أوروبّا تراهن على الطاقة الحرارية الأرضية.. وتخصّص 30 مليون يورو للتنفيذ
ريادة عالمية لأميركا وإندونيسيا
ترجمة - محمد فرج
يراهن الاتّحاد الأوروبي على الطاقة الحرارية الأرضية في حماية البيئة، والتخلّي النهائي عن المصادر التقليدية لإنتاج الطاقة، وهناك مشروع يسمى "جيوثيرميكا"، يضمّ متخصّصين ومحلّلين ومموّلين من 13 بلدًا.
و الطاقة الحرارية الأرضية هي مصدر طاقة بديل نظيف ومتجدّد، وهي طاقة مرتفعة ذات منشأ طبيعي، مختزنة في صخور بباطن الأرض.
ويخصّص الاتّحاد الأوروبّي ميزانية قدرها 30 مليون يورو، للمشاريع الصغيرة والكبيرة التي تستخدم الطاقة الحرارية الأرضية للتدفئة والتبريد وتوليد الكهرباء.
ويتوقّع الاتّحاد الأوروبّي خلق اتّجاهات عالمية في مختلف القطاعات الاقتصادية، من حيث الطاقة الحرارية الأرضية، وهي ليست جديدة بالنسبة للبلدان الأخرى في مختلف القارّات، لأنّه بينما يكتشف الاتّحاد الأوروبّي -الآن- الطاقة الحرارية الأرضية فقط، فإن دولًا مثل كينيا أو المغرب، فعلت ذلك منذ وقت طويل، وتحديدًا منذ العقد الثامن من القرن الماضي.
تغطية احتياجات الكهرباء في 39 بلدًا
على الصعيد العالمي، تُظهر الأرقام العامّة أن الطاقة الحرارية الأرضية يمكن أن تولّد ما يصل إلى 8.3% من احتياجات الكهرباء.
وعلاوة على ذلك، إذا ما استُخدمت تلك الطاقة إلى أقصى حدّ، يمكن لـ 39 بلدًا في إفريقيا وأوروبّا الوسطى وأميركا الجنوبية والمحيط الهادي، أن تغطّي احتياجاتها من الكهرباء بالكامل.
وتعدّ الولايات المتّحدة هي الرائدة عالميًا في استخدام هذا النوع من الطاقة، حيث تنتج 16.7 مليار كيلو واط في السنة، وتحتلّ إندونيسيا المرتبة الثانية، لكن مع وجود فرص لتجاوز أميركا - تبلغ قدرة الإنتاج من مصادر الطاقة الحرارية الأرضية نحو 1948 ميغاواط - تليها الفلبين، مع محطّات حرارية أرضية قدرها 1868 ميغاواط، في عام 2018، ثمّ على التوالي، تركيا والمكسيك ونيوزيلندا واليابان.
وتنوى ألمانيا استخدام هذا النوع من الطاقة، لكن في الوقت الراهن على نطاق صغير، مع وحدات موجودة أقلّ من 40 ميغاواط، في حين أن البرتغال تمتلك 30 ميغاواط في مجال الطاقة الحرارية الأرضية، ويمكن للطاقة الحرارية الأرضية المركّبة في الاتّحاد الأوروبّي أن توفّر الكهرباء في مليوني منزل.
من المؤكّد أن الطاقة الحرارية الأرضية ليست قطارًا ضائعًا بالنسبة لأوروبّا، ولكن من الواضح أنّها قادمة، وليست صناعة رائدة.
دول تتّجه للموارد الحرارية الأرضية
هناك دول تحتفظ بمثل هذه الموارد الحرارية الأرضية، وبدأت في الاستثمار لاستخدامها، ومثال ذلك، إثيوبيا، التي وقّعت في النصف الأول من هذا العام اتّفاقًا للتعاقد على قرض بقيمة 10 ملايين دولار أميركي، للاستثمار في محطّة لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية، بقدرة 50 ميغاواط، ويبدأ التشغيل التجاري للمشروع في عام 2024.
كما وقّعت تايوان اتّفاقية مع شركة تكنولوجيا الطاقة السويدية "كليمون"، لبناء أوّل محطّة لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية في البلاد.
يصل عدد وحدات إنتاج الطاقة الحرارية الأرضية نحو 370 وحدة تنتج 15.4 ألف ميغاواط، وأضافت مشاريع الطاقة الحرارية الجديدة، في العام الماضي، 759 ميغاواط، ويعدّ أكبر نموّ سنوي للطاقة المركّبة من هذا النوع من القدرات في السنوات الأخيرة، وهو مستوى مماثل، سُجِّل عام 2014.
الطاقة الحرارية في رومانيا
رومانيا واحدة من البلدان التي لديها هذا المورد في محفظة الطاقة، وعلاوةً على ذلك تمتلك -بنسب مختلفة-ّ جميع مصادر الطاقة، لكنها، أصبحت مستوردة صافية للطاقة في العام الماضي، وليس لديها سوى القليل من كلّ شيء، بما في ذلك الطاقة الحرارية الأرضية، التي كانت تُستخدم من قِبل السياسيين في بروكسل، للتفاوض على تعريفات جديدة للطاقة الخضراء.
في رومانيا، أُجريَت البحوث وحفر الآبار، بحثًا عن مصادر المياه الجوفية الحرارية، منذ القرن العشرين، والاستنتاجات هي أن احتياطيات المياه الجوفية الحرارية توجد في الغرب، خاصّةً بوخارست ودوبروجيا.
وتعدّ "بيوس" المدينة الوحيدة في أوروبّا، باستثناء الجزيرة (أغنى دولة في هذا المورد)، التي تستخدم المياه الحرارية الأرضية -بالكامل- في نظام تدفئة المنطقة، لعدد سكّانها البالغ قرابة 400 ألف نسمة، وهو أداء يرجع إلى الخصوصية الفريدة للطابق السفلي لتلك المدينة، وتبلغ الطاقة المركّبة في منشآت إنتاج الطاقة الحرارية الأرضية، قرابة 800 ميغاواط.
وفي بوخارست -وهي مدينة يقال، إنّها تقع على بحيرة مياه حرارية أرضية- جرت مناقشات بشأن استغلال الموارد الحرارية الأرضية، منذ عام 2009، على الأقلّ.
وظهر موضوع المياه الحرارية الأرضية مرّة أخرى، في عام 2013، ولكن دون أيّ تأثير حقيقي، ومع ذلك، فإن "بيوس" ليس المكان الوحيد في رومانيا، حيث تُستَخدَم إمكانات المياه الجوفية الحرارية، والمشاريع النشطة الموجودة في أوراديا (حيث يُسخَّن حيّ بأكمله من هذا المورد)، بورس، سيرنافودا، وادي أولت، شمال العاصمة أو بعض الفنادق في كاليمانستي - كاسيولاتا.
والطاقة الحرارية الأرضية ليست جديدة بالنسبة لرومانيا، واستخدامها ليس جزءًا من إستراتيجية وطنية، أو -على الأقلّ- إقليمية، لكنّها كانت نتيجة مبادرات مستقلّة عن الحكومة، ولا توجد مبادرة اتّخذتها الحكومة بشأن استغلال المياه الجوفية الحرارية في الوقت الحالي، على الرغم من أن هذا المورد قد ذُكِر بشكل غامض في محاولات متعدّدة في إستراتيجيات الطاقة الوطنية.