أن يدعو جونسون إلى اتّخاذ تدابير للتعجيل بتطوير بدائل خالية من الكربون للتدفئة المركزية للغاز، وربّما الإعلان عن إنشاء بنك استثماري بهدف توفير التمويل العامّ لبناء بُنية تحتيّة خالية من الكربون.