خطط ألمانيّة للتوغّل في إفريقيا.. وقطاع الطاقة يتصدّر الاهتمامات
فرص عديدة في غينيا الاستوائية والسنغال ورواندا
محمد فرج
تحتلّ القارّة السمراء صدارة السياسة الخارجية الألمانيّة، وخطط التنمية، مع برامج تمّ تنفيذها في إطار صندوق الاستثمار الإنمائي لإفريقيا، الذي تبلغ قيمته 1.1 مليار دولار، ويكرّس -في المقام الأوّل- دخول الشركات الألمانيّة إلى الأسواق الإفريقيّة.
ونظّمت غرفة الطاقة الإفريقية، ومنتدى الأعمال الألماني الإفريقي، ندوة إلكترونية، لبحث العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا وإفريقيا، وعقد صفقات بعد كورونا، وتسليط الضوء على الفرص المتاحة للشركات الألمانيّة بقطاعات إنتاج الطاقة في إفريقيا، والطاقة النظيفة، والرقمنة، والتكنولوجيا.
وألقى غابرييل مباغا أوبيانغ ليما، وزير المناجم والهيدروكربونات في جمهورية غينيا الاستوائية، كلمة افتتاحية، وكان من بين المشاركين في حلقة النقاش إبراهيما ماني، المدير العامّ للتعاون والتمويل لجمهورية السنغال، وأونايش تيفاسي، رئيس قسم الإستراتيجية والتكنولوجيا والابتكار والنفط والغاز في شركة سيمنس للطاقة، وتيم جينغناغل، مسرّع الصفقة لمجلس التنمية في رواندا، وكينيث ريد، المدير الإداري لمجموعة "جي أي إيه" في جنوب وشرق إفريقيا.
ومن بين أحد الأمثلة البارزة على التعاون الألماني الإفريقي في غينيا الاستوائية، توظيف مقاولين ألمانيّين في بناء أوّل مصنع لتخزين الغاز الطبيعي المسال.
غينيا تعرض فرص التعاون على الشركات الألمانية
قال غابرييل مباغا أوبيانغ ليما، وزير المناجم والهيدروكربونات في جمهورية غينيا الاستوائية: إن بلاده أطلقت خطّة ضخمة لاستخراج الغاز من حقلي "ألبا" و"ألين" التابعين لشركة نوبل إنيرجي، و"نبني خطّ أنابيب، وننقله إلى منشآت معالجة الغاز البرّية في بونتا يوروبا".
وأكّد أن الموارد فى غينيا موجودة، لكن هناك حاجة إلى التأكّد من توافر التكنولوجيا اللازمة لتنفيذ الأعمال، موضّحًا أن هناك العديد من الفرص للتعاون مع الشركات الألمانيّة.
وقال: "غينيا ليست دولة مجهولة، أو لا توجد فيها موارد.. نحن بالفعل ننتج النفط والغاز والمكثّفات والميثانول والغاز الطبيعي المضغوط، وسنبدأ التعدين.. ونتيجة لذلك يتطلّب دخول السوق تكنولوجيا التحوّلات".
وبدأ الاتّفاق مع القارّة السمراء في إطار رئاسة مجموعة العشرين الألمانيّة، لتعزيز الاستثمار الخاصّ في إفريقيا، من خلال إدخال تحسينات على الأطر الكلّية والأعمال التجاريّة والماليّة.
وقد تجلّت فعالية المبادرة في بلدان، مثل السنغال، التي تتمتّع بشراكة طويلة الأمد مع ألمانيا، حيث حشدت أكثر من مليار يورو للتمويل.
الدروس المستفادة من التعاون بين ألمانيا والسنغال
قال إبراهيما ماني، المدير العامّ للتعاون والتمويل في جمهورية السنغال: "إن هناك العديد من الدروس المستفادة للتعاون بين برلين وداكار، من حيث نهج المشروع الذي يركّز على أسلوب التدخّل والتنفيذ من خلال بنك التنمية الألماني والجمعية الألمانية للتعاون الدولي، اللذين يركّزان على التشغيل التقني والتعاون المالي، على التوالي".
وتدخل الجمعية الألمانيّة للتعاون الدولي، في المنبع، لتهيئة الظروف المسبقة للتدخّل المالي، ما يؤدّي إلى إعداد أفضل للمشاريع.
ويُجرى بنك التنمية الألماني دراسات قبل توقيع الاتّفاقية، ويوظّف مستشارًا دوليًا لدعم التنفيذ، وبالإضافة إلى تلقّي السنغال منحة، في العام الماضي، لتهيئة مناخ أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي، تعمل داكار على وضع قانون جديد للشراكات بين القطاعين العامّ والخاصّ.
وتركّز المرحلة الثانية من خطّة السنغال الناشئة، على تنمية القطاع الخاصّ، وتحقيق المزيد من الوضوح والشفافية، لمساعدة المستثمرين على الشعور بالراحة.
وفي السنغال، تلعب ألمانيا دورًا مهمًّا في مشاريع الطاقة الكهربائية، من خلال الاستثمار في المحطّات الصغيرة والطاقة المتجدّدة، الذي يُسهّل ذلك من خلال اتّفاقها لدعم نحو 800 شركة صغيرة ومتوسّطة الحجم في البلاد.
يقول إبراهيما ماني، المدير العامّ للتعاون والتمويل في جمهورية السنغال: "لدينا حاليًا أكثر من 200 مليون يورو، في مشاريع جارية، تركّز في المقام الأوّل على الطاقة المتجدّدة وكفاءة الطاقة والحصول على الكهرباء في جميع أنحاء البلاد".
وأكّد أن قطاع الطاقة لا يهيمن عليه شريك واحد، وهو قطاع ديناميكي يضمّ العديد من الشركاء الثنائيّين ومتعدّدي الجنسيات.
كما إن مساهمات ألمانيا كبيرة في مجال الطاقة المتجدّدة، وذلك من خلال محطّات توليد الطاقة، التي تبلغ طاقتها 25 ميغاواط، وتُنفَّذ في مناطق خارج داكار.
رواندا تبحث عن شراكة طويلة المدى
تحافظ رواندا على مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي المباشر، ويرجع ذلك -جزئيًا- إلى التعاون القوي بين القطاعين العامّ والخاصّ، ومع اعتماد قانون الاستثمار مؤخّرًا، وارتفاع ترتيبها فى مؤشّر البنك الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال.
وقال تيم جينغناغل، مسرّع الصفقة في مجلس التنمية الرواندي: "يتحمّل مجلس التنمية مسؤولية على صعيد السياسة العامّة، للحفاظ على إصلاح البلد وتحسينه وتطوير وترويج المشروعات".
وأضاف، إن وجود شريك حكومي موثوق به في رحلة التنفيذ هذه، هو المفتاح، ليس فقط لجذب الاستثمارات، لكن أيضًا لخلق فرص العمل والصادرات التي نأمل تحقيقها، متابعًا: "إحدى نقاط القلق التي نسمعها من الشركات الألمانيّة، هي صغر حجم السوق".
وأوضح أن العديد من الشركات الألمانيّة تحاول بيع المنتجات، وهي خطوة أولى جيّدة في السوق، "ومع ذلك، إذا كنت تستثمر في القارّة وفي رواندا، فأنت لا تستثمر فقط في سوق استهلاكية، ولكن أيضًا في الاستثمار الإقليمي والتصدير".
الوقت المناسب للانتقال إلى إفريقيا
لا تزال الفرص متاحة أمام الشركات الألمانيّة في إفريقيا بمجال الرقمنة، حيث تمتلك الخبرة التقنيّة والدراية الفنّية لتمكين نقل المعرفة والتكنولوجيا، والفرص متاحة على الفور، من حيث الشبكات الذكيّة وأنظمة القياس وخطوط الإنتاج واعتماد التكنولوجيا الماليّة.
قال أونيشي تيفاسي، رئيس قسم الإستراتيجية والتكنولوجيا والابتكار والنفط والغاز في شركة سيمنس الألمانيّة للطاقة: "بالنسبة للشركات الألمانيّة العاملة فى مجال التكنولوجيا الفائقة، لقد وجدت سبلًا لخلق قصص نجاح في البلدان المتقدّمة، الآن هو الوقت المناسب للانتقال إلى إفريقيا".
وتابع: "علاوة على ذلك، فإنّنا نشهد مع اتّفاق التجارة الحرّة القارّي الإفريقي، دفعة أكبر نحو التصنيع، ونأمل أن تصبح نيجيريا مصدّرًا رئيسًا، ولا يمكن القيام بذلك دون الرقمنة".