فنزويلا: منطقة ماراكايبو النفطية تتحول إلى بؤرة لجائحة كورونا.. وإصابة وزير النفط
في الوقت الذي تعاني فيه فنزويلا من عقوبات أميركية تمنع الدول من التعامل معها بشكل مباشر، وتعيق تصدير النفط، جاء فيروس كورونا ليحول منطقة ماراكايبو النفطية إلى بؤرة للوباء، بالتزامن مع إصابة وزير النفط في البلاد طارق العيسمي.
وأصبحت منطقة ماراكايبو النفطية التي كانت في الماضي مزدهرة ودّمرها انقطاع الكهرباء والنقص في الوقود، البؤرة الرئيسية لوباء (كوفيد-19) في فنزويلا.
وتوضح مصادر وبيانات عن المنطقة طلبت عدم الكشف عن اسمها الكامل، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، أن الارتفاع الكبير في عدد الإصابات في ولاية زوليا الواقعة على الحدود مع كولومبيا أدى الى "وضع مروّع" في المستشفى؛ فقد أصبحت عدة أجنحة من المستشفى "جحيما"؛ نظرا للنقص في تكييف الهواء في منطقة تتجاوز فيها درجات الحرارة 40 درجة مئوية بشكل دائم، وحيث يمكن أن يستمر انقطاع التيار الكهربائي لساعات.
ويكمّل الشح في المياه والنقص العام في الموارد المشهد، مع صورة الطواقم الطبية يسيرون بأرديتهم المتعرّقة في ممرات المستشفى.
وقفزت أعداد الإصابات بكوفيد-19 المسجلة في فنزويلا -التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة- أخيرا: ففي حين سجلت 1500 إصابة حتى الأول من يونيو/حزيران، أصبح هذا العدد سبعة آلاف بعد شهر فقط. إلا أمه حتى هذه البيانات موضع شك من منظمات عالمية غير حكومية مثل (هيومن رايتس ووتش)، حيث يعتقد أن عدد الإصابات أكبر، وتحاول الحكومة الفنزويلية إخفاء ذلك.
وكانت حكومة الرئيس نيكولاس مادورو قد اعترفت بأن ذلك الارتفاع في عدد الإصابات "مثير للقلق".
وتضم زوليا -وهي أكثر الولايات الفنزويلية اكتظاظا- ما يقرب من ربع الإصابات بهذا الوباء الذي تفشى في خضمّ أزمة اقتصادية عميقة.
وقال طارق العيسمي وزير النفط الفنزويلي على "تويتر" أمس الجمعة، إن الفحوص أثبتت إصابته بفيروس كورونا، وذلك بعد يوم من تأكد إصابة ديوسدادو كابيلو زعيم الحزب الاشتراكي بالفيروس أيضا.
ويواجه العيسمي -الذي تولى المنصب هذا العام وهو أيضا نائب الرئيس للشؤون الاقتصادية- اتهامات في الولايات المتحدة تتعلق بتهريب المخدرات. وينفي العيسمي الاتهامات. وقال إنه بدأ التزام العزل الذاتي.
وليس هناك إلا مختبر واحد في كاراكاس يقوم بتحليل اختبارات فيروس كورونا في كل أنحاء البلاد. وغالبا ما تكون الاختبارات السريعة خاطئة؛ فقد خضع إلكين لخمسة اختبارات جاءت نتيجتها كلها سلبية رغم ظهور الأعراض عليه.
وتعاني المنصات النفطية في فنزويلا من الشلل التام لعجزها عن بيع انتاجها من الخام بسبب العقوبات الأميركية وانهيار القطاع النفطي خصوصا، على ما تفيد شركة (بيكر هيوز).
ولم تشهد المنصات النفطية لاستخراج الخام أي نشاط خلال يونيو/حزيران في مقابل عمل 22 منها خلال الفترة نفسها من العام الماضي وأكثر من مائة العام 1998.
وتعتمد فنزويلا كثيرا على النفط لكنها تشهد تراجعا كبيرا جدا في حقولها النفطية، والآن لم تعد تجد من يشتري نفطها أو مكانا لتخزينه.
وبموجب ترتيب مقايضة تسمح به العقوبات الأميركية ضمنيا، تقوم شركة ريلاينس الهندية حالياً بتحميل خام النفط الفنزويلي مقابل تزويدها بالديزل (المازوت) الحيوي للنقل وتوليد الطاقة في فنزويلا.
وتراجع إنتاج النفط الخام في فنزويلا، للشهر السادس على التوالي، في يونيو/حزيران؛ ما يعكس الوضع المزري لصناعة النفط في البلاد، الذي ازداد سوءًا مع تشديد العقوبات الأميركية التي تضرب الصادرات، وتراجع الطلب جراء تفشّي جائحة كوفيد-19.
ويعد ذلك سلسلة استمرار التراجع في إنتاج النفط الفنزويلي، وهو مصدر ثروات كبيرة للبلاد لفترة طويلة، في مايو/أيار، إلى مستويات لم تسجل منذ قرابة ثمانين عاماً؛ ما يفاقم من الأزمة الاقتصادية المخيفة التي يعانيها هذا البلد الأميركي الجنوبي.
و بالاستناد إلى "مصادر ثانوية" تعد مرجعا في هذا الإطار، أشارت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في تقريرها الشهري الأخير إلى أن فنزويلا ضخت يومياً في مايو/أيار أقل بـ 54 ألف برميل مما كان عليه إنتاجها في أبريل/نيسان، ليتراجع المجموع إلى 570 ألف برميل يومياً.
ويندرج هذا التراجع الكبير في إطار تداعي القطاع النفطي الفنزويلي على مر السنوات في حين كان ينتج 3,2 ملايين برميل يومياً قبل 12 عاما.
وحتى العام 2018، كانت فنزويلا ترسل 500 ألف برميل من النفط الخام يومياً إلى الولايات المتحدة وتتلقى من هذا البلد 120 ألف برميل يومياً من النفط الخفيف والمكملات الضرورية للتكرير، لكن إدارة الرئيس دونالد ترمب فرضت في أبريل/نيسان 2019 حظرا صارما على النفط الفنزويلي.
وتشدد شركة "أس أند بي غلوبال بلاتس" -من جهة أخرى- على أن كراكاس اضطرت في الأسابيع الأخيرة إلى خفض إنتاج الخام بسبب "محدودية التخزين" و"النقص في النفط الخفيف" لتسييل النفط الثقيل جدا وجعله قابلاً للنقل.
وفي مارس/آذار عانت فنزويلا من انقطاع في المحروقات بسبب أزمة سيولة حالت دون استيراد الوقود من الخارج. وعرفت البلاد أزمة محروقات لم تُحل إلا بوصول خمس ناقلات نفط إيرانية محملة بـ 1,5 مليون برميل.