تقارير النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

أسعار النفط.. هل تدفع نيجيريا إلى هاوية الإفلاس؟

تكلفة خدمة الدين بلغت 99% من إجمالي الإيرادات في الربع الأوّل من 2020

اقرأ في هذا المقال

  • كل الإيرادات تقريبا تساوي المبلغ المطلوب لسداد التزامات خدمة الدين
  • تراجع أسعار النفط تسبب في عجز الموازنة بنسبة 30%
  • النفط يمثل 90% من إيرادات النقد الأجنبي وأكثر من نصف إيرادات الحكومة
  • صندوق النقد: نيجيريا معرضة لمخاطر متزايدة بسبب الأزمة النفطية
  • إجمالي عجز الموازنة يبلغ 52% والدين العام يقترب من 30%
  • البنك الدولي يتوقع انكماش الاقتصاد النيجيري 3.2% وهو الأسوأ منذ الثمانينات

حازم العمدة

فيما يعكس تأثير انهيار أسعار النفط على الدول الأعضاء الأكثر فقرًا في منظّمة أوبك، التي تعتمد ميزانياتها بشكل أساس على إيراداته، وكذلك تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية المدمّرة، شهدت نيجيريا في الربع الأوّل من عام 2020 أعلى تكلفة خدمة ديون على الإطلاق، بلغت 99% من إجمالي إيرادات هذا البلد الإفريقي.

جاء ذلك في تقرير أصدرته زينب أحمد -وزيرة الماليّة والميزانية والتخطيط الوطني الاتّحادي في نيجيريا- حول الإنفاق متوسّط الأجل، والإستراتيجية الماليّة.

ويُظهر استعراض سريع للبيانات التي أوردها التقرير أنّه في الربع الأوّل من العام الجاري، تكبّدت نيجيريا مبلغًا إجماليًا قدره 943.12 مليار نيرة نيجيريّة في خدمة الديون، بينما بلغت إيرادات الحكومة الفيدرالية 950.56 مليار نيرة. وهذا يعني أن نسبة خدمة الدين في نيجيريا إلى الإيرادات تُقدَّر بنحو 99% خلال الفترة.

وتشير هذه النسبة المروعة إلى أن جميع الإيرادات الناتجة عن كلّ من المصادر النفطية وغير النفطية تساوي المبلغ المطلوب لسداد التزامات خدمة الديون.

تكافح نيجيريا -مثل بقية العالم- وباء كوفيد-19- وكان من المتوقّع أن تعاني عجزًا كبيرًا في الإيرادات. ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن الحكومة ربّما شهدت انخفاضًا كبيرًا في الإيرادات، قبل الانكماش الاقتصادي الناجم عن تدابير الإغلاق لاحتواء فيروس كورونا، ما يشير إلى أن الأمور قد تكون بالفعل أسوأ ممّا كان متوقّعًا.

عائدات النفط

ووفقًا للبيانات، حقّقت الدولة إيرادات بقيمة 950.5 مليار نيرة من الميزانية المستهدفة وتقسيماتها، البالغة 1.9 تريليون نيرة، أي أن نسبة عجز الموازنة بلغت 52% .وبلغت عائدات النفط 464 مليون نيرة، لتمثّل عجزًا بنسبة 30٪ في الميزانية.

ويعتمد أكبر مصدّر للنفط في إفريقيا على مبيعات النفط الخام، للحصول على نحو 90 % من إيرادات النقد الأجنبي، وأكثر من نصف الإيرادات الحكومية. وتراجعت أسعار النفط تراجعا حادًّا بفعل انخفاض الطلب العالمي على الوقود قرابة 30 بالمئة، جراء الإغلاقات الشاملة الرامية إلى احتواء انتشار الفيروس.

وبالرغم من العجز المسجّل في الإيرادات، ظلّت النفقات الحكومية المتكرّرة (الديون وغير الديون) تتماشى مع توقّعات الميزانية. ووفقًا للبيانات، ارتفعت خدمة الدين للربع الأوّل من العام إلى 943.12 مليار نيرة، مقسّمة إلى الدين المحلّي (594.23 مليار نيرة)، والديون الخارجية (129.51 مليار نيرة)، وفوائد أخرى بلغت (219.38 مليار نيرة).

وبلغ الإنفاق المتكرّر غير المتعلّق بالديون 1.1 تريليون نيرة، وهو ما يتماشى إلى حدّ كبير مع توقّعات الميزانية، وهي سمة مشتركة خلال العقدين الماضيين. ومع ذلك، بلغ الإنفاق الرأسمالي 139.7 مليار نيرة، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 71.3 ٪ عن الهدف، حيث عانت النفقات الرأسمالية المطلوبة بشدّة من انخفاض آخر.

هل نيجيريا "مفلسة"؟

يثير النضوب المستمرّ في عائدات نيجيريا تساؤلات حول الملاءة الماليّة للاقتصاد النيجيري. وبشكل عامّ، يمكن تفسير القدرة على تحمّل الديون بحساب نسبة الدين إلى الناتج المحلّي الإجمالي، أو خدمة الدين إلى نسبة الإيرادات.

ونظرًا لأن إجمالي الدين العامّ في نيجيريا أقلّ من 30٪ من الناتج المحلّي الإجمالي، يبدو أن عبء ديون البلد خفيف نسبيًا، مقارنةً بالعديد من البلدان الأخرى.

وفي الوقت نفسه، لا يعدّ ربط الدين بالناتج المحلّي الإجمالي أفضل مؤشّر على القدرة على تحمّل الديون، خاصّةً في بلد تكون فيه الضريبة على الناتج المحلّي الإجمالي منخفضة.

بالنسبة لنيجيريا، فإن المؤشّر الأفضل بالنسبة للقدرة على تحمّل الديون هو نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات، التي ارتفعت في نيجيريا خلال السنوات الأخيرة إلى مستويات مثيرة للقلق، إلى أن وصلت إلى الآن 99٪ في الربع الأوّل من عام 2020.

ويتوقّع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد النيجيري بنسبة 3.2٪ عام 2020، وهو ما سيكون أسوأ أداء اقتصادي للبلاد منذ الثمانينات.

في عام 2019، أعلن محافظ البنك المركزي النيجيري السابق، سانوسي لاميدو، أن نيجيريا " تتّجه إلى الإفلاس" بعد أن كشف بنك التنمية الإفريقي أن نيجيريا تنفق أكثر من 50 ٪ من إيراداتها على خدمة الديون، وهذا أمر مثير للقلق.

نظرة قاتمة

مع احتمال أن يكون الاقتصاد في طريقه إلى الركود الاقتصادي، فإن الإيرادات الحكومية -وخاصّةً الإيرادات غير النفطية- يمكن أن تظلّ منخفضة في هذا الربع والربع التالي. وهذا يعني أن الحكومة ستظلّ بحاجة إلى الاعتماد على اقتراض الديون، لتمويل أنشطتها.

ومؤخّرًا، وافقت الجمعية الوطنية (البرلمان) على قرض بقيمة 5.5 مليار دولار أخرى للحكومة الفيدرالية، ما يزيد من الضغط على خدمة الديون في نيجيريا إلى نسبة الإيرادات.

وبالرغم من أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط الخام يمثّل تطوّرًا إيجابيًا، فإن نيجيريا لا تزال تواجه خفضًا في إنتاجها من النفط الخام، وستكسب عائدات نفطية أقلّ ممّا كان متوقعًا. كما قامت الحكومة بخفض معيار النفط الخام، كما هو وارد في إطار الإنفاق متوسّط ​​الأجل.

خفضت نيجيريا تقديراتها لحجم إنتاج النفط الخام في ميزانية 2020 من 2.18 مليون برميل يوميًا، إلى 1.9 مليون برميل يوميًا، (منها 400 ألف برميل يوميًا مكثّفات)، هو ما يتماشي مع حصّتها من خفض الإنتاج المتّفق عليه في اجتماع أوبك+ الأخيرة لتحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية.

وتبلغ حصّة نيجيريا من الإنتاج وفق الاتّفاق 1.48 مليون برميل في اليوم، باستثناء المكثّفات.

وكان متوسّط ​​إنتاج النفط قد بلغ 2.1 مليون برميل يوميًا في الشهرين الأوّلين من العام، قبل الانهيار في الطلب والسعر مع إغلاق معظم الاقتصادات.

ويواجه منتجو النفط الخام صعوبة كبيرة في بيع شحنات النفط الخام، ما يضطرّهم إلى تقديم خصومات كبيرة في الأسعار لجذب المشترين.

إغلاق الآبار

ومع ذلك، فإن انخفاض حجم الإنتاج مكّن الشركة الوطنية للنفط من إغلاق بعض آبار النفط عالية التكلفة، ومن ثمّ خفّض متوسّط ​​تكلفة الإنتاج، من قرابة 33 دولارًا أميركيًا إلى أقلّ من 28 دولارًا للبرميل، وفقًا لتقرير وزارة الماليّة والميزانية والتخطيط الوطني الاتّحادي.

تشير هذه التحدّيات أيضًا إلى أن الحكومة قد تضطرّ إلى الاعتماد على تمويل من البنك المركزي لسدّ العجز في الإيرادات. اعتمدت الحكومة في الماضي على قروض البنك لتمويل النفقات المتكرّرة، لأنّها تسدّد في المستقبل من تدفّق عائدات النفط.

وفقًا لإطار استدامة الدين المشترك بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، للبلدان منخفضة الدخل، الذي أُصدِر عام 2020، يجب ألّا تتجاوز خدمة الدين في البلد الحدّ الأدنى للإيرادات 23٪.

غير أن نيجيريا وصلت بهذه النسبة الآن إلى 99٪، وهذا يعني أنّه من بين كلّ 100 نيرة تحصّلت عليها نيجيريا في الربع الأوّل من عام 2020، ذهبت 99 نيرة على خدمة الديون.

هذا نموذج غير مستدام لنيجيريا، ولا يمكن أن يستمرّ لفترة طويلة. وفي مرحلة ما، سيتعيّن على الحكومة زيادة إيراداتها، أو مواجهة المزيد من التخفيضات في الإنفاق.

ومؤخّرًا، أبلغت نيجيريا صندوق النقد في رسالة تطلب فيها مساعدة ماليّة عاجلة، أن التراجع في أسعار الخام والصدمات الاقتصادية المرتبطة بالفيروس، تسبّبا في فجوة تمويل خارجي بمقدار 14 مليار دولار.

ووافق الصندوق على كامل طلب نيجيريا البالغ 3.4 مليار دولار. وفي إيجاز تفصيلي يتعلّق بالقرار، حذّر صندوق النقد من أن نيجيريا مازالت معرّضة لمخاطر متزايدة، وخاصّة في أسواق النفط.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق