شركة النفط المكسيكية "بيمكس" توقف دفع مستحقّات المقاولين وتعدّها "دينًا"
تُعدّ أكبر شركة نفط مدينة في العالم
تعدّ شركة النفط المكسيكية "بيمكس"، أكبر شركة نفط مدينة في العالم، إذ لا تقتصر على ديونها التي تبلغ 105 مليارات دولار، بل أكبر من ذلك، لأن هذه الديون في ازدياد مستمرّ، بعد أن قرّرت عدم دفع مستحقّات المقاولين، وطلبت تأجيل دفع المبالغ المستحقّة الآن، إلى العام القادم، وفقًا لأشخاص مطّلعين تحدّثوا إلى وكالة بلومبرغ، وطلبوا عدم الكشف عن هويّتهم.
بيمكس، واحدة من أعرق شركات النفط الوطنية في المكسيك، إلّا أنّها ضمن الأسوأ إدارةً وأداءً. فإنتاجها في انخفاض مستمرّ منذ عقد ونصف، وتحقّق خسائر باستمرار، بينما تتضخّم ديونها. واستبشر الناس خيرًا بقدوم الرئيس الجديد، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، إلّا أن تضارب سياساته، وتراجعه عن عدّة أمور وعد بها في أثناء الانتخابات، أثّرت سلبًا في قطاع النفط المكسيكي.
ووفقًا لـ بلومبرغ، فإن الشركة طلبت من ثلاثة مقاولين تأجيل دفع 115 مليون دولار، إلّا أن الكميّة التي سيُؤجَّل دفعها في مرافق الشركة كافّةً، قد تصل بسهولة إلى المليارات. ويبدو أن بيمكس اكتشفت لعبة محاسبية تجعل ديونها تظهر أقلّ ممّا هي عليه، وذلك عن طريق قيام المقاولين بإدخال الفواتير في صفحة مخصّصة في موقع بيمكس، ثمّ يحصلون على تأكيد، وتاريخ الدفع. إلّا أن بيمكس توقّفت عن إصدار رقم الفاتورة في بعض الأحيان، ومن ثمّ لا تظهر الفاتورة على أنّها تكاليف، ولا تظهر على أنّها مستحقّات، ولكنّها في الواقع ديون يجب أن تدفعها، ولكن لا تظهر في الحسابات.
ويلبور ماثيوز ، مؤسّس شركة Vaquero Global Investment LP، التي تتداول في سندات بيمكس، يقول، إن التوسّع في المدفوعات المستحقّة لشركة بيمكس مع المورّدين، يعدّ تطورًا مثيرًا للقلق، نظرًا للصعوبات التي تواجهها شركة النفط المثقلة بالديون.
وقال ماثيوز، في مقابلة هاتفية مع بلومبرغ: "إذا رفضت بيمكس إعطاءك رقم فاتورة، فلن تصبح مستحقّة لشركة بيمكس، ولا تصبح مستحقّة للشركة، لذا فهي مثل أرض النسيان المحاسبي". موضّحًا: "لكن الحقيقة هي أن بيمكس مدينة لهم بهذا المال، ما يعني أن بيمكس لديها عبء دين إضافي ضخم".
وكان الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، قد وضع بيمكس في صميم أهدافه، لجعل البلاد مكتفية ذاتيًا في الطاقة. ومع ذلك، فقد تكبّدت الشركة خسارة قياسية، بلغت 23 مليار دولار في الربع الأوّل من العام الجاري، بسبب جائحة فيروس كورونا، إلى جانب 15 عامًا من انخفاض إنتاج النفط.
لهذا جرى تخفيض تصنيف سندات الشركة إلى أقلّ المستويات من قبل موديز، في أبريل/نيسان الماضي، واضطرّت الشركة إلى تخفيض ميزانية الاستكشاف والإنتاج لهذا العام، بمقدار 1.8 مليار دولار. وانعكس هذا سلبًا على صناعة الخدمات النفطية في المكسيك، ففقد الآلاف وظائفهم، ويُتوقّع تسريح المزيد، بينما تنتظر شركات الخدمات النفطية الحصول على معلومات من بيمكس، حول موعد إعادة تشغيل العقود.
وتكمن المشكلة هنا في كون إعادة تشغيل العقود تتطلّب استثمارات، والاستثمارات تتطلّب أموالًا، والأموال تتطلّب ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع أسعار النفط قد لا يفيد كثيرًا، إذا كان الإنتاج في انخفاض مستمرّ. وتتعقّد الأمور أكثر مع وجود تاريخ طويل للفساد الإداري. فيوم أمس، أقرّت محكمة إسبانيّة تسليم أميليو لازويا -الرئيس السابق لبيمكس- إلى المكسيك، لمواجهة اتّهامات عدّة، تتعلّق بالفساد الإداري وغسيل الأموال.
لهذا يعتقد الخبراء أن قطاع الطاقة في المكسيك يحتاج لإعادة هيكلة، بينما تحتاج بيمكس إلى تفكيك وإعادة بناء من جديد. وحتّى يحدث ذلك، يُتوقّع أن يستمرّ إنتاج النفط المكسيكي بالانخفاض.