تعاون إماراتي أميركي إسرائيلي مرتقب في مجال الطاقة
اتّفاق ثلاثي لتطوير إستراتيجية مشتركة وتعزيز التعاون
ترجمة - محمد فرج
فتحت الإمارات أذرعها للولايات المتّحدة الأميركية وإسرائيل للتعاون في مجال الطاقة، وعقد شراكات طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار والتكامل والازدهار في الشرق الأوسط، رغم تباطؤ الطلب على النفط، وتراجع استهلاك الطاقة بسبب تفشّي فيروس كورونا.
وأصدرت الدول الثلاث بيانًا مشتركًا بشأن تطوير إستراتيجية مشتركة للتعاون في مجال الطاقة، وحمل البيان توقيع وزير الطاقة والبُنية التحتيّة الإماراتي سهيل المزروعي، وزير الطاقة الأميركي دان بروليت، وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس.
أوضح البيان أن التعاون في مجال الطاقة يمكن أن يكون خطوة نحو شرق أوسط أكثر "استقرارًا وتكاملًا وازدهارًا"، مضيفًا أن الدول الثلاث تسعى إلى إيجاد حلول لتحدّيات الطاقة التي يواجهها الفلسطينيّون من خلال تطوير موارد الطاقة والتكنولوجيات والبُنية التحتيّة ذات الصلة.
والجدير بالذكر أنّه، في 15 أيلول/سبتمبر، وقّعت الامارات وإسرائيل في البيت الأبيض، اتّفاقًا لتطبيع العلاقات الدبلوماسية، ممّا يجعل الإمارات ثالث دولة عربية بعد مصر والأردن، تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
إمكانات الإمارات في مجال الطاقة
ممّا لاشكّ فيه أن قطاع الطاقة يلعب دورًا مهمًّا في السياسات الداخلية والخارجية لدولة الإمارات. ومنذ اكتشاف النفط والغاز قبل أكثر من نصف قرن، أصبحت الدولة عضوًا رئيسًا في أسواق الطاقة العالمية، وهي تلعب دورًا مهمًّا في تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمي.
وتعدّ دولة الإمارات أكبر منتج للنفط من بين الدول الأعضاء في منظّمة أوبك، تاريخيًا، يشكّل كلّ من النفط والغاز المصادر الرئيسة للطاقة في دولة الإمارات حاليًّا، وبيّنت الدراسات أن هذه المصادر لن تكون كافية لسدّ الطلب على الطاقة في المستقبل. لذا، يشهد قطاع الطاقة في الدولة تحوّلًا يهدف إلى تنويع مزيج الطاقة.
تستهدف إستراتيجية الإمارات للطاقة، في عام 2050، مزيجًا من الطاقة المتجدّدة والنووية و الأحفورية النظيفة، لضمان تحقيق توازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئيّة، ويتضمّن خليط الطاقة حسب الإستراتيجية كلًّا من الفحم النظيف والغاز والطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والوقود الحيوي. وسوف تستثمر الإمارات 600 مليار درهم، حتّى عام 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة التنمية.
-
الإمارات تعلن 2020 عام الطاقة النووية
-
صفقة تاريخية محتملة.. إسرائيل تخطّط لشراء الطاقة الشمسية من الأردن
وتشكّل شبكة الإمارات الوطنية للكهرباء جزءًا من نظام الربط الكهربائي الإقليمي الخليجي لربط الشبكات الكهربائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بتكلفة بلغت 5 مليارات درهم.
وبلغت مساهمة دولة الإمارات في المشروع نحو 800 مليون درهم، ومن المتوقّع أن يحقّق وفرًا مادّيًا لدول المجلس بنحو 5 مليارات دولار، كما إنّه يؤسّس لسوق طاقة مشتركة بين دول المجلس، ويسهم في توفير إمدادات طاقة مستدامة تدعم الاقتصادات الوطنية لدول الخليج العربية، والمشروعات التنموية في هذه الدول.
ووضعت الإمارات خطّة طموحة لإنتاج طاقة نظيفة بأسعار معقولة، وتتضمّن إعداد برنامج مدني شامل للطاقة النووية، والذي يتضمّن بناء أربعة مفاعلات نووية جديدة، لتوفير 25% من احتياجات الكهرباء في الإمارات، وجاءت في المرتبة الثالثة على مستوى العالم، في إنتاج الطاقة الشمسية المركّزة، في عام 2013، كذلك تنفيذ أكبر مشروع على مستوى العالم للطاقة الشمسية المركّزة بموقع واحد في دبي بسعة 1 غيغاواط، واستثمار أكثر من مليار دولار في مشاريع الطاقة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك طاقة الرياح.
إستراتيجية متكاملة لتنويع المصادر
ووضع المجلس الأعلى للطاقة في دبي، إستراتيجية متكاملة للطاقة، حتّى عام 2030، لتنويع وتطوير مصادر الطاقة، وضمان الإمداد، وتعزيز كفاءة وفعالية الطلب على الكهرباء والمياه والوقود، ومن ثمّ التقليل من الانبعاثات الكربونية. ومن المقرّر، بحلول عام 2030، أن تصل نسبة استخدام الطاقة المتجدّدة في مجال توليد الكهرباء، إلى 5%، بالإضافة إلى 12% للطاقة النووية، و12% للفحم النظيف، والنسبة الباقية من استخدامات الغاز.
وأُطلِقَت إستراتيجية دبي للطاقة النظيفة، 2050، والهادفة إلى تحويل الإمارة لمركز عالمي للطاقة النظيفة، والاقتصاد الأخضر. وتطمح الإستراتيجية إلى توفير 75% من إجمالي طاقة الإمارة، من خلال موارد الطاقة النظيفة، بحلول عام 2050، وتأسيس نموذج مستدام لتوفير الطاقة، دون الإضرار بالبيئة ومواردها، والتقليل في البصمة الكربونية على مستوى العالم، بحلول عام 2050.
تحدّيات تواجه إسرائيل في مجال الطاقة
تعانى إسرائيل من تحدّيات عديدة في مجال الطاقة، ولا يمكنها الاعتماد على البُنية التحتيّة للدولة المجاورة، كما هو متبّع حول العالم. وتسعى لتعزيز التعاون مع عدد من الدول، للحصول على مصادر مختلفة من الطاقة، تعزّز من شبكتها وتدعم التغذية الكهربائية لجميع المستهلكين، وكذلك تطوّر الغاز الطبيعي للاستهلاك المحلّي وللتصدير، والاستيراد البحري للوقود، وإنتاج الطاقة من مصادر متجدّدة.
ومن خلال التعاون مع الإمارات، ترغب إسرائيل في تحقيق الاستدامة للطاقة، وتطوير قطاع الغاز الطبيعي، وتحسين منظومة البُنية التحتيّة والشبكات الكهربائية، لاستيعاب المزيد من الطاقات، والاتّجاه إلى الطاقة النظيفة، للحدّ من الانبعاثات الكربونية، والحرص على كفاءة الطاقة، وترشيد الاستهلاك.
أميركا تسعى لتحقيق الاستقرار وزيادة التعاون
الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها الولايات المتّحدة الأميركية في مجال الطاقة، تجعلها مؤثّرة دائمًا، سواء في صناعة القرار أو إعداد القرار وتجهيزه، وهو ما ظهر بشكل كبير في التعاون المرتقب الثلاثي مع الإمارات وإسرائيل، وتهدف الولايات المتّحدة الأميركية لعودة الاستقرار في المنطقة، ودعم الازدهار والسلام والمشاركة والتعاون، خلال الفترة المقبلة.
من المؤكّد أن الولايات المتّحدة الأميركية تسعى لزيادة التعاون مع الشركات الإماراتية في مجال النفط والغاز والطاقة المتجدّدة، لاسيّما أن الإمارات أكبر منتج للنفط من بين الدول الأعضاء في منظّمة أوبك، وأيضًا قطعت شوطًا كبيرًا في تحقيق طفرة بمجال إنتاج الطاقة الكهربائية. وقد تشهد الفترة المقبلة تطوّرًا كبيرًا في العلاقات بين أميركا والإمارات وإسرائيل، في كلّ المجالات.