شحن الخام الكندي الثقيل يتجاوز ثمنه
أسعاره بلغت مستويات تاريخية متدنّية
أصبح النفط الخام الثقيل الكندي رخيصًا جدًا، بحيث تتجاوز تكلفة شحنه إلى المصافي قيمة النفط نفسه، وهو الوضع الذي قد يؤدّي إلى المزيد من عمليات إغلاق منتجي النفط الرملي.
وانخفض خام غرب كندا المختار WCS في ألبرتا إلى مستوى متدنٍّ قياسي بلغ 4.58 دولارًا للبرميل يوم الجمعة الماضي، وفقًا لبيانات بلومبرغ التي يجري تسجيلها منذ عام 2008، وهو أرخص من أكواب قهوة ستاربكس. ويتكوّن الخام من البيتومين الممزوج بمكثّف خفيف، حتّى يمكن أن يتدفّق عبر خطوط الأنابيب، وبلغت قيمة البيتومين حوالي 83 سنتًا للبرميل. أمّا الخام الاصطناعي، الذي يُنتَج من النفط الرملي المرقى، فكان بدوره في حال أسوأ، إذ انخفض السعر إلى 9.33 دولارًا للبرميل، وهو أيضًا أدنى سعر مسجّل.
وعند هذه المستويات، فإن كلفة الخام الثقيل الكندي الآن أقلّ من السعر الذي تدفعه شركة لديها عقود طويلة الأجل للشحن عبر أنظمة إنبريدج ماينلاين وفلاناغان الجنوبي إلى ولاية تكساس.
وتشكّل هذه مشكلة لمنتجي النفط الرملي، مثل "سينيفوس إنرجي" التي لديها التزامات بشحن 75 ألف برميل يوميًا عبر نظام الشحن، كما أن شركة "إم إي جي إنرجي" وهي منتج آخر للنفط الثقيل، لديها عقود لشحن 50 ألف برميل يوميًا، وتخطّط للتوسّع إلى 100 برميل يوميًا في النصف الثاني من عام 2020.
وتتقاضى شركة إنبريدج ما بين حوالي 7 إلى ما يزيد قليلًا عن 9 دولارات لشحن البرميل من النفط الثقيل إلى تكساس، وذلك دون احتساب الرسوم الإضافية للطاقة، وفقًا لوثائق التعرفة.
ونظرًا لعزلتها النسبية ومحدودية خطوط الأنابيب المتاحة للتصدير، فإن الرقعة النفطية الكندية كانت من بين أوّل من واجه التبعات الكاملة لانهيار أسعار النفط عالميًا، مع الانكماش الهائل في الطلب على النفط، بسبب تفشّي فيروس كورونا، والتصعيد المتبادل بين كبار المنتجين.
واضطرّ بعض أكبر منتجي النفط الرملي -مثل "سنكور إنرجي" و"أثاباسكا أويل كورب"- لتقليص أو إغلاق بعض عملياتهم، في ردّ فعل على هبوط الأسعار إلى مستوى تاريخي.
وقالت تي دي سيكيوريتزز في مذكّرة: جرى تعليق إنتاج نحو 125 ألف برميل يوميًا من الخام حاليًا، وكذلك جميع عمليات النفط الرملي المغمورة تحت الماء، وهو ما "من المرجّح أن يؤدّي إلى تقليص إضافي للإنتاج". وتابعت المذكّرة: "نتوقّع أن يقوم معظم المشغّلين بالتحوّل إلى التخزين الديناميكي للخام في المواقع، وإرجاء مبيعات البيتومين، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تكامل الخزّانات" لحين تحسّن الأسعار.
حملة حكومية بمليارات الدولارات لإنقاذ النفط الكندي
وتتّجه الحكومة الكندية لإنقاذ قطاع ولاية ألبرتا النفطي عن طريق تقديم إعانات يُتوقّع أن تصل إلى 15 مليار دولار. وسيجري الإعلان عن حزمة الإعانات في الأسبوع القادم. وقد عانى قطاع النفط في ولاية ألبرتا -التي تحوي أكبر حقول للنفط الرملي في العالم- بشكل كبير في العامين الماضيين، ولكن المعاناة تحوّلت إلى مأساة في الأيّام الأخيرة، بعد أن هبطت أسعار النفط الكندي إلى تسعة دولارات للبرميل.
وبدأت مشكلة النفط الكندي منذ حوالي عامين، عندما زاد الإنتاج دون وجود أنابيب نفط كافية إلى الولايات المتّحدة، وتأخّر إكمال خطّ “كي ستون إكس” بسبب أمور سياسية وقانونية، فنتج عن ذلك انخفاض كبير في أسعار النفط الكندي، الأمر الذي جعل حكومة ألبرتا تتدخّل وتجبر المنتجين على تخفيض للإنتاج بهدف رفع الأسعار والمحافظة على الموارد الطبيعية.
ثمّ تحسّنت الأمور بعد توسيع طاقة السكك الحديدية، ونقل النفط إلى الولايات المتّحدة بالقطارات، حتّى تُقرَّر الموافقة على إكمال أنابيب النفط، التي لم تكتمل لأسباب سياسية وبيئية. كما جرى إلغاء بعض مشاريع النفط الرملي الضخمة منذ أكثر من شهر، بسبب انقسام السياسيين في ألبرتا من جهة، وضريبة الكربون ونتائجها من جهة أخرى.
ولا يمكن وصف وضع قطاع النفط الكندي في الأسبوع الأخير إلّا بـ”الكارثي”، بعد الانخفاض الشديد في الأسعار، الذي يُتوقّع أن يؤدّي إلى إفلاس عدد من الشركات، وتسريح ألاف العمّال والموظّفين، لهذا تدخّلت الحكومة الفدرالية بحزمة تحفيز كبيرة لإنقاذ وحماية هذا القطاع الحيوي لألبرتا وكندا والولايات المتّحدة أيضًا. فنفط ألبرتا جزء لا يتجزّأ من أمن الطاقة الأميركي، لهذا يحتجّ بعض الكنديين باستمرار على التدخّل الأميركي في شؤون النفط الكندية، خاصّةً فيما يتعلّق بأنبوب النفط الذي ينقل النفط من ألبرتا إلى غرب كندا في بريتيش كولومبيا، ومن ثمّ تصديره للصين واليابان. وما يزعج كثيرًا من الكنديين أن المستورد الوحيد لنفطهم هو الولايات المتّحدة لعدم وجود أنابيب لتصديره إلى آسيا.