تحديث - ضربة جديدة لإدارة ترمب تسد مزيد من شرايين قطاع النفط
حكم قضائي يوقف مزيد من الأنابيب
فيما يمثل ضربة أخرى لقطاع الطاقة الأميركي وإدارة الرئيس دونالد ترمب الذي يسعى لتسهيل بناء البنية التحتية للطاقة، أصدر أحد القضاة في الولايات المتحدة الاثنين حكما بإغلاق خط أنابيب نفط، استجابة لطلب "السكان الأصليين" للولايات المتحدة بسبب المخاوف من الأضرار البيئية الناجمة عن المشروع، لينضم الأنبوب الأخير إلى خطوط أخرى سدتها المشكلات، لتضيف مزيد من الأعباء لشرايين قطاع الطاقة الأميركي
ووفقا لقرار المحكمة سيكون على الحكومة الاتحادية إجراء تحليل شامل للآثار البيئية للخط، ثم رفع التقرير إلى المحكمة لمراجعة النتائج، وهي العملية التي قد تستغرق أكثر من عام.
وكانت منظمات ممثلة للسكان الأصليين قد أقامت الدعوى أمام إحدى المحاكم الاتحادية منذ سنوات لوقف تشغيل خط أنابيب "داكوتا أكسيس"، والذي يعرف أيضا بخط أنابيب "باكن"، الذي بدأ عمله في عام 2017 وتكلف 3.8 مليار دولار ويمتد لنحو 1100 ميل من "نورث داكوتا" إلى إلينوي، وينقل ما يعادل 470 ألف برميل يوميا، فيما تبلغ طاقته القصوى 570 ألف برميل يوميا.
وشهدت محمية ستاندنغ روك الهندية احتجاجات طويلة في 2016 بما في ذلك اشتباكات مع قوات إنفاذ القانون.
وأصدر القاضي جيمس بواسبرغ من محكمة واشنطن دي سي الجزئية اليوم حكما بإلغاء ترخيص الخط وأمر بإغلاقه وتفريغه بحلول 5 أغسطس (آب) المقبل. وكانت إحدى المحاكم قد أصدرت حكما سابقا بأن سلاح المهندسين العسكريين الأميركي انتهك القواعد البيئية أثناء بناء خط أنابيب "داكوتا أكسيس".
ويدعم الرئيس ترمب الخط وأصدر أمرا تنفيذيا لدعمه في بداية توليه الرئاسة، حيث ألغى أوامر تنفيذية صدرت في عهد سلفه باراك أوباما والتي كانت قد أوقفت عمل الخط بسبب الأضرار المحتملة له بالنسبة لنهر ميسوري. ودفعت إجراءات إدارة ترمب قبائل السكان الأصليين إلى إقامة دعاوى قضائية لوقف المشروع.
مصائب الأنابيب تتوالى
وجاء حكم المحكمة اليوم بعد يوم واحد من إعلان شركتي "دوك أنيرجي" و"دومنيون إنيرجي" أمس التخلي عن مشروع لمد خط أنابيب غاز على ساحل المحيط الأطلسي في الولايات المتحدة بتكلفة 8 مليارات دولار، وذلك في ظل التأجيل المستمر وتزايد الغموض المحيط بتكلفة المشروع، رغم صدور حكم من المحكمة العليا الأميركية لصالح المشروع في الشهر الماضي.
ويستهدف المشروع نقل الغاز الطبيعي عبر ويست فيرجينيا وفيرجينيا ونورث كارولينا بطول 600 ميل. وكان قد تم الإعلان عن المشروع لأول مرة في عام 2014. وذكرت دومنيون إنيرجي أن سلسلة المشكلات القانونية التي واجهت الحصول على تراخيص المشروع سواء على المستوى الاتحادي أو على مستوى الولايات أدى إلى زيادة كبيرة في تكلفته والتأخير في بدء تنفيذه. ووصلت التكلفة التقديرية للمشروع مؤخرا إلى 8 مليارات دولار في حين كانت التكلفة التقديرية الأولية تتراوح بين 4.5 و5 مليارات دولار.
في الوقت نفسه فإن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن المشروع يمكن أن يدخل الخدمة في أوائل 2022، وهو ما يعني التأخير لمدة تتراوح بين 3 و3.5 سنوات عن الموعد الأصلي.
من ناحيتها ذكرت دوك إنيرجي في بيان منفصل إنها ستواصل السعي لتحقيق طموحاتها في مجال الطاقة النظيفة بدون مشروع خط أنابيب ساحل الأطلسي وذلك من خلال الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة وبطاريات تخزين الطاقة وبرامج زيادة كفاءة استهلاك الطاقة ومشروعات شبكات نقل الطاقة.
وذكرت شركة دوك إنرجي أن خطتها الاستثمارية الخمسية البالغة قيمتها 56 مليار دولار ستحقق التوازن بين التكلفة المحتملة بالنسبة للعملاء وخلق قيمة مضافة للمجتمعات التي تقام فيها المشروعات. وأضافت أنها خفضت الانبعاثات الكربونية من أنشطتها بنسبة 39 في المائة مقارنة بمستوياتها في 2005، ومازالت على الطريق للوصول بنسبة الخفض إلى 50 في المائة عام 2030. كما تستهدف الشركة الوصول بالانبعاثات الكربونية من مشروعات توليد الكهرباء التابعة لها إلى صفر عام 2050.
كيستون إكس إل
واقعة الحكم بإغلاق أنبوب "داكوتا أكسيس" النفطي ليست الأولى من نوعها هذا العام، حيث تعرّض أحد المشاريع التي يدعمها ترمب إلى نكسة كبيرة، نهاية مايو (أيار) الماضي، حين رفضت محكمة استئناف أميركية في كاليفورنيا تعليق حكم محكمة أدنى بوقف بناء أنبوب النفط المثير للجدل «كيستون إكس إل». وكان ترمب قد أحيا المشروع بعد أن أوقفه سلفه الرئيس باراك أوباما لأسباب بيئية. وبقرار المحكمة هذا يفقد ترمب ورقة ضغط مهمّة في أسواق النفط.
وقالت المحكمة في الحكم، إن المستأنفين، الممثّلين في سلاح المهندسين بالجيش وشركة “تي سي إنيرجي”، “لم يثبتوا احتمالية كافية للنجاح في الأسس الموضوعية والاحتمالية لضرر لا يمكن إصلاحه، من أجل تبرير خطّ الأنابيب”.
ومنذ طرح المشروع، وهو يواجه اعتراضات كبرى تصل إلى حدّ التظاهرات من أنصار حماية البيئة، بسبب آثاره المحتملة. ويقول المدافعون عن البيئة، إن النفط الرملي يأتي من القار، وأيّ انفجار للأنابيب أو تسرّب منها يحمل مخاطر كبيرة على الصحّة والسلامة والبيئة، كما أن الإدارة الأميركية السابقة كانت تقول، إن الأنابيب الرابطة بين رمال النفط الكندي في المصافي الأميركية، لن تسهم في تخفيض أسعار المحروقات، وإنّها ستسهم في الانبعاثات المرتبطة بالاحتباس الحراري.
ويعدّ الحكم الجديد أحدث انتكاسة لخطّ أنابيب “كيستون إكس إل”، الذي ظلّ معلّقًا منذ عام 2008. وبحسب مخطّط المشروع، كان من شأن “كيستون” أن ينقل نحو 830 ألف برميل يوميًا من النفط الكندي الثقيل، من ألبرتا إلى المصافي والموانئ على خليج المكسيك في الولايات المتّحدة، عبر وصلات في الغرب الأوسط الأميركي.
وأجهض الرئيس أوباما المشروع المقدّر بقيمة 8 مليارات دولار، بسبب مخاوف بالبيئة والتغيّر المناخي، لكن ترمب أعاد إحياءه بعد شهرين فقط من تولّيه الرئاسة، في عام 2017.
ولا تقتصر المكاسب المستهدفة لإدارة ترمب من إتمام خطّ أنابيب “كيستون إكس إل” على فرص العمل أو تقليص الواردات بشكل يتعلّق بالاقتصاد.. لكنّها تمتدّ إلى أهداف جيوسياسية، إذ إن النفط الكندي الوارد يماثل جزءًا كبيرًا من النفط الذي تستورده الولايات المتّحدة من السعودية والكويت والعراق، وبهذا، فإن جزءًا من الزيادة -إن لم يكن كلّها- سيكون على حساب الحصّة السوقيّة لهذه الدول. كما إنّه يسمح “تقنيًا” للإدارة الأميركية بوقف وارداتها النفطية من دول الشرق الأوسط كـ”إجراء عقابي” حال الحاجة إلى ذلك، أو كـ”ورقة ضغط” على كبار اللاعبين في منظّمة “أوبك”، من أجل التدخّل لتعديل أوضاع الأسواق في حالات ارتفاع الأسعار الشديد، أو هبوطها بشكل كبير.
وإضافة إلى ما سبق، فإن فشل إتمام خطّ الأنابيب قد يدفع كندا إلى البحث عن بديل، والأقرب هو أن شركات صينية لديها بالفعل خطط لبناء أنبوب لغرب كندا، وشحن النفط من هناك بالسفن إلى الصين والدول الآسيوية الأخرى، هذا الأمر من شأنه أن يُفقد الولايات المتّحدة السيطرة على هذه الإمدادات لصالح الصين.