بنود الطاقة في الاتّفاق التجاري الأميركي الصيني تُهدّئ التصعيد بينهما
بعد أشهر من انقطاع المحادثات
أسهمت بنود الطاقة في الاتّفاق التجاري بين الولايات المتّحدة الأميركية والصين، في تهدئة الأوضاع بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم، في الوقت الذي تصاعدت فيه وتيرة الخلافات بينهما لمستويات كانت تُنذر بقطيعة اقتصادية للأبد.
فبعد أشهر من انقطاع المحادثات، وسط تدهور العلاقات الثنائية، اتّفق المفاوضون الصينيّون والأميركيّون، اليوم الثلاثاء، على تنفيذ الاتّفاق التجاري الثنائي، وذلك بعد أن أبدت بكين حُسن نيّة بزيادة مشترياتها من الطاقة، في الوقت الذي تراجعت فيه مشترياتها من باقي السلع والخدمات، وفق المرحلة الأولى من الاتّفاق التجاري.
واشترت الصين منتجات نفطية من الولايات المتّحدة، قُدّرت بنحو 20 مليون برميل، على مدار شهري يوليو/تمّوز، وأغسطس/آب، ما أسهم في احتواء وتيرة التصعيد بين واشنطن وبكين، اللذين كانا على وشك تقطيع أواصر الترابط السياسي والاقتصادي، بحسب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، منذ يومين، عندما أشار إلى إمكان التخلّي عن الصين في جميع التعاملات التجارية والماليّة.
تعهّدت بكين، في يناير/كانون الثاني من هذا العام، بشراء منتجات في قطاع الطاقة، بقيمة 18.5 مليار دولار، بما في ذلك النفط الخام والغاز الطبيعي، فوق مستواها في 2017، ما ينطوي على قيمة إجمالية بقرابة 25 مليار دولار، هذا العام، رغم امتلاكها مخزونات كبيرة من النفط.
كانت الصين تحتلّ مكانة أكبر مشتر للخام الأميركي، إذ تلقّت ما قيمته 5.42 مليار دولار، في 2018، قبل أن يوقف توتّر تجاري التدفّقات بشكل شبه كامل.
وأفادت بيانات من مكتب تعداد الولايات المتّحدة، بأن مشتريات الصين من الخام الأميركي، حتّى 30 يونيو/حزيران الماضي، بلغت 2.06 مليار دولار، ما يُبرز التراجع الناجم عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، والتأثير المحدود لاتّفاق (المرحلة الأولى)، لكن تلا ذلك قفزة خلال الآونة الأخيرة في مشتريات شركة النفط والغاز الصينية المملوكة للدولة "بتروتشاينا"، وكبرى شركات التكرير لديها، سينوبك.
الطاقة مقابل أزمات متصاعدة
جاءت بنود الطاقة من خلال مشتريات الصين للنفط الأميركي، لتهدئة الخلافات بينهما، في وقت وصفه بعضهم بـ"الخطير"، بينما كانت تزداد الأزمات بينهما، جراء فيروس كورونا المستجدّ، والتجسّس، وهونغ كونغ، وحقوق الإنسان، وإغلاق قنصليّات، وذلك منذ أن وقّعتا، في 15 يناير/كانون الثاني، اتّفاق "مرحلة أولى"، وضعَ حدًّا لحرب تجاريّة مستمرّة، منذ سنتين.
فبعد أقلّ من عشرة أيّام، انكشفت مسألة تفشّي وباء (كوفيد-19)، وتبعتها أخطر أزمة اقتصادية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية، ما هدّد التزامات الصين بشراء المزيد من المنتجات الأميركية.
غير أن البيانين الصادرين، اليوم الثلاثاء، عن حكومتي البلدين، بدّدا كلّ هذه المخاوف، فأعلن مكتب ممثّل التجارة الأميركي، في ختام محادثات هاتفية أجراها روبرت لايتهايزر مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، أنّ "الطرفين يلمسان تقدّمًا، ومصمّمان على أخذ الإجراءات اللازمة لضمان نجاح الاتّفاق".
وأضاف البيان، إنّ وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، شارك في تلك المحادثات الهاتفية.
من جهتها، أعلنت وزارة التجارة الصينية، أنّ الطرفين أجريا "حوارًا بنّاءً حول تعزيز تنسيق سياسات الاقتصاد الكلّي للبلدين".
وأفادت باتّفاق الطرفين على تهيئة الظروف والأجواء، لمواصلة دفع تنفيذ المرحلة الأولى من الاتّفاق الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتّحدة.
وتعهّدت الصين، بموجب الاتّفاق الموقع في يناير/كانون الثاني الماضي، بشراء سلع وخدمات أميركية إضافية، بقيمة 200 مليار دولار، على مدى عامين، تشمل بضائع تتراوح بين السيّارات والآلات والنفط إلى المنتجات الزراعية.
من جانبها، تعهّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتعليق أيّ زيادة جديدة في الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية.
ومع تفشّي فيروس كورونا المستجدّ، وما واكبه من تراجع حادّ في المبادلات التجارية، لم تشتر بكين، بحلول نهاية يونيو/حزيران، سوى أقلّ من نصف ما تعهّدت به حتّى ذلك التاريخ، بحسب بيانات جمعها معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية.
في المقابل، ورغم أن الصين كانت البؤرة الأولى التي ظهر فيها الوباء، في أواخر العام الماضي، أظهرت أرقام، نشرتها بكين الشهر الماضي، زيادة في إجمالي صادراتها بنسبة تزيد عن 7%، هي الأكبر منذ مطلع العام، إضافة إلى زيادة جديدة في فائض ميزانها التجاري مع واشنطن بأكثر من 32 مليار دولار.
وأكّد بيان مكتب الممثّل التجاري الأميركي، أن "الطرفين بحثا كذلك الزيادة الكبيرة في مشتريات الصين من المنتجات الأميركية، والخطوات المستقبلية الضرورية لتنفيذ الاتّفاق".
صادرات النفط الأميركية للصين في يوليو
أظهرت بيانات الجمارك الصينية، اليوم الثلاثاء، ارتفاع صادرات النفط الخام الأميركي للصين خلال شهر يوليو/تمّوز الماضي.
وأكّدت وكالة بلومبرغ للأنباء، أن الصادرات النفطية الأميركية للصين، سجّلت 3.67 مليون طنّ، خلال شهر يوليو/تمّوز الماضي، مقارنةً بـ 587 ألف طنّ، في شهر يونيو/حزيران الماضي.