بسبب أزمة النفط.. أسعار أسواق السكر تتهاوى
بعد أزمة تاريخية، اعتقدت الدول المنتجة للسكر أن الخطر قد زال في نهاية العام 2019، لكن أزمة النفط الناجمة عن تفشي وباء كوفيد-19 غيّرت الموازين العالمية الكبيرة في هذا القطاع، حيث انخفضت أسعار السكر بحوالي الثلث في الأسواق العالمية.
ساهمت عدة عوامل في انخفاض أسعار السكر، ولكن ما علاقة ذلك بأسعار النفط؟
مع انتشار فيروس كورونا، انخفض الطلب على المواصلات، ومعه انخفض الطلب العالمي على الوقود. ومع تفشي الوباء في البرازيل، انخفض الطلب على وقود السيارات بشكل كبير، حوالي 75% من السيارات في البرازيل تستخدم الوقود المزدوج، وهو مزيج من الإيثانول والبنزين، ولكن أغلبه إيثانول، وبالتالي انخفض الطلب على الإيثانول داخل البرازيل وخارجها، فانخفضت أسعاره بشكل كبير.
هذا الانخفاض في الأسعار أجبر المزارعين ومصانع تحويل قصب السكر إلى التركيز على إنتاج السكر بدلا من الإيثانول، فزاد إنتاج السكر بشكل كبير، كما زادت صادرات السكر البرازيلية. وساهمت عوامل أخرى في زيادة صادرات السكر البرازيلي منها انخفاض العملة البرازيلية مقابل العملات الأخرى، الأمر الذي خفض التكاليف داخل البرازيل وجعل السكر البرازيلي أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، كما شجع المنتجين على زيادة التصدير للاستفادة من السعر العالمي المرتفع للدولار الأميركي (العملة التي تستخدم في تسعير السكر عالميا).
ويدرك خبراء أسواق السكر حقيقة ما يحدث في البرازيل، حيث قال تيموتي ماسون، الخبير الاقتصادي المكلف لشؤون الأسواق في نقابة منتجي السكر من الشمندر في فرنسا، في تصريح لوكالة فرانس برس، إن "قلب الأزمة مرتبط قبل كل شيء بأزمة النفط، التي جعلت البرازيل تهتمّ أكثر بإنتاج السكر الذي يوزّع في السوق العالمية بدلاً من إنتاج الإيثانول الذي انهارت أسعاره تماماً بسبب النفط".
وانخفاض أسعار السكر مثير لاهتمام منتجي سكر الشمندر الفرنسيين والدول المنتجة للسكر، خصوصاً الأوروبية منها التي كانت تأمل في استعادة عافيتها بعد عام اتّسم بتراجع الأسعار وإغلاق المصانع. وكانت أسعار رطل السكر قد انخفضت إلى ثمانية سنتات أمريكية، ثم ارتفعت مؤخرا إلى 10 سنتات، بعد أن كانت 15 سنتا في فبراير الماضي.
كما يدرك خبراء أسواق السكر أهمية تغير أسعار الصرف في زيادة صادرات البرازيل من السكر حيث جاء في تقرير الشركة الوطنية للإمدادات الغذائية في البرازيل أن "تراجع قيمة الريال البرازيلي مقابل الدولار" كان من أهم العوامل المحفزة لصادرات البرازيل من السكر لموسم حصاد 2020-2021.
ويتوقع التقرير "أن يستمر سعر الصرف في دعم القدرة التنافسية للسكر البرازيلي في السوق الخارجية"، مضيفاً أن "الإنتاج البرازيلي للسكر يُفترض أن يبلغ 35,3 مليون طن في ارتفاع بنسبة 18,5%" مقارنة بـ2019-2020.
وخسر الريال البرازيلي 30% من قيمته مقابل الدولار منذ الأزمة الصحية.
ويقول ماسون إن "ذلك يعني على المدى القصير جداً، أن البرازيليين أكثر تنافسية، ويمكنهم البيع في السوق الدولية بأسعار أرخص بالدولار، ستكون لديهم الكمية نفسها بالريال". مشيرا إلى أن دولا أخرى منتجة للسكر مثل جنوب إفريقيا وتايلاند تنحو المنحى نفسه.
ولا يقلق هذا الأمر شركة "كريستال يونين"، ثاني منتج فرنسي للسكر، وفق ما يقول مديرها العام ألان كوميسير. ويضيف لوكالة فرانس برس: "كنّا أعلننا في ديسمبر/ كانون الأول خلال اجتماعاتنا الداخلية ومع المزارعين، أننا غيّرنا نموذج العمل، لنصبح أوروبيين أكثر وأكثر مرونة وأقلّ حضوراً في السوق الدولية".
وثمة موقف مماثل في ألمانيا من جانب شركة "زوددزوكر"، الأولى عالمياً في إنتاج السكر. إذ إن المسؤولين فيها يقولون إن الأسعار في السوق الأوروبية لا تتراجع، على خلاف السوق العالمية. ففيما كان سعر طن السكر في الاتحاد الأوروبي 300 يورو عام 2019، أصبح سعره 370 يورو في نهاية فبراير / شباط، و"يتواصل ارتفاع الأسعار"، وفق قول متحدث باسم المجموعة.
وفي مؤشر آخر على التفاؤل بالنسبة إلى الشركة الرائدة عالمياً، يبدو موسم الحصاد الأوروبي ضعيفاً بسبب ربيع جاف، ما سيجعل العرض ينخفض تلقائياً ويؤكد حالة نقص السكر في أوروبا.
ويطالب كوميسير بـ"درس بند حماية في أوروبا لتجنّب التدفق الذي يمكن أن يأتي من البرازيل والولايات المتحدة في وقت واحد". وختم بالقول "مطلع العام، كان الدولار الواحد يوازي 3,5 ريال برازيلي، أما اليوم فالدولار يوازي 5,5 أو 5,7 ريال، ويتوقع المصرفيون أن يصبح الدولار الواحد بـ7,5 ريال هذا الصيف. وهذا يعني أن ليس فقط السكر، إنما كل قطاع الزراعة سيتأثر بما يحدث في البرازيل".