هدم أكثر محطات الكهرباء تلويثاً في أستراليا
المحطة مسؤولة عن 3% من غازات الاحتباس الحراري في البلاد
- أستراليا تواجه ضغوطا شديدة لتقليل الانبعاثات الضارة وتطبيق التزامات اتفاقية باريس
- ملبورن تحاول الالتفاف على هدف خفض مستويات الكربون 28% بحلول 2030
- رئيس الوزراء الأسبق توني آبوت: وقعت على الاتفاقية دون معرفة آثارها الاقتصادية
- نشطاء يطالبون "سيمنز" الألمانية بالانسحاب من مشروع فحم أسترالي
- آلاف الأستراليين خرجوا إلى الشوارع في يناير احتجاجا على تقاعس الحكومة في مكافحة تغير المناخ
- أستراليا أكبر مصدر ورابع أكبر منتج للفحم في العالم
وسط ضغوط شديدة لتقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة والالتزام بتعهداتها وفق اتفاقية باريس للمناخ، شهدت أستراليا اليوم الاثنين هدم محطة لتوليد الطاقة من الفحم، وصفت بأنها "الأسوأ" في البلاد، والتي كانت مسؤولة عن 3% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد.
انهارت محطة "هازلوود" ذات الثماني مداخن، والتي يبلغ ارتفاعها 137 مترا وتوجد في منطقة "لاتروب فالي" على بعد 160 كيلومترا شرق ملبورن.
بثت شركة "إنجي" الفرنسية مالكة المحطة، الهدم على الهواء مباشرة، بينما تجمع مئات الأشخاص لمشاهدة الحدث من مسافة آمنة، في ظل القيود المفروضة لاحتواء فيروس كورونا المستجد.
يشار إلى أن نحو 750 شخصا كانوا يعملون بمحطة توليد الطاقة ومنجم الفحم، التي كانت تعمل منذ عام 1964 وتولد 1600 ميغاوات من الكهرباء.
وكانت شركة "إنجي" أغلقت مولدات الطاقة في مارس/آذار من عام 2017، حيث قالت وقتها إن "هازلوود" غير مجدية اقتصاديا، وكانت الشركة الفرنسية تحاول استبدال جميع أنشطة الفحم بمشاريع الطاقة ذات الانبعاثات المنخفضة من الكربون والطاقة المتجددة.
وتظهر الإحصاءات الحكومية والجماعات البيئية، أن محطة الطاقة تقوم بتوليد 5.4% من إمدادات الكهرباء في أستراليا و25% من إمداداتها في ولاية فيكتوريا.
أهداف اتفاقية باريس
يأتي ذلك رضوخا للانتقادات والضغوط من جانب نشطاء البيئة لاتخاذ الحكومة خطوات سريعة وفاعلة لمكافحة تغير المناخ وعدم الالتفاف حول أهداف اتفاية باريس. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2018 نفذت أستراليا عملية تفجير محكم ومسيطر عليه لمدخنة عملاقة في محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم في جنوب البلاد.
بنيت المدخنة التي يبلغ طولها 200 متر عام 1984 في محطة الطاقة الشمالية السابقة في ميناء أوغوستا، وتم استخدام 278 عبوة ناسفة من أجل هدمها بعد سنتين من إغلاق محطة توليد الكهرباء.
وفي فبراير/شباط 2014، هُدمت مدخنة يبلغ ارتفاعها 200 متر في مدينة ولنغونغ جنوب مدينة سيدني الأسترالية. وراقب الحدث الآلاف وتم اجلاء نحو 250 شخص من سكان المنطقة المحيطة اتباعا لإجراءات الصحة والسلامة.
وكانت أستراليا، وهي إحدى الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ، قد تعهدت بالحد من مستويات الكربون بين 26% و 28% بحلول عام 2030، بيد أن تقريرا مستقلا، قال إن أستراليا لن تكون قادرة على تنفيذ التزاماتها حول الحد من الانبعاثات الضارة، والمنصوص عليها فى الاتفاقية.
وأوضح التقرير الذى أشرف عليه العالم الأسترالى آلن فينكل، أن الحكومة لن تكون قادرة على تلبية الالتزامات التى يفرضها عليها اتفاق باريس بشأن المناخ، وأنها تفتقر إلى سياسة واضحة بشأن الحد من الانبعاثات.
وذكرت إذاعة "إيه بى سى" الأسترالية، نقلا عن التقرير، أنه أنه لا سبيل حاليا أمام أستراليا للحد من مستويات الكربون وفقا لما تم التعهد به فى اتفاق باريس للمناخ الذى انعقد فى 2015، مشيرا إلى أن الاستثمار فى قطاع الطاقة الأسترالى توقف بسبب الافتقار إلى توجيه حكومى.
تقاعس حكومي
وفي يناير/كانون الثاني، خرج آلاف الأستراليين إلى الشوارع في سيدني وكانبيرا وملبورن للاحتجاج على تقاعس حكومة المحافظين برئاسة سكوت موريسون تجاه تغير المناخ، مع تواصل اجتياح حرائق الغابات مساحات كبيرة من البلاد.
خففت أستراليا بقيادة المحافظين التزامها باتفاقية باريس للمناخ، وتجمع المحتجون في الشوارع الرئيسية في سيدني وهتفوا "سكوت موريسون يجب أن يرحل" وحمل آخرون لافتات كُتب عليها "لا يوجد خطة بديلة للمناخ" و"أنقذونا من الجحيم".
كما شهدت العاصمة كانبيرا وملبورن احتجاجات مماثلة حيث تدهورت جودة الهواء بشدة في يناير/ كانون الثاني لتصبح المدينتان ضمن أكثر الأماكن تلوثا للهواء في العالم.
ووقتذاك، رد موريسون على الانتقادات الموجهة ضده، وقال لإذاعة "2 جي بي" في سيدني إنه من المحبط أن يخلط الناس بين أزمة حرائق الغابات وأهداف أستراليا لخفض الانبعاثات. وأضاف "لا نريد أهدافا تدمر فرص العمل وتدمر الاقتصاد... وهو ما لن يغير حقيقة أن هناك حرائق غابات أو ما شابه في أستراليا".
وبالرغم من أن حكومته هي التي وقعت الاتفاقية عام عام 2015، دعا رئيس الوزراء الأسبق توني آبوت بلاده إلى ضرورة انضمامها إلى الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاقية
وقال آبوت إن الآثار الاقتصادية لخفض الانبعاثات لم تكن معروفة عند التوقيع على الاتفاقية ولكنها الآن أصبحت واضحة.
كما أعلن رئيس الوزراء الأسبق توني آبوت أنه لن يؤيد خطة الحكومة الخاصة بالطاقة وأنه لن يصوت لصالحها في البرلمان إلّا بعد تعديلها.
واعتبر آبوت أن الخطة الجديدة تهدف إلى خفض الانبعاثات الحرارية وليس خفض أسعار الكهرباء.
سيمنس الألمانية
وفي يناير /كانون الثاني، دخلت ناشطة المناخ السويدية غريتا تونبرغ على خط الجدل الدائر في البلاد حول مشاركة شركة "سيمنس" الألمانية في مشروع تعدين أسترالي، وحثت الشركة على الانسحاب.
وتقوم سيمنس ببناء نظام إشارات لمشروع تعدين الفحم من قبل مجموعة "اداني" الهندية، طبقا لما ذكره الرئيس التنفيذي، جو كايسر أمس الجمعة.
وكتبت تونبرغ في تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إنه يبدو أن شركة "سيمنس" لديها السلطة لوقف أو تأجيل أو على الاقل عرقلة البناء في منجم (أداني)
وكان نشطاء معنيون بالمناخ قد نظموا احتجاجا خارج مقار شركة سيمنس في أنحاء شتى من ألمانيا، مطالبين بأن ينهي التكتل مشاركته في مشروع مثير للجدل بمنجم الفحم في أستراليا، حيث قوبلت حرائق الغابات بمطالبات بمواجهة التغير المناخي.
وقال كريستيان سلاتري، أحد أبرز أعضاء مؤسسة حماية البيئة الأسترالية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "أنظار العالم تتجه إلى أستراليا، بعدما أسفر التغير المناخي عن أسوأ موسم حرائق غابات شهدناه على الإطلاق".
وتتركز الاحتجاجات حول خطط مثيرة للجدل من قبل مجموعة "أداني" الصناعية الهندية لبناء أحد أكبر مناجم الفحم في العالم بولاية كوينزلاند الأسترالية، حيث تعاقدت شركة سيمنس على توفير نظام إشارات السكك الحديدية للمشروع.
وأعرب نشطاء المناخ الأستراليون لسنوات عن معارضتهم بناء هذا المنجم، الذي ينتج ما يصل إلى 60 مليون طن من الفحم سنويا.
صناعة حيوية
يعد التعدين في أستراليا صناعة أولية مهمة ومساهمة في الاقتصاد الأسترالي. ومن الناحية التاريخية شجع ازدهار التعدين أيضا الهجرة إلى أستراليا ويتم استخراج العديد من الخامات والمعادن المختلفة في جميع أنحاء البلاد.
تحقق هذه الصناعة عائدات تبلغ 138 مليار دولار سنويا وهو ما يمثل أكثر من نصف (54 %) من مجموع السلع والخدمات. وتساهم بنسبة 6-7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في أستراليا، أي أكثر بكثير من الزراعة (3٪) أو السياحة (2٪). وتوظف هذه الصناعة 187.400 شخص مباشرة (حوالي 2٪ من القوى العاملة) و 599.680 آخرين في الصناعات الداعمة. وبالإضافة إلى صادرات المعادن والخامات المباشرة فإن البلد أيضا مطور رئيسي لخدمات التعدين والمعدات والتكنولوجيا، بالرغم من أن للتعدين أثر بيئي كبير في بعض مناطق أستراليا.
وتعد أستراليا من أكبر منتجى العديد من المنتجات المعدنية في العالم بما في ذلك الألومنيوم والنحاس والذهب والحديد والرمال المعدنية والزنك والفحم.
كما تعد أستراليا أكبر مصدر للفحم في العالم ورابع أكبر منتج للفحم بعد الصين والولايات المتحدة والهند.
يجري استخراج الفحم في كل ولاية من أستراليا واستخدامه لتوليد الكهرباء وتصديرها. تصدر أستراليا 54٪ من الفحم المستخرج الذي يذهب معظمه إلى شرق آسيا. وفي الفترة 2000/2001، استخرجت البلاد 258.5 مليون طن من الفحم وصدرت 193.6 مليون طن وارتفعت الصادرات إلى 261 مليون طن في الفترة 2008-2009 . كما يوفر الفحم حوالي 85٪ من إنتاج الكهرباء في أستراليا.