58 مليار دولار لإنقاذ قطاع الطيران الأميركي
الشركات المتوسّطة أكثر هشاشة أمام كورونا
- "إياتا" يتوقّع انخفاض الإيرادات العالمية 250 مليار دولار
- خسائر الدول العربية تفوق 7.2 مليار دولار حتّى 11 مارس
- عمليات استرداد التذاكر في الشرق الأوسط زادت 75%
صوّت مجلس الشيوخ الأميركي في وقت متأخّر من مساء يوم الأربعاء، لصالح منح قطاع الطيران 58 مليار دولار في إطار حزمة إنقاذ لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، نصفها في شكل إعانات لتغطّي رواتب نحو 750 ألف موظف، في إنقاذ يحتاج إليه القطاع بشدّة في ظلّ أسوأ اتّجاه نزولي للسفر يواجهه في تاريخه.
وتمنح حزمة الإنقاذ -التي تبلغ في المجمل تريليوني دولار- شركات الطيران التي تنقل الركّاب 25 مليار دولار بشكل إعانات، و25 مليار دولار بصورة قروض، وتمنح شركات الشحن الجوّي ثمانية مليارات دولار أخرى مقسّمة بين القروض والإعانات، كما تقدّم إعانات بقيمة ثلاثة مليارات دولار للمتعاقدين مع المطارات، مثل متعهّدي توريد الطعام.
ومن المتوقّع أن يصوّت مجلس النوّاب الأميركي لصالح الإجراء غدًا الجمعة، ووعد الرئيس دونالد ترمب بتوقيعه ليصبح قانونًا.
وكافح الجمهوريون في مجلس الشيوخ ما وصفوه بأنه منح دون مقابل لشركات الطيران، وعرضوا في بادئ الأمر تقديم قروض فقط، فيما هدّدت شركات الطيران بالبدء في تسريح عشرات الآلاف من العاملين في غضون أيّام، إذا لم تحصل على تمويل.
وواصلت أسهم شركات الطيران الأميركية صعودها المستمرّ منذ يوم الثلاثاء مدفوعة بالأمل في الحصول على إنقاذ مالي، وبموجب مشروع القانون، من المقرّر أن تحصل هذه الشركات على المساعدات النقدية خلال وقت قصير، قد يكون أسبوعين.
وممّا يُعدّ مكسبًا للعاملين، لا يمكن للشركات التي ستتلقّى تمويلًا تسريح موظّفين قبل يوم 30 سبتمبر / أيلول، أو أن تغيّر اتّفاقات تفاوض جماعي. وستحصل شركات الطيران أيضًا على إعفاء من الضرائب على مشتريات الوقود، وأيضا تعليقًا مؤقّتًا للضرائب على التذاكر، ممّا قد يخفض مصروفات السفر.
وأدّى تفشّي فيروس كورونا في أنحاء العالم إلى تراجع الطلب على السفر، وخفضت شركات الطيران رحلاتها بشدّة، وحذّرت من مزيد من الخفض. وراحت شركات الطيران تلغي رحلات وتقترض أموالًا وتخفض التكاليف مع تراجع الطلب.
وقالت ألاسكا إيرلاينز أمس الأربعاء: إنها ستخفض رحلاتها بنسبة 70 بالمئة في أبريل / نيسان ومايو / أيار، وقالت يونايتد إيرلاينز: إنها ستخفض الرحلات الداخلية 52 بالمئة وإجمالي طاقة التشغيل 68 بالمئة.
ومن المقرّر أن تتلقّى المطارات الأميركية -التي خلَت ممرّاتها تقريبًا من المسافرين- عشرة مليارات دولار بشكل إعانات.
- الأكثر هشاشة:
وفي سياقٍ ذي صلة، قال محلّل كبير لدى شركة بيانات الطيران أو.إيه.جي، اليوم الخميس: إن شركات الطيران المتوسّطة الحجم، الأكثر عرضة للخطر في ظلّ الوضع الحالي، في الوقت الذي تعاني فيه الناقلات لاحتواء الأثر المالي لفيروس كورونا.
وقال جون غرانت في إيجاز صحفي عبر الإنترنت: "سيكون هناك ضحايا... وهو ما أطلق عليه شركات الطيران متوسّطة الحجم". وأضاف: إن "تلك التي لا تعمل في بيئة ملائمة، مع التزامات لخدمة عامّة أو هياكل أخرى مماثلة، أو لا تشغّل عمليات كبيرة الحجم، أعتقد أن تلك ستكون الأكثر ضعفًا".
- خسائر عالمية كبرى:
وكان الاتّحاد الدولي للنقل الجوّي (إياتا) قال الثلاثاء: إن من المتوقّع انخفاض إيرادات شركات الطيران العالمية بمقدار 250 مليار دولار هذا العام، بتراجع نسبته 44 بالمئة مقارنةً مع المستويات المسجّلة في 2019، في الوقت الذي ينال فيه تفشّي فيروس كورونا من القطاع. وسبق أن طالب الاتّحاد في 19 مارس / آذار الجاري، بخطّة طوارئ لتوفير 200 مليار دولار لإنقاذ صناعة الطيران.
وكشف "إياتا" عن زيادة عمليات استرداد قيمة تذاكر الطيران داخل منطقة الشرق الأوسط، بنسبة 75 بالمئة خلال الفترة من أوّل فبراير / شباط حتّى منتصف مارس الجاري، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا المستجدّ في معظم دول العالم، والذي تسبّب في إلغاء آلاف الرحلات الدولية حول العالم.
وقال الاتّحاد في تقرير: إنه جرى إلغاء 16 ألفًا من رحلات المسافرين في الشرق الأوسط منذ نهاية يناير / كانون الثاني وحتّى أوّل مارس، ومن المتوقّع أن يزداد هذا الرقم بشكل كبير مع الإجراءات الإضافية التي تتّخذها دول مختلفة. وأشار إلى انخفاض الحجوزات الدولية في الشرق الأوسط بنسبة 40 بالمئة، بينما انخفضت الحجوزات المحلّية حوالي 20 بالمئة، وإن شركات الطيران في المنطقة خسرت عائدات بقيمة 7.2 مليار دولار حتّى 11 مارس 2020.
وكشف "إياتا" أن شركات الطيران في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط اتّخذت تدابير واسعة النطاق لخفض التكاليف والتخفيف من الآثار المالية المرافقة، وذلك بعد تفشّي فيروس كورونا المستجدّ كوفيد-19 حول العالم. وأوضح الاتّحاد أنه نظرًا للحظر المفروض على حركة الطيران، إلى جانب القيود الدولية والإقليمية على السفر، تشهد شركات الطيران بالمنطقة تراجعًا كبيرًا في عائداتها، متخطّيةً تدابير احتواء التكاليف الأساسية، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى متوسّط الاحتياطيات النقدية خلال الشهرين الماضيين في المنطقة، يمكن القول: إن شركات الطيران تواجه أزمة سيولة تؤثّر على استمرارية وجودها.
وقدّم الاتّحاد مجموعة من المقترحات التي يمكن للحكومات أن تأخذها بعين الاهتمام، للعبور من هذه الأزمة، تتمثّل في توفير الدعم المالي المباشر لشركات الطيران والشحن الجوي لتعويضها عن الانخفاض الحادّ في الإيرادات والسيولة، بسبب قيود السفر المفروضة على خلفية تفشّي فيروس كورونا حول العالم.
وشملت مقترحات إياتا تقديم القروض وضمانات القروض والدعم لسوق سندات الشركات من قبل الحكومات أو المصارف المركزية، حيث تعدّ سوق سندات الشركات مصدرًا أساسًا للتمويل، لكن يتعيّن على الحكومات تسهيل شروط إصدار سندات الشركات للحصول على دعم المصرف المركزي، وضمان الاستفادة منها من قبل مجموعة أوسع من الشركات. كما اقترح الاتّحاد الدولي الإعفاء الضريبي من خلال تقديم خصومات على ضرائب الرواتب المدفوعة حتّى اليوم في عام 2020، أو تمديد شروط الدفع لبقيّة عام 2020، والإعفاء المؤقّت من ضرائب التذاكر والرسوم الأخرى التي تفرضها الحكومة على شركات الطيران المدني.