دراسة: طريقة رخيصة لإنتاج الوقود والأسمدة من الأعشاب البحرية
بفصل وتجزئة مكوّناتها في المياه المالحة
طوّر باحثون بريطانيون طريقة رخيصة وبسيطة لإنتاج الوقود الحيوي والأسمدة من الأعشاب البحرية، مع إزالة البلاستيك من المحيطات وتنظيف الشواطئ السياحية في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى.
يجري غسل ملايين الأطنان من الأعشاب البحرية المتعفّنة على شواطئ المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي وأماكن أخرى كلّ عام.
وتدمّر أعشاب السرجس البحرية (تسمّى أيضًا أعشاب الخليج، واشتقّ اسمها من طحلب السرجس، لكثرة وجودها فيه) صناعة السياحة، وتضرّ بمصائد الأسماك والنظم الإيكولوجية للمحيطات.
بيد أن فريقًا بحثيًا، من جامعتي إكستر وباث، توصّل إلى طريقة فاعلة لمعالجة هذه الأعشاب، قبل تصنيع الموادّ الكيميائية والوقود الحيوي منها.
قال البروفيسور مايك ألين، من جامعة إكستر ومختبر بلايموث البحري: "في نهاية المطاف، لكي ينجح هذا العمل، يجب أن يكون له جدوى ماليّة واقتصادية".
وأضاف: "تتطلّب معالجة الكتلة الحيوية البحرية، مثل الأعشاب البحرية، عادة إزالتها من المياه المالحة، وغسلها في الماء العذب، وتجفيفها، وهي عملية ذات تكاليف باهظة.. ومن ثمّ، كنّا بحاجة إلى إيجاد عملية تغطّي تكلفتها، وتحقّق الجدوى الاقتصادية والبيئية".
المياه المالحة
ومن هذا المنطلق، قال ألين، إن الدراسة "نجحت في الوصول إلى خطوة مفقودة مهمّة نحو مصنع بيولوجي بحري قائم على المياه المالحة، دون الاضطرار إلى غسل الأعشاب في الماء العذب، وذلك من خلال إنشاء خطوة فصل وتجزئة أوّلية.".
باستخدام المحفّزات الحمضية والأساسية، ابتكر الفريق عملية تطلق السكريات التي يمكن استخدامها لتغذية الخميرة القادرة على إنتاج بدائل زيت النخيل.
وبنفس الطريقة يجري إعداد الأعشاب البحرية المتبقّية للمرحلة التالية من المعالجة، والتي تسمّى التميّع الحراري المائي.
تُخضع هذه العملية الموادّ العضوية لدرجة حرارة وضغط عالية، وتحوّل الطحالب البحرية إلى زيت حيوي، يمكن معالجته أكثر في صورة وقود، وسماد عالي الجودة ومنخفض التكلفة.
وقال إد جونز -أبرز الباحثين في الدراسة وطالب الدكتوراه في جامعة باث-: "على النقيض من إستراتيجيات المعالجة السابقة، توصّلنا إلى نجاح التحويل الكيميائي الحيوي القائم على الملح بالكامل".
وأضاف: "لأوّل مرّة توضّح هذه الدراسة أن وجود المياه المالحة يمكن أن يكون مفيدًا، وليس عائقًا، كما كان يتصوّر الكثيرون من قبل".
في السياق ذاته، قال البروفيسور كريستوفر تشاك، مدير مركز أبحاث المعالجة الحيوية المتكاملة في جامعة باث ومدير المشروع: "إن تنوّع المنتجات التي جرى إنشاؤها بوساطة هذه العملية، يمثّل عامل قوّة كبيرًا. تنتج صناعة النفط مجموعة متنوّعة من المنتجات، لاسيّما الوقود السائل والبلاستيك والأسمدة، ويمكننا الاستفادة من هذه الدراسة كثيرًا في هذا الصدد".
وأوضح تشاك قائلًا: "يمكننا ببساطة تغيير شروط العملية لإنتاج كمّيات أكبر أو أصغر من المنتجات الثانوية المحدّدة، ما يتيح لنا تلبية الطلب المتغيّر."
مخلّفات البلاستيك العائمة
لا تُستَخدم الأعشاب البحرية فقط في هذه العملية، بل سيجري أيضًا تحويل أيّ بلاستيك يُجمَع بجانب الأعشاب البحرية، إلى وقود حيوي وأسمدة.
والوقود الحيوي هو الطاقة المستمدّة من الكائنات الحيّة النباتية أو الحيوانية. وهو أحد أهمّ مصادر الطاقة المتجدّدة، على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية، مثل النفط والفحم الحجري وكلّ أنواع الوقود الأحفوري والوقود النووي.
ولأهمّيته المتزايدة، بدأت بعض المناطق زراعة أنواع معيّنة من النباتات خصوصًا لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتّحدة، وأيضًا اللفت في أوروبّا، وقصب السكّر في البرازيل، وزيت النخيل في جنوب شرق آسيا.
ويجري الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها، مثل القشّ والخشب والسماد، وقشّ الأرز، وتحلُّل نفايات المنازل ونفايات الورش والمصانع، ومخلّفات الأغذية، التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي.
الكتلة الحيوية المستخدمة بصفة وقود، تُصنَّف على عدّة أنواع، مثل النفايات الحيوانية والخشبية والعشبية، كما أن الكتلة الحيوية ليس لها تأثير مباشر على قيمتها، بوصفها مصدرًا للطاقة.
البيئة والسياحة
ولا تتوقّف أهمّية الدراسة عند إنتاج الوقود والأسمدة، وإنّما تقضي معالجة الأعشاب البحرية، مثل (السرجس)، والبلاستيك على مصدر إزعاج بيئي يكلّف صناعة السياحة حاليًا مبالغ ضخمة، سواء بالنسبة لتكاليف التنظيف، أو لأنّه يمنع الزوّار.
وقال البروفيسور ألين: "تعتمد بلدان كثيرة في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى بشكل كبير على السياحة، لذا فإن جائحة الفيروس التاجي ومشكلة السرجس أثقلت كاهلها. في الشهر الماضي جرى غسل أكثر من 4 ملايين طنّ من الأعشاب البحرية الصعبة على شواطئها ".