المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغاز

مقال- بريندا شيفر تكتب: عقوبات أميركا ضدّ إيران.. هل الغاز الطبيعي الهدف المقبل؟

ترمب يستطيع استغلال الغاز كورقة ضغط مؤلمة لطهران

اقرأ في هذا المقال

  • إيران ثالث أكبر منتج للغاز في العالم ولديها ثاني أكبر احتياطي
  • تركيا والعراق وأرمينيا شريان حياة لصادرات الغاز الإيراني ولكن!!
  • الدول الثلاثة قادرة على الاستغناء عن غاز إيران مع وجود بدائل
  • واشنطن حريصة على عدم حرق كل أوراقها لتكثيف الضغط على طهران

بريندا شيفر

تؤثّر حملة الضغط القصوى التي تمارسها إدارة ترمب بشكل كبير على استقرار الاقتصاد الكلّي لإيران، وتجفّف عائدات الصادرات والاحتياطيات الحكومية. فمع انخفاض صادرات النفط الإيرانية، تظلّ التجارة الإقليمية وغير النفطية لإيران هدفًا مهمًا للعقوبات. فهل يصبح الغاز الطبيعي الهدف المقبل للعقوبات الأميركية؟

تعدّ إيران ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، ولديها ثاني أكبر احتياطي للغاز عالميًا، وتعتمد بشكل كبير على إنتاجها المحلّي من الغاز الطبيعي.

في الواقع، يشكّل الغاز الطبيعي ما يقرب من 70 % من الاستهلاك المحلّي للطاقة. وبالمقارنة، يشكّل الغاز الطبيعي 31 % من استهلاك الطاقة في الولايات المتّحدة، و24 % في ألمانيا، و 15 % في النرويج.

ووفقًا للميزانية المقدّمة إلى مجلس الشورى الإيراني في نهاية عام 2019، توقّع النظام تحقيق إيرادات بقيمة 4 مليارات دولار من مبيعات تصدير الغاز الطبيعي هذا العام، بما يصل إلى 3.5 %تقريبًا من ميزانية البلاد. وتصدّر إيران الغاز الطبيعي إلى تركيا والعراق وأرمينيا.

وبالرغم من أن العقوبات الأميركية لا تستهدف بشكل صريح الغاز الإيراني، الذي يجري تصديره عبر الأنابيب ، فإن العقوبات تنطبق على المعاملات الماليّة التي تسهّل مثل هذه المبيعات، ومن ثمّ يتعيّن الاحتفاظ بمدفوعات الغاز الطبيعي الإيراني في حسابات الضمان في البلد المستورد، ولا تُدفع إلى إيران.

وفي هذا السياق، طلبت إدارة ترمب أن يثبت كلّ مشترٍ أنّه يخفض الواردات بمرور الوقت.

ويمكن للإدارة أن تستهدف صادرات الغاز الطبيعي الإيرانية، فلدى تركيا والعراق وأرمينيا بدائل لمصادر جديدة للغاز أو الوقود البديل.

تركيا

كانت تركيا، ولأكثر من عقد من الزمان، السوق الرئيسة لصادرات الغاز الإيرانية. ولكن في العامين الماضيين، خفضت تركيا وارداتها من إيران وروسيا، وزادت من واردات الغاز الطبيعي المسال، وواردات الغاز الطبيعي الذي يأتي عبر خطّ الأنابيب من أذربيجان. وتراجع تصنيف إيران من ثاني أكبر مورّد للغاز لتركيا إلى المرتبة الرابعة.

أقدمت أنقرة على هذا التحوّل جزئيًا لإرضاء واشنطن. فلم تقم تركيا فقط بخفض الواردات من إيران، ولكنّها استوردت أيضًا كمّيات كبيرة من الغاز المسال الأميركي.

كما أتاح افتتاح ممرّ الغاز الجنوبي عام 2018 من أذربيجان إلى تركيا لأنقرة فرصة للاستيراد من مصدر منخفض التكلفة وموثوق به سياسيًا. وقد أفاد ذلك الشركات التركيّة التي استثمرت في إنتاج الغاز وخطّ الأنابيب.

وقد ينتهي الأمر بتركيا بوقف استيراد الغاز الإيراني عاجلًا وليس آجلًا. ففي 31 مارس/آذار، هوجم خطّ أنابيب غاز يمتدّ من إيران إلى تركيا، ما عطّل عمليات التصدير. وغالبًا ما يجري إصلاح خطوط الأنابيب في غضون أسبوع بعد هجمات من هذا النوع، بيد أن تركيا وإيران لم تفعل ذلك بعد. واتّهمت شركة الغاز الوطنية الإيرانية الجماعات المسلّحة الكردية بالهجوم، ولم يعلّق المسؤولون الأتراك على القضيّة.

العراق

يمتلك العراق احتياطيات محلّية كبيرة من الغاز الطبيعي، ولكنّه لا يتّخذ خطوات تُذكر لتسخيرها والاستفادة منها. وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن أكثر من نصف الغاز الطبيعي المنتج في العراق، والذي يتحرّر معظمه في أثناء إنتاج النفط ، يجري حرقه عند فوّهة البئر.

في الواقع، العراق هو أحد أكبر ثلاث دول في العالم من حيث كمّية الغاز التي يشعلها وتُحرق عند فوّهات الآبار. وعلى مرّ السنين، حاولت شركات الطاقة الكبرى إقناع العراق بالسماح لها بالاستثمار في استغلال الغاز، وتعظيم الاستفادة منه، ولكن دون جدوى، ربّما لأن الجهات المدعومة من إيران في العراق تستفيد من إبقاء العراق مدمنًا على الطاقة الإيرانية.

وإذا عدلت الحكومة العراقية عن موقفها، واهتمّت بتعظيم الاستفادة من الغاز، فإن العراق قد يحقّق الاكتفاء الذاتي، ويصدّر الغاز الطبيعي أيضًا. وتشير تقديرات الحكومة العراقية إلى أن العراق سيحتاج إلى استثمار أكثر من 10 مليارات دولار في البُنية التحتية الجديدة لتحقيق ذلك.

حاليًا، يستورد العراق نحو 4 مليارات متر مكعّب من الغاز الطبيعي سنويًا من إيران، أي ربع استهلاكه من الغاز، لمقابلة الاستهلاك المحلّي.

وكانت الواردات العراقية قد بدأت عام 2017، عبر خطّي أنابيب للغاز، يمتدّان من إيران إلى العراق: أحدهما إلى بغداد، والثاني إلى البصرة.

كما يستورد العراق الكهرباء من إيران، وتخضع واردات الكهرباء للعقوبات الأميركية، وتتطلّب استثناء مؤقّتًا من حكومة ترمب، وهو ما تُواصل إدارة ترمب تقديمه للعراق.

لكن إمدادات الغاز الإيرانية إلى العراق كانت غير منتظمة. كما كانت هناك نزاعات متكرّرة على الأسعار بين البلدين. ففي عام 2018، قطعت إيران إمداداتها عن العراق، ما أدّى إلى انقطاع الكهرباء بشكل كبير.

وحتّى دون مثل هذه الاضطرابات، فإن إمدادات الكهرباء التي تعتمد في توليدها على الغاز في العراق، غير مستقرّة، وتخضع لانقطاعات متكرّرة. وقد أثار انقطاع التيّار الكهربائي تظاهرات مناهضة للحكومة في العراق.

أرمينيا

بدأت إيران تصدير الغاز إلى أرمينيا المجاورة عام 2009. بالمقابل، تقوم أرمينيا بتصدير الكهرباء إلى إيران.

تستورد أرمينيا حاليًا ما يقرب من 0.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا من إيران، لكن خط الأنابيب بين البلدين، المملوك لشركة تابعة لشركة غازبروم في أرمينيا، يمكن أن ينقل المزيد من الغاز كون طاقته الاستيعابية أكبر مما يمر فيه حاليا. وقد أعربت كل من أرمينيا وإيران عن اهتمامهما باستخدام المزيد من هذه الطاقة الاحتياطية إضافة إلى خطوط أنابيب إضافية.

وفي الواقع، تود طهران ويريفان أن تعمل أرمينيا كدولة عبور لصادرات الغاز الإيراني إلى وجهات جديدة. وصرح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بذلك خلال زيارته لإيران في فبراير/شباط 2019. ومن الأهمية بمكان لأرمينيا وإيران وجود طريق لتصدير الغاز طريق ميناء يمتد من أرمينيا إلى جورجيا وإلى وجهات في أوروبا.

أعلنت أرمينيا أنها لن تمتثل للعقوبات الأميركية ضد إيران، وكثيرا ما تشيد طهران بهذا التحدي. وكما أشارات صحيفة طهران تايمز مؤخراً، فإن "الجار الشمالي الغربي (أرمينيا) هي إحدى الدول التي تحافظ على علاقاتها الاقتصادية مع إيران وتوسعها بغض النظر عن شروط العقوبات".

وبما أن أرمينيا تصدر لطهران البضائع مقابل واردات الغاز من إيران، فإن هذه المعاملات يمكن أن تخضع للعقوبات. وليس من الواضح سبب عدم تطبيق إدارة ترمب عقوبات على هذه المعاملات.

تداعيات إنهاء واردات الغاز من إيران

وبالرغم من العرض السابق، فإن الدول الثلاث التي تستورد الغاز من إيران لديها خيارات استيراد بديلة للغاز الإيراني أو إنتاج الطاقة من مصادر وقود مختلفة. فتركيا على سبيل المثال، قامت بالفعل بتحول كبير في وارداتها من الغاز المسال و الغاز الطبيعي، فقد زادات وارداتها من أذربيجان وخفضت الواردات من إيران وروسيا.

ويعكس تأخر تركيا في إصلاح خط أنابيب الغاز الذي هوجم مؤخرا عدم أهمية هذه الإمدادات لأنقرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

وبالنسبة للعراق، قد يؤدي وقف واردات الغاز من إيران إلى زيادة تعطيل إمدادات الكهرباء غير المستقرة في البلاد. ومع ذلك، يمكن للعراق أن يستبدل غازه بالنفط ، لأن محطات الطاقة الكهربائية لديها القدرة على العمل بأكثر من وقود (الغاز أو النفط).

ويجري توليد أكثر من 60% من الكهرباء في العراق حاليًا من الوقود السائل (الديزل والنفط الخام وزيت الوقود الثقيل). وأدى تراجع الطلب على النفط إلى ترك فائض من النفط متاحًا لهذا الغرض. وهذا من شأنه أن يعود بفوائد جيوسياسية مهمة من خلال تقليل اعتماد العراق على إيران.

والحقيقة أن هذا هو الوقت المناسب لإدارة ترمب لتشجيع العراق على إجراء هذا التحول، وذلك باستخدام تجديد الإعفاءات الخاصة بالكهرباء كوسيلة ضغط.

وقد يؤدي إنهاء واردات الغاز الإيراني إلى تحفيز العراق على اتخاذ خطوات للاستفادة على الغاز بدلاً من حرقه، وهو أيضا ما سيعود بفوائد اقتصادية وجيوسياسية طويلة المدى على البيئة. فحرق الغاز يساهم في تلوث الهواء وتغير المناخ، وقد التزمت بغداد بالحد من الحرق لكنها فشلت حتى الآن في ذلك.

أما أرمينيا فيمكنها وقف واردات الغاز من إيران دون عواقب كبيرة. تستخدم البلاد الغاز الإيراني فب التدفئة ولكن يمكن توليدها من الكهرباء التي تصدرها أرمينيا حاليًا إلى إيران. ويمكن إنتاج كهرباء إضافية من خلال بناء محطة منخفضة التكلفة تعمل بالفحم، والتي يمكن بناؤها بسرعة كبيرة.

إن وقف صادرات الكهرباء إلى إيران ستكون له فائدة إضافية وهي وقف محطة ميتسامور للطاقة النووية. فصادرات الكهرباء لإيران تأتي من هذه المحطة، التي تشكل خطرًا على شعب أرمينيا والمنطقة على حد سواء. وعلاوة على ذلك، ليس لمحطة الطاقة النووية التي تعود إلى الحقبة السوفييتية أي مبنى بديل وتقع في منطقة زلزالية رئيسية. ويجري تصدير ربع الكهرباء المنتجة من هذه المحطة إلى إيران مقابل الغاز الطبيعي. وبالتالي فإن إنهاء صادرات الكهرباء هذه إلى إيران سيمكن يريفان من إغلاق المحطة، ما سيبدد خطرًا على أرمينيا وجيرانها.

استنتاج

لا تزال واشنطن حريصة على عدم استخدام جميع أدوات العقوبات الموجودة تحت تصرفها لتعظيم الضغط على طهران. والحقيقة أن صادرات الغاز الطبيعي الإيرانية هي الهدف الرئيسي، ويجب على الولايات المتحدة تشجيع تركيا وأرمينيا والعراق على وقف استيراد الغاز الإيراني.

وبالنسبة لجميع البلدان الثلاثة، فإن مخاطر وتداعيات القيام بذلك لا تذكر، في مقابل المزايا الاقتصادية والجيوسياسية الكبيرة المحتملة على المدى الطويل.

**بريندا شيفر، هي مستشارة بارزة للطاقة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومركز القوة الاقتصادية والمالية التابعة للمؤسسة والأستاذة المساعدة في جامعة جورج تاون

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق