أباطرة الطاقة في أميركا يتبرّعون لحملة ترمب بملايين الدولارات
صراع كبير مع بايدن للحصول على دعم مليارديرات الوقود الأحفوري
في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، استضاف الملياردير كيلسي وارن، الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب إنرجي ترانسفير، حفلًا لجمع تبرّعات للرئيس الأميركي دونالد ترمب، داخل منزله الفخم في مدينة دالاس بولاية تكساس.
وجمع الحفل 10 ملايين دولار لصندوق الحملة الانتخابية للرئيس الساعي للفوز بولاية ثانية، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، اليوم الأحد.
ووفق الغادريان، فإن التبرّعات المتدفّقة من قبل "وارن" لصالح ترمب، تظهر منذ 2019، عقب تبرّع (وارن) وزوجته بمبلغ ضخم يصل لنحو 1.7 مليون دولار، لصالح ترمب فيكتوري (لجنة ترمب المشتركة لجمع التبرّعات مع اللجنة الوطنية الجمهورية)، حسبما أوردت مجموعة أوبن سِيكرتس، غير الحزبية.
وجاءت حملة التبرّعات السخيّة عقب إحراز "إنرجي ترانسفير" فوزًا كبيرًا، بعد فترة وجيزة من تولّي ترمب منصبه رئيسًا للبلاد، إذ حصلت الشركة على موافقة بالمُضيّ قُدمًا في مشروع مدّ خطّ أنابيب (داكوتا أكسيس) في ولاية نورث داكوتا الأميركية، المثير للجدل والمحاصر قانونيًا.
وتعزّزت علاقات "وارن" بترمب، بعدما عيّن الأخير ريك بيري وزيرًا للطاقة، عام 2017، والذي سبق له شغل منصب حاكم ولاية تكساس، كما ترأّس مجلس إدارة شركة تابعة لإنرجي ترانسفير، وفي أوائل 2020، انضمّ إلى مجلس إدارة آخر تابع لإنرجي ترانسفير.
ويُبرز جمع "وارن" التبرّعات لصالح ترمب، كيف أن مليارديرات مجال الوقود الأحفوري، وغيرهم من أباطرة الطاقة، من تكساس إلى نيويورك وأوكلاهوما، قد فتحوا محافظهم على مصراعيها، لإعادة انتخاب ترمب، وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات من الاستمتاع بالتحرّر من القيود التنظيمية للطاقة وتخفيض الضرائب.
صندوق سوبر باك
منذ تولّي ترمب منصبه، حصد صندوق التبرّعات (سوبر باك) الداعم لحملة ترمب ولجنة "أمريكا فيرست أكشن"، ملايين الدولارات من قادة الوقود الأحفوري.
وحصل سوبر باك على مليون دولار من ملياردير النفط الصخري هارولد هام، وشركته كونتيننتال ريسورسز، بجانب مليون دولار أخرى من قطب الفحم روبرت موراي، الذي يدير شركة موراي إنرجي، وفقًا لموقع أوبن سكرتس.
وحظيت سوبرباك أيضًا بـ 500 ألف دولار من ملياردير الفحم جو كرافت من إليانس ريسورس بارتنر، و750 ألف دولار من رجل النفط في تكساس سيد جاويد أنور، من ميدلاند إنرجي، و500 ألف دولار من جون كاتسيماتيديس أحد المستثمرين في يونيتيد ريفيرني كو، وفقًا لما أوردته أوبن سكرتس.
وعلاوة على ذلك، حاول ترمب طمأنة أصدقائه الذين يعملون في الوقود الأحفوري، بدعم في أوائل أبريل، عندما كان الوباء يسبّب ألمًا اقتصاديًا.
واجتمع ترمب مع مجموعة مختارة من أباطرة الصناعة، بما في ذلك "هام" و"وارن" ورجل النفط من تكساس جيف هيلدبراند، لالتماس أفكار لإغاثة فيدرالية جديدة، بعد ذلك تعهّد ترمب بأنّه سيوفّر الأموال لتلك الشركات المهمّة للغاية.
وعلى خطى وارن وهام، قدّم هيلدبراند مبالغ كبيرة لمساعدة ترمب، وأظهرت سجلّات الحملة أن هيلدبراند -الذي يدير شركة هيلكورب أويل- وزوجته، منحا حملة ترمب واللجان المؤيّدة لها 775 ألف دولار، عام 2017.
ويري محلّلو الطاقة، أسبابًا كثيرة تجعل مديري شركات الوقود الأحفوري، من مانحي ترمب المخلصين.
خطّة ترمب المؤيّدة للوقود الأحفوري
في هذا الصدد، قال ديفيد بوكبيندر، المستشار العامّ لمركز نيسكانن غير الحزبية، الذي يدعو إلى تبنّي المزيد من أنواع الوقود البديلة: "ستستمرّ صناعة الوقود الأحفوري وقادتها في دعم دونالد ترمب، لأنّه سيفعل كلّ ما في وسعه لمواصلة هيمنة الوقود الأحفوري على قطاع الطاقة".
وبحسب الغارديان، فإنّه من المؤكّد إذا فاز منافسه الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، فسيكون ذلك انفصالًا حادًّا عن خطّة ترمب المؤيّدة للوقود الأحفوري.
ووافق بايدن على خطّة للطاقة الخضراء بقيمة 2 تريليون دولار، مشيرًا إلى تراجعه عن العديد من الموافقات التنظيمية التي منحها ترمب لشركات الوقود الأحفوري.
كما دافع بايدن عن اتّفاقية باريس للمناخ، المبرمة عام 2015، والتي تهدف إلى مكافحة التغيّر المناخي، من خلال الحدّ من انبعاثات الوقود الأحفوري بشكل أكثر قوّة.
لكن ترمب، الذي يرى أن تغيّر المناخ بسبب الإنسان بمثابة خدعة، ندّد بالاتّفاق، ووصفه بأنّه كارثة كاملة للتنافسية الأميركية، وقرّر انسحاب بلاده من الاتّفاق، بينما تعهّد بايدن بأنّه حال انتخابه، فإن الولايات المتّحدة ستعود للانضمام للاتّفاقية.
إذن، فلا عجب أن ترمب فيكتوري، (لجنة ترمب المشتركة لجمع التبرّعات مع اللجنة الوطنية الجمهورية) جمعت 9.3 مليون دولار من مانحي الوقود الأحفوري في 2019-2020، مقابل جمع نظيرتها "بايدن فيكتوري" 40 ألفًا و465 دولارًا فقط من المتبرّعين ومليارديرات الوقود الأحفوري، في نفس الفترة.
ومع ذلك، فإن تقدّم بايدن المتواصل في استطلاعات الرأي الأخيرة، إلى جانب مخاوف ترمب من فقدانه المزيد من الأرضية أمام منافسه، جعله يضغط على حلفائه من قادة الوقود الأحفوري للحصول على المزيد من الأموال، وطمأنتهم بمبادرات جديدة.
وفي 29 يوليو، عاد ترمب إلى تكساس، من أجل جمع المزيد من التبرّعات في معقل التكسير الهيدروليكي في أوديسا، والذي كان من المتوقّع أن يمدّ ترمب فيكتوري بـ 7 ملايين دولار.
وأظهر ترمب حسن النوايا تجاه صناعة النفط، من خلال الزيارة، وجلسة تصوير مع اثنين من الرؤساء التنفيذيّين في شركيتن رائدتين بالتكسير الهيدروليكي.
التحوّل نحو تكساس.. والولاء للوقود الأحفوري
تحوّل ترمب نحو تكساس، أكّد مكانتها بصفتها ولاية، وهي التي صوّتت لصالحه عام 2016، لكن بعض استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أنّه في سباق صعب مع بايدن.
وسمح ترمب أيضًا لمؤيّديه في تكساس، بمناقشة السياسة في بيئة أكثر حميمية، مقابل 100 ألف دولار، بحيث يمكن للمانحين لهذا المبلغ الانضمام إلى مناقشة سياسية على المائدة المستديرة، التي تضمّ ترمب واثنين من كبار المسؤولين الحكوميين في الطاقة والداخلية.
لكن -ربّما لإثبات أن ولاءه للوقود الأحفوري لا شكّ فيه- أعلن ترمب في منتصف يوليو/تمّوز، عن تغييرات كبيرة في قانون السياسية البيئيّة الوطنية المعمول به منذ 50 عامًا، والذي يتطلّب من الهيئات الاتّحادية النظر في تأثير المشروعات على البيئة، ويسمح للشعب بالتعليق على تلك التقييمات.
ويُلغي هذا التعديل متطلّبات النظر في مساهمة المشاريع نحو تغيُّر المناخ، ويعفي بعض المشاريع من المراجعة بموجب ذلك القانون، ويخفض الجدول الزمني للمراجعات.
وقال ترمب: "إن هذا الإجراء هو جزء من التزام إدارتي الشديد بإلغاء شبكة البيروقراطية التي لا حاجة لها، وتعيق مواطنينا".
وقال بيل ميللر أحد كبار أعضاء جماعة الضغط والاستشارات الصناعية في أوستن، لوكالة أسوشيتيد برس: "بينما تضرّر العديد من شركات الوقود الأحفوري من الوباء، بدأت أجزاء من الصناعة بالتعافي، إنّها نوع من الصناعة التي تتذكّر أصدقاءها في السرّاء والضرّاء وترمب صديقها".