مخاوف بشأن مسار أسعار النفط.. وكلمة السر للبقاء 40 دولارا للبرميل
بعد خسائر بالمليارات لعمالقة الصناعة في الربع الثاني
محمد زقدان
أبدى محللون ومسؤولون بشركات نفطية، مخاوف وعدم يقين بشأن مسار أسعار النفط في المستقبل، بالتزامن مع الإعلان عن تكبد عمالقة النفط خسائر بالمليارات في الربع الثاني من 2020، جراء الانهيار التاريخي على طلب الوقود؛ نتيجة تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
ورغم حدوث تعافي طفيف، بعد شهر أبريل/ نيسان الذي سجل أدني مستوى لاستهلاك النفط منذ 30 عاما، لكن الأسعار ظلت عالقة عند حوالي 40 دولارا للبرميل لأسابيع، الأمر الذي قاد إلى انخفاض لسعر البرميل بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي، وهو رقم يعد أقل بكثير مما يحتاجه معظم المنتجون لتغطية نفقاتهم.
ونتيجة لذلك، فقدت صناعة النفط الأميركية أكثر من 100 ألف وظيفة منذ فبراير/شباط الماضي، بما في ذلك 45 ألف وظيفة الغتها شركات النفط والغاز في تكساس وحدها، وفقا لشركة استشارات الطاقة "ريستاد انرجي".
قال ستيوارت جليكمان، محلل أسهم الطاقة في مؤسسة سيرا للبحوث: "لست متفائلا حقا بشأن مسار أسعار النفط، فبينما شهدت الأسعار حالة من الاستقرار عند حوالي 40 دولارا، إلا أنها قد تنخفض إلى 30 دولارا مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا".
وأظهرت بيانات جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن الولايات المتحدة أضافت مليون و858 ألف و187 حالة إصابة جديدة بكورونا خلال شهر يوليو/تموز، وهي أعلى زيادة في شهر تشهده أميركا منذ تسجيل أول حالة إصابة بالوباء في البلاد في 21 يناير/كانون الثاني الماضي.
إعادة تقييم وخفض التكاليف
لسنوات لجأت العديد من شركات الطاقة في العالم، بما في ذلك إكسون موبيل وشيفرون، إلى استخدام نموذج تجاري متكامل رأسيًا سمح لها تاريخيا بالتغلب على الغالبية العظمي من ظروف السوق وتقلباته، وذلك من خلال امتلاك آبار النفط والغاز، إلى جانب محطات لتصنيع المنتجات التي جري تكريرها كالبنزين والمواد الكيميائية.
وعبر هذه الطريقة، كانت الشركات قادرة لفترة طويلة على الاستفادة من قطاع واحد من أعمال بغض النظر عما إذا كانت أسعار النفط مرتفعة أم منخفضة.
ووفقاً لدوغ تيريسون، المحلل في إيقركور أي إس آي، فإن هذا النموذج فشل في تحقيق عوائد قوية خلال معظم فترات العقد الماضي، حيث واجه العالم وفرة في الوقود الأحفوري الناجم عن طفرة التكسير الهيدروليكي، وأصبح هذا النموذج لا يحمي الشركات الآن.
ورأى تيريسون أن هناك حاجة ملحة خلال تلك المرحلة لإعادة تقييم واسعة النطاق لبرامج إدارة رأس المال في شركات النفط الكبرى.
من جانبه اعتبر دان بيكرينج، كبير مسؤولي الاستثمار في بيكرينج إنرجي بارتنرز، أن صناعة النفط يمكنها الاستمرار عند 40 دولارا للبرميل، لكنها تحتاج إلى أسعار أعلى بشكل كبير من أجل الازدهار. وأضاف أنه سيتعين على شركات النفط مواصلة خفض التكاليف في المستقبل المنظور.
وقال: "عليك أن تفترض أن هذا هو العالم (أسعار المرحلة الحالية) الذي سنكون فيه، وإذا كان الأمر كذلك فإن هيكل التكلفة مرتفع للغاية".
خسائر مليارية
كبدت تداعيات كورونا شركة إكسون خسارة بلغت 1.1 مليار دولار في الربع الثاني، وحققت شركة إيرفينج، التي تتخذ من تكساس مقر لها، إيرادات بلغت إيرادات بلغت 32.6 مليار دولار، أي أقل النصف مقارنة بالعام الماضي.
وخسرت شركة شيفرون كورب 8.27 مليار دولار خلال الربع الثاني أيضا، مقارنة بـ4.3 مليار دولار العام الماضي.
كما أبلغت شركتي رويال داتش شل، توتال إس آيه عن خسائر كبيرة في الربع الثاني في وقت سابق من هذا الأسبوع بسبب تداعيات كورونا.
من جانبه، أعلن نيل شابمان، نائب رئيس "إكسون موبيل" أنه "لم نشهد يومًا تراجع طلب السوق إلى هذه الدرجة وبهذه السرعة". وقال إن تحسن سعر وقود الطائرات "سيكون على الأرجح أبطأ بكثير" من تعافي الطلب على البنزين الذي بدأ يتحسن، وذلك بسبب الحد من الرحلات الجوية.
وحذّر مايك ويرث، الرئيس التنفيذي لـ"شيفرون"، من أن الظروف الاقتصادية الضعيفة قد تنعكس سلباً على نتائج المجموعة "خلال الفصل الثالث" بسبب "التراجع الكبير" على الطلب على المنتجات البترولية.
وأضاف أنه "نظراً لعدم وضوح الرؤية للتعافي الاقتصادي والعرض الكبير للنفط والغاز، خفضنا توقعاتنا المتعلقة بأسعار منتجاتنا، ما أدى إلى خفض قيمة الأصول ونفقات أخرى".
وأعلن المدير المالي لدى "شيفرون"، بيار بريبر، أنه لا يمكننا التكهن بالآفاق المستقبلية، موضحاً أن الشركة تستعد لسيناريو سعر نفط "منخفض لفترة أطول".