إيرباص تخطط لإطلاق طائرة ركاب ضخمة تعمل بالهيدروجين الأخضر
السفر الجوي مسؤول عن 2% من انبعاثات الكربون عالميا
أحمد صقر
تسعى شركات عالمية في صناعة الطائرات التجارية إلى الحد من الانبعاثات أو تصفيرها، ووفقا لهذا الهدف فإن مجموعة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات تعمل على إطلاق طائرة تجارية بالهيدروجين الأخضر المنتج من الرياح والطاقة الشمسية بحلول 2030.
ووفقا لما قالته جلين ليوليلين، نائب الرئيس لتقنية الانبعاثات الصفرية في إيرباص، إن استغلال الهيدروجين المتجدد كوقود للطائرات هو "واحد من أكثر الطرق الواعدة" لقطاع الطيران لتحقيق أهدافه الخالية من الانبعاثات.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى بلوغ صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.
وتوقعت ليوليلين أن يتم تشغيل الطائرات بالهيدروجين حتى حجم يستوعب 200 راكب، مع تطبيق محتمل من خلال الاحتراق في المحركات، أو في تقنيات خلايا الوقود التي تنتج الطاقة الكهربائية.
وقامت شركات الطيران بتيسير 38.1 مليون رحلة فى عام 2018، واستهلكت 95 مليار جالون (360 مليار لتر) من وقود الطائرات – مع تصنيف أقل من 0.1% من ذلك (حوالي 15 مليون لتر) كوقود طيران مستدام (SAF).
وقالت "لدينا طموح لجلب طائرة تجارية عديمة الانبعاثات إلى السوق في أوائل الثلاثينيات"، مضيفة "نعتقد أننا بحاجة إلى وضع صناعة الطيران لتكون مدعومة بالطاقة المتجددة. الهيدروجين بديل جيد جدًا للسماح لنا بذلك.
والسفر الجوي مسؤول عن 2% من انبعاثات الكربون في جميع أنحاء العالم ،وفي العام الماضي بلغ 915 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون – ومن المتوقع أن ترتفع أعداد الركاب بنسبة 70% بحلول منتصف القرن، إلا ان هذا التوقع كان قبل فيروس كورونا.
وأوضحت "يمكن إنتاج الهيدروجين مباشرة عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويمكننا بعد ذلك حمل هذه الطاقة على متن السفينة، إما في خلايا الوقود أو الاحتراق في توربينات غازية، أو حتى مزيج هجين كهربائي من الاثنين."
تنبأ المدير التنفيذي لشركة إيرباص بأن كل من الهيدروجين "الخام" ووقود الطيران المستدام المحايد للكربون (SAF)، اللذين يتم إنتاجهما باستخدام المواد الأولية المتجددة كبديل لوقود الطائرات النفاثة التقليدي، لديهما دور مهم في دفع الطيران إلى الانبعاثات الصفرية، مع من المحتمل أن تظل الأخيرة الخيار الأفضل للطائرات الأكبر التي تقوم برحلات أطول حتى منتصف القرن.
وتوقعت دراسة مدعومة من الاتحاد الأوروبي بشأن الطيران الذي يعمل بالطاقة الهيدروجينية مؤخرًا دفع الهيدروجين عن طريق الاحتراق أو خلايا الوقود "من المحتمل أن يكون جزءًا رئيسيًا من مزيج تكنولوجيا الدفع المستقبلية" ويمكن أن يقلل من التأثير المناخي للرحلات الجوية بنسبة تصل إلى 90%.
وقالت لويلين إن صناعة الطيران ومورديها يواجهون "قرارات مهمة" في منتصف العقد الحالي من حيث خيارات التكنولوجيا لإزالة الكربون من القطاع، الذي يواجه حاليًا تحديات تجارية ضخمة من وباء كوفيد 19.
وأكدت ريونا أرميسميث، كبيرة مهندسي المشروع للدفع الهجين الكهربائي في شركة رولز رويس عملاقة المحركات الهوائية، أنها تبحث في خيارات لاحتراق الهيدروجين في المحركات كجزء من عملها على تقنيات الدفع المستقبلية.
وقال الخبراء إن تكييف الطائرات للعمل على الهيدروجين سيتطلب أيضًا عملًا كبيرًا في مجال تخزين الوقود وتصميمات هياكل الطائرات مقارنةً بالوضع الحالي الذي يتوافق أكثر مع أنظمة وقود الطائرات الحالية.
إلى جانب شركة بوينج الأمريكية ، تعد شركة إيرباص التي تتخذ من أوروبا مقراً لها أحد أكبر موردي الطائرات التجارية العالمية لشركات الطيران حول العالم.
خارطة طريق إزالة الكربون
وخارطة الطريق التي وضعت في مجال إزالة الكربون، تشمل خفض 36.3% من الانبعاثات من خلال تعويض الكربون، و33% من الطائرات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، و4.4% من “العمليات المحسنة” مثل أقل الدوران، و6% من “تأثير سعر الكربون على الطلب”، و20.3% فقط من وقود الطيران المستدام (SAF).
وترى لجنة التحولات الدولية في مجال الطاقة التابعة لمركز البحوث أن الوقود الأحفوري – الكيروسين المكرر – يمكن الاستعاضة عنه بتكنولوجيا محايدة من حيث الكربون بحلول عام 2050.
وتسلط اللجنة الضوء على خيارات جميعها تعمل بالطاقة المتجددة: البطاريات الكهربائية والهيدروجين الأخضر (سواء بالنسبة للرحلات القصيرة المدى فقط)؛او الوقود الاصطناعي المنتج من الهيدروجين الأخضر (المصنوعة من تقسيم جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام الكهرباء المتجددة) – المعروف أيضا باسم الوقود الكهربائي أو الوقود الإلكتروني؛ والوقود الحيوي.
وفي حين يمكن إزالة الكربون من النقل البري بالبطاريات أو المركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود – التي تعمل بالطاقة المتجددة أو الهيدروجين الأخضر – فإنه لن يكون من السهل على الطائرات التي تتحدى الجاذبية.
تجارب عربية في سوق الهيدروجين
ومطلع شهر يوليو/تموز الجاري، أعلنت شركة نيوم السعوديّة، دخولها سوق الهيدروجين العالمي، عبر شراكتها مع “إير بروداكتس” و”أكوا باور” بقيمة 5 مليارات دولار، لبناء منشأة لإنتاج الهيدروجين بطريقة صديقة للبيئة، لتوفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي.
وتعدّ هذه الشراكة هي الاستثمار الأوّل لنيوم في مجال الطاقة المتجدّدة، الذي يعدّ أحد المحاور الرئيسة لنيوم، بالشراكة مع إير بروداكتس الأميركية، ومجموعة أكوا باور.
ووفق بيان صادر عن الشركة، فإن المشروع، الذي سيكون مملوكًا بالتساوي من قبل الشركاء الثلاثة، سيتّخذ من نيوم في السعودية، مقرًّا له، وبحلول عام 2025 سيصبح جاهزًا لإنتاج الهيدروجين، ومن ثمّ تصديره إلى الأسواق العالمية، ليُستخدم وقودًا حيويًا يغذّي أنظمة النقل والمواصلات، كما سينتج نحو 650 طنًّا من الهيدروجين الأخضر يوميًا، و1.2 مليون طنّ من الأمونيا الخضراء سنويًا، ليسهم بذلك في الحدّ من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، بما يعادل ثلاثة ملايين طنّ سنويًا.
وأضاف البيان: “سيعتمد المشروع المشترك على تكنولوجيا مثبتة الفعالية، وعالمية المستوى، وسيجمع -بشكل متكامل- بين توليد ما يزيد على أربعة غيغاواط من الطاقة المتجدّدة المستمدّة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخزين، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي، باستخدام تقنية “thyssenkrupp”، وإنتاج النيتروجين عن طريق فصل الهواء باستخدام تقنية “إير بروداكتس” المثبتة في هذا المجال، وإنتاج الأمونيا الخضراء باستخدام تقنية HaldorTopsoe.”
يُشار إلى أنّ “إير بروداكتس” ستلعب دور المشتري الحصري للأمونيا الخضراء، لتقوم بنقله إلى جميع أنحاء العالم، لاستخراج الهيدروجين الأخضر، الذي سيمدّ قطاع النقل بما يحتاجه من وقود حيوي صديق للبيئة. ويجري نقل الهيدروجين إلى الأسواق من خلال الأمونيا، التي تُعالَج من قبل المستوردين، ويُفصل الهيدروجين منها، لاستخدامه مباشرة بعد ذلك.
تجربة مغربية
تجربة نيوم ليست الوحيدة على المستوى العربي، لكن هناك المغرب أيضا التى وقعت مع ألمانيا اتّفاقية لتطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وإنشاء مشاريع بحثية واستثمارية.
ويتضمّن المشروع الأوّل “باور تو إكس” لإنتاج الهيدروجين الأخضر على الصعيد الصناعي، والذي اقترحته الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، ومشروع وضع منصّة للأبحاث حول “باور تو إكس”، ونقل المعارف، وتعزيز القدرات الراهنة، بشراكة مع المعهد المغربي للأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجدّدة.
تخضع هذه الاتّفاقية “للإستراتيجية الوطنية الألمانيّة للهيدروجين”، التي تهدف إلى تحسين الظروف الإطارية لإنتاج واستخدام الهيدروجين، وإنشاء هياكل الإمداد اللازمة، وتعزيز البحث العلمي والابتكار.
وتبنّت الحكومة الفيدرالية الألمانيّة الإستراتيجية في 10 يونيو من العام الجاري، وخصّصت 9 مليارات يورو لجعل البلاد المورّد الرئيس لتقنيات الهيدروجين الحديثة.
يشمل هذا التمويل 7 مليارات يورو لتعزيز وتطوير تقنيات الهيدروجين في ألمانيا، و 2 مليار يورو لتطوير الشراكات الدولية.
وبحسب جيرد مولر، فإن المغرب سيكون أوّل بلد يستفيد من عنصر الشراكة الدولية للإستراتيجية.
وقال وزير الطاقة والمناجم والبيئة المغربي، عزيز رباح، إن الاتّفاق الجديد مع ألمانيا حول تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، سيساعد على تسريع انتقال المغرب إلى الطاقة المتجدّدة.
في عام 2009، وقّعت اتّفاقية لتقليل اعتماد المغرب على البلاد الأجنبية، للحصول على الكهرباء، تهدف الاتّفاقية إلى خفض فاتورة الطاقة في البلاد، والتي تبلغ حاليًا 70 مليار درهم (7.26 مليار دولار).
وبدءًا من أبريل/نيسان 2019، انخفضت واردات المغرب من الطاقة من 98٪ إلى 92٪، لكن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا لا تزال مستوردًا صافيًا للطاقة.