نيجيريا بين مطرقة الانكماش الاقتصادي وسندان تراجع إيرادات النفط
المنتجون يفكّرون في الإغلاق
طبّقت الشركات النيجيرية المنتجة للنفط بعض التدابير من أجل تخفيف الصدمات بسبب تأثير فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط، وتشمل هذه التدابير تخفيض عدد الموظّفين، واستعراض العقود المبرمة مع شركات الخدمات النفطية، والعمل على خفض تكلفة الإنتاج، وغيرها من الإجراءات الأخرى.
ومع ذلك، يبدو أن هذه التدابير غير كافية، حيث يحتاج الطلب العالمي على النفط إلى التحسّن، كما يحتاج الخام إلى البدء في البيع بما يتراوح بين 35 و40 دولارًا للبرميل، من أجل بقاء هذه الشركات في العمل.
وقال المتحدّث باسم شركة البترول الوطنية النيجيرية، كيني أوباتيرون، منذ أيّام قليلة، إن شركة البترول تفكّر في وقف الإنتاج إذا استمرّ الوضع، مؤكّدًا أن الشركات لا تستطيع الاستمرار في إنتاجها دون سوق للبيع، بالإضافة إلى قدرة التخزين المملوءة، والأسعار التي تقلّ عن تكلفة الإنتاج.
غموض ومزيد من التقلّبات
أكّد بنك غولدمان ساكس، في مذكّرة للمستثمرين، أنه من المتوقّع أن تختبر السوق قدرة التخزين العالمية في الأسابيع المقبلة، ومن المرجّح أن تخلق المزيد من التقلّبات، مع المزيد من الارتفاعات إلى الجانب السلبي، وذلك لأنّه لن يكون هناك مكان لتخزين النفط.
وعلى نحو مماثل، اعترف خبير الطاقة، دامولا أديغون، بأن ظروف السوق قد تكون غير مواتية، والإغلاق لن يكون تلقائيًا، حيث إن هناك شرطين يمكن أن يحدث في ظلّهما الإغلاق متضمّنًا الإغلاق الطوعي، أو الإغلاق الذي أقرّته الحكومة.
وأوضح أن الإغلاق الطوعي يطبّق إذا استمرّ انخفاض الأسعار لفترة طويلة، تصل إلى 6 اشهر، وسينتج عنه إغلاق شركات النفط لبعض الآبار، بسبب ارتفاع تكلفة الاحتفاظ بها، وتابع، على المدى القصير، لن يغلقوا بسبب التدفّق النقدي، وأيضًا بسبب عدم وجود ضغط إفلاس، بعضهم لا يزال في محاولة للبقاء على قيد الحياة فقط لتلبية الاحتياجات.
وممّا يزيد من تفاقم الأزمة أزمة تخزين النفط العالمية، إذ تستمرّ مخزونات النفط غير المباعة في التراكم، وتمتلئ مرافق التخزين بسرعة في خضمّ وفرة الإمدادات العالمية.
هل حان الوقت لإعادة هيكلة صناعة النفط؟
قال وزير النفط النيجيري السابق، أوديين أموغوبيا، إن الحكومة النيجيرية لابدّ أن تسعى لاتّخاذ قرار إعادة هيكلة صناعة النفط، ومنذ عام 2016 لم تتّخذ نيجيريا خطوات للتخفيف من أثر اعتمادها غير المبرّر على تصدير النفط الخام، على الرغم من أن الجمع بين تأثير فيروس كورونا وحرب أسعار النفط قد خلق عاصفة مثالية في نيجيريا، ولكن سيبقى الشعور بالعبء الكامل للانخفاض الحادّ في أسعار النفط إلى أقلّ من 20 دولارًا للبرميل الواحد، بسبب انخفاض الطلب غير المسبوق على الطاقة، الذي تفاقم بسبب ارتفاع مستوى خدمة الدين من الإيرادات المتعاقد عليها".
وأضاف، إن فيروس كورونا أثّر كثيرًا على اقتصادات جميع الدول، ولا يمكن لنيجيريا أن تكون بمنأى عن الركود العالمي الذي يكاد يكون حتميًا، ممّا سينجم عن الانخفاض الكبير في الناتج العالمي العامّ، ونيجيريا لن تستطيع تجنّب الركود الذي يلوح في الأفق، لاسيّما وأنّه سوف يكون جزءًا من ظاهرة عالمية.
وذكر أن التدابير الصارمة المعتمدة لاحتواء فيروس كورونا أدّت إلى تراجع حادّ في الطلب على الغاز الطبيعي، بسبب انخفاض الاستهلاك الصناعي والمحلّي، ومن ثمّ فإن العرض من الغاز الطبيعي المسال يتجاوز الطلب، مع احتمال حدوث مزيد من الكساد في الطلب خلال الأشهر المقبلة، مضيفًا: "مع اكتمال خزّانات الغاز الطبيعي المسال تقريبًا، لا يستطيع العديد من مستوردي الغاز الطبيعي المسال قبول شحنات جديدة تحتجّ بشروط القوّة القاهرة.
انكماش اقتصادي مع تراجع إيرادات النفط
قال مسؤولون في الحكومة النيجيرية، يوم الثلاثاء الماضي، إن اقتصاد نيجيريا من المتوقّع أن ينكمش 3.4 % هذا العام، مع تراجع إيرادات النفط، وبينما يجبر فيروس كورونا البلاد على خفض خطط الميزانية للمرّة الثانية، لافتراض سعر أدنى للنفط عند 20 دولارًا للبرميل، بحسب ما ذكرته رويترز.
وبعد أن خرج البلد الواقع في غرب إفريقيا من ركود في 2017، فإنّه تمكّن من تحقيق نموّ عند مستويات منخفضة حول 2 %، قبل الهبوط الحادّ في أسعار النفط. ويعتمد أكبر مصدّر للنفط في القارّة على مبيعات الخام بزهاء 90 % من إيرادات العملة الأجنبية، وأكثر من نصف دخل الحكومة.
ومع انهيار أسعار النفط، قالت وزيرة الماليّة، زينب أحمد، في مارس / آذار، إن عجزًا قياسيًا في الميزانية للعام الحالي عند 10.59 تريليون نيرا (29.42 مليار دولار)، سيجري خفضه قرابة 15 %.
وفي ذلك الوقت، قالت، إن السعر المبدئي المفترض للنفط، والبالغ 57 دولارًا للبرميل، سيجري خفضه إلى 30 دولارًا للبرميل في أسوأ الأحوال.
لكنّها قالت، يوم الثلاثاء الماضي، إن سعر النفط المفترض سيتعيّن تعديله بالخفض مجدّدًا.
وأضافت الوزيرة في مؤتمر عبر الإنترنت، حول تأثير أسعار النفط على نيجيريا: "نحن بصدد تعديل سيخفض مؤشّر الإيرادات إلى 20 دولارًا للبرميل".
ويجب أن تحصل تعديلات الميزانية على موافقة المشرّعين، قبل أن يوقّعها رئيس البلاد، لتصبح قانونًا.
وتخطّط نيجيريا لخفض إنتاجها النفطي إلى 1.7 مليون برميل يوميًا، من الرقم المبدئي المقترح في الميزانية، والبالغ 2.1 مليون برميل يوميًا، بموجب اتّفاق عالمي رعته منظّمة البلدان المصدّرة للبترول "أوبك".
وقال بن أكابيوزي -مدير عامّ مكتب الميزانية النيجيرية، إن الإيرادات النفطية من المتوقّع أن تهبط بأكثر من 80 %، مضيفًا أن الحكومة عدّلت توقّعاتها، بأن ينكمش الاقتصاد 3.4 % هذا العام، مقارنةً مع تقديراتها السابقة لنموّ قدره 2.9 %.