التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير الكهرباءرئيسيةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةغازكهرباء

"كنز علي بابا" في موزمبيق.. بين أطماع المستثمرين وصرخات الحقوقيّين

أكبر مشروع غاز طبيعي في إفريقيا تدعمه 7 دول بـ20 مليار دولار

وائل عبد الحميد

على طريقة الفيلم المصري الشهير للممثل الكوميدي الراحل علي الكسار، يبدو مشروع تسييل الغاز الطبيعي في موزمبيق وكأنّه كنز ثمين في مغارة علي بابا، يثير أطماع المستثمرين الذين يضربون عرض الحائط بأيّ صرخات بيئيّة أو حقوقيّة ترتبط به.

قصّة الاكتشاف

في 20 أكتوبر/تشرين الأوّل عام 2011، قالت هيئة الإذاعة البريطانية، إن حقلًا غازيًّا اكتُشِف قبالة ساحل موزمبيق.

وأفادت بأن الحقل يحتوي على 425 مليار متر مكعّب من الغاز، واكتشفته شركة إيني الإيطاليّة المتخصّصة في التنقيب عن موارد الطاقة.

وحصلت إيني على رخصة، عام 2006، لاستكشاف المنطقة التي تقع على مسافة 2000 كم من العاصمة الموزمبيقية مابوتو.

ونقلت بي بي سي عن الشركة الإيطاليّة، قولها: "الاكتشاف يمثّل علامة فارقة لإيني". وأثار الاكتشاف توقّعات مفادها بأن منطقة شرق إفريقيا تحتوي على مزيد من الغاز الطبيعي، على نحو يتجاوز التصوّرات السابقة.

ودفع ذلك شركة أناداركو الأميركية للنفط والغاز -المنافِسة لإيني- إلى رفع تقديرها للغاز الطبيعي في موزمبيق، آنذاك، بمقدار الثلثين.

7 دول

تدعم 7 دول المشروع البالغ تكلفته 20 مليار دولار، ويستهدف استخراج وتسييل وتصدير الغاز الطبيعي من موزمبيق، حسبما كشفت شركة النفط الفرنسية العملاقة، توتال، لموقع كلايمت تشينج نيوز المتخصّص في شؤون تغيّر المناخ.

وتشمل قائمة الدول المذكورة كلًّا من الولايات المتّحدة واليابان وبريطانيا وهولندا وإيطاليا جنوب إفريقيا وفيتنام، حيث ساهمت بتمويل ضمن حزمة قروض تبلغ 14.9 مليار دولار، بالإضافة إلى البنك الإفريقي للتنمية و19 مؤسّسة مصرفية أخرى.

وباحتياطي يبلغ 150 تريليون قدم مكعّبة من الغاز الطبيعي المسال، الذي يكافئ 24 مليار برميل من النفط، تتأهّب موزمبيق لتكون المسرح العالمي للطاقة العالمية.

توتال الفرنسية

استحوذت شركة توتال على حصّة نسبتها 26.5% من المشروع، العام الماضي، من مؤسّسة أناداركو الأميركية للنفط، والتي اشترتها شركة أوكسي.

في 8 يوليو/ تمّوز، قالت وكالة رويترز في تقرير، إن توتال استطاعت تأمين تمويلات بقيمة 15.8 مليار دولار لمشروعها في شمال موزمبيق.

وامتدحت توتال المشروع، في بيان لمديرها المالي، جان بيير سبرير، واصفةً إيّاه بأنه "إنجاز مهمّ" يوضّح الثقة التي توليها المؤسّسات الماليّة في المستقبل طويل الأمد للغاز الطبيعي المسال في موزمبيق.

بنك التصدير والاستيراد الأميركي قدّم للمشروع قرضًا تمويليًا بقيمة 5 مليارات دولار، يليه بنك اليابان للتعاون الدولي بـ 3 مليارات دولار. وساهمت وكالة إكسبورت فينانس البريطانيّة بـ 300 مليون دولار بصورة قروض مباشرة، و850 مليون دولار ضمانات للمقرضين.

صرخات بيئيّة

يأتي الرهان العملاق على الغاز الطبيعي المسال في الدولة الإفريقية، في ظلّ جائحة كورونا، ومخاوف أمنيّة ومناخيّة.

بيد أن خبراء المناخ يرون أن تلك الثقة في المشروع ليست في محلّها، لا سيّما أن زيادة إنتاج الوقود الأحفوري تتعارض مع أهداف المناخ الدوليّة.

وأظهر تقرير "فجوة الإنتاج" لعام 2019، الذي تصدره مجموعة من المؤسّسات البحثيّة العالمية، بإشراف من الأمم المتّحدة أن الحكومات تخطّط لاستخراج كمّيات أكبر من الغاز بنسبة 47%، بحلول عام 2040، ممّا يعمّق أزمة الاحتباس الحراري، ويتعارض مع الأهداف التي يصبو أنصار الطاقة النظيفة إلى تحقيقها.

محمد أدو -مدير مؤسّسة "باور شفت أفريكا"، المعنيّة بقضايا المناخ، والتي يقع مقرّها في نيروبي- انتقد هذا التكالب الاستثماري على المشروع، قائلًا: "إنّه لأمر مروع أن نرى توتال تتباهى بتمويل أكبر مشروع وقود أحفوري من نوعه، في قارتي التي يضربها التغيّر المناخي. شركات النفط والغاز تتربّح حرفيًا من معاناتنا".

لو كانت توتال تكترث حقًّا بإفريقيا -والكلام لأدو- كانت ستساعدها على تطوير استخدام طاقة نظيفة ومتجدّدة، وليس تلك "الطاقة القذرة".

تناقض بريطاني

جذب دعم المملكة المتّحدة للمشروع اهتمامًا خاصًّا، لا سيّما أنّه يتناقض مع استضافة إسكتلندا، العام المقبل، مؤتمر الأمم المتّحدة السادس والعشرين، الذي من المقرّر أن يُعقد في غلاسكو، من 1 إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

وفي ذات السياق، قال ألوك شارما -رئيس "كوب 26"-: "هدفنا يتمثّل في الوصول إلى اقتصاد صفري الكربون. أطلب من الدولة كافّةً تقليص الانبعاثات على نحو أعمق، بحلول عام 2030، لحين تحقيق الهدف الصفري".

بدوره، قال ماتيو بينيكوك -المتحدّث باسم المناخ في حزب العمّال البريطاني-: "تمويل مشروعات الوقود الأحفوري يحمل مخاطر حبس البلدان متوسّطة ومحدودة الدخل، على مدار عقود قادمة، داخل سجن الاعتماد على الكربون".

وتوقّعت مؤسسة E3G البحثيّة أن يخلق المشروع العملاق 180 ألف وظيفة، ويضع أولويّة لصناعات الكربون.

لويس بوروز -الخبير في المؤسّسة الأوروبّية البحثيّة-: "هذا المشروع تكرار مؤسف لتاريخ استعماري، وضعت فيه بريطانيا مصالحها فوق الرخاء الاقتصادي والاجتماعي لمستعمراتها".

البنك الإفريقي للتنمية

أصدر الموقع الرسمي للبنك الإفريقي للتنمية بيانًا حول أسباب وتفاصيل مساهمته في المشروع الموزمبيقي المصنّف أكبر مشروع استثمار أجنبي مباشر فردي في القارّة الإفريقيّة.

وانتهى المصرف من اللمسات النهائية للمشاركة في تمويل مشروع إنشاء محطّة تسييل الغاز الطبيعي في موزمبيق، من خلال تقديم قرض بقيمة 400 مليون دولار.

كما يشارك في تمويل المشروع الشركات الهندية "أويل إنديا"، و"أو إن جي سي فيديش ليميتيد"، و"بهارات بتروليوم"، بالإضافة إلى "بي تي تي" إكسبلوريشن" التايلاندية، وشركة النفط والغاز الموزمبيقية "إي إن إتش" وفقًا للبيان.

ووقّع البنك الإفريقي للتنمية اتّفاق تقديم قرض تمويلي للمشروع، في 15 يوليو/تمّوز الجاري. وتشير التوقّعات إلى أن عملية التمويل الخاصّة بالمشروع، سوف تنتهي في وقت لاحق العام الجاري.

علاوة على ذلك، فإن المشروع الذي يستفيد من أحد أكبر احتياطي للغاز الطبيعي قبالة ساحل موزمبيق، يمثّل أوّل تطوير لهذا الخام الثمين في البلد الإفريقي.

وبشكل أوّلي، سيتألّف المشروع من قطاري إسالة للغاز الطبيعي، بسعة إجمالية تناهز 12 مليون طنّ سنويًا.

فوائد لموزمبيق

بجانب قدرته على إحداث تحوّل بقطاع الطاقة في موزمبيق، من المتوقّع أن تجني موزمبيق العديد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية، تصبّ في صالح الدولة الإفريقية.

وعدّد عبده مختار -مدير قسم التنمية الصناعية والتجارية بالبنك الإفريقي للتنمية- بعض تلك الفوائد، قائلًا: "التوقيع على اتّفاقية تسييل الغاز للمنطقة 1 يبشّر بعهد جديد من الصناعة في موزمبيق، بالإضافة إلى إمكان تحسّن المنافسة على المستوى المحلّي والإقليمي".

وحصل المشروع على أكثر من 14 مليار دولار -قروض- من خلال إحدى وكالات ائتمان التصدير التي تعمل وسيطًا بين الحكومات الوطنية والمصدّرين لإصدار حلول تأمين الصادرات وضمانات التمويل.

ويل شونبيار -مدير الحلول الماليّة للطاقة والسياسات واللوائح في البنك الإفريقي للتنمية- وصف المشروع بأنّه يخلق نموذجًا جديدًا للطاقة في موزمبيق، ويساعد على تزويد جنوب القارّة الإفريقية بالطاقة الكهربية.

ويرى شونيبار أنّه بالرغم من توفّر الغاز على المستوى المحلّي لموزمبيق، إلّا إنّ المشروع يسهّل تطوير شبكة الكهرباء التي تعمل بالغاز، بحيث يلعب دورًا رئيسًا في إتاحة طاقة موثوقة، وبأسعار معقولة للدولة الإفريقيّة والمنطقة.

ولا تقتصر فوائد المشروع على ذلك، لكنّها تمتدّ إلى تحسين المعيشة، وتحفيز النموّ الاقتصادي، وتعزيز الوصول إلى الطاقة الكهربية، وفقًا لـ 5 أولويّات إستراتيجية.

سولي أمادو -القائم بأعمال المستشار العامّ للبنك الإفريقي للتنمية- قال: إنّها صفقة "من الدرجة الأولى، تخلق معيارًا جديدًا للمشروعات العملاقة في القارّة السمراء". وزاد قائلًا: "التعاون ووحدة الأهداف بين الرعاة وحكومة موزمبيق والأطراف الماليّة والمستشارين، ملحوظ بشكل حقيقي".

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق