مقال - أنس الحجي يكتب لـ "الطاقة": ما أثر تقليص تخفيض السعودية و(أوبك+) للإنتاج في أسواق النفط؟
وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان: "لن يكون هناك تغيير في صادراتنا"
خاص-الطاقة
الخطة التي تبنتها "أوبك" في إبريل تقتضي تخفيض الإنتاج من أول مايو/أيار بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً، على أن يتقلص إلى 7.7 مليون برميل يومياً من أول يوليو/تموز إلى نهاية العام. ثم قررت الدول الأعضاء تمديد تخفيض 9.7 مليون برميل يومياً خلال شهر يوليو/تموز على أن تبقى خطة التخفيض إلى 7.7 مليون برميل يوميا ابتداءً من أول أغسطس/آب.
إذن: فكرة تقليص التخفيض موجودة أمام الملأ منذ أكثر من شهرين. كما لم يرد أي تصريح أو إشارة من أي مسؤول في (أوبك+) تشير إلى احتمال تمديد تخفيض 9.7 مليون برميل يومياً إلى أغسطس؛ لهذا من المستغرب أن تقوم بعض وسائل الإعلام، وبعض المحللين، بالقول إن أسعار النفط انخفضت لأن "أوبك" سترفع الإنتاج، وكأن الأمر حصل فجأة وقت اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة السوق يوم أمس.
كما ركزت كبرى وسائل الإعلام على الأثر السلبي لتقليص التخفيض في أسواق النفط، مع أن الواقع عكس ذلك. الواقع يقول إن أثر قرار تقليص (أوبك+) للإنتاج ضعيف -إن وجد-، وأن استمرار التخفيض سيؤدي إلى نزول كبير في مخزون النفط في الدول المستهلكة، الأمر الذي سيدعم أسعار النفط.
وفيما يلي أهم الأسباب التي تجعل أثر تقليص تخفيض الإنتاج محدوداً في الأسواق :
- توقع زيادة كبيرة في استهلاك الكهرباء في الدول النفطية، خاصة دول الخليج، بسبب فيروس "كورونا" الذي سيمنع سفر أغلب الناس إلى الدول الأخرى لقضاء إجازاتهم السنوية. هذه الزيادة تأتي فوق الزيادة الفصلية المعتادة. هذه الزيادة ستزيد من استخدام زيت الوقود أو النفط الخام في توليد الكهرباء. إلا أن ما يحد من هذه الزيادة مغادرة عدد كبير من الوافدين دول الخليج إلى بلادهم بسبب فيروس "كورونا" وتبعاته المختلفة.
- نظرا للانخفاض الكبير في إنتاج النفط؛ فقد انخفض معه إنتاج "الغاز الطبيعي المصاحب" الذي يستخدم عادة في توليد الكهرباء (ومدخلات البتروكيماويات)؛ لهذا سيزيد استخدام النفط في توليد الكهرباء.
- عدم سفر المواطنين والوافدين إلى بلاد أخرى لقضاء إجازاتهم وبقائهم مكانهم مع عدم وجود الحجر يعني زيادة الطلب على البنزين والديزل.
- ستقوم الدول التي تجاوزت حصصها الإنتاجية في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران بالتعويض عن ذلك بتخفيضات إضافية في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، وبالتالي، فإن تخفيض (أوبك+) الفعلي سيكون أكثر من 7.7 مليون برميل يومياً وقد يتجاوز 8 ملايين برميل يومياً.
خلاصة القول: إن الفرق بين التخفيض في يوليو والتخفيض في أغسطس سيكون بحوالي 1.5 إلى 1.7 مليون برميل، وسيتم استهلاك أغلبها -أو كلها- محليا، وبالتالي، فإن زيادة الإنتاج لا تعني زيادة في إمدادات النفط في الأسواق العالمية. هذا يعني أن استمرار الزيادة في الطلب على النفط لن يقابلها زيادة في الإمدادات، على الأقل في شهر أغسطس والنصف الأول من شهر سبتمبر. الأمر الذي سيدعم أسعار النفط. ومن المتوقع أن نرى انخفاضاً كبيراً في مخزون النفط في في الولايات المتحدة في الأسابيع المقبلة، إلا إذا لجأت بعض الولايات الكبيرة إلى الحجر وحظر التجول مرة أخرى بسبب تفشي فيروس "كورونا" فيها.
تصريحات وزيري الطاقة السعودي والروسي
الأفكار أعلاه مستوحاة مما قاله وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في كلمته الافتتاحية في اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة السوق أمس، حيث قال إن الزيادة في الإنتاج ستستخدم محليا، وإن السعودية سترفع استهلاكها بمقدار 500 ألف برميل يومياً، وبالتالي فإن الصادرات ستبقى على مستوياتها السابقة. وأكد وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك على الفكرة نفسها عندما تحدث بعد انتهاء الأمير عبد العزيز من كلمته.
فقد قال وزير الطاقة السعودي في كلمته الافتتاحية: "بالإضافة إلى ذلك، فإن الموسمية أكثر وضوحًا هذا العام بسبب الوباء. سيكون هناك زيادة في الطلب على المنافع والخدمات في العديد من دول (أوبك+)، وكذلك تغييرات في أنماط السفر؛ مما يعزز الطلب المحلي على البنزين والديزل. ونتيجة لذلك؛ سيكون التأثير في الصادرات لمعظم المشاركين في (أوبك+) محدودًا. وأي إمدادات إضافية ستصل إلى الأسواق، ستكون قليلة، وبالكاد سيشعر بها السوق".
وأردف: "يمكنني أن أخبركم أنه نظرًا لزيادة الطلب من المنافع والخدمات والقطاعات الأخرى في المملكة العربية السعودية، مع الانفتاح وتراجع عمليات الإغلاق، فإننا نقدّر ما يقرب من 500 ألف برميل يوميًا من الطلب الإضافي في أغسطس؛ لذا، على الرغم من هدف الإنتاج المرتفع في أغسطس، لن يكون هناك تغيير في صادراتنا".
وأكد وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك على الفكرة نفسها، حيث قال في كلمته: "الزيادة في الإنتاج ستستخدم للاستهلاك المحلي في الدول المنتجة للنفط".