"آب اللّهاب" يصل كاليفورنيا.. وقطاع الكهرباء أول الضحايا
قطع ممنهج للتيار في الولاية لتفادي كارثة جراء موجة حر شديدة
حازم العمدة
- انقطاع الكهرباء بالتناوب يؤثر على 250 ألف منزل وشركة
- القطع التدريجي هو أول عملية تخفيف أحمال منذ أزمة الكهرباء عام 2001
- درجات الحرارة تجاوزت في بعض المناطق 45 درجة مئوية
- توقعات بوصول ذروة الطلب على الكهرباء إلى 47 ألف و641 ميغاوات
- الموجة الحارة تمثل اختبارا صعبا لتحول كاليفورنيا إلى الطاقة النظيفة
في المنطقة العربية -وتحديداً في العراق- يطلقون على شهر أغسطس "آب اللهاب"؛ ففي هذا الشهر دون غيره ترتفع درجات الحرارة بشكل لا يطاق، لدرجة أن التمر ينضج على النخيل من قيظ الحرارة ويتحول إلى رطب.. في هذا الشهر يكون الناس في أمسّ الحاجة إلى شبكة الكهرباء التي تواجه عجزاَ ربما لا تواجهه باقي شهور السنة؛ بسبب الإقبال غير العادي على تشغيل أنظمة التبريد.. ولكن يبدو أن هذه المقولة ستتجسد -بكل ما تحمله من معنى- في ولاية كاليفورنيا، التي تشهد حاليا موجة حر لم تمر بها منذ عقد من الزمن وربما أكثر.
وهنا تكون شبكة الكهرباء هي الملاذ الأول والأخير للسكان والأهالي للهروب من هذا الجحيم.. والعقبة الكؤود هي أن الحر شديد لعدم وجود ولو نسمة هواء.. ومع عدم وجود الهواء، تصبح طاقة الرياح غير فاعلة.. هناك حر شديد ليلاً، لكن الطاقة الشمسية غير موجودة.. وإذا كانت هناك بطاريات تخزين، فإنها لا تكفي لتشغيل أجهزة التكييف بفاعلية وكفاءة.
لمواجهة هذه الأزمة، أعلنت شركات الكهرباء عن قطع الكهرباء تدريجياً وبالتناوب بين المناطق في أغلب ولاية كاليفورنيا ابتداءً من مساء الجمعة؛ لتفادي كارثة بسبب موجة حر خانقة مع عدم توافر كميات كهرباء كافية.
سيؤثر هذا القطع الممنهج بكل تأكيد على نحو 250 ألف منزل وشركة، بينما تسعى شبكات الكهرباء، للحد من العجز مع بقاء المزيد من الناس في منازلهم أثناء تفشي فيروس كورونا المستجد، وفقا لما ذكرته صحيفة ديلي ميل البريطانية.
قطع ممنهج
وتعد هذه هي أول عملية تخفيف أحمال وقطع ممنهج للتيار الكهربائي منذ عام 2001، عندما كانت الولاية تعاني أزمة كهرباء حادة. ففي وقت متأخر أمس الجمعة، أعلنت الجهة المشغلة لنظام الطاقة الكهربائية المستقل في كاليفورنيا حالة الطوارئ من المرحلة الثالثة، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ.
من جانبه، يقول دانيال سوين، عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: "أعتقد أن هذه ستكون -على الأرجح- أكبر موجات الحرارة التي شهدناها خلال هذا العقد.. نحن نفكر كثيرًا في حرائق الغابات التي تعد خطيرة والفيضانات الخطيرة والزلازل، ولكن على مدار العقد الماضي، أعتقد أن موجات الحر في كاليفورنيا تسببت في المزيد من الأذى البشري الذي يضاف إلى مثل هذه الكوارث".
من هذا المنطلق، حثت هيئة الكهرباء جميع سكان كاليفورنيا على الاقتصاد في استخدام الكهرباء من الساعة الثالثة وحتى العاشرة من مساء الجمعة؛ تحسباً لارتفاع الطلب بسبب استخدام تكييفات المنازل.
وأشارت بلومبرغ إلى أن منطقة سان هواكين فالي بوسط كاليفورنيا ستشهد درجات حرارة حارقة تصل إلى 112 درجة فهرنهايت (نحو 45 درجة مئوية)، بينما يتوقع أن تسجل مدينة لوس أنجلوس 96 درجة، وأن تسجل ما يقرب من 120 فهرنهايت (48.89 درجة مئوية).
250 ألف منزل وشركة
في هذا السياق، قالت شركة باسيفيك للغاز والكهرباء، إن ما يصل إلى 250 ألف منزل وشركة تخدمها الشركة قد تتأثر بانقطاع الكهرباء.
كما وجهت سلطات الكهرباء مناطق أخرى بالولاية "لاتخاذ إجراءات مماثلة"، حسبما أفادت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل.
وبينما شهدت سان دييغو سماء صافية، شهدت بعض مناطق كاليفورنيا سحباً شديدة جراء العاصفة الاستوائية "إليدا"؛ ما سيؤثر بدوره على فاعلية الألواح الشمسية في إنتاج الكهرباء حيث غياب الشمس.
وفي مقاطعتي سان دييغو وأورانج الجنوبية، قالت شركة سيمبرا إنرجي للغاز والكهرباء، إن عمليات قطع التيار لمدة ساعة واحدة بالتناوب ستكون "واسعة النطاق'' في جميع الأنحاء.
وقالت الشركة في بيان الجمعة، إن "الجهة المستقلة المشغلة لكهرباء كاليفورنيا تعمل بشكل وثيق مع مرافق كاليفورنيا وأنظمة الطاقة المجاورة لإدارة الضغط على الشبكة وإعادة شبكة الكهرباء إلى طاقتها الكاملة".
وفي هذا السياق، توقعت هيئة الأرصاد الجوية موجة حر شديدة تبدأ مطلع الأسبوع وتستمر حتى أواخر الأسبوع المقبل. وأصدرت تحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة في معظم أنحاء ولاية كاليفورنيا من الجمعة وحتى الأربعاء.
ذروة الطلب
انعكس أثر هذه الموجة على أسعار الطاقة الكهربائية في كاليفورنيا والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها خلال عامين، وفقا لما ذكرته بلومبرغ.
وتوقعت سلطات الكهرباء أن تصل ذروة الطلب إلى 47 ألفاً و641 ميغاواط، مشيرة إلى أن الطاقة المتاحة حالياً هي 51 ألف و857 ميغاواط.
بيد أنها أوضحت أن حجم هذه الطاقة يختلف بسبب الانقطاعات وحالات الطوارئ، فضلا عن انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية جزئيًا خلال الذروة المسائية.
وقالت المتحدثة باسم الشركة المشغلة للكهرباء، آن غونزاليس: "إذا اقتصد الجميع قليلاً الآن، فسوف تمر الأزمة، ولن نضطر إلى اللجوء إلى تدابير أكثر صرامة ، مثل التناوب في انقطاع التيار الكهربائي".
اختبار للطاقة النظيفة
وتأتي موجة الحر هذه لتمثل اختباراً صعباً لتحول كاليفورنيا إلى الطاقة النظيفة، حيث ترسم الولاية مسارها الخاص للقضاء على طاقة الوقود الأحفوري، حسبما يرى موقع غرينتك ميديا دوت كوم.
وتتصارع كاليفورنيا مع هذه الموجة الحارة في خضم تحول تاريخي من شبكة تعتمد على الغاز الطبيعي إلى نظام يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة؛ لتحقيق هدفها للقضاء على انبعاثات الكربون بحلول عام 2045.
ويلبي أسطول الطاقة الشمسية البارز في الولاية بالفعل الكثير من الطلب خلال الساعات المشمسة، لكنها تتلاشى مع غروب الشمس. وماتزال إمدادات الموارد المرنة -مثل البطاريات والأجهزة المنزلية التي يمكن التحكم فيها- محدودة للغاية.
في هذا الإطار، يقول سيسكو ديفرايز، الرئيس التنفيذي لشركة OhmConnect، التي تدفع للعملاء لتقليل الاستهلاك خلال فترات الذروة والأزمات: "إنها مثل عاصفة مثالية من بعض النواحي.. ذلك الوضع يكشف بكل تأكيد أوجه القصور والنقص في شبكة الكهرباء الحالية".
أزمة القدرات
تأتي هذه المشكلة، في الوقت الذي تقوم فيه الولاية بإغلاق بعض المصادر التي كانت تستخدمها لضمان ذروة الإمداد المسائي. فمن المقرر إغلاق آخر محطة نووية متبقية في كاليفورنيا، ديابلو كانيون، بحلول عام 2025.
ومن المقرر -أيضاً- أن تنهي العديد من محطات الغاز الساحلية الكبيرة عملياتها بسبب اللوائح البيئية.
صحيح أن كاليفورنيا تعتمد -أيضًا- على إمدادات الكهرباء من الولايات المجاورة، لكنها تصبح محدودة بسبب الطلب على أجهزة تكييف الهواء في نيفادا وأريزونا اللتين تعانيان -أيضًا- حرارةً شديدة.
وتعليقاً على ذلك، تقول غونزاليس: "عندما تكون هناك موجة حر محلية، فإنها ليست صعبة للغاية على الشبكة.. ولكن بشكل عام، عندما تكون هناك موجة حرارة إقليمية، تكون إمدادات الطاقة أقل".
البطاريات غير كافية
يمكن للبطاريات أن تخزن إنتاج الطاقة الشمسية الوفير في منتصف النهار للتشغيل في ساعات المساء عندما يتوقف الإنتاج مع غياب الشمس. ولكن سوق تخزين الطاقة الرائدة في ولاية كاليفورنيا محدودة، وتعاني مشكلات كبيرة في التعامل مع هذه الظروف المناخية القاسية التي تصل بالشبكة إلى ذروة الطلب.
وتبلغ قدرة البطارية 216 ميغاواط في التشغيل التجاري.
في السياق ذاته، يتوقع ويد شاور، مدير أبحاث الأميركتين في مؤسسة وود ماكنزي للكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة، ذروة الطلب بين الساعة 5 و 6 مساءً، حيث يجري إنتاج ما يقرب من 8000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، لكن معدل الإنتاج ينخفض بعد ذلك إلى نحو 368 ميغاواط؛ ما يشكل ضغطاً على الموارد الأخرى لتعزيز الإنتاج.
وكان المنظمون في لجنة المرافق العامة بكاليفورنيا قد قرروا الخريف الماضي أن عدم اليقين بشأن الواردات وزيادة إنتاج الطاقة المتجددة من شأنه أن يولد نقصًا في القدرات. ودفع هذا القرار السلطات إلى زيادة قياسية في سعة البطاريات الجديدة بحيث تدخل حيز التشغيل بين عامي 2021 و 2022. ودون هذه المصادر والموارد، ستلعب مصانع الغاز الدور الحيوي في الحفاظ على تشغيل النظام خلال فترة المساء.
كهربة السيارات والمباني
كما سيؤدي الاتجاه نحو كهربة المركبات والمباني إلى زيادة الطلب على الشبكة خلال السنوات المقبلة؛ ما قد يزيد المخاطر والأعباء على شبكات الكهرباء خلال أي موجات حارة مستقبلية.
وأخيرا، يرى ديفرايز، الرئيس التنفيذي لشركة OhmConnect أن: "البطاريات مهمة، لكنها ماتزال باهظة الثمن نسبيًا، وليس هناك ما يكفي منها.. أعتقد أنه ما لم نتمكن من مراجعة وحل أزمة الطلب السكني على نطاق واسع، فلن ننجح في القضاء على انبعاثات الكربون الضارة من شبكتنا الكهربائية في فترة زمنية معقولة".
في هذا الصيف بالتحديد كان تموز جدا قاسي في العراق وصلت الحرارة ٥٢ درجة مؤية وكان التجهيز اليومي فقط ٨ ساعات والباقي من مولدات صغيرة تعطي كهرباء ما يكفي تشغيل المراوح فقط ولكن الان في اب تصل ٤٦ وهي افضل بكثير