شركة هندية تسعى لشراء أولى شحنات الغاز منذ إعلان "القوّة القاهرة"
مع تخفيف تدابير الإغلاق وزيادة الطلب المحلّي
مع بدء الهند تخفيف تدابير الإغلاق، تسعى شركة غوجارات ستايت بتروليوم الهندية، لشراء أولى شحنات الغاز الطبيعي المسال، منذ أن أصدرت إشعارًا بالقوّة القاهرة لمورّديها في مارس/ آذار.
والقوّة القاهرة في القانون والاقتصاد هي أحد بنود العقود، الذي يعفي كلا الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما، مثل الحرب أو الثورة أو إضراب العمّال، أو جريمة أو كوارث طبيعية كـزلزال أو فيضان. وقد يمنع أحد تلك الأحداث طرفًا من التعاقد -أو الطرفين معًا- من تنفيذ التزاماتهما طبقًا للعقد.
وأفادت مصادر لرويترز، أن الشركة الهندية تسعى حاليًا إلى الحصول على خمس شحنات غاز طبيعي مسال بين يوليو/ تمّوز وديسمبر/ كانون الثاني، عبر مناقصة، من المقرّر الموافقة عليها في 20 مايو/ أيّار.
وفيما بدأت الهند تخفيف إجراءات إغلاقها الصارمة، التي فرضتها لمدّة سبعة أسابيع تقريبًا، لاحتواء جائحة فيروس كورونا المستجدّ، بدأ طلب البلاد على الغاز الطبيعي المسال في التعافي.
قفزة في الأسعار
يأتي ذلك، فيما حقّقت الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المسال في آسيا، قفزة بنسبة 20٪ على الأقلّ، الأسبوع الماضي.
جاء هذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار نتيجة عودة الطلب في آسيا، بينما تعتزم شركات عالمية خفض الإنتاج، بعدما أدّت جائحة فيروس كورونا المستجدّ إلى انهيار الطلب على النفط والغاز، حيث اتّخذت الحكومات في مختلف أرجاء العالم تدابير لاحتواء الفيروس، كإغلاق المدن وتقييد حركة المواطنين وإلغاء رحلات السفر، وأصيب النشاط الاقتصادي بالشلل.
وبالفعل، فقد تقلّص المعروض العالمي من الغاز الطيعي المسال، حيث جرى إلغاء ما يقرب من 20 شحنة أميركية من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبّا، وفقًا لمصادر رويترز التجارية، فيما خفضت ماليزيا وأستراليا إنتاجهما.
ومع رفع عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة، وبدء الأعمال في العودة إلى طبيعتها في دول، مثل الصين وكوريا الجنوبية والهند، بدأ الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا يتعافى.
وجرى تداول الغاز الطبيعي المسال بمتوسّط سعر تراوح بين 2.40 و 2.65 دولارًا أميركيًا لكلّ مليون وحدة حرارية بريطانيّة، وهو يعدّ قفزة كبيرة عن الأسبوع الذي سبقه، والذي توقّف سعر الغاز المسال فيه عند دولارين فقط لكلّ مليون وحدة حرارية بريطانية.
وكان متوسّط أسعار الغاز الطبيعي المسال قد انخفض الأربعاء الماضي إلى 1.709 دولار أميركي لكلّ مليون وحدة حرارية بريطانيّة.
الصين
يأتي ذلك، فيما سجّلت الصين نموًّا أسرع في إنتاج الغاز الطبيعي خلال أبريل / نيسان الماضي. وأظهرت أرقام رسمية أعلنتها مصلحة الدولة للإحصاء، وأوردتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) السبت، أن حجم إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد زاد بنسبة 3ر14% على أساس سنوي، ليصل إلى 1ر16 مليار متر مكعّب في أبريل / نيسان، بزيادة 1ر3% مقارنةً بالشهر السابق عليه.
وبلغ معدّل حجم الإنتاج 540 مليون متر مكعّب يوميًا. وارتفع حجم إنتاج الغاز الطبيعي في الصين بنسبة 3ر10% على أساس سنوي، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ليصل إلى 4ر64 مليار متر مكعّب.
وارتفعت واردات الصين من الغاز الطبيعي بنسبة 1% الشهر الماضي، لتصل إلى 73ر7 مليون طنّ.
وفي وقت سابق، بدأت الصين شراء غاز البترول المسال الأميركي مرّة أخرى، بعد توقّف استمرّ 20 شهرًا تقريبًا، وذلك بعد إلغاء بيجين رسومًا عقابية لتعزيز الواردات من السلع الأميركية، في إطار اتّفاق المرحلة واحد التجاري الصيني الأميركي.
وهرع المستوردون لطلب إعفاءات من رسوم بنسبة 25% على شراء الوقود، وهو منتج ثانوي مصاحب لإنتاج الغاز الصخري في الولايات المتّحدة، بعدما بدأت بيجين في منح إعفاءات هذا الشهر لنحو 700 سلعة أميركية.
وقال متعاملان مخضرمان لغاز البترول المسال في بيجين، ومسؤول استثمار، ومحلّلون لدى آي.اتش.إس ماركت، وفق رويترز: إن نحو 12 شركة -من بينها تشاينا جاس هولدينجز، التي توزّع الغاز عبر أنابيب، والتي تتاجر في غاز البترول المسال، وأورينتال إنرجي التي تستخدم غاز البترول المسال في إنتاج البتروكيماويات- حصلت على إعفاءات من الرسوم.
وكانت الصين ثاني أكبر مشتر لصادرات غاز البترول المسال الأميركي في 2017 ، حيث بلغت وارداتها 3.6 مليون طنّ، بقيمة نحو تريليوني دولار في ذلك الوقت. وبدأت الواردات تنكمش في أواخر 2018 ، وتوقّفت تمامًا في العام الماضي خلال حرب التجارة بين الصين والولايات المتّحدة.
انهيار الطلب
وأوائل العام الجاري، أدّى الطقس الشتوي الدافئ إلى تقليل الطلب على الغاز الطبيعي للتدفئة، لاسيّما في الولايات المتّحدة ، ومع استمرار نموّ الإنتاج بمعدّل يتجاوز نموّ الطلب، تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتّحدة في فبراير / شباط إلى أدنى مستوياتها في هذا الشهر، منذ عقدين.
وفي هذا السياق، ترسم المجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال، صورة قاتمة في الوقت الراهن للغاز الطبيعي، حيث تتوقّع أن يتقلّص الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال هذا العام عن مستويات قياسية في 2019، إذ تضغط أزمة فيروس كورونا على الاقتصادات، في سوق تشهد بالفعل تخمة في المعروض من الوقود.
وقالت المجموعة، إنّه بعد ارتفاع الطلب في العام الماضي 13% إلى 354.7 مليون طنّ، يبدو أن الانكماش الاقتصادي في الكثير من الأسواق الرئيسة سيقلّص واردات الدول المستهلكة من الغاز.
كوفيد- 19
وقال رئيس الجمعية، جان ماري دوجير: “على المدى القصير، التأثير السلبي لتفشّي كوفيد-19 على اقتصادات الدول المستوردة سينتج ضغطًا نزوليًّا على الطلب، في سوق تعاني تخمة بالفعل”.
وكان إنتاج الغاز الطبيعي المسال عالميًا قد زاد العام الماضي، بفضل خمسة مشروعات تسييل جديدة ضخمة في الولايات المتّحدة وأستراليا، لتصبح الأولى أكبر مصدّر بعقود قصيرة الأجل.
وبدأ تشغيل مشروعين صغيرين في روسيا والأرجنتين. وقفزت الاستثمارات في مشروعات مستقبلية، رغم وفرة الإمدادات، إذ جرت الموافقة على أحجام إنتاج جديدة بلغت 71 مليون طنّ.
ومع انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي إلى أقصى حدّ في منطقة أبالاتشيا والحوض البرمي، حيث تجبر أسعار النفط المنخفضة المنتجين على خفض الإنتاج، ومن ثمّ تقليل إنتاج الغاز المصاحب من آبار النفط الموجّهة، قد يأتي موسم الشتاء ليضمّد الجراح، لتتخلّص صناعة الغاز الأميركية من الآلام قصيرة المدى.