كورونا يضغط على الغاز الطبيعي المسال عالميًّا
بعد تحقيق مستوى قياسي في 2019
- بي بي البريطانية وإكسون الأميركية تؤجّلان مشروعين للغاز المسال في أستراليا وموزامبيق
- من المتوقّع أن يبلغ سعر الغاز الأميركي في مركز هنري 1.94 دولارًا للمليون وحدة حرارية في 2020
قالت المجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال، اليوم الأربعاء، إن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال سيتقلّص هذا العام عن مستويات قياسية في 2019، إذ تضغط أزمة فيروس كورونا على الاقتصادات في سوق تشهد بالفعل تخمة في المعروض من الوقود.
وقالت المجموعة، إنه بعد ارتفاع الطلب في العام الماضي 13% إلى 354.7 مليون طنّ، يبدو أن الانكماش الاقتصادي في الكثير من الأسواق الرئيسة سيقلّص واردات الدول المستهلكة من الغاز.
وقال رئيس الجمعية، جان ماري دوجير، في بيان صحفي: "عام 2019 كان عامًا قياسيًا لصناعة الغاز الطبيعي المسال، من حيث الكمّيات المستوردة وقرارات الاستثمار الجديدة التي اتُّخذت".
وتابع: "على المدى القصير، التأثير السلبي لتفشّي كوفيد-19 على اقتصادات الدول المستوردة سينتج ضغطًا نزوليًّا على الطلب في سوق تعاني تخمة بالفعل".
زاد إنتاج الغاز الطبيعي المسال العام الماضي بفضل خمسة مشروعات تسييل جديدة ضخمة في الولايات المتّحدة وأستراليا، لتصبح الأولى أكبر مصدّر بعقود قصيرة الأجل.
وبدأ تشغيل مشروعين صغيرين في روسيا والأرجنتين. وقفزت الاستثمارات في مشروعات مستقبلية رغم وفرة الإمدادات، إذ جرت الموافقة على أحجام إنتاج جديدة بلغت 71 مليون طنّ.
*تخمة في الغاز المسال
كانت شركة الغاز الروسية العملاقة جازبروم قد قالت، أواخر فبراير / شباط الماضي، إن فائض إمدادات الغاز الطبيعي المسال، وكذلك امتلاء المخزونات، يفرضان ضغوطًا على أسعار الغاز الطبيعي في أوروبّا وآسيا، مما يضفي قتامة على توقّعات الصادرات.
وتراجع الطلب على الطاقة بفعل طقس دافئ في الشتاء في أوروبّا، وكذلك تفشّي فيروس كورونا الجديد في الصين، ممّا يضغط على الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المسال في آسيا، لتتراجع إلى مستوى قياسي متدنٍّ دون ثلاثة دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانيّة، الأسبوع الماضي.
وأوضحت إلينا بورميستروفا -مدير عامّ وحدة التصدير بجازبروم- أن جميع إمدادات الغاز تواجه أوقاتًا صعبة.
ووفقًا لمحلّلين، فإن 15 ناقلة للغاز المسال وُسمت بأنها "مخزون عائم" عالمي، منها 11 منتشرة في أنحاء آسيا مع تضرّر طلب الغاز في الصين، جراء تفشّي فيروس كورونا.
وأصاب الفيروس العالم بالشلل، وأثّر بشكل واسع على طلب جميع أنواع الطاقة.
15 ناقلة للغاز المسال "مخزون عائم" عالمي منها 11 منتشرة في أنحاء آسيا
وبحسب جازبروم بنك، فإن مبيعات جازبروم من الغاز إلى غرب أوروبا -وهي مصدر رئيس للإيرادات- انخفضت في يناير / كانون الثاني 26% على أساس سنوي.
وتراجعت الصادرات إلى أوروبّا في العام الماضي إلى 199 مليار متر مكعّب، من الرقم القياسي البالغ 202 مليار متر مكعّب في 2018، لتصل حصّة الشركة من سوق الغاز الأوروبّية إلى نحو 36%.
وقالت بورميستروفا، إن مخزونات الغاز الطبيعي في أوروبّا تجاوزت مستوياتها المعتادة، لتبلغ ما يتراوح بين 104 و105 مليارات متر مكعّب تقريبًا، وإن القدر الأكبر من عملاء جازبروم يتلقّى كمّيات أقلّ بكثير من الغاز.
*مستقبل مشروعات الغاز
تعتزم شركة إكسون موبيل الأميركية، تأجيل مشروع إنشاء محطّة لإسالة الغاز الطبيعي في موزمبيق، وبشأن المرحلة الثالثة من تنمية مشروع في جوايانا.
وقال دارين وودز -الرئيس التنفيذي لشركة النفط الأميركية العملاقة إكسون موبيل-: "نحن نعمل في نشاط حسّاس للإنفاق الرأسمالي، الذي يرتفع وينخفض وفقًا لدورة الأسعار"، مضيفًا: "ومع ذلك ينبغي القول، إن ما نمرّ به اليوم لم نره من قبل".
من جانبها، أخّرت شركة بي بي البريطانية، مشروع غاز مسال في أستراليا، ضمن خطّة الإنفاق لعام 2020 بنسبة 25%، وستقلّص الإنتاج من أنشطتها للنفط والغاز الصخري في الولايات المتّحدة، في مواجهة انهيار أسعار النفط بسبب فيروس كورونا.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، برنارد لوني، في بيان: "قد يكون هذا أقسى وضع بالنسبة لأنشطة النفط والغاز منذ عقود".
ومن المتوقّع أن يتراجع إنتاج بي.بي ككلّ من النفط والغاز. وستخفض بي.بي أيضًا الإنفاق الرأسمالي على أنشطة التكرير والتسويق، أو أنشطة المصب، بمليار دولار.
تراجع إنفاق شركات النفط الدولية طالت مشروعات الغاز حول العالم
وتتوقع بي.بي أن تتكبّد مخصّصات انخفاض قيمة قدرها مليار دولار في الربع الأوّل من العام، بينما من المتوقّع أن يتراجع إنتاج النفط والغاز عن الربع السابق، بما يتراوح بين 2.55 و2.6 مليون برميل من المكافئ النفطي يوميًا.
وأجبرت تداعيات فيروس كورونا، إرجاء قطر لعقود غير ممنوحة لمشاريع إنفاق رأسمالي، بما قيمته 8.2 مليار دولار، بسبب تفشّي فيروس كورونا.
وقالت قطر، إن انخفاض أسعار النفط سيكون له أثر اقتصادي كبير على إيرادات الدولة وأوضاعها المالية، إذ أسهم قطاع النفط والغاز بنسبة 83.3% من إجمالي إيرادات 2018 و34% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في العام الماضي.
وقال الرئيس التنفيذي لقطر للبترول، إن الشركة سترجئ بدء الإنتاج من منشآتها الجديدة للغاز إلى 2025 ، بسبب تأخير في عملية العطاءات، لكنّها لن تقلّص حجم أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال في العالم، على الرغم من مخاوف من تخمة متزايدة.
كانت قطر للبترول -منتج الغاز الطبيعي المسال الذي تديره الدولة في أكبر مصدّر لهذا الوقود في العالم- تريد رفع إنتاجها إلى نحو 110 ملايين طنّ سنويًّا بحلول 2024 من 77 مليون طن سنويًّا في الوقت الحالي كمرحلة أولى في التوسعة.
وقال الكعبي، إن الشركة كانت تتوقّع أن تتلقّى هذا الشهر عطاءات نهائية من متعاقدين للمرحلة الأولى، مشروع شرق حقل الشمال، والذي سيتضمّن بناء أربعة قطارات. لكنّ ذلك تأجّل بعد أن طلبت الشركات مزيدًا من الوقت لتقديم العطاءات بسبب إجراءات العزل العامّ حول العالم، المرتبطة بفيروس كورونا.
وسيؤخّر ذلك ترسية العقود الرئيسة النهائية، التي تغطّي عمليات برّية كبيرة في الأعمال الهندسية والمشتريات والإنشاءات إلى الربع الرابع من هذا العام.
* القوّة القاهرة
انهار الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بسبب جائحة فيروس كورونا المستجدّ، التي أربكت الإنتاج الصناعي، إذ تفرض دول حول العالم إجراءات عزل عامّ وقيودًا صارمة على السفر، لإبطاء انتشاره.
وأصدر مشترون هنود للغاز الطبيعي المسال القطري إشعار قوّة قاهرة إلى قطر، طلبًا لتأجيل تحميل شحنات من الغاز الطبيعي المسال بموجب اتّفاقات طويلة الأجل، بسبب هبوط الطلب. وأوقفت أيضًا شركة بتروتشاينا الصينية بعض واردات الغاز الطبيعي، بما في ذلك شحنات للغاز الطبيعي المسال.
والقوّة القاهرة هي بند في العقود يشير في العادة إلى ظروف خارجية غير متوقّعة، تمنع طرفًا من الوفاء بالتزاماته.
ودفع أيضًا هبوط حادّ في الطلب الأوروبّي على الغاز بسبب إجراءات العزل العامّ، مورّدين للغاز الطبيعي المسال، مثل قطر، إلى إيجاد مشترين بديلين. وفي خطوة نادرة، خاطبت قطر للبترول مشترين في آسيا وأوروبّا، عارضةً شحنات من الغاز الطبيعي المسال في سوق البيع الحاضر.
*أسعار الغاز العالمية منخفضة حتّى 2022
تقول ريستارد إنرجي للاستشارات، إن متوسّط أسعار الغاز العالمية هذا العام سيكون أكثر انخفاضًا من التوقّعات السابقة، بسبب تأثيرات فيروس كورونا، وستظلّ ضعيفة -على ما يبدو- في السنوات القليلة القادمة.
متوسّط أسعار الغاز العالمية في 2020 سيكون أكثر انخفاضًا من التوقّعات السابقة بسبب تأثيرات فيروس كورونا
وقبل تفشّي الفيروس، كانت أسعار الغاز أقلّ من المتوسّط، بسبب فائض إمدادات الغاز الطبيعي المسال في السوق.
وقالت ريستاد إنرجي، إن من المتوقّع الآن أن يبلغ سعر الغاز القياسي الأوروبّي في مركز تي.تي.إف الهولندي 3.2 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية بانخفاض 0.62 دولارًا، مقارنةً مع توقّعات سابقة في فبراير / شباط.
وعدّلت توقّعاتها لسعر الغاز المسال الفوري في آسيا إلى 3.80 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانيّة. وفي الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار الغاز المسال في آسيا بشدّة إلى ما يقلّ عن ثلاثة دورات للمليون وحدة بعد مكاسب على مدى ثلاثة أسابيع.
ومن المتوقّع أن يبلغ سعر الغاز الأميركي في مركز هنري 1.94 دولارًا للمليون وحدة حرارية في المتوسّط في 2020 و2.43 دولارًا في العام القادم.
وقالت شركة الاستشارات، إن خفض التوقّعات يستند إلى ضعف الطلب المتوقّع عالميًا خلال العام، نتيجة لتراجع الأنشطة التجارية والصناعية.
وتتوقّع ريستاد أن تظلّ الأسعار منخفضة حتّى 2020، ثمّ سيؤدّي شحّ في سوق الغاز الطبيعي المسال إلى ارتفاعات كبيرة للأسعار في 2024 و2025.