أزمة نقص البنزين في فنزويلا تتفاقم بعد ضغوط أميركا لوقف الإمدادات
الشركات الأجنبية تمتنع عن تزويدها بالوقود وتوفّر الديزل فقط
تفاقمت أزمة نقص البنزين في فنزويلا، بعد أن طلب مسؤولون أميركيون من الشركات الأجنبية الامتناع عن تزويد الدولة المعتمدة في أميركا الجنوبية بالوقود، وتوفير الديزل فقط، بحسب ما ذكرته رويترز، وفقًا لخمسة أشخاص مطّلعين على الوضع.
وطلب المسؤولون الأميركيون من معظم مورّدي الوقود في فنزويلا، نهاية العام الماضي، تجنّب إرسال البنزين إلى الدولة التي تعاني من الأزمة، كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شركة بتروليوس دي فنزويلا الفنزويلية الحكومية، منذ أكثر من عام، كإجراء للإطاحة بالرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، الذي تعدّه إدارة دونالد ترمب ديكتاتورًا يغتصب السلطة.
وواصلت عدد من الشركات -منها"روسنفت الروسية" و"ريبسول الإسبانية" و" إيني الإيطالية"- تزويد شركة النفط الفنزويلّية بالوقود، بموجب ترتيبات مبادلة بالنفط الخام الفنزويلّي، وهو ما سمحت به وزارة الخزانة الأميركية.
ومع انتشار وباء كورونا، تعرّضت واشنطن لضغوط من رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة والمشرّعين الأميركيين، لتخفيف العقوبات المفروضة على دول مثل فنزويلا وإيران، لتسهيل شحن السلع .
القيود لازالت مفروضة
يجري إبقاء القيود المفروضة على مبادلة النفط الخام مقابل البنزين مع فنزويلا، مع انهيار صناعة التكرير التي كانت هائلة مع عدم إنتاج البنزين تقريبًا في الأشهر الأخيرة، ممّا أدّى إلى نقص مزمن في جميع أنحاء البلاد.
فرضت الولايات المتّحدة، هذا العام، عقوبات على الشريكين التجاريين الرئيسيين لشركة بدفسا روسنفت للتجارة وشركة "تي إن كي " والاثنان يتبعان روسنفت.
وكانت روسنفت قد أوقفت التجارة المباشرة مع شركة بدفسا في مارس / آذار، وبعد أسابيع أعلنت أنها ستنقل جميع أصولها الفنزويلّية إلى كيان غير معلن، تسيطر عليه الحكومة الروسيّة.
ممارسة ضغوط كبيرة
اعترف مسؤول أميركي بأنه جرت ممارسة ضغوط على بعض شركات النفط، لدفعها إلى إلغاء أعمالها في فنزويلا، وإن لم يحدث هذا، فسوف تواجه عقوبات ثانوية أميركية.
وقال المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن واشنطن مستعدّة لقبول مستوى محدود من إمدادات الديزل، لكنّها تريد أن ترى تقليص شحنات البنزين إلى فنزويلا، بصفته جزءًا من حملة ترمب "القصوى للضغط" للإطاحة بمادورو.
وقال مسؤولون أميركيون في القطاع الخاصّ، إن ترمب يشعر بالإحباط، بسبب فشل سياسته الفنزويلّية في كسر قبضة مادورو عن السلطة.
وكانت "ريبسول" الإسبانية" و"إيني الإيطالية"، أعلنتا إرسال الديزل، وليس البنزين، لشركة بدفسا جزءًا من المقايضات، وفي مارس / آذار، سلّمت إيني شحنتين من الديزل، في حين أرسلت ريبسول شحنة واحدة، ولم ترسل روسنفت أيّ شحنة، وفقًا لوثائق "بدفسا" التي اطّلعت عليها رويترز.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن العقوبات الأميركية لا تقيد المساعدات الإنسانية، مثل الغذاء والدواء والتبرّعات الأخرى التي تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية.
مشكلات طويلة الأمد
بدأ نقص الوقود قبل العقوبات، بسبب انخفاض التكرير في فنزويلّا التي تبلغ طاقتها الإجمالية 1.3 مليون برميل يوميًا من معالجة النفط الخام.
وقامت شركة بدفسا بتكرير 101 ألف برميل يوميًا -فقط- من النفط الخام في مارس / آذار، وفقًا لوثيقة داخلية من وثائق النفط الفنزويلّية، اطّلعت عليها رويترز، ممّا زاد من اعتماد الدولة المنكوبة بالأزمة على الواردات.
وكانت المصافي قد أنتجت 7 آلاف برميل يوميًا -فقط- من البنزين 91 أوكتان في آذار / مارس، و28 ألف برميل يوميًا في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وظلّت مصافي كاردون ومصافي بويرتو لا كروز، التي تبلغ طاقتها 310 آلاف برميل يوميًا- متوقّفة تمامًا.
وتلقي الحكومة الفنزويلّية باللائمة على العقوبات الأميركية، لتقييدها استيراد الموادّ المضافة وقطع الغيار اللازمة لإدارة المرافق، وتعهّدت باستئناف إنتاج الوقود في مصفاة إل باليستو، التي تبلغ طاقتها 146 ألف برميل يوميًا.
وقد أدّى النقص الناجم عن ذلك في وقود السيّارات إلى تعطيل شحنات الأغذية، ومنع الأطبّاء من الوصول إلى نوباتهم في المستشفيات.
وقالت آنا فيرونيكا هيريرو -البالغة من العمر 32 عامًا، والساكنة في مدينة ماراكايبو الغربية-، إنها لم تتمكّن من العثور على بنزين لنقل والدتها إلى المستشفى، بعد أن تعرّضت لنوبة قلبية.
وأضافت في مقابلة هاتفية، إنها اضطرت في وقت لاحق، إلى إنفاق 45 دولارًا لشراء البنزين في السوق السوداء، لجلب جثّة والدتها من المشرحة إلى المقبرة.